ريتشارد ميرفي لـ «الشرق الأوسط»: الدول العظمى غير متفقة على حل بشأن سوريا.. وواشنطن تعول على السعودية

مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق شدد على دور الرياض في استقرار المنطقة

ريتشارد ميرفي
ريتشارد ميرفي
TT

ريتشارد ميرفي لـ «الشرق الأوسط»: الدول العظمى غير متفقة على حل بشأن سوريا.. وواشنطن تعول على السعودية

ريتشارد ميرفي
ريتشارد ميرفي

قال ريتشارد ميرفي مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق، إن الدول العظمى غير متفقة حتى الآن على حل بشأن الحرب الدائرة في سوريا، مضيفا في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أمس أن بلاده تعول على دول مثل السعودية في البحث عن طرق جديدة، كون التعامل الأميركي مع المعارضة السورية لم يكتب له النجاح.
ونوه ميرفي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أهمية الدور السعودي في استقرار منطقة الشرق الأوسط وصون السلم والأمن الإقليميين من خلال السياسة التي ينتهجها القادة في السعودية، مشددا على أن الولايات المتحدة ستكون على الدوام مدافعة عن السعودية ضد أي تهديد خارجي.
وقال ميرفي، والذي سبق أن عمل سفيرا لدى المملكة، إن «الدور السعودي مع تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، ظهر سريعا من خلال التدخل العسكري في اليمن»، كما أن الخطط الاقتصادية التي تضعها القيادة الحالية لتوظيف قطاعات الشباب وإيجاد اقتصاد جديد يلبي طموحاتهم، والتركيز على دور المرأة والانتخابات تعد بدايات طيبة للقيادة السعودية».
وتابع: إن «القيادات السعودية عملت دوما على إرساء قواعد الاستقرار والأمن في المنطقة، وكذلك محاولاتها لتشر الإسلام الحنيف وإرساء مفاهيم التوحيد، وكذلك دورها القيادي في عمل منظمة أوبك».
وحول الاتفاق النووي بين الدول الكبرى وإيران وتخوف السعودية، أشار ميرفي إلى أن «الولايات المتحدة ستكون على الدوام داعمة ومدافعة عن السعودية وسلامتها واستقلالها ضد أي تهديد خارجي»، منوها إلى أن «نجاح جورج بوش الأب في بناء تحالف خلال حرب الخليج الأولى، عندما احتل العراق الكويت، كان هدفه حماية السعودية أولا»، مضيفا أن «الاتفاق النووي يصب في مصلحة منطقة الشرق الأوسط واستقرارها تفاديا لامتلاك إيران للسلاح النووي».
وتابع: «العلاقة بين بلاده والسعودية تقوم على الدعم المتبادل.. وأنها قوية وستبقى كذلك».
وحول الدور السعودي في سوريا، قال ميرفي إن «الإدارة الأميركية الحالية أكدت مرارا أنها لن ترسل قوات برية لسوريا ولكن يمكن لدول المنطقة الشرق الأوسط كالسعودية، أن تقوم بما تراه مناسبا»، مضيفا: «الولايات المتحدة تعول على السعودية في البحث عن طرق جديدة، خاصة في التنسيق بينهما حول الدور العسكري والسياسي كون التعامل الأميركي مع المعارضة السورية لم يكتب له النجاح».
وقال ميرفي «لا أحد يعرف أين تتجه سوريا وما هي نتيجة الصراع فهي حرب تحالف ضد تحالف.. سياسيا إنها بين تركيا وروسيا وتتبنى بعض الدول مثل الأردن والرياض وواشنطن، بعض التنظيمات.. أضف إلى ذلك وجود حزب الله والحرس الجمهوري الإيراني على الأرض.. فالوضع غير واضح بتاتا».
وحول الدور الأميركي قال ميرفي «حاولنا لسنوات المساعدة في إيجاد معارضة سياسية من الجماعات السورية حيث يمكن أن نقدم للناس خيارا حقيقيا وهو الاختيار ما بين الحكومة الحالية وحكومة جديدة.. لكننا فشلنا»، مرجعا السبب في ذلك إلى أن «الناس عاشت 40 عاما تحت عائلة الأسد ولم يكن هناك معارضة حقيقية.. فهم ليس لديهم خبرة في المعارضة كون الحكومة منعت الأحزاب إلا لعدد بسيط من الأفراد بشكل رمزي».
وفيما يتعلق بإمكانية بقاء بشار الأسد في الحكم، قال: «كيف يمكن لأي قيادة وحشية، أكان الأسد أو من هم حوله، مسؤولة عن الدمار والقتل والتشريد واللاجئين أن تنجح في البقاء في ظل هكذا ظروف؟ نعم فهي قيادة مسؤولة عما حصل كونها تحكم سوريا، وما حصل ويحصل تحت قيادتها».
وأضاف: «الرئيس الأميركي باراك أوباما طلب من الأسد التنحي عن السلطة رغم تأييد بعض فئات الشعب السوري والجيش له»، مؤكدا «أننا في أميركا نؤيد وقف إطلاق النار أولا ثم التفاوض على انتخاب أو تعيين شخصية ما لوقف الفوضى».
وعن نظرية أن المؤامرة مدبرة من طرف ربما الولايات المتحدة ضد سوريا والمنطقة والتي يعتقد بها كثيرون من أبناء المنطقة يقول ميرفي «هذا شعور يتملك الناس أحيانا. ما نريده هو أن يتنازل عن الحكم في وقت ما ولكن ربما ليس الآن لأن له (الأسد) دور يلعبه».
وعاد ميرفي ليؤكد أن الولايات المتحدة لم تتخل عن منطقة الشرق الأوسط، فهي منطقة حيوية وهامة. إلا أن الحقيقة هي أن الدول العظمى غير متفقة على الحل بشأن سوريا. وعن عودة الدور الروسي في سوريا وأسباب اهتمام الروس قال ميرفي إن «القيادة الروسية ترى ولأسباب كثيرة أن من مصلحتها بقاء الأسد، وأن الرئيس بوتين يريد أن يكون الاتحاد الروسي بمثابة لاعب في الشؤون الدولية ولحد ما يحاول صرف الانتباه عن تدخل موسكو في أوكرانيا وجزيرة القرم»، مستبعدا أن يكون أحد الأسباب هو «قاعدة عسكرية روسية في طرطوس».
وأضاف: «روسيا تمكنت من العمل مع الحكومة السورية والأسد بطريقة أنجع من محاولة الولايات المتحدة العمل مع المعارضة السورية». وتابع: «الحكومة الأميركية لم توافق على طلب بعض الأطراف في الداخل الأميركي (مثل الكونغرس) والخارج في تسليح المعارضة السورية بالمضادات والأسلحة لسبب واضح وهو: إنه تم انتخاب الرئيس أوباما وأعيد انتخابه لوعوده بالانسحاب من العراق وأفغانستان».
وقال ميرفي إن بعض أعضاء الكونغرس اتهموا أوباما بعدم مساعدة المعارضة السورية وأنه يقود (العملية) من الخلف، أي يطلب من الدول الأخرى القيادة بدلا من واشنطن. ويتفق ميرفي مع رأي أوباما، في أن على الدول في المنطقة، أن تقود وليس الولايات المتحدة.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.