بكين تهدي الاقتصاد العالمي «48 ساعة» من القلق

إقالة رئيس البورصة بالتزامن مع تحقيق مدريد في قضية غسيل أموال

بكين تهدي الاقتصاد العالمي «48 ساعة» من القلق (أ.ف.ب)
بكين تهدي الاقتصاد العالمي «48 ساعة» من القلق (أ.ف.ب)
TT

بكين تهدي الاقتصاد العالمي «48 ساعة» من القلق

بكين تهدي الاقتصاد العالمي «48 ساعة» من القلق (أ.ف.ب)
بكين تهدي الاقتصاد العالمي «48 ساعة» من القلق (أ.ف.ب)

فيما يبدو أنه استمرار للقلق الذي تسببه الصين للاقتصاد العالمي، تركت بكين العالم في ترقب لمدة 48 ساعة، منذ إعلان بكين عن إقالة رئيس هيئة ضبط البورصة الصيني من منصبه على خلفية قراراته التي تسببت في إرباك السوق خلال الأشهر الماضية.. وهو الأمر الذي يجعل الاقتصاد العالمي في حالة ترقب حذر لحين فتح الأسواق الصينية صباح الاثنين، ومعرفة رد فعل السوق على تبعات هذا القرار.
وأعلنت وكالة الأنباء الصينية أمس السبت أن السلطات الصينية أقالت رئيس هيئة ضبط البورصة، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى الحد من تقلب أسواقها المالية، مما يعيد إلى الأذهان التساؤلات حول سلامة المعاملات المالية في الصين في البنوك وأسواق المال على حد سواء. وقالت الوكالة إنه سيتم تعيين الرئيس الحالي للبنك الزراعي الصيني ليو شييو، وهو أحد أكبر أربعة مصارف صينية، محلا لتشياو غانغ.
وتولى تشياو منصب رئيسة هيئة ضبط أسواق المال في مارس (آذار) 2013، وكان المسؤول عن الإشراف على السوق في منتصف 2015، عندما انخفض مؤشر شنغهاي المجمع بمقدار الثلث، مما أدى إلى تبخر مليارات الدولارات وهز على إثر ذلك مجمل الأسواق المالية العالمية.
وقد أمضى تشياو البالغ من العمر57 عاما الجزء الأكبر من حياته المهنية في النظام المصرفي الصيني، بما في ذلك في البنك المركزي الصين، وبنك الصين أحد أكبر مصارف الصين أيضًا، وتملك الحكومة الصينية هذا المصرف الذي تولى تشياو إدارته عشر سنوات. وبدأ التراجع عندما بدلت الهيئة قواعد استخدام المال الذي يستدينه الوسطاء، فقد أدت هذه المبادرة إلى مضاربة كبيرة يغذيها خصوصًا الدين.
ومنذ انهيار بورصة شنغهاي، تضاعفت الدعوات إلى رحيل تشياو وتكررت في مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي، عندما فرضت اللجنة نظام توقف آلي للمبادلات في البورصة في حال حدوث تقلبات كبيرة في أسواق الأسهم، وكشف تشياو خلال مقابلة تلفزيونية في 2012 أنه كان خلال دراسته يفضل الفنون على الرياضيات وأنه «لم يختر دراسة المالية» في الجامعة.
ويلام تشاو على تنفيذ آلية لوقف تقلبات سوق المال، وفشله في توقع ذلك الانهيار، ومحاولة إيجاد حلول مضادة لنزيف الخسائر المتكرر.
وامضي خلفه ليو شيو أيضًا الجزء الأكبر من حياته المهنية في المصارف، وشغل منصب نائب رئيس البنك المركزي قبل أن يصبح رئيسا للمصرف الزراعي الصيني. وكان رئيس هذا المصرف استقال في ديسمبر (كانون الأول) «لأسباب شخصية»، بينما تحدثت معلومات نشرتها وسائل الإعلام عن استجوابه في إطار تحقيق في قضية فساد.
وتسعى الحكومة الشيوعية إلى زيادة عدد وزراء التكنوقراط في حكومتها، منهم تشو تشوان محافظ البنك المركزي الحالي، وشان غفون لين رئيس هيئة التنظيم المصرفي الحالي.. لكن تبعات إقالة المسؤول الصيني لن تظهر كاملة إلا مع فتح أسواق المال غدا الاثنين، حيث سيظهر وقتها إذا ما كان القرار سيتسبب في انتعاش البورصة نتيجة تصحيح المسار، أم تراجعها خوفا من التدخل الحكومي.
في الوقت ذاته، قالت محكمة في العاصمة الإسبانية مدريد ليلة أول من أمس إن الشرطة الإسبانية اعتقلت موظفا سادسا في فرع بنك الصين الصناعي والتجاري في مدريد، وذلك بعد اعتقال خمسة مديرين في مداهمة جرت يوم الأربعاء الماضي.
وتأتي هذه الاعتقالات في أعقاب تحقيق أجرته الشرطة ووكالة الضرائب الإسبانية واليوروبول في عملية غسيل أموال منسوبة عبر هذا الفرع، شملت أموالا يُشتبه بأن مجموعة إجرامية حولتها عن طريق بنك الصين، وأضافت المحكمة في بيانها أن البنك ما زال يعمل.
وقال مصدر قضائي إن المعتقلين يواجهون اتهامات بغسيل أموال والاحتيال وجرائم ضريبية، ومن بينهم المدير العام لفرع البنك في مدريد. وقالت السفارة الصينية في إسبانيا في بيان على موقعها على الإنترنت إن البنك كان يستخدم أحدث أنظمة مكافحة غسيل الأموال للسيطرة بشكل صارم على رأس المال.
وأضافت السفارة أن بنك الصين الصناعي والتجاري لعب دورا فعالا في دعم الاقتصاد المحلي الإسباني، بما في ذلك المساعدة في تمويل مشروعات استثمار محلية بأكثر من مليار يورو، أي 1.1 مليار دولار. وقالت إن فرع بنك الصين الصناعي والتجاري في مدريد يدفع بشكل فعال منذ تأسيسه التعاون التجاري بين الصين وإسبانيا.
من جانبها، قالت وزارة الخارجية الصينية في بيان لها إن بكين تولي أهمية كبيرة للقضية، وإنها طلبت أن تحمي إسبانيا حقوق ومصالح الشركات والمواطنين الصينيين هناك وتناول القضية وفقًا للقانون.



ترمب يحجم عن فرض الرسوم الجمركية

ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
TT

ترمب يحجم عن فرض الرسوم الجمركية

ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)

يُرجئ دونالد ترمب فرض التعريفات الجمركية خلال يومه الأول ويراهن بشكل كبير على أن إجراءاته التنفيذية يمكن أن تخفض أسعار الطاقة وتروض التضخم. ولكن من غير الواضح ما إذا كانت أوامره ستكون كافية لتحريك الاقتصاد الأميركي كما وعد.

فقد قال ترمب في خطاب تنصيبه إن «أزمة التضخم ناجمة عن الإفراط في الإنفاق الهائل»، كما أشار إلى أن زيادة إنتاج النفط ستؤدي إلى خفض الأسعار.

وتهدف الأوامر التي يصدرها يوم الاثنين، بما في ذلك أمر مرتبط بألاسكا، إلى تخفيف الأعباء التنظيمية على إنتاج النفط والغاز الطبيعي. كما أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية في مجال الطاقة على أمل إطلاق المزيد من إنتاج الكهرباء في إطار المنافسة مع الصين لبناء تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على مراكز البيانات التي تستخدم كميات هائلة من الطاقة.

ويعتزم ترمب التوقيع على مذكرة رئاسية تسعى إلى اتباع نهج حكومي واسع النطاق لخفض التضخم.

كل هذه التفاصيل وفقاً لمسؤول قادم من البيت الأبيض أصر على عدم الكشف عن هويته أثناء توضيحه لخطط ترمب خلال مكالمة مع الصحافيين، وفق ما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس».

وقال المسؤول إن الإدارة الجديدة، في أول يوم له في منصبه، ستنهي ما يسميه ترمب بشكل غير صحيح «تفويضاً» للسيارات الكهربائية. على الرغم من عدم وجود تفويض من الرئيس الديمقراطي المنتهية ولايته لفرض شراء السيارات الكهربائية، فإن سياساته سعت إلى تشجيع الأميركيين على شراء السيارات الكهربائية وشركات السيارات على التحول من السيارات التي تعمل بالوقود إلى السيارات الكهربائية.

هدّد ترمب، خلال حملته الانتخابية وبعد فوزه في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، بفرض رسوم جمركية على الصين والمكسيك وكندا ودول أخرى. ولكن يبدو أنه يتراجع حتى الآن عن فرض ضرائب أعلى على الواردات. وأشار المسؤول إلى تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» يقول إن ترمب سيوقع فقط على مذكرة تطلب من الوكالات الفيدرالية دراسة القضايا التجارية.

ومع ذلك، تعهد ترمب في خطاب تنصيبه بأن التعريفات الجمركية قادمة، وقال إن الدول الأجنبية ستدفع العقوبات التجارية، على الرغم من أن هذه الضرائب يدفعها المستوردون المحليون حالياً وغالباً ما يتم تمريرها إلى المستهلكين.

لقد كان قرار التوقف ودراسة التعريفات الجمركية إشارة إلى الحكومة الكندية بأنه يجب أن تكون مستعدة لجميع الاحتمالات تقريباً بشأن اتجاه التجارة مع الولايات المتحدة.

«ربما يكون قد اتخذ قراراً بتعليق التهديد بالتعريفات الجمركية نوعاً ما على قائمة كاملة من الدول. سننتظر ونرى»، وفق ما قال وزير المالية الكندي دومينيك لوبلانك. أضاف: «لقد كان السيد ترمب في ولايته السابقة غير قابل للتنبؤ، لذا فإن مهمتنا هي التأكد من أننا مستعدون لأي سيناريو».

وبشكل عام، يواجه الرئيس الجمهوري مجموعة من التحديات في تحقيق طموحاته في خفض الأسعار. فقد نجح بايدن في خفض معدل التضخم على مدار عامين، إلا أنه سيغادر منصبه مع استمرار نمو الأسعار الذي فاق نمو الأجور على مدار السنوات الأربع الماضية.

ومن بين الدوافع الكبيرة للتضخم استمرار نقص المساكن، كما أن إنتاج النفط الأميركي وصل بالفعل إلى مستويات قياسية، حيث يواجه المنتجون حالة من عدم اليقين بشأن الطلب العالمي هذا العام.

مجلس الاحتياطي الفيدرالي هو من الناحية الفنية الهيئة الحكومية المكلفة الحفاظ على التضخم عند هدف سنوي يبلغ 2 في المائة تقريباً. وتتمثل أدواته المعتادة في تحديد أسعار الفائدة قصيرة الأجل لإقراض البنوك لبعضها البعض، بالإضافة إلى مشتريات السندات والاتصالات العامة.

وقال ترمب إن إنتاج الموارد الطبيعية هو المفتاح لخفض التكاليف بالنسبة للمستهلكين الأميركيين، سواء في المضخة أو في فواتير الخدمات العامة.

تتخلل أسعار الطاقة كل جزء من الاقتصاد، لذا فإن زيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط والغاز الطبيعي وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى أمر بالغ الأهمية للأمن القومي. وقد اشتكى ترمب، الذي تعهد باستعادة «هيمنة الولايات المتحدة في مجال الطاقة»، من أن إدارة بايدن حدّت من إنتاج النفط والغاز في ألاسكا.

ومع ذلك، ووفقاً للأوزان الترجيحية لمؤشر أسعار المستهلك، فإن الإنفاق على الطاقة يمثل في المتوسط 6 في المائة فقط من النفقات، أي أقل بكثير من الغذاء (13 في المائة) أو المأوى (37 في المائة).

عاد التضخم، الذي كان خامداً لعقود، إلى الظهور من جديد في أوائل عام 2021 مع تعافي الاقتصاد بقوة غير متوقعة من عمليات الإغلاق بسبب كوفيد-19. طغت الطفرة في طلبات العملاء على سلاسل التوريد في أميركا، ما تسبب في حدوث تأخيرات ونقص وارتفاع الأسعار. وكافحت مصانع رقائق الحاسوب والأثاث وغيرها من المنتجات في جميع أنحاء العالم للانتعاش.

وقد سارع المشرعون الجمهوريون إلى إلقاء اللوم على إدارة بايدن في إغاثة إدارة بايدن من الجائحة البالغة 1.9 تريليون دولار، على الرغم من أن التضخم كان ظاهرة عالمية تشير إلى عوامل تتجاوز السياسة الأميركية. وازداد التضخم سوءاً بعد غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية.

ورداً على ذلك، رفع «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة القياسي 11 مرة في عامي 2022 و2023. انخفض التضخم من أعلى مستوى له منذ أربعة عقود عند 9.1 في المائة في منتصف عام 2022. لكن التضخم ارتفع منذ سبتمبر (أيلول) إلى معدل سنوي بلغ 2.9 في المائة في ديسمبر (كانون الأول).

من المحتمل أن تحتاج العديد من الخطوات التي يتخذها ترمب إلى موافقة الكونغرس. تنتهي أجزاء من تخفيضاته الضريبية لعام 2017 بعد هذا العام، ويعتزم ترمب تمديدها وتوسيعها بتكلفة قد تتجاوز 4 تريليونات دولار على مدى 10 سنوات. ويرى ترمب أن التخلص من الدعم المالي للطاقة المتجددة في عهد بايدن هو وسيلة محتملة لتمويل تخفيضاته الضريبية.