ألمانيا: شكوك في قدرة الهدنة على الصمود.. بسبب الأسد

قيادي في حزب المستشارة ميركل انتقد عدم شمول الغارات الجوية في الاتفاق

ألمانيا: شكوك في قدرة الهدنة على الصمود.. بسبب الأسد
TT

ألمانيا: شكوك في قدرة الهدنة على الصمود.. بسبب الأسد

ألمانيا: شكوك في قدرة الهدنة على الصمود.. بسبب الأسد

بعد التفاؤل الحذر الذي استقبل به فرانك - فالتر شتاينماير، رئيس الدبلوماسية الألمانية، خبر الاتفاق على وقف إطلاق النار في سوريا، عبر نوربرت روتجن، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني، عن تشككه بقدرة الهدنة على الصمود. وبرر روتجن وهو عضو قيادة الحزب الديمقراطي المسيحي الذي تقوده المستشارة ميركل، شكوكه هذه بعدم شمول الغارات الجوية بالهدنة، وبوجود أطراف لا مصلحة لها في فرض الهدنة والبحث عن السلام. وقال روتجن إنه يشك كثيرًا بقدرة الهدنة على الصمود، راجيًا ألا يكون على حق.. «لكن كل المؤشرات تستوجب الشك». وأضاف أن «استثناء الغارات الجوية على (داعش) وجبهة النصر ستستأنف، باتفاق الجميع، وهذا يعني أن الأيام المقبلة ستشهد قصفًا مركزًا على حساب الأهداف المدنية». وذكر أنه ليس من أنصار «النصرة»، لكنه من المتعذر تحديد مواقع وتمركزات هذه الجبهة، الأمر الذي سيعرض المدنيين والمعارضة المعتدلة أيضًا إلى القصف.
وأضاف أن هناك أطرافًا لا مصلحة لها في وقف إطلاق النار، وذلك هو أساس شكوكه بقدرة الهدنة على الصمود. وأشار بالذات إلى بشار الأسد قائلاً إنه لا مصلحة له في وقف إطلاق النار، وخصوصًا بعد أن حقق بعض المكاسب بدعم روسيا وإيران وحلفائهم، وبعد أن حقق أيضًا بعض التقدم على الأرض، لافتا إلى أن الهدنة، بالنسبة له، ليست سوى طريقة لكسب الوقت وتحقيق بعض المكاسب السياسية.
وشكك روتجن أيضًا بقدرة الأسد على إجراء الانتخابات، التي أعلن عنها مؤخرًا، بينما سوريا تمزقها الحرب والانقسامات والحرب الأهلية. واعتبر الإعلان عن الانتخابات تعبيرًا عن تمسك الأسد بالسلطة لا غير.
ومن ناحية موجات اللاجئين المحتملة، بالعلاقة مع الهدنة، قال روتجن: «إذا أصبت بشكوكي حول صمود الهدنة فسنشهد موجات لاجئين سوريين جديدة تسببها أعمال القصف الشديد التي لن تستثني المدنيين. هذا يعني استمرار النزاع الدامي وزيادة أعداد الناس الهاربين من أوارها».
وكان فرانك - فالتر شتاينماير قد عبر بحذر عن تفاؤله بصمود اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ بعد الموافقة المشروطة عليه من جانب الأسد. وذكر وزير الخارجية الألماني أنهم لا يزالون بعيدين جدًا عن المأمول في سوريا، إلا أن وقف إطلاق النار يعد في الأقل بوقف دوامة العنف الدائرة هناك. ومن لا يتمسك بوقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه، بحسب شتاينماير، لا رغبة لديه في التوصل إلى حل سياسي، لا بد عليه حينئذ من أن يحسب حسابًا لردود فعل المجتمع الدولي.
من ناحيته، شكك هارالد كويات المفتش العام السابق للقوات المسلحة الألمانية، بأن تلتزم تركيا بوقف إطلاق النار. وجاء تعليق كويات، للقناة الأولى في التلفزيون الألماني (أرد)، بعد أن قال نعمان كورتلموس، نائب رئيس الوزراء التركي، في أنقرة، إن من حق تركيا مواصلة قصف مواقع حزب العمال الكردستاني (وفرعه السوري)، رغم اتفاق الهدنة، باعتبار ذلك قضية «دفاع عن النفس».
وحذر كويات من أن تركيا قد تلجأ إلى دستور حلف الناتو لطلب المساعدة في الحرب على الأكراد في أي لحظة. وسبق لتركيا أن فعلت ذلك قبل أشهر بعد انهيار الهدنة المتفق عليها مع حزب العمال الكردستاني. وهي «حالة حلف» تعتبر تعرض أي عضو في الناتو إلى الاعتداء قضية دفاع تهم الحلف بأكمله.
وعن «المنطقة الآمنة» التي تقترحها تركيا، وأيدتها المستشارة ميركل، تساءل كويات: من سيدافع عن هذه المنطقة إذا تعرضت للقصف الروسي؟ لهذا السبب، بحسب كويات، حذرت المستشارة ميركل رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان من مغبة الصدام مع روسيا. وأوضحت ميركل لإردوغان أن عليه أن يفهم أن الصدام مع روسيا لا يعني أن تصبح القضية «حالة ناتو» أوتوماتيكيًا.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.