رئيس المركز الإسلامي ببيروت: قرار المقاطعة السعودي سيهلك لبنان اقتصاديًا وسياسيًا

عريمط لـ«الشرق الأوسط»: نطالب الحكومة بتصحيح أخطائها وفك ارتباط مصير البلد بحزب الله

الشيخ خلدون عريمط
الشيخ خلدون عريمط
TT

رئيس المركز الإسلامي ببيروت: قرار المقاطعة السعودي سيهلك لبنان اقتصاديًا وسياسيًا

الشيخ خلدون عريمط
الشيخ خلدون عريمط

دعا القاضي الشيخ خلدون عريمط رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام التابع لرئاسة الوزراء في لبنان، الحكومة اللبنانية والمجلس النيابي، بتصحيح الأخطاء التي وقعت فيها بلاده أخيرا، تجاه السعودية على الفور، وذلك لقطع الطريق أمام مخططات إيران وحزب الله في المنطقة، من أجل إنقاذ البلاد من الانهيار الاقتصادي والسياسي.
وأكد أن القرار السعودي له تبعاته القاسية على مصالح بلاده وشعبه، من خلال الإضرار بمصالح ما لا يقل عن نصف مليون لبناني موجودين بأعمالهم وتجارتهم في دول مجلس التعاون الخليجي، مشيرا إلى أن شعارات حزب الله، تخدم الصهاينة والمشروع الإيراني، للعبث بأمن سوريا والعراق واليمن، وإعاقة مشروع قيام الدولة القوية والعادلة في لبنان.
وشدد، على ضرورة وضع حدّ لتجاوزات حزب الله ووزير الخارجية اللبناني، وإيقاف جنوح وهوس دويلة حزب الله التي تعمل على تقويض أركان الدولة اللبنانية، بمعاداة هذه الدويلة لكل البلدان العربية، خاصة دول مجلس التعاون الخليجي، حتى لا يكون ملحقًا لمشروع إيراني فارسي يطمح لإقامة إمبراطورية قورش الكبير على الأرض العربية على حدّ تعبيره.
وأضاف عريمط، في حوار هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أن مسؤولية الموقف الذي اضطرت اتخاذه السعودية تجاه بلاده يتحمّله حزب الله بشكل مباشر وأذرعته الأمنية والعسكرية المنتشرة في سوريا والعراق، وبعضها في اليمن، مبينا أنه يستهدف سلخ لبنان عن أمته، لإلحاقه بالمشروع الصفوي الفارسي، بحجة مقاومة العدو الإسرائيلي على حدّ تعبيره.
ودقّ عريمط، ناقوس خطورة منهج حزب الله في المنطقة، مبديًا خشيته من التسبب في ضياعه، مبينًا أن حزب الله، جزء لا يتجزأ من الحرس الثوري الإيراني، منوها أن هذا المعنى، أكده الأمين العام لحزب الله، بقوله إنه يعتزّ ويفتخر بأنه جندي في جيش ولاية الفقيه الإيراني.
وردًا على سؤال عن مدى الأضرار التي يمكن أن تسببها مقاطعة السعودية للبنان من حيث المساعدات المختلفة، ومن حيث دعمها السياسي، والاقتصادي والعسكري، والأمني مستقبلاً، أشار الشيخ عريمط إلى أن توقف المساعدات السعودية المختلفة والمتعددة لبلاده تشكل ضررا كبيرا على كل القطاعات اللبنانية، خصوصا أن السعودية هي الداعم الأكبر والأساسي بين الدول العربية والصديقة، للبنان نظامًا وحكومةً وشعبًا.
وبين أن السعودية وعلى مدى تاريخها الطويل كانت على الدوام هي التي تحتضن لبنان وقضاياه الكثيرة وبكلّ فئاته، «لا تميّز بين فئةٍ وأخرى»، وأنها تسعى باستمرار لدعم الدولة اللبنانية ومؤسساتها الشرعية «ومن هنا كانت المساعدات والهبات المستمرة من السعودية»، خاصة إعادة بناء ما هدمته الحرب الأهلية، وما تسبب به العدوان الإسرائيلي على الجنوب والبقاع والعاصمة بيروت، التي كانت آخرها مبادرة السعودية بتقديم أكبر هبتين متلاحقتين للجيش وللقوى الأمنية، بهدف تعزيز قدراتها، في الوقت الذي كانت فيه إيران وما زالت تقدّم الدعم المادي والعسكري لحزبٍ موالٍ عقائديًّا وسياسيًّا لها على حساب كلّ اللبنانيين، خدمةً لمشروعها الإقليمي، في حين أن السعودية كانت تؤكد للبنانيين جميعًا، أنها لا تريد شيئًا من اللبنانيين، وتحرص على عروبة وسيادة ووحدة لبنان واللبنانيين جميعًا، في ظلّ عيشهم المشترك، ومن أجل ذلك، فإن مقاطعتها للبنان من حيث المساعدات، يمكن أن تؤدي إلى زيادة البطالة في المجتمع اللبناني، وزيادة الدين العام وخدمته، وتراجع القدرات العسكرية والأمنية للدولة ومؤسساتها الأمنية.
وأضاف أنه «على الرغم من تفهمنا لموقف السعودية وثقتنا الكبيرة بقيادتها، وتفهم انعكاسات هذا القرار، فإن مسؤولية مثل هذا الموقف الذي اضطرت إليه السعودية، يتحمله بشكل مباشر حزب الله وأذرعته الأمنية والعسكرية المنتشرة في سوريا والعراق وبعضها في اليمن، الذي يستهدف عسكريا وأمنيا وبشعاراته ومواقفه البلدان العربية، خاصة السعودية وقيادتها ومصالحها، من خلال شعاراته المعادية لكلّ العرب والمسلمين، ويعمل على سلخ لبنان عن أمته، لإلحاقه بالمشروع الصفوي الفارسي بحجة مقاومة العدو الإسرائيلي».
وحول الآليات المطلوب اتخاذها لبنانيًا لإعادة مسار العلاقات بين البلدين إلى مجراها الطبيعي، دعا الشيخ خلدون عريمط، حكومة بلاده، والمجلس النيابي، لتصحيح الأخطاء التي وقعت خلال اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي الذي خرج فيه مندوب لبنان عن الإجماع العربي والإسلامي، وذلك بوضع حدّ لتجاوزات حزب الله، «وإيقاف هوس حزب الله الذي يعمل على تقويض أركان الدولة اللبنانية»، كما دعا إلى الحد من جنوح وزير الخارجية «الذي يمكن القول إنه أضحى وزيرًا لخارجية حزب الله في لبنان، وكان الأولى به أن يكون وزيرًا يمثل مصالح اللبنانيين لا مصالح حزب الله ومشروعه المرتبط بإيران». كما دعا الرأي العام في بلاده بجميع فئاته، إلى التحرك «ليؤكد أن لبنان كان وسيبقى شقيقًا وفيًّا وصادقًا لإخوانه العرب، حريصًا وملتزمًا بالتضامن والإجماع العربي، ومتعاونًا مع دول مجلس التعاون الإسلامي لما فيه خدمة العرب والمسلمين وقضاياهم العادلة، لا أن يكون ملحقًا بمشروع إيراني فارسي يطمح لإقامة إمبراطورية قورش الكبير على الأرض العربية».
وعما إن كان التعاون بين إيران وحزب الله سيؤثر سلبًا ويهدد علاقة لبنان مع السعودية وأشقائه العرب، قال: «لا يمكن القول إن هناك تعاونًا بين إيران وحزب الله، بل هناك تبعية مطلقة من حزب الله لإيران، حتى غدت الحزب جزءًا لا يتجزأ من الحرس الثوري الإيراني»، وأن أمينه العام أكد بقوله إنه يعتزّ ويفتخر بأنه جندي في جيش ولاية الفقيه الإيراني، «ومن أجل ذلك فإن استمرار حزب الله بنهجه السلبي هذا على الصعيد الداخلي والعربي، ومن خلال أذرعته العسكرية المتعددة سيؤدي إلى إبعاد لبنان عن أشقائه العرب، خاصة عن السعودية، ودول مجلس التعاون الخليجي، وهذا سيؤدي حتمًا إلى الإضرار بمصالح ما لا يقل عن نصف مليون لبناني موجودين بأعمالهم وتجارتهم في دول مجلس التعاون الخليجي».
وأضاف «لذا فإننا نأمل من الأشقاء العرب، والسعودية على وجه الخصوص، ألا يحمّلوا لبنان وشعبه، أوزار أخطاء وخطايا فئة من اللبنانيين تدعي المقاومة والممانعة، وترفع شعارات مقاتلة العدوّ الصهيوني، في حين أنها تخدم الصهاينة بعدائها للعرب، وتخدم المشروع الإيراني الذي يعبث بأمن سوريا والعراق واليمن، ويعيق مشروع قيام الدولة القوية والعادلة في لبنان بمقاطعة جلسات انتخابات رئيس للجمهورية، وذلك بفرض مرشح معين موالٍ لحزب الله ومشروعه لا بديل عنه إلا الاستمرار بالفراغ الرئاسي».
وقال: «نحن على يقين بأن الشعب اللبناني بكل أطيافه لن يسمح باستمرار هذا النفوذ الإيراني المعادي للدول العربية، ولا يمكن للبنان أن يكون مزرعة للنفوذ الإيراني ومشروعه الصفوي الذي يتلاقى مع المشروع الصهيوني في أطماعه واحتلاله الأراضي العربية تارة باسم دعم المستضعفين وتصدير الثورة الإيرانية، وتارة أخرى تحت شعار مقاومة العدو الصهيوني في فلسطين».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.