وثائق تكشف دعم «حزب الله» للحوثيين ومخططات إرهابية لضرب الرياض

اغتيال شخصيات سعودية على القائمة.. والحكومة اليمنية تحيل ملفات إرهاب نصر الله إلى مجلس الأمن

متطوعون يوزعون المساعدات في العاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)
متطوعون يوزعون المساعدات في العاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

وثائق تكشف دعم «حزب الله» للحوثيين ومخططات إرهابية لضرب الرياض

متطوعون يوزعون المساعدات في العاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)
متطوعون يوزعون المساعدات في العاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)

كشف مقطع فيديو بثته قناة الإخبارية السعودية أمس، تورط حزب الله اللبناني في عمليات إرهابية في اليمن وعلى السعودية، فيما أكدت الحكومة اليمنية ضلوع حزب الله بصورة مباشرة في الحرب الدائرة حاليا بين الحكومة الشرعية والانقلابيين من ميليشيات الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وأظهر الفيديو الذي بث أمس قياديا من حزب الله يشار اليه باسم ـ«أبو صالح» يقوم بتدريب عناصر من الحوثيين، على عمليات إرهابية داخل الأراضي السعودية، سماها بعمليات «إيذاء السعودية».
وكشف القيادي في حزب الله عن خطط لاغتيال شخصيات مهمة في العاصمة السعودية الرياض، وذلك عبر عمليات إرهابية وتفجيرية. وهنا يأتي رد من مجند يمني يصف العمليات بانها انتحارية لكن «أبو صالح» رد بالقول إنها عمليات «استشهادية».
وتبين من خلال مقطع الفيديو أن هناك مخططا لعمليات إرهابية في السعودية إلا أن المدعو «أبو صالح» رفض الكشف عنها أمام المتدربين من الحوثيين، مشيرا إلى أنها عمليات سرية.
من جهته قال المتحدث الرسمي باسم الحكومة راجح بادي إن «لدى الحكومة العديد من الوثائق والأدلة المادية التي توضح مدى تورط أفراد ينتمون لحزب الله في الحرب التي تشنها الميليشيات الحوثية على الشعب اليمني»، مضيفا أن «مشاركة حزب الله وأفراده في طبيعة المهام التي يقومون بها في اليمن تعددت على أكثر من صعيد، ولم تقتصر على الدعم المعنوي المعلن عنه رسميا، بل تعدت ذلك إلى المشاركة الفعلية على الأرض وذلك بتدريب أفراد الميليشيات الانقلابية على القتال والوجود في ساحات القتال على الحدود السعودية والتخطيط للمعارك وترتيب عمليات التسلل والتخريب داخل الأراضي السعودية».
وأشار متحدث الحكومة اليمنية، في تصريح نقلته وكالة الأنباء اليمنية «سبأ»، إلى أن «تلك الأدلة موثقة، ولا يمكن لحزب الله أن ينفي دوره في الخراب الذي يشارك فيه سواء بالدعم المعنوي أو اللوجيستي الواضحين»، وإلى أن الحزب «أحد المسؤولين بصورة مباشرة عن إطالة أمد الحرب، وجلب الخراب لليمن وشعبه ومقدراته في مخالفه واضحة للقرار الأممي 2216، وتحد سافر لإرادة المجتمع الدولي»، مؤكدا أن ما يقوم به الحزب «يعد تدخلا سافرا في شؤون دولة مستقلة»، وأن «قيامه بهذه الأعمال العدائية تجاه الشرعية وقوات التحالف العربي من شأنه أن يفاقم الأزمة ويساعد المنشقين عن الشرعية على التمادي في أعمالهم العدوانية تجاه اليمنيين».
وأعلن المتحدث الرسمي باسم الحكومة «عن نية الحكومة اليمنية تقديم ملف كامل إلى مجلس الأمن الدولي والجامعة العربية يثبت التدخلات والممارسات الإرهابية لحزب الله في اليمن والمطالبة باتخاذ الإجراءات الدولية القانونية بحقه».
في غضون ذلك، بحث مجلس الدفاع الوطني، أمس، في اجتماع استثنائي، برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وبحضور نائبه خالد محفوظ بحاح، ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الفريق الركن علي محسن الأحمر، التطورات العسكرية والأمنية في البلاد، وذلك في اجتماع استثنائي للمجلس. وقالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ» إن هادي وضع أعضاء المجلس «أمام مستجدات الأوضاع على الصعيد السياسي والاقتصادي والميداني والعسكري، وعملية التحول والانتصارات التي تشهدها مختلف الجبهات، ودور المقاومة الشعبية في مختلف المحافظات التي أضحت رديفا فاعلا للجيش الوطني للإسراع في تحقيق الانتصارات، ووضع حد لجرائم الانقلابيين تجاه الأبرياء والعزل من أبناء الشعب اليمني».
ونقل عن الرئيس هادي قوله: «لقد عانى شعبنا اليمني الكثير خلال الشهور الماضية، وصبر وتحمل كثيرا من المشاق والمتاعب التي استطعنا اليوم تجاوز أصعب مراحلها بعد إخراج الانقلابيين وتحرير محافظات عدة حتى وصول جيشنا الوطني والمقاومة الباسلة إلى ضواحي العاصمة صنعاء». وأضاف أن «الأمور تسير بصورة طيبة، وبشائر النصر قادمة على الانقلابيين وأذرعهم الخبيثة من خلال خلايا التطرّف والإرهاب المزروعة». وأشاد هادي بـ«دعم وإسناد قوات التحالف العربي لدورها المحوري والرائد في وجه المخططات الدخيلة على مجتمعنا وتهديد جوارنا».
وذكرت المصادر الرسمية أن عددا من التقارير قدمت، إلى الاجتماع، من قبل رئيس هيئة الأركان العامة اللواء الركن محمد علي المقدشي، وتناولت طبيعة الأوضاع ومسرح العمليات في محافظات مأرب والجوف وصنعاء، إضافة إلى تقارير قدمت من قبل رئيسي جهازي الأمن القومي والسياسي (المخابرات)، وهي تقارير موجزة عن طبيعة التحديات الأمنية في مختلف المناطق المحررة ووضع الحلول والمعالجات اللازمة تجاهها.



جبايات حوثية على أمتعة المسافرين وفي صدارتها الأدوية

نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
TT

جبايات حوثية على أمتعة المسافرين وفي صدارتها الأدوية

نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)

فضَّل شاب يمني أن يتعرض للضرب والاعتداء من أفراد نقطة تفتيش حوثية على مشارف العاصمة المختطفة صنعاء على أن يسلم الأدوية التي يحملها معه، بعد أن دفع لأجل الحصول عليها أموالاً كثيرة، واضطر للسفر إلى مدينة عدن لتسلمها بنفسه من أحد معارفه القادمين من خارج البلاد.

وبحسب رواية أحد المسافرين بسيارة أجرة من عدن إلى صنعاء خلال الأيام الماضية لـ«الشرق الأوسط»؛ فإن الشاب الذي ينتمي إلى محافظة الحديدة (غرب) بدا متوتراً للغاية عند توقف السيارة في نقطة التفتيش، وعندما وصل أفراد النقطة إليه لجأ إلى توسلهم وإخبارهم أن الأدوية تخص والدته الطاعنة في السن، ولا يمكنه توفير بديل عنها.

ومما قاله الشاب إنه سبق له دفع ثمن الأدوية ليجلبها له أحد المسافرين من خارج البلاد، لكن تمت مصادرتها بالطريقة نفسها، وعندما عجز عن إقناع أفراد نقطة التفتيش؛ احتضن الكيس بكل قوته، لينهالوا عليه بالضرب قبل أن يحتجزوه لديهم، وطلبوا من سائق السيارة والمسافرين الانطلاق وعدم التدخل.

وتشير هذه القصة إلى ما يشهده سوق الدواء في اليمن، وخصوصاً في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من ندرة واختفاء عدد من أصناف الأدوية المهمة للأمراض الخطيرة والمزمنة، في وضع صحي يزداد كارثية، إلى جانب تشديد الجماعة الحوثية للجبايات في نقاط التفتيش بزعم تحصيل الإيرادات الجمركية.

الجماعة الحوثية استحدثت مراكز تحصيل جمركية على عدد من الطرقات داخل البلاد (إعلام حوثي)

ويشكو المسافرون إلى مناطق سيطرة الجماعة من ممارسات تعسفية تنتهجها نقاط التفتيش، إذ تُقدِم على البحث في أمتعتهم وحقائبهم وسؤالهم عن محتوياتها، والاستفسار عن جميع الأغراض بما فيها الملابس والأغراض الشخصية.

ويقول أحد الناشطين المتعاونين مع منظمة دولية مختصة بحرية الرأي والتعبير لـ«الشرق الأوسط»، إنه يعاني كثيراً في نقاط التفتيش الحوثية التي يضطر إلى العبور منها باستمرار بحكم عمله وسفره الدائم، حيث يجري سؤاله عن كل محتويات حقيبته، خصوصاً الجديدة منها.

ويضطر الناشط، الذي فضل عدم الكشف عن بياناته، إلى استخدام الملابس والأغراض الجديدة التي يشتريها قبل العودة، أو إزالة أدوات التغليف منها، حتى لا يتعرض للتحقيق حولها أو مصادرتها، وذلك بعد تجربة سابقة له حين جرى مصادرة عدد من الأقْمِصَة التي اشتراها هدايا.

جبايات بلا سندات

تعتمد الجماعة الحوثية على نقاط التفتيش بوصفها أحد مصادر إيراداتها الضخمة، وإلى جانب استحداث نقاط تحصيل ضريبي في مختلف الطرقات، ومراكز جمركية في المنافذ التي تربط مناطق سيطرتها بالمناطق المحررة الخاضعة للحكومة الشرعية، كلفت عدداً كبيراً من قادتها وأفرادها في نقاط التفتيش بفرض جبابات على مختلف أغراض المسافرين والمواد المنقولة براً.

ويذكر محمد العزب، من أهالي مدينة تعز، لـ«الشرق الأوسط»، أنه، ولعدة مرات، تعرض لتفتيش المواد الغذائية التي ينقلها معه إلى أقاربه في صنعاء، واضطر لدفع مبالغ مالية مقابل السماح له بالعبور بها، رغم أن كمياتها محدودة وليست تجارية.

عناصر حوثيون يغلقون مقرات شركات الأدوية التي تتعرض لتعسفات الجماعة (إعلام حوثي)

وكان العزب ينقل معه خلال سفره إلى صنعاء بعضاً من فائض السلال الغذائية التي تتحصل عليها عائلته في تعز كمساعدات من المنظمات الدولية والوكالات الأممية إلى أقاربه في صنعاء، الذين يعانون من الفاقة بسبب انقطاع رواتب الموظفين واتساع رقعة البطالة تحت سيطرة الجماعة الحوثية.

وتشير غالبية شكاوى المسافرين إلى مساعٍ حوثية لمصادرة الأدوية التي يحملها المسافرون للاستخدام الشخصي أو لأقاربهم، خصوصاً مع أزمة الأدوية التي تشهدها مناطق سيطرة الجماعة، وارتفاع أسعارها الذي يتسبب بعجز الكثيرين عن شرائها.

وأبدى الكثير من المسافرين، سواء للعلاج أو لأغراض أخرى، استياءهم الشديد من ممارسات نقاط التفتيش الحوثية بحقهم، وإجبارهم على الإفصاح عن كل ما يحملونه من أدوية، سواء كانت للاستخدام الشخصي أو لأقاربهم ومعارفهم.

ويوضح نبيل، وهو من سكان صنعاء، لـ«الشرق الأوسط» أنه ووالده اضطرا إلى تبرير وجود الأدوية التي بحوزتهما بعد رحلة علاجية طويلة خارج البلاد، أجريا خلالها عدة عمليات جراحية، ولم يُسمح بالمرور بتلك الأدوية إلا بعد دفع مبلغ مالي كبير.

أدوية الأطفال في اليمن تشهد نقصاً شديداً في ظل أزمة معيشية معقدة يعيشها السكان (أ.ف.ب)

واستغرب نبيل من أنه لم يسمح لهما بحمل سند تحصيل المبلغ، وبعد إلحاحهما من أجل الحصول عليه، اشترط عليهما أفراد النقطة تصويره بالهاتف فقط، وفوجئا حينها أن السند تضمن نصف المبلغ الذي اضطرا لدفعه، وليس المبلغ كاملاً.

غلاء وتزوير

لم تتمكن شركات صناعة الأدوية المحلية في اليمن من تغطية الاحتياجات المتزايدة للأدوية والنقص الحاصل في السوق المحلية، نتيجة سيطرة الجماعة الحوثية على غالبيتها، أو فرض الجبايات عليها، إلى جانب القيود المفروضة على استيراد المواد الخام.

وينوه جهاد، وهو صيدلي يعمل في أحد المستشفيات في صنعاء، إلى أن سوق الأدوية في العاصمة صنعاء وبقية المدن تحت سيطرة الجماعة الحوثية تشهد انتشار أدوية بديلة للأدوية الشهيرة والمعروفة لمختلف الأمراض، خصوصاً المزمنة منها، وأن الأدوية البديلة ليست بفاعلية وكفاءة الأدوية الأصلية، بالإضافة إلى انتشار الأدوية المهربة.

وتنتشر في الأسواق المحلية كميات كبيرة من الأدوية المهربة التي لا يعلم حقيقة مصدرها، والمواد المصنعة منها، كما وتنتشر الأدوية المقلدة والمزورة في ظل الرقابة الحوثية التي تُتهم بالتواطؤ والفساد.

الجماعة الحوثية تزعم باستمرار إتلاف أطنان من الأدوية المهربة (إعلام حوثي)

وحذر من الانعكاسات السلبية التي تقع على المرضى بسبب الأدوية البديلة، إلى جانب عدم كفاءتها في حماية المرضى من تدهور صحتهم.

ومنذ أيام مرت الذكرى الثانية لوفاة 10 أطفال في وحدة علاج السرطان بمستشفى الكويت في صنعاء، إثر حقنهم بأدوية «منتهية الصلاحية»، التي تبين مسؤولية قادة حوثيين عنها، دون أن يتخذ القضاء الذي تديره الجماعة أي إجراءات ضدهم.

وطبقاً لشهادات طبية متعددة حصلت عليها «الشرق الأوسط»؛ فإن الأدوية التي يعاني المرضى في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من نقصها تتمثل في أدوية أمراض القلب وضغط الدم والسكر والصرع والغدة الدرقية وأمراض الكبد والكلى، وأدوية الأطفال، وفيتامين (د).

وحذرت مصادر طبية من أن الكثير من الأدوية المتوافرة ستشهد أسعارها ارتفاعاً جديداً يصل إلى 50 في المائة من أسعارها الحالية، وقد تزيد تلك الزيادة على هذه النسبة لكون الكثير من الصيدليات تبيعها حالياً بأسعار أعلى من أسعارها المتعارف عليها نتيجة غياب الرقابة، أو اضطرار الكثير من تجار الأدوية لزيادة الأسعار بسبب الجبايات المفروضة عليهم.