متطرفون تونسيون يجتمعون على الشواطئ تفاديًا للرقابة الأمنية

بعد كشف أوكارهم في المدن وملاحقتهم ومداهمة الخلايا الإرهابية النائمة

رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد يترأس اجتماع مجلس الوزراء أمس في تونس العاصمة (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد يترأس اجتماع مجلس الوزراء أمس في تونس العاصمة (إ.ب.أ)
TT

متطرفون تونسيون يجتمعون على الشواطئ تفاديًا للرقابة الأمنية

رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد يترأس اجتماع مجلس الوزراء أمس في تونس العاصمة (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد يترأس اجتماع مجلس الوزراء أمس في تونس العاصمة (إ.ب.أ)

ذكرت مصادر أمنية تونسية أن قيادات وأمراء التنظيمات الإرهابية المتمركزة في الجبال الغربية التونسية قد اجتمعت بصفة سرية، عقب الغارة الأميركية على صبراتة الليبية التي أوقعت نحو 50 قتيلاً معظمهم من التونسيين. وقالت المصادر ذاتها إن العناصر الإرهابية نظمت اجتماعا سريا تمخضت عنه دعوة عناصر تنظيم «جند الخلافة» المبايع لتنظيم داعش للالتحاق بجبال ولايات (محافظات) القصرين، والكاف، وجندوبة، وسيدي بوزيد (شمال ووسط غربي تونس)، بهدف الاستعداد لبعث معسكرات تدريب جديدة في المناطق الريفية والنائية بعد كشف أوكارهم في المدن من قبل قوات الأمن وملاحقتهم ومداهمة الخلايا الإرهابية النائمة.
وتقدر بعض الأوساط الأمنية التونسية عدد الخلايا الإرهابية النائمة بنحو 300، لكنها على اتصال بقيادات إرهابية في ليبيا وسوريا والعراق وتأتمر بأوامرها. وتقدر جهات أمنية تونسية عدد العناصر الإرهابية الحاملة للسلاح والمتحصنة في جبال مدن جندوبة، والكاف، وسيدي بوزيد، والقصرين بنحو 200 عنصر، وكانت قياداتها تنوي استقطاب عناصر جديدة بهدف تنفيذ عمليات إرهابية ضد منشآت حيوية في منطقة جندوبة الحدودية مع الجزائر.
وأكدت المصادر الأمنية نفسها أن عملية الكشف عن الاجتماع تمت إثر توصّل أحد العناصر الإرهابية برسالة مشفرة، تؤكد أن هناك لقاءً سريا جمع أمراء الكتائب الإرهابية في تونس بعد مقتل نحو 50 إرهابيا تونسيا ينتمون لتنظيم داعش في ليبيا. وكانت نتيجة هذا الاستباق الأمني القبض على 16 عنصرا إرهابيا من بين عدد إجمالي مقدر بنحو 20 إرهابيا استعملوا القطارات وحافلات النقل العمومي غير الخاضعة لمراقبة أمنية حازمة في تنقلاتهم من أحياء سكنية في العاصمة التونسية، إلى منطقة غار الدماء شمال غربي تونس. وتولت فرقة مكافحة الإرهاب نقلهم إلى العاصمة التونسية لمواصلة التحريات الأمنية معهم، وجمع معلومات كافية لتعقب بقية العناصر المنضمة إلى تنظيم «جند الخلافة» المبايع لـ«داعش».
وكشفت تقارير أمنية تونسية عن تغيير العناصر الإرهابية استراتيجية تحركاتهم، إذ باتت تلتقي على شواطئ البحر بدلا عن المساجد والجوامع وخصّت بالذكر شواطئ المرسى وحلق الوادي، بالضاحية الشمالية للعاصمة التونسية، كما أشارت إلى أن عددا من العناصر الإرهابية التي استجابت لدعوة «النفير» التي أطلقتها القيادات الإرهابية قد قدمت من الأرياف التونسية (عين دراهم ووادي مليز وغار الدماء)، وبعض الأحياء الشعبية المحيطة بالعاصمة التونسية.
في غضون ذلك، قال الباحث التونسي اعلية عميرة الصغير في مؤتمر علمي عقد أمس في العاصمة التونسية، وتناول موضوع «الإرهاب والترهيب في تونس»، إن الشرط الأساسي لتخليص تونس وحمايتها من الإرهاب يتمثل في اعتماد مقاربة علمية متوازنة للنصوص الدينية، والتحديث الاجتماعي والاقتصادي. وأشار إلى أن البؤس المادي والفكري يمثلان التربة الخصبة لتنامي ظاهرة الإرهاب وتغلغلها في صلب المجتمعات.
على صعيد متصل، قال عمر بن علي، رئيس المكتب الجهوي لحركة النهضة بمدينة قبلي، إن مقرا لحركة النهضة تعرض الليلة قبل الماضية إلى الحرق وقد تولى، على حد تعبيره، أحد المجهولين حفر حفرة بجدار المقر وأضرم النار فيه. وأضاف أنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها مكتب الحركة إلى الاعتداء.
وأشار كذلك إلى أن المنطقة عرفت خلال هذا الأسبوع حرق سيارة أحد الناشطين في المجتمع المدني، وحرق محل تجاري لأحد العسكريين في المنطقة، دون أن يوجه اتهاما صريحا لأي طرف سياسي باستهداف الحركة ومقراتها.
من ناحية أخرى، دعت روضة القرافي رئيسة جمعية القضاة التونسيين إلى إيقاف ما أسمتها «حملات التجييش»، التي يقودها بعض الإعلاميين وأطراف سياسية ونقابية أمنية ضد قضاة القطب القضائي لمكافحة الإرهاب. وخصوصًا قاضي التحقيق بالمكتب عدد 13 المتعهد بملف قضية العملية الإرهابية، التي جدت بمتحف باردو يوم 18 مارس (آذار) 2015. وأكدت أن سبب إطلاق سراح الموقوفين في ملف الهجوم الإرهابي على متحف باردو هو وجود آثار تعذيب عاينها قاضي التحقيق عليهم.
ونبهت القرافي إلى ثبوت ارتكاب إحدى فرق مكافحة الإرهاب تجاوزات خطيرة، على غرار محاضر بحث مدلسة واعترافات اقتلعت تحت التعذيب في ملف هجوم باردو، في حين أن فرقة أخرى لمقاومة الإرهاب توصلت إلى الفاعلين الأصليين. وقالت إن بعض القضاة استهدفوا بحملات تشويه بسبب عودتهم إلى تفاصيل حول شبهة التعذيب وخطورة بعض القضايا المتصلة بملف الإرهاب.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.