ارتفاع قتلى الغارة الأميركية في صبراتة.. والعثور على جثث دبلوماسيين من صربيا

السراج يعرض حكومته الجديدة أمام برلمان طبرق.. وحفتر يقود معارك بنغازي ضد المتطرفين

موقع مسلحي «داعش» في مدينة صبراتة الذي دمرته الغارات الأميركية أول من أمس (إ.ب.أ)
موقع مسلحي «داعش» في مدينة صبراتة الذي دمرته الغارات الأميركية أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

ارتفاع قتلى الغارة الأميركية في صبراتة.. والعثور على جثث دبلوماسيين من صربيا

موقع مسلحي «داعش» في مدينة صبراتة الذي دمرته الغارات الأميركية أول من أمس (إ.ب.أ)
موقع مسلحي «داعش» في مدينة صبراتة الذي دمرته الغارات الأميركية أول من أمس (إ.ب.أ)

بينما أعلن الجيش الليبي أمس إطلاق عملية نوعية جديدة تحمل اسم «دم الشهيد»، بهدف دحر بقايا الإرهابيين في مدينة بنغازي شرق البلاد، قالت مصادر أمنية إن عدد قتلى الغارة الجوية، التي شنتها طائرات حربية أميركية على معسكر تدريب، يشتبه بأنه لتنظيم داعش في مدينة صبراتة، ارتفع إلى 43 قتيلا، بينهم من يشتبه أنه وراء هجومين كبيرين استهدفا تونس العام الماضي، فيما أعلن المجلس البلدي لمدينة صبراتة الليبية العثور على جثث موظفي السفارة الصربية المخطوفين منذ فترة، موضحا أنهما كانا من بين ضحايا القصف، وهما رجل وامرأة.
وقال رئيس الوزراء الصربي ألكسندر فوتشيتش إن اثنين من العاملين في السفارة الصربية بليبيا قتلا في الغارة الأميركية، بعد أن خطفا من قبل تنظيم داعش في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، موضحا أنه تأكد رسميا أن العاملين في السفارة قتلا في ضربات جوية. ومن جانبها أعلنت قوة الردع الخاصة، التابعة للسلطات غير المعترف بها دوليا في العاصمة طرابلس، وصول جثامين الصربيين وتسلمها بناءً على تعليمات من رئيس مكتب التحقيقات بمكتب النائب العام، القاضية بنقل الجثث والجرحى والمضبوطات، وكل ما له علاقة بالواقعة إلى مطار معيتيقة لإتمام الإجراءات والتحقيقات اللازمة.
كما كشفت قوة الردع الخاصة النقاب على أنه سبق لها أن خاطبت الجهات المسؤولة والأمنية قبل نحو ثلاثة أشهر، وحذرتها من وجود قيادات تابعة لتنظيم داعش في مدينة صبراتة، امتدادًا للتنظيم الموجود في سرت. وقالت عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «الفيسبوك» إن المسؤولين «لم يأخذوا الأمر على محمل الجد، وللأسف نجد من ينكر بأنه لا وجود لـ(داعش) في المنطقة».
إلى ذلك، استغرب مجلس صبراتة البلدي صمت الحكومة التونسية إزاء تصرفات مواطنيها، وعدم تدخلها الجاد لإنهاء تدفق الإرهابيين وتسللهم نحو ليبيا عبر الحدود والمنافذ البرية، وطالب كل الجهات المسؤولة في الدولة الليبية والتونسية بتحمل مسؤوليتها، والمساهمة في ردع ومحاربة هذه التنظيمات، ودعم الجهات المسؤولة في صبراتة، ومساعدتها على تسيير أمور المدينة، ودعم الأجهزة الأمنية لتأمينها من الخروقات الأمنية.
وأعلن المجلس أنه يتابع بحرص كل المتورطين في استقبال الإرهابيين الذين ينتمون لتنظيم داعش، مهددا بأن الجهات الأمنية في المدينة لن تتهاون لضمان أمن وسلامة المواطنين من أفعال هؤلاء المجرمين، موضحا أن ما يقوم به الآن من إجراءات هي من اختصاص الدولة المركزية، المتمثلة في وزارتي الداخلية والدفاع، وذلك في ظل الغياب التام للدعم اللوجيستي للمجلس، واستمرار الجهات المسؤولة في الدولة في اتباع نهج وسياسة إفشال المجالس البلدية.
وفي المقابل نفى مجلس صبراتة البلدي ما نسب إلى مدير مكتب إعلامه حول علم المجلس مسبقا بالضربات الجوية على صبراتة، مشيرا إلى أن هذه التصريحات مفبركة، ولا أساس لها من الصحة، واعتبرها تضليلا للواقع وخلط للأوراق.
وهذه هي المرة الثانية التي تنفذ فيها الولايات المتحدة ضربات جوية ضد «داعش» في ليبيا خلال ثلاثة أشهر، حيث استغل المتشددون سنوات الفوضى التي أعقبت الإطاحة بمعمر القذافي في 2011، وبات لهم موطئ قدم على الساحل الجنوبي للبحر المتوسط.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إنها استهدفت معسكرا لتدريب «داعش»، وإن المنزل المستهدف في مدينة صبراتة له صلة بنور الدين شوشان، التونسي المتهم بهجومين وقعا العام الماضي واستهدفا متحفا بالعاصمة تونس، ومنتجعا سياحيا في مدينة سوسة، مما أسفر عن مقتل عشرات السائحين.
وفي بنغازي حيث يشن الجيش الليبي، الذي يقوده الفريق خليفة حفتر، معارك شبه يومية ضد الجماعات المتطرفة في شرق البلاد، أعلن المكتب الإعلامي لقيادة الجيش أن محاور القتال في بوعطني والليثي تشهد تقدما في الحرب ضد الجماعات الإرهابية، وأوضح في بيان مقتضب أن الجيش تقدم في منطقة بوعطني باتجاه شارع البيلاح، وفي الليثي بشارع البوطاس.
وقال البيان إن العمليات العسكرية، التي تتم على الأرض بمساندة سلاح الجو، تجري بقيادة مباشرة من الفريق حفتر في غرفة عمليات الكرامة بمنطقة بنينا، موضحا أن حفتر يقود بنفسه هذه المعارك منذ ساعات الصباح الأولى من داخل غرفة العمليات، وأن العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الوطني بمختلف وحداته تسير بشكل صحيح في جميع محاور القتال ببنغازي.
من جهتها، أعلنت القوات الخاصة (الصاعقة) «استشهاد» اثنين من عناصرها خلال تقدم الجيش في عدة محاور بمدينة بنغازي، حيث قال الناطق الرسمي باسمها إن الجيش يتقدم بشكل مدروس في محور بوعطني، خوفًا من الوقوع في شرك الألغام الأرضية التي زرعتها الجماعات الإرهابية، مؤكدا أن قوات الجيش كبدت الجماعات الإرهابية خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد. كما أعلن ناطق باسم السرية المقاتلة أنها أحرزت تقدما في محور بوعطني، وسيطرت على المباني المجاورة لمصنع في المنطقة.
في غضون ذلك، عرض فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، برنامج عمل حكومته في جلسة استثنائية عقدت أمس بمقر مجلس النواب المعترف به دوليا بمدينة طبرق، وذلك في خطوة تسبق التصويت على منح الثقة لهذه الحكومة.
وقدم السراج، الذي كان مصحوبا ببعض أعضاء مجلسه الرئاسي، برنامج الحكومة والسيرة الذاتية للوزراء إلى أعضاء مجلس النواب حول النسخة الثانية من التشكيل الوزاري لحكومته، التي سبق وأن رفض المجلس نسختها الأولى، والتي كانت تضم 32 حقيبة وزارية.
ومن المنتظر أن يجتمع مجلس النواب غدا الاثنين أو بعد غد الثلاثاء لحسم مصير حكومة السراج، وسط توقعات برفض المجلس لها بسبب الخلافات حول المناصب السيادية، خاصة منصب وزير الدفاع.
وكان مجلس حكومة السراج الرئاسي، المنبثق عن اتفاق سلام وقعه ممثلون عن البرلمانيين الحالي والسابق في منتجع الصخيرات بالمغرب نهاية العام الماضي برعاية الأمم المتحدة، قد أعلن يوم الأحد الماضي عن نسخة جديدة من الحكومة تضم 18 وزيرا، بينهم خمسة وزراء دولة.



جبايات حوثية على أمتعة المسافرين وفي صدارتها الأدوية

نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
TT

جبايات حوثية على أمتعة المسافرين وفي صدارتها الأدوية

نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)

فضَّل شاب يمني أن يتعرض للضرب والاعتداء من أفراد نقطة تفتيش حوثية على مشارف العاصمة المختطفة صنعاء على أن يسلم الأدوية التي يحملها معه، بعد أن دفع لأجل الحصول عليها أموالاً كثيرة، واضطر للسفر إلى مدينة عدن لتسلمها بنفسه من أحد معارفه القادمين من خارج البلاد.

وبحسب رواية أحد المسافرين بسيارة أجرة من عدن إلى صنعاء خلال الأيام الماضية لـ«الشرق الأوسط»؛ فإن الشاب الذي ينتمي إلى محافظة الحديدة (غرب) بدا متوتراً للغاية عند توقف السيارة في نقطة التفتيش، وعندما وصل أفراد النقطة إليه لجأ إلى توسلهم وإخبارهم أن الأدوية تخص والدته الطاعنة في السن، ولا يمكنه توفير بديل عنها.

ومما قاله الشاب إنه سبق له دفع ثمن الأدوية ليجلبها له أحد المسافرين من خارج البلاد، لكن تمت مصادرتها بالطريقة نفسها، وعندما عجز عن إقناع أفراد نقطة التفتيش؛ احتضن الكيس بكل قوته، لينهالوا عليه بالضرب قبل أن يحتجزوه لديهم، وطلبوا من سائق السيارة والمسافرين الانطلاق وعدم التدخل.

وتشير هذه القصة إلى ما يشهده سوق الدواء في اليمن، وخصوصاً في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من ندرة واختفاء عدد من أصناف الأدوية المهمة للأمراض الخطيرة والمزمنة، في وضع صحي يزداد كارثية، إلى جانب تشديد الجماعة الحوثية للجبايات في نقاط التفتيش بزعم تحصيل الإيرادات الجمركية.

الجماعة الحوثية استحدثت مراكز تحصيل جمركية على عدد من الطرقات داخل البلاد (إعلام حوثي)

ويشكو المسافرون إلى مناطق سيطرة الجماعة من ممارسات تعسفية تنتهجها نقاط التفتيش، إذ تُقدِم على البحث في أمتعتهم وحقائبهم وسؤالهم عن محتوياتها، والاستفسار عن جميع الأغراض بما فيها الملابس والأغراض الشخصية.

ويقول أحد الناشطين المتعاونين مع منظمة دولية مختصة بحرية الرأي والتعبير لـ«الشرق الأوسط»، إنه يعاني كثيراً في نقاط التفتيش الحوثية التي يضطر إلى العبور منها باستمرار بحكم عمله وسفره الدائم، حيث يجري سؤاله عن كل محتويات حقيبته، خصوصاً الجديدة منها.

ويضطر الناشط، الذي فضل عدم الكشف عن بياناته، إلى استخدام الملابس والأغراض الجديدة التي يشتريها قبل العودة، أو إزالة أدوات التغليف منها، حتى لا يتعرض للتحقيق حولها أو مصادرتها، وذلك بعد تجربة سابقة له حين جرى مصادرة عدد من الأقْمِصَة التي اشتراها هدايا.

جبايات بلا سندات

تعتمد الجماعة الحوثية على نقاط التفتيش بوصفها أحد مصادر إيراداتها الضخمة، وإلى جانب استحداث نقاط تحصيل ضريبي في مختلف الطرقات، ومراكز جمركية في المنافذ التي تربط مناطق سيطرتها بالمناطق المحررة الخاضعة للحكومة الشرعية، كلفت عدداً كبيراً من قادتها وأفرادها في نقاط التفتيش بفرض جبابات على مختلف أغراض المسافرين والمواد المنقولة براً.

ويذكر محمد العزب، من أهالي مدينة تعز، لـ«الشرق الأوسط»، أنه، ولعدة مرات، تعرض لتفتيش المواد الغذائية التي ينقلها معه إلى أقاربه في صنعاء، واضطر لدفع مبالغ مالية مقابل السماح له بالعبور بها، رغم أن كمياتها محدودة وليست تجارية.

عناصر حوثيون يغلقون مقرات شركات الأدوية التي تتعرض لتعسفات الجماعة (إعلام حوثي)

وكان العزب ينقل معه خلال سفره إلى صنعاء بعضاً من فائض السلال الغذائية التي تتحصل عليها عائلته في تعز كمساعدات من المنظمات الدولية والوكالات الأممية إلى أقاربه في صنعاء، الذين يعانون من الفاقة بسبب انقطاع رواتب الموظفين واتساع رقعة البطالة تحت سيطرة الجماعة الحوثية.

وتشير غالبية شكاوى المسافرين إلى مساعٍ حوثية لمصادرة الأدوية التي يحملها المسافرون للاستخدام الشخصي أو لأقاربهم، خصوصاً مع أزمة الأدوية التي تشهدها مناطق سيطرة الجماعة، وارتفاع أسعارها الذي يتسبب بعجز الكثيرين عن شرائها.

وأبدى الكثير من المسافرين، سواء للعلاج أو لأغراض أخرى، استياءهم الشديد من ممارسات نقاط التفتيش الحوثية بحقهم، وإجبارهم على الإفصاح عن كل ما يحملونه من أدوية، سواء كانت للاستخدام الشخصي أو لأقاربهم ومعارفهم.

ويوضح نبيل، وهو من سكان صنعاء، لـ«الشرق الأوسط» أنه ووالده اضطرا إلى تبرير وجود الأدوية التي بحوزتهما بعد رحلة علاجية طويلة خارج البلاد، أجريا خلالها عدة عمليات جراحية، ولم يُسمح بالمرور بتلك الأدوية إلا بعد دفع مبلغ مالي كبير.

أدوية الأطفال في اليمن تشهد نقصاً شديداً في ظل أزمة معيشية معقدة يعيشها السكان (أ.ف.ب)

واستغرب نبيل من أنه لم يسمح لهما بحمل سند تحصيل المبلغ، وبعد إلحاحهما من أجل الحصول عليه، اشترط عليهما أفراد النقطة تصويره بالهاتف فقط، وفوجئا حينها أن السند تضمن نصف المبلغ الذي اضطرا لدفعه، وليس المبلغ كاملاً.

غلاء وتزوير

لم تتمكن شركات صناعة الأدوية المحلية في اليمن من تغطية الاحتياجات المتزايدة للأدوية والنقص الحاصل في السوق المحلية، نتيجة سيطرة الجماعة الحوثية على غالبيتها، أو فرض الجبايات عليها، إلى جانب القيود المفروضة على استيراد المواد الخام.

وينوه جهاد، وهو صيدلي يعمل في أحد المستشفيات في صنعاء، إلى أن سوق الأدوية في العاصمة صنعاء وبقية المدن تحت سيطرة الجماعة الحوثية تشهد انتشار أدوية بديلة للأدوية الشهيرة والمعروفة لمختلف الأمراض، خصوصاً المزمنة منها، وأن الأدوية البديلة ليست بفاعلية وكفاءة الأدوية الأصلية، بالإضافة إلى انتشار الأدوية المهربة.

وتنتشر في الأسواق المحلية كميات كبيرة من الأدوية المهربة التي لا يعلم حقيقة مصدرها، والمواد المصنعة منها، كما وتنتشر الأدوية المقلدة والمزورة في ظل الرقابة الحوثية التي تُتهم بالتواطؤ والفساد.

الجماعة الحوثية تزعم باستمرار إتلاف أطنان من الأدوية المهربة (إعلام حوثي)

وحذر من الانعكاسات السلبية التي تقع على المرضى بسبب الأدوية البديلة، إلى جانب عدم كفاءتها في حماية المرضى من تدهور صحتهم.

ومنذ أيام مرت الذكرى الثانية لوفاة 10 أطفال في وحدة علاج السرطان بمستشفى الكويت في صنعاء، إثر حقنهم بأدوية «منتهية الصلاحية»، التي تبين مسؤولية قادة حوثيين عنها، دون أن يتخذ القضاء الذي تديره الجماعة أي إجراءات ضدهم.

وطبقاً لشهادات طبية متعددة حصلت عليها «الشرق الأوسط»؛ فإن الأدوية التي يعاني المرضى في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من نقصها تتمثل في أدوية أمراض القلب وضغط الدم والسكر والصرع والغدة الدرقية وأمراض الكبد والكلى، وأدوية الأطفال، وفيتامين (د).

وحذرت مصادر طبية من أن الكثير من الأدوية المتوافرة ستشهد أسعارها ارتفاعاً جديداً يصل إلى 50 في المائة من أسعارها الحالية، وقد تزيد تلك الزيادة على هذه النسبة لكون الكثير من الصيدليات تبيعها حالياً بأسعار أعلى من أسعارها المتعارف عليها نتيجة غياب الرقابة، أو اضطرار الكثير من تجار الأدوية لزيادة الأسعار بسبب الجبايات المفروضة عليهم.