الأسواق الصينية تمتص السيولة.. وتعاود الهبوط

البورصة تتراجع 6 % وسط توقعات متزايدة باللجوء إلى الاحتياطي

الأسواق الصينية تمتص السيولة.. وتعاود الهبوط
TT

الأسواق الصينية تمتص السيولة.. وتعاود الهبوط

الأسواق الصينية تمتص السيولة.. وتعاود الهبوط

عادت البورصة الصينية إلى الانخفاض من جديد، لتسجل خسائر بأكثر من 6 في المائة، أمس الخميس، لتعيد المخاوف إلى أسواق المال العالمية مرة أخرى، وزيادة المخاوف من شح السيولة التي ظهرت بوضوح في التعاملات المالية منذ بداية العام الحالي، نتيجة استمرار ضعف ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
ويبدو أن السوق امتصت سريعًا السيولة التي ضختها الصين في النظام المالي الأسبوع الماضي، التي بلغت 163 مليار يوان (نحو 25 مليار دولار أميركي) عبر تسهيلات الإقراض متوسط الأجل، وهو أداة مالية لمساعدة البنوك السيادية والتجارية على المحافظة على السيولة النقدية من خلال السماح لها بالاقتراض من البنك المركزي باستخدام الأوراق المالية كضمانات. وانخفض مؤشر سي.إس.اي 300 لكبرى الشركات المدرجة في بورصتي شنغهاي وشنتشن 1.6 في المائة إلى 75.2918 نقطة. وهبط مؤشر شنغهاي المجمع 4.6 في المائة ليسجل 25.2741 نقطة، وتعتبر تراجعات أمس أكبر خسارة خلال يوم واحد منذ شهر.
وفقدت الأسهم الصينية نحو 5 تريليونات دولار من قيمتها منذ منتصف العام الماضي، بنسبة تراجع بلغت 40 في المائة، إلا أنها استعادت 10 في المائة منذ منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي .
واعترفت الصين بوجود ضغوط هبوطية متزايدة على اقتصادها؛ إذ أوضحت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية مؤخرًا، أن الصادرات الصينية واليوان يواجهان ضغوطًا قوية ناتجة عن المرحلة التي وصل إليها الاقتصاد العالمي. وتوقعت الوزارة نمو الإنتاج الصناعي الصيني بنحو 6 في المائة خلال 2016. مقارنة بـ6.1 في المائة العام السابق، متوقعة اتساع الفجوة بين إنتاج المناطق والصناعات المختلفة.
وهناك عدة عوامل تزيد الضغوط الانكماشية على الصين، منها تسارع تضخم أسعار المستهلكين في يناير بفعل زيادة أسعار السلع الغذائية، بينما واصلت أسعار المنتجين الهبوط للشهر السابع والأربعين على التوالي مع تراجع أسعار السلع الأولية وضعف الطلب.
وأمام مخاوف شح السيولة، والضغوط الانكماشية وتذبذب قيمة اليوان، وتحديات الاقتصاد العالمي، فإن الصين من المتوقع أن تلجأ للاحتياطي النقدي لديها، مع بعض السياسات المحفزة للاستثمار، فضلاً عن إعادة هيكلة سياستها النقدية، للحفاظ على معدلات نمو تضمن تصدرها للمشهد الاقتصادي بين كبرى الدول الصناعية بعد أميركا.
وعلى الصعيد الصناعي في الصين، تعاني شركات كثيرة في قطاع الصناعات الثقيلة من فائض الإنتاج بعد تكثيف للاستثمارات، في وقت شهد فيه الطلب تراجعًا، يضاف إليه تباطؤ حاد لسوق العقارات والبناء في البلاد، الأمر الذي جعل غرفة التجارة التابعة للاتحاد الأوروبي في بكين، تحذر من استمرار ارتفاع الإنتاج الصناعي أمام طلب ضعيف، ما يضر بنمو البلاد ويهدد الاقتصاد العالمي.
وما يوضح حجم الأزمة في القدرة الإنتاجية الصناعية في الصين، أن صانعي الفولاذ الصينيون ينتجون أكثر من الدول الأربع المنتجة الرئيسية الأخرى، اليابان والهند والولايات المتحدة وروسيا، لكن نصفهم يعاني من العجز. كذلك، أنتجت الصين من الإسمنت خلال عامين مقدار ما أنتجته الولايات المتحدة في القرن العشرين برمته.
وتبلغ الطاقة الإنتاجية الفائضة لقطاع الصلب في الصين سنويًا نحو 400 مليون طن، أي قرابة نصف الإنتاج الكلي للصين في عام 2015. وقالت رابطة الحديد والصلب الصينية إنه من المحتمل أن تتفاقم الطاقة الفائضة في عام 2016.
ورغم الوضع الاقتصادي العالمي، فإن هناك زيادة في عدد المليارديرات من الصين، الذي ارتفع على عدد المليارديرات في الولايات المتحدة، ما يمثل مفارقة بين التباطؤ الاقتصادي وزيادة الأرباح والمكاسب لأفراد بعينهم، إذ إن 90 شخصًا من بين الأشخاص الـ99 الذين أصبحوا مليارديرات العام الماضي هم من منطقة الصين الكبرى (البر الرئيسي للصين وهونغ كونغ وماكاو وتايوان). ويوجد حاليًا 568 مليارديرا صينيا بثروة إجمالية تقدر بـ4.1 تريليون دولار.



بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.