تعز تتعرض لحصار تفرضه الميليشيات الانقلابية بسبب موقعها الاستراتيجي

تسبب في كارثة إنسانية ونقص في المواد .. و15 ألف حالة إصابة مؤكدة بحمى الضنك

تعز تتعرض لحصار تفرضه الميليشيات الانقلابية بسبب موقعها الاستراتيجي
TT

تعز تتعرض لحصار تفرضه الميليشيات الانقلابية بسبب موقعها الاستراتيجي

تعز تتعرض لحصار تفرضه الميليشيات الانقلابية بسبب موقعها الاستراتيجي

تفاقمت الأزمة الإنسانية في تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية والواقعة إلى الجنوب من العاصمة صنعاء، جراء حصار فرضته ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، على منافذها منذ شهر مايو (أيار) الماضي. وذكرت تقارير حقوقية، نشرتها مؤسسة التوعية والإعلام الصحي أن 90 في المائة من المرافق الصحية في تعز متوقفة كليا، وبأن هناك ما لا يقل عن 250 حالة انتهاك بحق العاملين والمنشآت والمرافق الصحية في المحافظة.
ومع اشتداد الحصار، أعلنت الحكومة اليمنية في 24 أغسطس (آب) الماضي تعز مدينة منكوبة واتهمت الميليشيات الانقلابية بشن حرب إبادة بحق المدنيين، ودعت المجتمع الدولي لحمايتهم، حذرت، في الوقت ذاته، جهات إغاثية من حصول كارثة إنسانية تهدد سكان المدينة الذين يبلغ عددهم أكثر من 3 ملايين نسمة في ظل تفاقم الوضع الإنساني والصحي والبيئي وتفشي جميع الأمراض والأوبئة الخطرة وحمى الضنك بشكل كبير، إضافة إلى المجاعة التي تهدد سكانها.
وذكرت تقارير حقوقية، نشرتها مؤسسة التوعية والإعلام الصحي أن 90 في المائة من المرافق الصحية في تعز متوقفة كليا وبأن هناك ما لا يقل عن 250 حالة انتهاك بحق العاملين والمنشآت والمرافق الصحية في المحافظة.
الحصار تسبب أيضًا في ارتفاع أسعار المواد الغذائية ونقص شديد في المشتقات النفطية وغاز الطبخ، وانعدام المواد الطبية، والأكسجين الضروري لإجراء العمليات الجراحية في المستشفيات، وندرة مياه الشرب.
ويقول نبيل الحكيمي، ناشط اجتماعي في المدينة تعز لـ«الشرق الأوسط» إن «الحصار أدى إلى شحة المواد الغذائية وكذلك الأدوية والمستلزمات الطبية، بل إن الأسعار ارتفعت إلى خمسة أضعاف وانعدمت بعض المواد الغذائية والمستلزمات الطبية الأساسية لإسعاف الجرحى ومصابي الحرب الظالمة، وقد أصبحت الحياة اليومية للمواطنين مضنية، بل إنني سمعت بأن هناك أناسًا قد انتحروا بسبب الظروف الصعبة التي تمر بها مدينة تعز.. انهارت المنظومة الصحية وانتشرت الأوبئة والطفيليات، فحمى الضنك قد حصدت ما حصدت من الأرواح»،
وحول دور المنظمات الدولية والمحلية وموقفهم بشأن عدم تطبيق الميليشيات الانقلابية اتفاق فتح الحصار عن أهالي تعز، قال الحكيمي إن «المنظمات الدولية لا وجود لها ودورها غائب.. لكن بالنسبة للمنظمات المحلية فدورها أغلبه يركز على جانب الإغاثة الإنسانية، وعليه كثير من المآخذ، نظرًا لأن أغلب المنظمات المحلية يغلب عليها لون واحد أو طابع واحد مما يؤدي باستئثارهم مع جماعاتهم على الإغاثة سواء من ناحية التوزيع أو الاستفادة منها، وإن ما قدمه مشروع الغذاء العالمي كمية قليلة لا تفي بالغرض كون الفقر أصبح شاملاً لكل أبناء المدينة».
وبالنسبة للوضع الصحي في مدينة تعز، فتعيش المدينة حالة من التدهور في الوضع الصحي في ظل غياب شبه تام للخدمات الصحية بعد إغلاق عدد من المستشفيات واستمرار الحصار وقصف الميليشيات للمستشفيات الحكومية والخاصة، مما زاد من تفاقم الوضع بشكل كبير مع زيادة انتشار الأوبئة وحمى الضنك.
وقال الدكتور أحمد الدميني، رئيس قسم وحدة حمى الضنك في مستشفى الثورة الحكومي بتعز، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المنظمات تعاني من صعوبة إدخال المساعدات وأدخلت فقط مساعدات من (أطباء بلا حدود)، وهي كمية بسيطة ولا تكفي حتى لأسبوع لمستشفى الثورة وحده. وصرح الصليب الأحمر الدولي أكثر من مرة بعدم السماح له بإدخال أدوية أو أكسجين، وكذلك الهيئة الطبية الدولية، مما تسبب في تتزايد الحالات المرضية يومًا بعد يوم، وكذلك بسبب إغلاق مستشفيات المدينة والمراكز الصحية الحكومية، وأصبح المواطن غير قادر على دفع تكاليف العلاج بالمستشفيات الخاصة».
وأكد الدميني: «الحوثيون يمنعون دخول الأكسجين فنضطر لتهريبه عبر جبال صبر الوعرة، ولا نستطيع إخراج الجرحى من المدينة بسبب الحصار الخانق وأغلب الحالات تتوفى قبل نقلها لمدينة عدن».
وترى الميليشيات الانقلابية أن حصار تعز ومنع دخول المواد الغذائية والطبية سيجعل الناس يرضخون لمطالبهم ويكملون سيطرتهم على جميع مديريات المحافظة؛ الأمر الذي رفضه أبناء المحافظة.
وتمثل مدينة تعز للميليشيات الانقلابية أهمية استراتيجية، ونسبة أعداد المتعلمين فيها عالية. وتبرز الأهمية الاستراتيجية للمحافظة في تأمين المناطق المحررة من الميليشيات الانقلابية، بالإضافة إلى أنها تشكل انطلاقة عسكرية نحو الشمال بما فيها العاصمة اليمنية صنعاء، وكذا بموقعها الجغرافي الاستراتيجي، في حين تطل مناطقها الغربية على البحر الأحمر مثل ميناء المخا، الذي يقع على منفذ بحري استراتيجي ويعتبر حلقة وصل جغرافية بين محافظتي تعز والحديدة الساحلية الواقعة غرب اليمن.
كما أن تحرير محافظة تعز من الميليشيات الانقلابية سيسهل للقوات الموالية للشرعية وقوات التحالف التي تقودها السعودية من السيطرة الكاملة على الساحل اليمني والمنافذ البحرية المطلة على البحر الأحمر والمنافذ المطلة على خليج عدن وبحر العرب، والسيطرة الكاملة على الطريق الساحلية من ميناء المخا وباب المندب، وسيفتح الطريق أمام قوات الشرعية لفتح خطوط إمداد لجبهات الحديدة والعاصمة صنعاء، علاوة إلى محاصرة الميليشيات اقتصاد



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.