وقف المساعدات يهدد شحنة طائرات «سوبر توكانو» الأميركية

مشروع التسليح كان سيمتد على 10 سنوات ومهمته دعم لبنان في حربه على الإرهاب

وقف المساعدات يهدد شحنة طائرات «سوبر توكانو» الأميركية
TT

وقف المساعدات يهدد شحنة طائرات «سوبر توكانو» الأميركية

وقف المساعدات يهدد شحنة طائرات «سوبر توكانو» الأميركية

يهدد قرار المملكة العربية السعودية بوقف مساعداتها العسكرية للجيش والقوى الأمنية في لبنان ردا على المواقف السلبية المستمرة تجاهها، بتطيير شحنة الطائرات الحربية من نوع «سوبر توكانو» Super Tucano أو A29 والتي بدأت الولايات المتحدة بتصنيعها على أن يتم دفع تكاليفها من الهبة المليار دولار التي أعلنت الرياض عن تقديمها للبنان بعيد أحداث عرسال في أغسطس (آب) 2014 حين حاول تنظيما «داعش» و«جبهة النصرة» احتلال البلدة الواقعة على الحدود الشرقية.
وبدأت واشنطن بتصنيع 6 طائرات حربية من نوع «سوبر توكانو» العام الماضي على أن يتم تسليمها للجيش اللبناني على 3 دفعات فتصل الدفعة الأولى مطلع العام 2018. ما يعني أن لبنان كان على موعد مع تحول استراتيجي بقدرات جيشه العسكرية، باعتبار أنه لا يمتلك منذ أكثر من 25 سنة أي طائرة حربية ويقتصر أسطوله الجوي على الطائرات المروحية.
ويأتي القرار السعودي الأخير بعد ساعات من إعلان قائد الجيش جان قهوجي أن «طائرات (سوبر توكانو) التي وُعدنا بها سنحصل عليها من الأميركيين على أن يتم دفع ثمنها من هبة المليار دولار».
وكان الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان أعلن نهاية عام 2013 قبل أشهر من انتهاء ولايته في مايو (أيار) الماضي، عن تقديم هبة سعودية إلى لبنان هي الأكبر في تاريخه بلغ حجمها 3 مليارات دولار، على أن يتم فيها شراء الأسلحة من فرنسا نظرا لعمق العلاقة التي تربطها بلبنان.
وتزامنا مع معارك عرسال التي خاضها الجيش اللبناني مع المجموعات المتطرفة في شهر أغسطس (آب) الماضي وسقط خلالها عدد من القتلى والجرحى والمعتقلين في صفوفه، أعلن رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري أن الرياض ستقدم مليار دولار لدعم الجيش والقوى الأمنية في مبادرة منفصلة عن الصفقة الفرنسية.
وتسلم لبنان في أبريل (نيسان) 2015 الدفعة الأولى من المساعدات العسكرية الفرنسية إلى الجيش ضمن الهبة السعودية البالغة ثلاثة مليارات دولار، والتي تشمل العشرات من العربات المدرعة القتالية، وست طائرات مروحية للنقل المسلح، ومدفعية حربية حديثة على غرار مدافع «سيزار»، إضافة إلى نحو 250 آلية عسكرية، وسبع مروحيات من نوع «كوغار»، وثلاثة زوارق سريعة، وكثيرا من معدات الاستطلاع والاعتراض والاتصال.
وبحسب وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان فإن مشروع تسليح الجيش والذي كانت تموله السعودية كان سيستمر لمدة 10 سنوات، لافتا إلى أنّه بـ«حجم لم يسبق له مثيل». وأوضح لودريان أنّ المساعدات العسكرية ستتضمن عشرات من العربات المدرعة القتالية وللمناورات، و6 طائرات مروحية للنقل المسلح، وكذلك مدفعية حربية حديثة مثل مدافع «سيزار» مما سيسمح بتحديث لم يسبق له مثيل للإمكانات البرية اللبنانية، وبتحسين للقدرات لمراقبة الحدود وأمنها، مشيرا كذلك إلى أنّه يتضمن شقا متعلقا بمكافحة الإرهاب وتعزيز الاستخبارات يستجيب لحاجات هندسة أمنية متكاملة ترقى إلى مستوى التحديات التي يواجهها لبنان اليوم.
وأحد الأهداف الرئيسية للمشروع الذي توقف تنفيذه، تدريب مئات من الضباط وضباط الصف والجنود اللبنانيين على تقنيات عملية مطلوبة لاستخدام هذه الأسلحة والمعدات.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم