أميركا والاتحاد الأوروبي يحذران بكين بسبب نزاعات بحر الصين الجنوبي

في انتظار حكم محكمة دولية حول خلافها مع الفلبين

أميركا والاتحاد الأوروبي يحذران بكين بسبب نزاعات بحر الصين الجنوبي
TT

أميركا والاتحاد الأوروبي يحذران بكين بسبب نزاعات بحر الصين الجنوبي

أميركا والاتحاد الأوروبي يحذران بكين بسبب نزاعات بحر الصين الجنوبي

حذرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أول من أمس الصين بضرورة احترام حكم محكمة دولية، من المتوقع صدوره في وقت لاحق هذا العام بشأن نزاعها مع الفلبين على أراض في بحر الصين الجنوبي.
وتطالب الصين بالسيادة على كل بحر الصين الجنوبي تقريبًا، وترفض سلطة المحكمة الدائمة للتحكيم في لاهاي التي تنظر القضية، على الرغم من أن بكين صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التي تقوم على أساسها القضية.
وقالت إيمي سيرايت، نائبة مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون جنوب وجنوب شرقي آسيا، إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلفاء آخرين، مثل أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية، يجب أن يكونوا مستعدين للقول بوضوح بأن حكم المحكمة يتعين أن يكون ملزمًا، وأن الصين ستتحمل عواقب بسبب عدم التقيد به إذا خسرت القضية.
وأوضحت سيرايت خلال حلقة نقاشية، عقدت بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن إنه «علينا أن نكون مستعدين لأن يكون لنا صوت مدوٍّ ومسموع للغاية، وفي تناغم معًا، لنقف خلف الفلبين، وباقي البلدان الأعضاء في رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)، التي لها مطالب في بحر الصين الجنوبي لنقول إن هذا هو القانون الدولي، وإنه ملزم لكل الأطراف»، مضيفة أن الرسالة إلى الصين هي أنه «إذا لم تحترموا الحكم المنتظر فإننا سنحاسبكم».
إلا أن محكمة التحكيم في لاهاي لا تملك سلطات إنفاذ، وقد جرى تجاهل أحكامها في السابق.
وبالإضافة إلى الفلبين، فإن بضع دول أخرى أعضاء في «آسيان» لها نزاعات مع بكين في بحر الصين الجنوبي.
من جهته، قال الأدميرال ألكسندر لوبيز رئيس القيادة الغربية إنه «لا يوجد سبب لنشر المنظومة إذا لم يكن سوف يتم استخدامها. هذا من ناحية. لكن من ناحية أخرى، فإن ذلك سوف يؤثر في الواقع على أمن المنطقة»، مشيرا إلى مخاوف من أن الصين قد تستخدم الصواريخ لإسقاط الطائرات، التي لا تستجيب لتحذيراتها من التحليق فوق الأراضي التي تزعم أحقيتها فيها.
ويشار إلى أن القيادة الغربية تغطي منطقة بالاوان والأراضي التي تزعم الفلبين أحقيتها فيها في بحر الصين الجنوبي.
وأمس، قالت وزارة الدفاع التايوانية ومسؤولون أميركيون إنه تم إرسال بطاريات الصواريخ إلى جزيرة وودي، التي تخضع لسيطرة الصين، ولكن تزعم أيضًا كل من تايوان وفيتنام أحقيتهما فيها. لكن الصين نفت أنها قامت بنشر صواريخ.
وكانت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية أوردت هذا الأسبوع أن الصين نشرت بطاريتي صواريخ مزودة بثمانية قاذفات، ونظام رادار على جزيرة وودي (وتطلق عليها الصين اسم يونغشينغ) التابعة لأرخبيل باراسيلز. وصرح مسؤول أميركي لوكالة الصحافة الفرنسية: «هذه الصور واضحة برأينا، والصين نشرت صواريخ سام (أرض - جو) على جزيرة وودي»، مضيفًا أن الصواريخ يبدو أنها من طراز «إتش كيو - 9»، التي يصل مداها إلى 200 كلم تقريبًا.
وتسيطر الصين على كامل أرخبيل باراسيلز، الذي تؤكد كل من فيتنام وتايوان كذلك أحقيتهما فيه، منذ منتصف السبعينات ونهاية حرب فيتنام. إلا أن التوترات في تلك المياه التي يمر منها ثلث نفط العالم، تصاعدت في الأشهر الأخيرة بعد أن حولت الصين الحيد المرجاني في جزر سبارتليز إلى جزر اصطناعية، يمكن إقامة منشآت عسكرية عليها. إلا أن واشنطن تؤكد أن هذه الخطوة تهدد حرية المرور في بحر الصين الجنوبي الاستراتيجي، ولذلك أرسلت سفنا حربيا للإبحار بالقرب من الجزر المتنازع عليها للتأكيد على حرية الملاحة فيها، مما أثار مخاوف من حدوث تصعيد.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.