«باب العمود» التاريخي بالقدس.. مدخل التوتر المتصاعد ومزاج التفتيش بالسلاح

«باب العمود» التاريخي بالقدس.. مدخل التوتر المتصاعد ومزاج التفتيش بالسلاح
TT

«باب العمود» التاريخي بالقدس.. مدخل التوتر المتصاعد ومزاج التفتيش بالسلاح

«باب العمود» التاريخي بالقدس.. مدخل التوتر المتصاعد ومزاج التفتيش بالسلاح

من شقّ في سور القدس التاريخي، في مركز يطل على باب العمود، يصوب قناص إسرائيلي بندقيته في اتجاه الحاجز عند الممر المؤدي إلى البلدة القديمة حيث يقوم ثلاثة من حرس الحدود الإسرائيليين بتفتيش شاب فلسطيني.
بات باب العمود، المدخل الرئيس لمدينة القدس القديمة، نقطة تختزل التوتر المتصاعد في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وفي إطار التدابير الأمنية المشددة التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلية منذ أشهر، تمركزت قوات إضافية من الشرطة وحرس الحدود والوحدات الخاصة في المكان، ونُصبت كاميرات من جميع الجهات، وانتشر القناصة على المباني المحيطة بالباب، أحد الأبواب التاريخية السبعة في السور المحيط بالبلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة.
على مقربة من البوابة التاريخية المصنوعة من الخشب المصفح بالنحاس، كما باقي أبواب القدس التي صممت في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني الذي أعاد بناء وتجديد سور المدينة، يقوم الجنود الإسرائيليون بتفتيش الشبان والشابات بدقة.
في هذه المنطقة قتل 12 فلسطينيًا بعد وأثناء تنفيذهم هجمات طعن خلال الخمسة أشهر الماضية، في حين قتل خمسة إسرائيليين، كان آخرهم الأربعاء عندما طعن فلسطيني شرطيين وأصابهما بجروح طفيفة، قبل أن يقتل، بهدف الحيلولة دون أي تسلل، فيما قامت الشرطة الإسرائيلية بقطع جميع أغصان الأشجار في الحدائق العامة المحيطة بالباب، وباقتلاع بعض الأشجار.
في المنطقة المحتلة، يأمر عناصر حرس الحدود الإسرائيلي شابًا يرتدي سترة حمراء بالتوقف للخضوع للتفتيش، فيمتثل ويضع كيسًا يحمله جانبًا، ثم يأمرونه برفع يديه وإدارة وجهه نحو الحائط وإبعاد ساقيه عن بعضهما على شكل رقم ثمانية، ويصوّب جندي بندقيته إلى رأس الشاب، بينما يقوم آخر بتفتيشه، ويراقب ثالث المحيط، وفي مركز المراقبة عند أعلى السور، يوجه قناص أيضًا بندقية «إم 16» في اتجاه الشاب، في حين يقوم الجندي بتفتيش كل جسد الشاب، بدءا من العنق، والظهر وتحت الإبط، ويمرر الجندي يديه على الساقين، يدخلهما تحت سرواله من جهة الخصر، ثم يفتش حزامه وصولاً إلى قدميه.
بعد ذلك، يفتح الكيس ويخرج جميع محتوياته وينفضه في الهواء، يدقق في رقم هوية الشاب عبر اتصال لاسلكي، ثم يعيد له هويته ويطلب منه جمع أغراضه قبل أن يسمح له بالمرور.
كان وجه الشاب متجهمًا، حينما تحدث - مفضلاً عدم ذكر اسمه - قائلاً: «أشعر بالغضب والمذلة، أنا أسكن بالبلدة القديمة وأتعرض لهذا الموقف يوميًا».
وقال شاب آخر يدعى باسم زيدان (29 عامًا): «لا نعرف عدد المرات التي يوقفوننا فيها للتفتيش، من الممكن أن يفتشونا عشر مرات بين متر ومتر، وأحيانًا يكون التفتيش بنية الاستفزاز، وليس بنية الأمن، وحسب مزاج الجنود».
وأضاف: «كنت أحيانًا أرفض التفتيش في مكان عام، وأطلب منهم تفتيشي في مركز شرطة، فيأخذونني للتفتيش جانبًا، لكن هذه الأيام صرت أخضع حتى لا يقتلوني بدم بارد، لأن التهمة جاهزة للإعدام».
يشكك الفلسطينيون غالبا برواية الإسرائيليين حول عمليات الطعن، ويؤكدون أن عددًا كبيرًا من الفلسطينيين الذين قتلوا في موجة العنف الأخيرة المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول)، أبرياء مما نسب إليهم.
وأقر الكنيست الإسرائيلي في بداية الشهر قانون التفتيش الجسدي، أو ما يسمى «قانون التحسس» الذي يسمح للشرطة الإسرائيلية إذا رأت أن هناك «مشتبها به بدرجة معقولة»، بتفتيشه، ويشترط القانون «موافقة» الشخص، لكن الشرطة في باب العمود لا تطلب موافقة الشبان.
ويعبر الباب يوميًا آلاف الأشخاص، بينهم تلامذة مدارس ونساء يطلب منهم أيضًا فتح حقائبهم وأكياسهم للتفتيش تحت فوهات البنادق.
ورد في كتاب «كنوز القدس» لصاحبه رائف نجم، أن باب العمود بُني ليكون قلعة أمنية. فهو شاهق الارتفاع تعلوه أقواس نصف مستديرة وفتحات مراقبة فوقها أبراج مزركشة، وعرض مدخل الباب قرابة أربعة أمتار ونصف المتر، ونقشت عليه الشهادة «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، ويوصل باب العمود مباشرة إلى سوق القدس الرئيسية وباب خان الزيت وكنيسة القيامة وطريق الواد المؤدي إلى المسجد الأقصى وحائط البراق (حائط المبكى)، ويتصل بالباب جسر يلتقي مع ساحة ومدرج على شكل المدرجات الرومانية لها مسالك عدة للخروج من المدينة.
وأغلقت شرطة الاحتلال عددًا من المسالك بالمتاريس، وتركت مسلكين صغيرين، ومنعت الرجال والنساء والأطفال من الجلوس على المدرج، وتبدو البلدة القديمة شبه خالية من المتسوقين ومن الزوار الذين كانت تعج بهم يوميًا.
احتلت إسرائيل القدس الشرقية وضمتها عام 1967 ثم أعلنتها عاصمتها الأبدية الموحدة في 1980. وتشهد الأراضي الفلسطينية والقدس وإسرائيل موجة عنف أسفرت منذ الأول من أكتوبر عن مقتل 174 فلسطينيًا بينهم عربي إسرائيلي واحد، في مواجهات بين فلسطينيين وإسرائيليين وإطلاق نار وعمليات أو محاولات طعن قتل فيها أيضًا 27 إسرائيليًا وأميركي وإريتري وسوداني.



دعم أسترالي لضربات «الشبح» الأميركية ضد الحوثيين

واشنطن استخدمت لأول مرة قاذفة شبحية لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ف.ب)
واشنطن استخدمت لأول مرة قاذفة شبحية لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ف.ب)
TT

دعم أسترالي لضربات «الشبح» الأميركية ضد الحوثيين

واشنطن استخدمت لأول مرة قاذفة شبحية لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ف.ب)
واشنطن استخدمت لأول مرة قاذفة شبحية لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ف.ب)

أفاد مسؤولون أستراليون، الجمعة، بتقديم بلادهم الدعم للطائرات الأميركية الشبحية التي ضربت، الخميس، مواقع حوثية محصنة في اليمن، وفق ما نقلته «رويترز».

وكانت واشنطن قد تبنت قصف 5 مواقع حوثية محصنة تحت الأرض في صنعاء وضواحيها الجنوبية وفي صعدة (شمال)، حيث المعقل الرئيسي للجماعة المدعومة من إيران، وهي المرة الأولى التي تستخدم فيها الولايات المتحدة طائرات شبحية من طراز «بي 2» لضرب الجماعة.

طائرة شبحية أميركية من طراز «بي 2» (أ.ف.ب)

وقال مسؤول دفاعي أسترالي، في بيان، إن بلاده قدمت الدعم للغارات الجوية الأميركية. وجاء في البيان: «أستراليا قدمت دعماً لضربات أميركية نُفذت في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2024 واستهدفت منشآت للحوثيين في اليمن، بتوفير إمكان دخول وعبور الطائرات الأميركية شمال أستراليا».

وأضاف البيان: «هذا الدعم يتوافق مع التزامنا الراسخ بالتحالف والتعاون الوثيق، مما يدل على مدى التعاون بين جيشينا». ولم تعمل قاذفات «بي – 2» المستخدمة في الضربات على اليمن من أستراليا، لكن هيئة الإذاعة الأسترالية ذكرت أنه تم تزويد الطائرات بالوقود جواً.

وجاء في تقرير لـ«رويترز» في يوليو (تموز) أن قواعد سلاح الجو الملكي الأسترالي في تيندال وداروين في شمال أستراليا تخضع لتطوير خدمة قاذفات قنابل أميركية وتزويد الطائرات بالوقود بتمويل دفاعي أميركي في وقت برز فيه موقع أستراليا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ بوصفها موقعاً استراتيجياً حيوياً في ظل تصاعد التوتر مع الصين.

وللولايات المتحدة، بحسب «رويترز»، مخازن كبيرة لوقود الطائرات في تيندال وداروين.

ضربات دقيقة

كان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن قد أوضح، الخميس، في بيان، أن قوات بلاده بما فيها قاذفات «بي 2» شنّت «ضربات دقيقة» ضد 5 مواقع تخزين أسلحة تحت الأرض في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن.

وأوضح البيان أن الضربات استهدفت الكثير من منشآت الحوثيين تحت الأرض التي تضم مكونات أسلحة مختلفة من الأنواع التي استخدمتها الجماعة لاستهداف السفن المدنية والعسكرية في جميع أنحاء المنطقة.

وأضاف أوستن: «كان هذا دليلاً فريداً على قدرة الولايات المتحدة على استهداف المنشآت التي يسعى خصومنا إلى إبعادها عن متناول اليد، بغض النظر عن مدى عمق دفنها تحت الأرض أو تحصينها».

مقاتلة «إف 18» تنطلق من حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر لصد هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)

وأقرّت الجماعة الحوثية بهذه الضربات التي استهدفت صنعاء وصعدة، وتوعدت في بيان لمكتبها السياسي أنها «لن تمر دون رد» وأنها لن تثنيها عن الاستمرار في هجماتها المساندة للفلسطينيين في غزة و«حزب الله» في لبنان.

يشار إلى أن الحوثيين أقروا بتلقيهم أكثر من 700 غارة غربية ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، سعياً من واشنطن التي تقود تحالف «حارس الازدهار» لتحجيم قدرات الجماعة على مهاجمة السفن.

وتبنت الجماعة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 مهاجمة نحو 193 سفينة في البحر الأحمر وخليج عدن، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وقرصنة سفينة ثالثة، ومقتل ثلاثة بحارة وإصابة 4 آخرين.

ويزعم الحوثيون أنهم يشنون هجماتهم نصرة للفلسطينيين في غزة، وأخيراً لمناصرة «حزب الله» اللبناني، في حين تتهم الحكومة اليمنية الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة والهروب من استحقاقات السلام المتعثر حتى الآن جراء تصعيد الجماعة البحري والإقليمي.