مسلحون في الفصائل السورية يتلقون دروسًا في قانون الحرب والفصل بين السلطات

شربجي تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن مذكرات تفاهم تجسر العلاقة بين المجالس والجيش الحر

توقيع مذكرة تفاهم على حماية المدنيين وتوزيع الأدوار بين السلطات المدنية والعسكرية بين مجلس ثوار بستان القصر وكتيبة درع السنة («الشرق الأوسط»)
توقيع مذكرة تفاهم على حماية المدنيين وتوزيع الأدوار بين السلطات المدنية والعسكرية بين مجلس ثوار بستان القصر وكتيبة درع السنة («الشرق الأوسط»)
TT

مسلحون في الفصائل السورية يتلقون دروسًا في قانون الحرب والفصل بين السلطات

توقيع مذكرة تفاهم على حماية المدنيين وتوزيع الأدوار بين السلطات المدنية والعسكرية بين مجلس ثوار بستان القصر وكتيبة درع السنة («الشرق الأوسط»)
توقيع مذكرة تفاهم على حماية المدنيين وتوزيع الأدوار بين السلطات المدنية والعسكرية بين مجلس ثوار بستان القصر وكتيبة درع السنة («الشرق الأوسط»)

يتلقى مسلحون في الفصائل السورية دروسا من أجل ضمان تصرفهم «كمقاتلين لا كقتلة» تنظمها جمعية سورية تلقنهم قوانين الحرب في دورة تدريب تستغرق أياما يتعايشون بسلام خلالها، حتى وإن كانوا يتقاتلون في بلادهم.
منذ صيف 2013 تابع نحو ألف من عناصر الفصائل المسلحة دروسا في «أكاديمية آفاق» في مقرها في غازي عنتاب في جنوب تركيا وفي ثلاثة مراكز في سوريا.
وروى أحد مؤسسي الجمعية أسامة شربجي لوكالة الصحافة الفرنسية، أن فكرتها انبثقت «أواخر 2011 عندما تحولت الثورة إلى نزاع مسلح. لاحظنا أن عناصر الجيش السوري الحر بدوا ينتهكون حقوق الإنسان».
وأضاف: «في البدء قلنا بأنها مجرد أخطاء بسيطة، انظروا إلى ما يفعله النظام في هذه الفترة، لن نجعل منها أزمة»... لكن مع أواخر 2012 بدأت تتضاعف (...) بدأت بسرقة سيارات، ثم إعدامات بلا محاكمة أو أدلة. حينها بدأت خيانة قيم الثورة».
ويدرك شربجي الصيدلي (37 عاما) الذي تلقى دراسته في فرنسا والناشط من أجل السلام أهمية الإشكالية هذه تماما، علما بأنه معارض لنظام دمشق منذ 2002 وقد تعرض للسجن عام 2003. وهو من العناصر المؤسسة للمجلس الوطني السوري، وحصل من الائتلاف الوطني السوري على ميزانية لإيجار مقار الجمعية في غازي عنتاب وشراء الحواسيب وأجهزة العرض. ومصدر ميزانيته السنوية حاليا وتبلغ 250 ألف دولار من الدول الغربية وبينها فرنسا ومنظمات سويسرية ونرويجية معنية بالتدريب على قانون الحرب. غير أن تجارا سوريين، مولوا «أكاديمية آفاق» في بداية انطلاقتها، لحين تمكنها من الحصول على دعم دولي، بحسب ما قال أسامة شربجي لـ«الشرق الأوسط».
في يوليو (تموز) 2013 أرسل قياديون ميدانيون دفعة أولى من 20 متدربا. تلقى هؤلاء في خمسة أيام دروسا نظرية وتمارين لقنتهم أن حمل السلاح لا يعني تلقائيا أنه عليهم اتخاذ قرارات في كل شيء، بل عليهم الحفاظ على مكانة السلطات المدنية.
واستوحى المؤسسون الخمسة (باتوا اليوم 24) تحركهم من اتفاقيات جنيف، لا سيما برامج منظمة نداء جنيف («جنيفا كول») السويسرية المتخصصة في حماية المدنيين في النزاعات.
وقال شربجي لوكالة الصحافة الفرنسية: «قمنا بتكييف التدريب مع الثقافة السورية، بحيث تم إعطاء مساحة كبيرة للإسلام لئلا يشعر الشباب بأننا نحاول فرض شيء غريب عليهم.. فالنسخة الغربية لن تنفع».
وأضاف: «لدينا جميعا شرعية ثورية. فمدربونا الثمانية شاركوا في المظاهرات ضد (الرئيس السوري) بشار (الأسد). وأنا أبدأ التدريب بالحديث عن تعرضي للاعتقال. هذا أكثر فعالية مما إذا كان مدربهم أشقر من واشنطن».
ويشمل التدريب دروسا نظرية وتمارين تطبيقية. كما يشار إلى الآيات القرآنية التي تمنع أعمال الانتقام والعنف المجاني. وقال شربجي لـ«الشرق الأوسط»، بأن «البرامج توسعت واشتغلنا على تجسير العلاقة بين المجالس والجيش الحر، على شكل توقيع مذكرات تفاهم، تؤكد على أهمية فصل السلطات (المدنية والعسكرية)، وحدود دور الجيش في الدولة».
وتعنى «أكاديمية آفاق» بمقاتلي جميع الفصائل المسلحة التي لم تدرج على اللائحة السوداء الأميركية للتنظيمات الإرهابية على غرار جبهة النصرة وتنظيم داعش.
ويعبر شربجي عن الفخر بنجاح التدريب في جمع عناصر من مجموعات تتقاتل في الوقت نفسه في سوريا. وقال: «نجمع عناصر مختلف التنظيمات، ومنها تلك التي تتقاتل في الداخل». وأضاف: «في المساء يلتقون لتناول الفشار وشرب الكولا في أثناء مشاهدة أفلام أميركية». وتابع: «هذا الهدف مهم، كي يدركوا أنهم ليسوا مختلفين. سيترتب إعادة إعمار هذه البلاد يوما ما، فكل الحروب تنتهي».
يغادر المسلحون حاملين كتيبا بعنوان «مقاتل، لا قاتل» يوصي بعدم استهداف المدنيين والمستشفيات والصحافيين، وفيديو يطلب منهم نشره قدر الإمكان.
لكن هل يأتي التدريب بالنفع؟ «صحيح أن البعض لا يعيرونه أي أهمية»، لكن أسامة شربجي يضيف لـ«الشرق الأوسط»، أن «أغلب المتدربين اليوم مرشحون من قبل متدربين سابقين. أقصد أن هناك تجاوبا مع الفريق وشعور بالحاجة لهذا الفهم».
في أحد الأيام تلقيت صورة لمعتقلين لدى النظام من شخص عزيز، كتب في الهامش «سنعاملهم بشكل جيد». هذا الشخص قتل قبل أربعة أشهر.
وختم قائلا: «هذا البلد يفتقر إلى الثقافة الديمقراطية. نحن نتوجه إلى مدنيين حملوا السلاح. وهناك الذين انضموا إلى الجيش السوري الحر. سيستغرق الأمر وقتا طويلا، نعلم ذلك. لكن عينا أن نبدأ في مكان ما».



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.