مستشار رئيس البرلمان الليبي: أطراف في حكومة التوافق تسعى لإعادة الاعتماد على الميليشيات

عبد المجيد قال لـ«الشرق الأوسط» إنه يمكن تعيين وزير للدفاع مع استمرار حفتر قائدًا عامًا للجيش

عيسى عبد المجيد مستشار رئيس البرلمان الليبي («الشرق الأوسط»)
عيسى عبد المجيد مستشار رئيس البرلمان الليبي («الشرق الأوسط»)
TT

مستشار رئيس البرلمان الليبي: أطراف في حكومة التوافق تسعى لإعادة الاعتماد على الميليشيات

عيسى عبد المجيد مستشار رئيس البرلمان الليبي («الشرق الأوسط»)
عيسى عبد المجيد مستشار رئيس البرلمان الليبي («الشرق الأوسط»)

قال عيسى عبد المجيد، مستشار رئيس البرلمان الليبي، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إن أطرافا في حكومة الوفاق الوطني تسعى لإعادة الاعتماد على الميليشيات في تأمين البلاد، خاصة مقار عمل الحكومة في طرابلس، محذرا من أن الحكومة المقترحة، ستعيد، بهذه الخطوة، نفس التجربة السابقة التي تسببت في إحداث الفوضى في ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي.
وأعرب عبد المجيد عن اعتقاده بعدم وجود حماس لبناء الجيش الوطني، من جانب عدة شخصيات في المجلس الرئاسي برئاسة فايز السراج، ووزراء حكومته، وقال إن البعض من الأسماء المقترحة تميل للاستعانة بكتائب الميليشيات، على حساب القوات المسلحة الليبية.
وتحدث عما يعده البعض معضلة تتعلق بمنصب وزير الدفاع في حكومة السراج، وما يقال عن تعارض هذا المنصب مع وجود قائد الجيش الفريق أول خليفة حفتر، لكنه أوضح أن منصب وزير الدفاع ليس مشكلة، لأنه توجد عدة مقترحات بهذا الخصوص من بينها أنه يمكن تعيين وزير للدفاع مع استمرار حفتر قائدا عاما للجيش.
وفي المقابل شدد على أن المخاوف الحقيقية تكمن في محاولة تسلل جماعة الإخوان والجماعات المتطرفة، مرة أخرى، عبر حكومة السراج، وهو أمر قال إنه لن يسمح به الليبيون لأنه سيؤدي لانتكاسة في جهود إعادة بناء الجيش والدولة.
كما حذر مستشار رئيس البرلمان الليبي من خطورة الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد، خاصة بعد نقص الدقيق والغاز وارتفاع أسعار السلع، وقال إن أكثر من نصف الحقول النفطية أصبحت مغلقة بسبب الانفلات الأمني، وإن الأوضاع إذا استمرت على هذه الشاكلة فلن يجد الليبيون رواتبهم في شهري أبريل (نيسان) أو مايو (أيار) على أبعد تقدير، وهو أمر ينذر بكارثة.
وحمل المجتمع الدولي والدول الغربية مسؤولية التدهور الذين تعاني منه لبلاده، وقال إنه تلوح في الأفق عدة مخططات لا تصب في صالح الشعب الليبي، من خلال اتجاه بعض الدول الغربية لتقسيم ليبيا إلى دويلات. وإلى أهم ما جاء في الحوار..

* كيف ترى الوضع بينما السيد السراج يحاول الحصول على تصديق البرلمان لعمل حكومته؟
- كانت هناك أخطاء منذ البداية.. كان من المفترض أن يزور السراج طبرق (مقر البرلمان) أولا، خاصة أنه لم يكن مرشحا من البرلمان ولكن من الأمم المتحدة. ومنذ تاريخ ترشيحه (قبل أشهر) كان ينبغي أن يكون في البرلمان، لكنه، وبدلا من ذلك، أصبح يتجول بين مصر وتونس والصخيرات في المغرب. هو ضرب بالبرلمان عرض الحائط، رغم أنه عضو فيه وله زملاء من النواب. لا أعتقد أن الحكومة المقترحة ستمر، لأنه توجد أسماء خطرة جدا في تشكيلتها؛ أسماء تنتمي لتنظيم القاعدة وغيره.
* تقصد من تنظيم القاعدة أم من جماعة الإخوان؟
- في ليبيا لا يوجد فرق بين تنظيم القاعدة والجماعة المقاتلة والدواعش والإخوان وأنصار الشريعة، كلهم عملة واحدة ذات وجهين، وهدفهم واحد. كل المقاتلين من هذه الجماعات الذين أصيبوا في المعارك مع الجيش الوطني الليبي تلقوا العلاج في الخارج، في تركيا أو غيرها، عبر السفر من مطار امعيتيقة في طرابلس أو مصراتة. هؤلاء هدفهم واحد. وهم يتحكمون في المنطقة الغربية. وجماعة الإخوان تعد الذراع السياسي لكل تلك التنظيمات المتطرفة.
* بالنسبة لبعض الحقائب الوزارية.. هل يمكن للبرلمان أن يغير في أسماء بعض الوزراء المرشحين لها، لتمرير الحكومة؟
- جانب من المشكلة يتعلق بالمجلس الرئاسي الذي يترأسه السراج، ويتكون هذا المجلس من عدد أكثر من اللازم من النواب.. لا يمكن للباخرة أن يقودها تسعة من الربان. إما أنها ستظل في مكانها أو ستغرق. نحو ستة نواب لرئيس المجلس الرئاسي، واثنان وزراء دولة أعضاء في المجلس نفسه. هذا أمر صعب جدا. وما زاد الطين بلة أن كل نواب رئيس المجلس الرئاسي لهم حق الفيتو. واحد يوافق وواحد يرفض. وفي نفس الوقت أكثر هؤلاء الأعضاء من جماعة الإخوان. مشكلة الإخوان أن ولاءهم ليس لأوطانهم ولكن لمرشدهم.
* لكن ماذا عن مسألة التغيير في أسماء بعض الوزراء المقترحين. هل يمكن أن يقوم البرلمان بهذا خاصة فيما يعلق بوزارة الدفاع؟
- وزارة الدفاع خط أحمر. لا نريد أن نمجد الأشخاص أو الرتب، ولكن الجيش الليبي مؤسسة عسكرية لا دخل لها في السياسة، وعملها هو الدفاع عن الدولة وعن الحدود والقيام بمكافحة الإرهاب. الفريق أول حفتر هو القائد العام للقوات المسلحة. اليوم حفتر، وربما غدا شخص آخر. لكن لا نريد أن ننسى أن حفتر أخذ زمام المبادرة لإعادة بناء الجيش في ظروف صعبة. عمر حفتر اليوم، أكثر من سبعين سنة، ولا أحد يزايد عليه بالقول إنه يسعى إلى حكم البلاد. نحن نمجد الأعمال لا الأشخاص.
* بالنسبة لموقع وزير الدفاع المرشح له المهدي البرغثي، هل يمكن أن يؤدي إلى مشاكل في المؤسسة العسكرية؟
- لا.. لا.. المؤسسة العسكرية ليس فيها خلافات. الجيش مؤسسة عسكرية لا سياسية. ووزارة الدفاع منصب سياسي وليس منصبا عسكريا، باعتبار أن وزير الدفاع يحضر اجتماعات مع نظرائه مع دول العالم والتوقيع على الاتفاقيات، وبمعنى أن وزير الدفاع ليست له علاقة مباشرة بعمليات الجيش على الأرض التي هي من اختصاص رئيس الأركان والقائد العام للقوات المسلحة.
* تعني بهذا أنه من الممكن أن يظل حفتر قائدا عاما، في وجود وزير للدفاع؟
- وما المانع.. كثير من الدول فيها قائد أعلى وقائد عام ورؤساء للأركان بالإضافة إلى وزير للدفاع. أعتقد أنه لا يوجد مانع من مثل هذا الخيار في ليبيا. وأؤكد مجددا أنه لا توجد خلافات داخل المؤسسة العسكرية. ومن يقول ذلك واهم. يوجد توافق داخل المؤسسة العسكرية سواء من الجنوب أو الغرب أو الشرق على محاربة الإرهاب. وندعو مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته في دعم الجيش الليبي من أجل مكافحة الإرهاب، لأنه خطر على الدول الأوروبية أيضا. عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى أوروبا، خاصة فرنسا، عبر ليبيا أيام القذافي، كان يدور حول 3 آلاف مهاجر في السنة، واليوم أصبح العدد سنويا لا يقل عن 30 ألفا. ولو كان كل 30 ألف بينهم شخص واحد من الخلايا النائمة من المتطرفين، فهذا يمثل خطرا بمرور الوقت على أوروبا بالكامل. ورأينا ما حدث في باريس وما جاء بعدها، ومتوقع أن يحدث أكثر من ذلك.
* البعض يتحدث عن خشيته من إعادة الحكومة المقترحة الاعتماد على الميليشيات في تأمين البلاد، أو بعض المدن على الأقل. هل توجد مؤشرات على مثل هذه المخاوف؟
- باختصار.. هناك أعضاء في المجلس الرئاسي معروف أنهم كانوا منذ البداية ضد الجيش، وكانت لهم أهداف بدعم الميليشيات مرة أخرى. وأحد أعضاء المجلس الرئاسي قال صراحة إن هناك كتيبة من كتائب الميليشيات قد تحمي المجلس الرئاسي في طرابلس. هذا يعني أن هناك خطة لإعادة تجربة المجلس الانتقالي ومن بعده المؤتمر الوطني السابق، حين جرى الاعتماد على الميليشيات ودعمها بملياري دينار ليبي (نحو مليار دولار بأسعار 2012 و2013)، حتى تمكنت الميليشيات واستولت على كل شيء في ليبيا. نفس الأخطاء السابقة قد يرتكبها المجلس الرئاسي الجديد. كما أنه ليست هناك خطابات لدى المجلس الرئاسي تعكس النية على بناء الجيش الليبي، ولكن نيتهم إعادة تفعيل الميليشيات مرة أخرى.
* لوحظ كثرة الحديث داخل الأوساط الليبية عن مخاطر تقسيم البلاد، مع وجود مؤشرات عملية على هذا، مثل انقسام المؤسسة الوطنية للنفط، وانقسام البنك المركزي، وخطوات لفصل السجل المدني في شرق البلاد عن السجل الرئيسي في طرابلس. ما تعليقك؟
- هناك مخطط لدى الغرب بهذا الخصوص لتقسيم البلاد إلى أربع أو خمس دويلات.. في الجنوب وفي الشرق وفي طرابلس وفي مصراتة وربما في منطقة الأمازيغ خاصة في الجبل الغربي. إذا جرى تحويل ليبيا إلى دويلات سيسهل على الغرب التحكم فيها.. هذا يشكل خطرا على دول الجوار. وإذا استمرت الحالة الليبية على هذا الوضع، فإن الشعب الليبي هو من يدفع الثمن.. يدفع ثمن الخلافات الغربية حول ملف ليبيا، ويدفع ثمن الأزمة الاقتصادية التي تتفاقم يوما بعد يوم.. لا توجد خطة طويلة الأمد في وزارة الاقتصاد لكيفية وصول الدقيق إلى المخابز. كما يوجد تجار حروب يؤخرون وصول الدقيق وغاز الطهي ثم يبيعونه في السوق السوداء. أكثر من نصف الحقول النفطية متوقفة عن العمل. والأسعار العالمية للنفط في الحضيض.. نتوقع، إذا استمرت الأمور على هذه الشاكلة، ألا نجد رواتب للموظفين في ليبيا في شهر أبريل أو مايو المقبلين.



الأمم المتحدة: مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في اليمن

الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)
الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة: مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في اليمن

الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)
الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)

زاد عدد اليمنيين الذين واجهوا مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية بمقدار 100 ألف شخص خلال الثلاثة الأشهر الماضية، ليصل العدد الإجمالي إلى نصف عدد السكان في هذه المناطق في ظل أزمة اقتصادية خانقة تواجهها الحكومة بسبب استمرار الحوثيين في منعها من استئناف تصدير النفط.

وحسب تحليل حديث للأمم المتحدة، فقد عانى ما يقرب من نصف السكان في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية (4.7 ملايين شخص) من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال الفترة من يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) الماضيين، وتم تصنيف هؤلاء على أنهم في المرحلة 3 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أو أعلى (أزمة أو أسوأ).

من المتوقع أن تستمر أزمة الغذاء حتى الأشهر الأولى من عام 2025 (الأمم المتحدة)

ووفق هذه البيانات، فإن ذلك يشمل 1.2 مليون شخص عانوا من مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي - المرحلة 4 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (الطوارئ) - التي تتميز بفجوات غذائية كبيرة ومستويات عالية من سوء التغذية الحاد.

ويعكس هذا، وفق التحليل، مستوى مرتفعاً باستمرار من الأمن الغذائي مقارنة بتحديث التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي السابق من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023 إلى فبراير (شباط) من العام الحالي، عندما تم تصنيف حوالي 4.6 ملايين شخص في المرحلة 3 أو أعلى.

أسباب التفاقم

ومع دعوة الحكومة اليمنية، المجتمع الدولي، إلى مساعدتها على مواجهة الأزمة الاقتصادية الراهنة نتيجة استمرار منعها من تصدير النفط الخام بسبب استهداف الحوثيين موانئ التصدير منذ عامين، أكد التحليل أن السبب في تسجيل مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد يعود إلى الاقتصاد المتدهور، الذي يتميز بانخفاض قيمة العملة وارتفاع أسعار المواد الغذائية وزيادة أسعارها، إلى جانب استمرار الصراع والمساعدات الغذائية الإنسانية غير المنتظمة.

بالإضافة إلى ذلك، يذكر التحليل أن الأمطار الغزيرة التي شهدتها البلاد في أغسطس (آب) الماضي أدت إلى فيضانات محلية دمرت المنازل وعطلت الأنشطة الزراعية وأسفرت عن خسارة الماشية والأراضي الزراعية ونزوح ما يقدر بنحو 400 ألف شخص، خصوصاً في أجزاء من محافظات مأرب والحديدة وتعز والضالع.

رجلان يحملان مساعدات غذائية في صنعاء من إحدى الوكالات الدولية (إ.ب.أ)

وخلال فترة التوقعات من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي وحتى فبراير (شباط) من العام المقبل، يبين التحليل أن الوضع سيتحسن بشكل طفيف مع توقع وجود 4.6 ملايين شخص في المرحلة 3 أو أعلى.

ومن بين هؤلاء، من المتوقع أن يواجه 1.1 مليون شخص مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي (المرحلة 4)، وتوقع أن يواجه 3.5 مليون شخص مستويات أزمة من انعدام الأمن الغذائي، المصنفة على أنها المرحلة 3 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (الأزمة).

استمرار الأزمة

في حين توقع التحليل الأممي أن ينخفض عدد المديريات المصنفة في المرحلة 4 من انعدام الأمن الغذائي بنسبة 50 في المائة، من 24 إلى 12 مديرية، فإن عدد السكان في هذه المرحلة سيظل دون تغيير، وذكر أنه وبشكل عام، من المرجح أن تشهد جميع المديريات الـ118 التي تم تحليلها مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة الثالثة أو أعلى) خلال الفترة الحالية وفترة التوقعات.

والتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي هو مبادرة مبتكرة متعددة الشركاء لتحسين تحليل الأمن الغذائي والتغذية واتخاذ القرارات، وباستخدامه، تعمل الحكومات ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والجهات الفاعلة الأخرى ذات الصلة معاً لتحديد شدة وحجم انعدام الأمن الغذائي الحاد والمزمن وحالات سوء التغذية الحاد في بلد ما، وفقاً للمعايير العلمية المعترف بها دولياً.

12 مليون يمني عانوا من مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

وقد تم تطوير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في الأصل في عام 2004 لاستخدامه في الصومال من قبل وحدة تحليل الأمن الغذائي والتغذية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة.

ومنذ ذلك الحين، تقود شراكة عالمية تضم 15 منظمة تطوير وتنفيذ التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي على المستوى العالمي والإقليمي والقطري.

وبعد أكثر من 10 سنوات من تطبيقه، أثبت التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أنه أحد أفضل الممارسات في مجال الأمن الغذائي العالمي، ونموذج للتعاون في أكثر من 30 دولة في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا.