صائب عريقات: فرنسا تحاول عقد مؤتمر وزاري في أبريل المقبل

التقى العربي وطالب بالعودة إلى مجلس الأمن وتنفيذ القرار 242

د. نبيل العربي ود. صائب عريقات خلال اجتماعهما في القاهرة أمس
د. نبيل العربي ود. صائب عريقات خلال اجتماعهما في القاهرة أمس
TT

صائب عريقات: فرنسا تحاول عقد مؤتمر وزاري في أبريل المقبل

د. نبيل العربي ود. صائب عريقات خلال اجتماعهما في القاهرة أمس
د. نبيل العربي ود. صائب عريقات خلال اجتماعهما في القاهرة أمس

كشف صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وكبير المفاوضين، عن عدم وجود مبادرة فرنسية لإنهاء القضية الفلسطينية الإسرائيلية، قائلا: «هم سيعقدون مؤتمرا وزاريا في أبريل (نيسان) المقبل، تحضره فلسطين وإسرائيل، ومن هذا المنطلق يتطلعون إلى مؤتمر دولي». وأكد عريقات خلال كلمته في اجتماع مجلس أمناء مؤسسة ياسر عرفات، المنعقد في جامعة الدول العربية، بحضور الدكتور نبيل العربي، الأمين العام للجامعة، وعمرو موسى، الأمين العام الأسبق، أن داعش لن يهزم بالرصاص أو بالتحالفات، مشددا على خطورة توغل هذا الخطر في العالم. وأوضح أن اليهودية لم تكن خطرا على الفلسطينيين في يوم من الأيام، فهي دين سماوي، ولكن الاستيطان يريد محو فلسطين من خريطة العالم. وأضاف: «أنا أدرك تماما أن فلسطين ستعود إلى خريطة الجغرافيا».
وكان الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، قد عقد اجتماعا مع صائب عريقات، لبحث كل المقترحات الخاصة بإنهاء حالة الجمود في المشهد الفلسطيني. وقد تطرق اللقاء إلى آخر التطورات في ضوء الجهود الحالية لتحقيق المصالحة الفلسطينية، واستئناف عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل. وشدد أمين عام جامعة الدول العربية على ضرورة اللجوء، مرة أخرى، إلى المجتمع الدولي والأمم المتحدة، ومجلس الأمن تحديدًا، لطرح تنفيذ القرار رقم 242، وانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلها عام 1967، والعمل على دعم المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي يقوم على أساس المرجعيات الدولية التي تم التوافق عليها، شريطة أن يتم ذلك ضمن إطار زمني محدد. وقال إن «هذا تحدٍ كبير علينا أن نواجهه كمجموعة عربية، قبل أن نطرحه على الآخرين». وأضاف أن هذا التحدي يستدعي توظيف الإمكانيات العربية كافة لبلورة تحرك دبلوماسي عربي مشترك على أعلى المستويات، يتجه نحو الأمم المتحدة والعواصم المؤثرة في القرار الدولي لتحقيق هذا الهدف، وتحقيق التسوية الشاملة، وطرحها على أجندة الأمم المتحدة لاتخاذ القرار المناسب. ويتطلب نجاح هذا المسعى أن يكون الهدف واضحا للجميع، بما في ذلك الدول المؤثرة، ومنها الولايات المتحدة الأميركية، التي تعلم أن إسرائيل تطبق سياسة عنصرية، بحيث أصبحت آخر معاقل الأبارتهايد والعنصرية في العالم المعاصر. وأكد على أهمية طرق جميع الأبواب المفتوحة، والأبواب المغلقة أيضا، ومن بينها دعم حركة المقاطعة BDS التي يمكن أن يكون لها تأثير فعال على وقف الأعمال الاستيطانية. ودعا العربي إلى الخروج من الإطار التقليدي، والتفكير جديًا في حملة مقاطعة مدنية سلمية، كما فعل غاندي في الهند، للتخلص من الاستعمار البريطاني.
وقال العربي الذي كان يتحدث خلال اجتماع مؤسسة ياسر عرفات: «يجب التمسك بالثوابت والإصرار على النضال، والإمساك بخيط الأمل، وبالنور الذي كان يراه زعيم القضية الفلسطينية، في نهاية النفق». وفي السياق نفسه، قال المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصري، إن وزير الخارجية سامح شكري بحث مع الدكتور صائب عريقات الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والجهود المبذولة إقليميًا ودوليًا لتحريك عملية السلام الفلسطيني الإسرائيلي. وأضاف بأن المسؤول الفلسطيني أطلع وزير الخارجية على نتائج الاتصالات التي قام بها، أخيرا مع الأطراف الدولية الرئيسية، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا، كما استمع إلى نتائج الاتصالات التي أجراها سامح شكري مع المسؤولين الأميركيين والأوروبيين، والتي تستهدف دراسة البدائل المطروحة لتحريك عملية السلام، ووقف الانتهاكات المستمرة لحقوق الشعب الفلسطيني، وتحقيق هدف إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أساس قرارات الشرعية الدولية ورؤية حل الدولتين.
وأشار المتحدث الرسمي إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدا من الجهود والتحركات التي تقوم بها مصر مع الدول العربية الشقيقة، من أجل بلورة موقف عربي مشترك داعم للقضية الفلسطينية، بما في ذلك رؤية عربية لكيفية التفاعل مع المقترحات المطروحة على الساحة الدولية، بما في ذلك مقترح إقامة مؤتمر دولي للسلام وغيرها من المقترحات.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.