أعداد كبيرة من قبائل البيضاء يعلنون انضمامهم للمقاومة

المحافظة اليمنية تعتبر خط إمداد أساسيًا للجبهات من عدن حتى مأرب

أعداد كبيرة من قبائل البيضاء يعلنون انضمامهم للمقاومة
TT

أعداد كبيرة من قبائل البيضاء يعلنون انضمامهم للمقاومة

أعداد كبيرة من قبائل البيضاء يعلنون انضمامهم للمقاومة

أعداد كبيرة من أبناء قبائل مديرية الطفة، إحدى مديريات محافظة البيضاء الواقعة إلى الجنوب الشرقي من العاصمة صنعاء أعلنوا انضمامها إلى المقاومة، ومشاركتهم في جبهات القتال بكامل عتادهم ضد ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح. وبالمقابل، قامت الميليشيات الانقلابية بحشد عناصرها للسيطرة على المحافظة لأهمية موقعها الاستراتيجي الذي يتوسط مواضع الربط بين المحافظات الجنوبية والشمالية وخطوط إمداد الشريط الشرقي الشمالي منه إلى الجنوب.
واشتدت المواجهات بين المقاومة الشعبية في المحافظة البيضاء، من جهة، وميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، من جهة أخرى، حيث كبدت فيها عناصر المقاومة الشعبية الميليشيات الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد.
ورغم إمكانياتها البسيطة، مقارنة بالميليشيات الانقلابية التي استولت على جميع أسلحة الدولة، إلا أن عناصر المقاومة الشعبية في المحافظة اغتنمت الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح بعد فرارها من المواقع التي تقدمت إليها المقاومة.
ويقول المحلل السياسي، ياسين التميمي، لـ«الشرق الأوسط» إن محافظة البيضاء «تكتسب أهمية في كونها مفترق طرق مهمًا وخط إمداد أساسيًا للجبهات التي أشعلت فيها الميليشيات حروبها خلال الفترة الماضية من عدن حتى مأرب، وبأن وقع المعارك كان ثقيلاً على أبناء المحافظة الذين خاضوا ولا يزالون يخوضون معارك تحت ستار ثقيل من الصمت والتجاهل».
وأوضح التميمي أن «محافظة البيضاء كانت هي أول ساحة المواجهات مع ميلشيات الحوثي التي تنفذ مخططًا لإذكاء الصراع الطائفي في اليمن تحت اسم (مكافحة الإرهاب)».
حشدت قبائل البيضاء قواتها في جميع مناطق المحافظة مجددة إعلان رفضها وجود الميليشيات الانقلابية، وتجديد إعلانها مع شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
ومن جانبه، قال الناشط السياسي أحمد الحمزي، من أبناء محافظة البيضاء، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «باستبسال وثبات تواصل المقاومة الشعبية بمحافظة البيضاء نضالها ضد ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح رغم قلة الإمكانيات المادية والعسكرية، حيث تواجه الميلشيات الانقلابية مقاومة شعبية شرسة معتمدة على العمليات الفردية المفاجئة والخاطفة التي تسببت بإنهاك كبير في صفوف الميليشيات».
وأضاف: «تقوم المقاومة الشعبية بعمليات نوعية وواسعة ضد قوات ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح في عدة مناطق بالبيضاء، لا سيما الزاهر وذي ناعم، وكبدت الميليشيات خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد. وفي بلاد قيفة بقطاع رداع أخذت المقاومة منحى مرعبًا بالنسبة للميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح التي لم تستطع طوال سنة كاملة من التقدم سوى ما ضاعف استنزافها وأنهكها رغم قلة إمكانيات المقاومة هناك».
وذكر أن «عناصر المقاومة الشعبية في جبهة الطفة الملاجم، شنوا هجومًا عنيفًا على مبنى إدارة أمن المديرية الذي تتمركز فيه الميليشيات الانقلابية، بقذائف (آر بي جي) والأسلحة الرشاشة. وأنه ردا على هجوم المقاومة المتصاعد تقوم الميليشيات بقصف عشوائي بصواريخ الكاتيوشا على مزارع ومنازل المواطنين في مديريات الزاهر وذي ناعم والطفة».
وبينما لم يتدخل الجيش الوطني في المعارك الدائرة في جبهات القتال بمحافظة البيضاء، إذ إن أبناء المحافظة هم من يخوضون المعارك الشرسة أمام الميليشيات الانقلابية، أوضح الحمزي لـ«الشرق الأوسط» أنه «باستطاعة أبناء قبائل محافظة البيضاء، عناصر المقاومة الشعبية، القضاء النهائي على الميليشيات الانقلابية في مديريات البيضاء التي تشتغل فيها المواجهات العنيفة، ولكن ذلك من خلال توفير الإمكانيات اللازمة من الأسلحة المتوسطة والثقيلة وكل ما يحتاجون إليه في معاركهم، لأن الأمر أصبح الآن ضروريًا جدًا لدعم قبائل محافظة البيضاء ومساعدتهم في تحرير المحافظة من الميليشيات».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم