المحررة العامة في «نيويورك تايمز» تنتقد صحيفتها

بينما ألغت «واشنطن بوست».. الوظيفة

مارغريت سليفان المحررة العامة في {نيويورك تايمز}
مارغريت سليفان المحررة العامة في {نيويورك تايمز}
TT

المحررة العامة في «نيويورك تايمز» تنتقد صحيفتها

مارغريت سليفان المحررة العامة في {نيويورك تايمز}
مارغريت سليفان المحررة العامة في {نيويورك تايمز}

بينما تظل صحيفة «واشنطن بوست» دون «ممثل للقراء» (ينتقد الصحيفة اعتمادا على رسائل القراء)، تظل صحيفة «نيويورك تايمز» تحرص على هذه العادة القديمة التي تعطي الصحيفة فرصة لأن تفتخر بحيادها ونزاهتها.
في بداية القرن التاسع عشر، بدأت عادة المراقب المستقل، في السويد، عندما أسست أول مكتب مستقل في التاريخ لمراقبة حكومة. ومن هنا جاء الاسم السويدي «امبودسمان» (مراقب الحكومة).
مع نهاية القرن العشرين صارت صحيفة «نيويورك تايمز» أول صحيفة تعين مراقبا مستقلا، ثم تبعتها صحيفة «واشنطن بوست»، ثم صحف أخرى. في عام 2013، قبل أن يبيع آل غراهام «واشنطن بوست» إلى جيف بيزوس، مليادير «أمازون»، ألغت الصحيفة وظيفة «امبودسمان» وقالت إن السبب اقتصادي لأن الصحيفة كانت تواجه الإفلاس. واضطر رئيس التحرير إلى كتابة عذر ضعيف لإلغاء منصب كان رمزا لحياد الصحيفة ونزاهتها.
في الوقت الحاضر، لا يرفض المالك الجديد الفكرة، لكنه قال إنه يفكر فيها. في نفس الوقت، تفتخر صحيفة «نيويورك تايمز» بما تسميه «بابليك إيديتور» (المحرر العام)، أي الذي يمثل القراء. وفي الأسبوع الماضي، نشرت مارغريت سليفان، المحررة العامة، ملخص آراء القراء في الصحيفة.
صارت سليفان أول امرأة تعين في الوظيفة. وسبقها ثلاثة رجال، خلال عشرين عاما. ليست مستقلة تماما، لأنها موظفة في الصحيفة، لكن ينص عقد العمل على الآتي:
أولا: تمثل القراء.
ثانيا: تحقق في نزاهة الصحيفة.
ثالثا: ليست واحدة من المخبرين، أو من كتاب الرأي.
رابعا: تكتب ما تريد (مرتين كل شهر). في الأسبوع الماضي، مع انتقاد أخبار معينة بسبب عدم التأكد من صحتها، انتقدت سليفان المرشح الجمهوري لرئاسة الجمهورية دونالد ترامب.
في الشهر الماضي، شن ترامب هجوما عنيفا على الصحيفة. ونفى خبرا فيها بأنه وعد بفرض عقوبات قاسية على الصين (إذا فاز برئاسة الجمهورية). وشن هجوما عنيفا على الصين، وعلى الحزب الشيوعي الصيني، واتهمه بالديكتاتورية. وقال ترامب إنه سيفرض 45 في المائة ضرائب جمركية على أي سلعة من الصين تدخل الولايات المتحدة، وذلك لمواجهة «إغراقنا ببضائع صينية رخيصة وتافهة». نفى ترامب أنه قال ذلك. وقال: «هذا خطأ. هذه (نيويورك تايمز). إنها دائما خطأ». وقع النفي كالصاعقة على المحررة العامة. وحققت، ووجدت أن ترامب قال كل ذلك، وأكثر من ذلك، خلال اجتماع مع مسؤولين في الصحيفة، وأن الاجتماع كان مسجلا. وقالت كارولين ريان، كبيرة المحررين في الصحيفة (كانت مديرة مكتب واشنطن): «كيف يجرؤ سياسي كبير على اتهامنا بالكذب وهو الذي كذب؟!»، وأضافت: «نحن لا ننشر أي شيء دون التأكد من صحته. ونرى أن هذه هي أفضل خدمة نقدمها للقراء». أثار ضجة، أيضا، تقرير «نيويورك تايمز» عن السيناتور ماركو روبيو، المرشح لرئاسة الجمهورية. لكن، هذه المرة، أخطأت الصحيفة. قال التقرير إن روبيو وضع تعديلا في قانون «أوباماكير» (التأمين الصحي الشامل) بهدف إضعاف البرنامج. نفى روبيو أنه فعل ذلك. ووعدت الصحيفة بالتحقيق، لكن مضى شهر كامل حتى نشرت الصحيفة أنها أخطأت. وأغضب ذلك المحررة العامة، وقالت: «التأخير في تصويب خطأ ربما أسوأ من الخطأ». وأثار ضجة، أيضا، تقرير آخر عن روبيو. هذه المرة لم يكن عن موضوع سياسي، ولكن عن شخصية روبيو، وعائلته، وعاداته. وجاء فيه أنه «يحرص على أن يلمع حذاؤه تلميعا قويا قبل أن يخرج من منزله». قال قراء إن هذا «كلام تافه»، وما كان يجب أن تنشره صحيفة محترمة.
هذه المرة، دافعت المحررة العامة عن الصحيفة، وقالت: «يريد القراء، بالإضافة إلى الأخبار الجادة، أخبار ممتعة. نحتاج، مع تغطية هذه الحملات الانتخابية، إلى أخبار أقل جدية عن الانتخابات، وعن المرشحين، وعن عامة الناس».
وفي تقرير عن شخصية تيد كروز، المرشح لرئاسة الجمهورية، وعائلته، وعاداته، نشرت الصحيفة أن زوجته هايدي كروز، عانت من انهيار عصبي لعشرة أعوام. لكن، انتقد ذلك كثير من القراء. وانتقدته، أيضا، المحررة العامة. وطلبت من كارولين ريان، كبيرة المحررين، التحقيق. ثم نشرت المحررة العامة نص خطابها إلى كبيرة المحررين. ونشرت نص رد كبيرة المحررين. وفيه الآتي: «كتبنا عن زوجة المرشح كروز بطريقة مهذبة وحساسة. لم نكتب كل شيء عرفناه عنها. نعرف حساسية الموضوع، خصوصا في هذه الحملة الانتخابية الساخنة جدا. كتبنا عن ذكائها، وولائها لزوجها، وتجاربها في الحياة. من بين هذه التجارب مواجهة أمراض ومشكلات صحية». وأضافت كبيرة المحررين: «بعد نشر التقرير، لم ينفِ السيناتور كروز، أو زوجته، ما نشرنا. ثم، ليست هذه أول مرة ينشر فيها شيء عن مرض الزوجة. تحدثت الزوجة نفسها عن معاناتها في مناسبات عامة في الماضي».
هذه المرة، اتفقت المحررة العامة مع كبيرة المحررين.



تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)
TT

تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)

تحدثت شركة «غوغل» عن خطتها لتطوير عملية البحث خلال عام 2025، وأشارت إلى تغييرات مرتقبة وصفتها بـ«الجذرية»؛ بهدف «تحسين نتائج البحث وتسريع عملية الوصول للمعلومات»، غير أن الشركة لم توضح كيفية دعم الناشرين وكذا صُناع المحتوى، ما أثار مخاوف ناشرين من تأثير ذلك التطوير على حقوق مبتكري المحتوى الأصليين.

الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل»، سوندار بيتشاي، قال خلال لقاء صحافي عقد على هامش قمة «ديل بوك» DealBook التي نظمتها صحيفة الـ«نيويورك تايمز» خلال ديسمبر (كانون الأول) الحالي: «نحن في المراحل الأولى من تحول عميق»، في إشارة إلى تغيير كبير في آليات البحث على «غوغل».

وحول حدود هذا التغيير، تكلّم بيتشاي عن «اعتزام الشركة اعتماد المزيد من الذكاء الاصطناعي»، وتابع أن «(غوغل) طوّعت الذكاء الاصطناعي منذ عام 2012 للتعرّف على الصور. وعام 2015 قدّمت تقنية (رانك براين) RankBrain لتحسين تصنيف نتائج البحث، غير أن القادم هو دعم محرك البحث بتقنيات توفر خدمات البحث متعدد الوسائط لتحسين جودة البحث، وفهم لغة المستخدمين بدقة».

فيما يخص تأثير التكنولوجيا على المبدعين والناشرين، لم يوضح بيتشاي آلية حماية حقوقهم بوصفهم صُناع المحتوى الأصليين، وأشار فقط إلى أهمية تطوير البحث للناشرين بالقول إن «البحث المتقدم يحقق مزيداً من الوصول إلى الناشرين».

كلام بيتشاي أثار مخاوف بشأن دور «غوغل» في دعم المحتوى الأصيل القائم على معايير مهنية. لذا، تواصلت «الشرق الأوسط» مع «غوغل» عبر البريد الإلكتروني بشأن كيفية تعامل الشركة مع هذه المخاوف. وجاء رد الناطق الرسمي لـ«غوغل» بـ«أننا نعمل دائماً على تحسين تجربة البحث لتكون أكثر ذكاءً وتخصيصاً، وفي الأشهر الماضية كنا قد أطلقنا ميزة جديدة في تجربة البحث تحت مسمى (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews، وتعمل هذه الميزة على فهم استفسارات المستخدمين بشكل أفضل، وتقديم نتائج بحث ملائمة وذات صلة، كما أنها توفر لمحة سريعة للمساعدة في الإجابة عن الاستفسارات، إلى جانب تقديم روابط للمواقع الإلكترونية ذات الصلة».

وحول كيفية تحقيق توازن بين استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين البحث وضمان دعم مبتكري المحتوى الأصليين وحمايتهم، قال الناطق إنه «في كل يوم يستمر بحث (غوغل) بإرسال مليارات الأشخاص إلى مختلف المواقع، ومن خلال ميزة (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews المولدة بالذكاء الاصطناعي، لاحظنا زيادة في عدد الزيارات إلى مواقع الناشرين، حيث إن المُستخدمين قد يجدون معلومة معينة من خلال البحث، لكنهم يريدون المزيد من التفاصيل من المصادر والمواقع».

محمود تعلب، المتخصص في وسائل التواصل الاجتماعي بدولة الإمارات العربية المتحدة، رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن التغييرات المقبلة التي ستجريها «غوغل» ستكون «ذات أثر بالغ على الأخبار، وإذا ظلّت (غوغل) ملتزمة مكافحة المعلومات المضللة وإعطاء الأولوية لثقة المُستخدم، فمن المرجح أن تعطي أهمية أكبر لمصادر الأخبار الموثوقة وعالية الجودة، والذي من شأنه أن يفيد مصادر الأخبار الموثوقة».

أما فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي المصري والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، فقال لـ«الشرق الأوسط» خلال حوار معه: «التغيير من قبل (غوغل) خطوة منطقية». وفي حين ثمّن مخاوف الناشرين ذكر أن تبعات التطوير «ربما تقع في صالح الناشرين أيضاً»، موضحاً أن «(غوغل) تعمل على تعزيز عمليات الانتقاء للدفع بالمحتوى الجيد، حتى وإن لم تعلن بوضوح عن آليات هذا النهج، مع الأخذ في الاعتبار أن (غوغل) شركة هادفة للربح في الأساس».