الجيش اليمني يقترب من مطار صنعاء.. وتصاعد المواجهات في الوازعية وذباب والمسراخ

مسؤول عسكري يكشف مشاركة ضباط إيرانيين في صناعة وزراعة الألغام بتعز

القوات اليمنية الموالية للشرعية تهاجم مواقع للحوثيين بمنطقة نهم قرب صنعاء (غيتي)
القوات اليمنية الموالية للشرعية تهاجم مواقع للحوثيين بمنطقة نهم قرب صنعاء (غيتي)
TT

الجيش اليمني يقترب من مطار صنعاء.. وتصاعد المواجهات في الوازعية وذباب والمسراخ

القوات اليمنية الموالية للشرعية تهاجم مواقع للحوثيين بمنطقة نهم قرب صنعاء (غيتي)
القوات اليمنية الموالية للشرعية تهاجم مواقع للحوثيين بمنطقة نهم قرب صنعاء (غيتي)

اقترب الجيش اليمني المدعوم بغطاء جوي من قبل قوات التحالف العربي بقيادة سلاح الجو السعودي من العاصمة اليمنية، حيث بات على بعد نحو 12 كيلومترًا فقط من المطار الدولي في العاصمة، مما يعني قرب ملحمة صنعاء التي ينتظر أن تنتهي بانتزاع السلطة من التمرد الحوثي المنقلب على الشرعية.
وكشفت المعلومات الميدانية أمس سيطرة الجيش اليمني على مديرية المسراخ، وهي إحدى مديريات محافظة تعز، التي تمثل الخط الأول لفك الحصار عن تعز من جهة الشمال، وهي منطقة معروفة بأهميتها وحساسيتها لوجودها خلف جبل صدد الذي يمثل منطقة استراتيجية من الناحية العسكرية.
وقال لـ«الشرق الأوسط» العميد ركن سمير الحاج؛ مستشار رئيس الأركان والمتحدث باسم الجيش اليمني، بأن تحرك القوات الشرعية من منطقة مسورة، مركز مدينة نهم باتجاه أرحب، وقرب التصاقها بجبهة أرحب، سيؤدي بالضرورة إلى وجود قوة ضاربة تقترب من مطار صنعاء نحو 12 كيلومترًا.
ووصف المعارك التي تدور في نهم وصرواح بأنها معارك ضارية، مشددًا على تحقيق الجيش اليمني والمقاومة انتصارات مهمة، متعهدًا في الوقت ذاته بالمضي قدما بعزيمة وإرادة قتالية عالية.
وعن الأهداف التي يصبو إليها الجيش اليمني في الخطة العسكرية الحالية، أكد الحاج أن تحرير صنعاء، هي الهدف الأول الذي يعمل من أجله الجيش اليمني وقوات التحالف والمقاومة الشعبية، ويأتي فك حصار تعز كهدف ثان يليه السيطرة على السواحل ابتداء من ميدي حتى المخا.
وأفصح عن وجود تحرك باتجاه صعدة، وآخر من حرض باتجاه المركز الرئيسي في حيدر وهي مسقط رأس الحوثي، مبينًا أن ذلك جعل الحوثيين يجمعون السلاح لعمل ترسانة في حيدر لمنع استعادتها من قبل الشرعية في اليمن.
وكرر مستشار رئيس الأركان، نداءه للضباط والأفراد في القوات المسلحة اليمنية والمغرر بهم الذين لا يزالون يقاتلون في صفوف الانقلابيين إلى العودة إلى جادة الصواب، والانضمام إلى إخوانهم في قوات الشرعية؛ دفاعًا عن اليمن الكبير وترك السلاح. وذهب متحدث الجيش اليمني، إلى أن الجيش اليمني يعوّل في الدرجة الأولى على الجيش اليمني والمقاومة كخط أول، والقبائل المحيطة بصنعاء، إضافة إلى الحرس الجمهوري الذي يوجد تواصل معهم، مشددًا على أن القبائل وضباط وقادة الحرس الجمهوري، ستكون لهم كلمة مسموعة في استعادة الشرعية على مستوى اليمن ككل.
وكشف تقدم الجيش اليمني على الأرض، وتفوقه في المعارك الأخيرة ضد ميليشيات التمرد الحوثي، عن أن عناصر التمرد تتداول عملات إيرانية، حيث وجد في حوزة بعض الفارين من عناصر الحوثي أوراقًا نقدية من الريال الإيراني.
ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، صورًا للعملات الإيرانية التي عثروا عليها بحوزة أحد الفارين من عناصر الحوثيين في مديرية المسراخ جنوب تعز.
والمعروف أن قوات الحوثي وأنصار الرئيس اليمني المخلوع علي صالح تنفي وجود علاقات مع إيران التي تسعى إلى زعزعة الأمن في البلاد العربية، وتقوم بدس الإرهاب فيها، إلا أن الكثير من الوقائع والدلائل تثبت غير ذلك.
إلى ذلك، تتواصل الاشتباكات العنيفة بين قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بمساندة قوات التحالف، وبين الميليشيات الانقلابية، في جبهات القتال في مديريات ذباب والوازعية، غرب مدينة تعز، وفي مديرية المسراخ ومنطقة جبل حبشي، جنوب المدينة، وسقط خلال المواجهات قتلى وجرحى من الطرفين. وتأتي هذه المواجهات بعدما تمكنت قوات الشرعية من استعادة مركز مديرية ذباب، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر والتابع لمدينة المخا الساحلية التابعة لمحافظة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية، إضافة إلى استعادة مركز مديرية المسراخ نهاية الأسبوع الماضي، بعد مواجهات دامية، تمكنت فيها الشرعية من اغتنام مختلف أنواع الأسلحة والذخائر بعد فرار الميليشيات الانقلابية.
كما تمكنت قوات الشرعية من السيطرة على سلسلة مرتفعات استراتيجية في مديرية جبل حبشي، غرب مدينة تعز، بما فيها جبال العقيرة والصراهم، وهي من الجبال الاستراتيجية التي تطل على الطريق الدولي الذي يربط بين محافظتي تعز والحديدة الساحلية، غرب اليمن.
وتواصلت، أيضًا، المعارك العنيفة في الجبهة الشرقية والغربية لمدينة تعز، وعزلة الأقروض في مديرية المسراخ جنوب المدينة، وتمكنت عناصر الجيش والمقاومة من صد هجمات للميليشيا الانقلابية في أحياء عدة وسط مدينة تعز بما فيها أحياء كلابة والحصب، وكذا في مديرية حيفان، جنوب المدينة، وكبدوه الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد.
وقال العقيد الركن منصور الحساني، الناطق الرسمي باسم المجلس الأعلى للمقاومة في تعز، إن «الميليشيات الانقلابية لا تزال تواصل قصفها على أحياء المدينة من مواقعها المحيطة بالمدينة بالمدافع الثقيلة والدبابات ونتج عنه وقوع خسائر مادية وبشرية، كما تواصل قصفها بصواريخ الكاتيوشا مناطق الضباب والمسراخ وحيفان من الستين وخدير والجربوب».
وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «رجال المقاومة والجيش الوطني وبمساندة طيران التحالف الذي تقوده السعودية تمكنوا من التقدم في جبهات القتال بما فيها جبهة ثعبات والجبهة الشمالية والغربية والأقروض، حيث استهدفوا مدرعة تتبع الميليشيات الانقلابية في القصر الجمهوري بقذيفة هاون أدت إلى تدمير المدرعة».
وتابع القول: «استهدفت عناصر المقاومة والجيش سيارة التوجيه المعنوي للميليشيات في ثعبات وتم إحراقها، وشهدت الجبهة الشمالية مواجهات عنيفة تمكن الأبطال من تطهير مبانٍ أسفل مقوات عصيفرة كانت تتمركز فيه الميليشيات وقنصت 5 من عناصرهم إضافة إلى استهداف طاقم عسكري في منطقة الجهيم وتم إحراقه».
من جانبه، كشف العقيد عبد الملك الأهدل، رئيس عمليات اللواء 35 مدرع في تعز، عن مشاركة ضباط إيرانيين بصناعة وزراعة الألغام في محافظة تعز. ونقل المكتب الإعلامي لقائد المقاومة الشعبية في محافظة تعز عن العقيد الأهدل قوله إن «الجيش الوطني والمقاومة يفككون مئات الألغام المصنوعة بخبرات إيرانية زرعتها ميليشيا الحوثي والمخلوع صالح في محيط مديرية المسراخ المحررة جنوب مدينة تعز».
وأضاف العقيد الأهدل: «من خلال المعلومات التي حصلنا عليها من قبل حوثيين تم أسرهم أن الألغام المزروعة شديدة الانفجار وإعدادها بالمئات شارك في صناعتها ضباط في الجيش الإيراني يعملون في إسناء الحوثيين بصناعة وزراعة خارطة الألغام في المناطق المهمة لعرقلة تقدم الجيش الوطني وحصد أكبر عدد من الأرواح».
وفي جبهة حيفان، جنوب مدينة تعز، شنت قوات الشرعية هجوما عنيفا على مواقع الميليشيات الانقلابية، بعدما تمكنت الأخيرة من استعادة السيطرة على جبل الريامي الاستراتيجي وجبل الحصن، إضافة إلى قرية النوبة وكليين بقرى الأعبوس، بعدما سيطرت عليها عناصر المقاومة قبل أيام.
وأفاد شهود عيان من أبناء حيفان لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات استعادت عدًا من المواقع الاستراتيجية بعدما دفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى عناصر الميليشيات في المنطقة، وأطلقت صاروخ كاتويشا إلى منطقة الخزجة، جنوب مدينة حيفان، الواقعة بين لحج وحيفان، ووقع الصاروخ بمنطقة أعلى سوق الخزجة وألحق أضرارًا مادية كبيرة».



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.