أزمة الدولار تدخل على خط السياسة في مصر

برلمانيون يدعون الجاليات لاستثمار أموالهم في القاهرة.. والأحزاب ترفض «المُسكنات»

أزمة الدولار تدخل على خط السياسة في مصر
TT

أزمة الدولار تدخل على خط السياسة في مصر

أزمة الدولار تدخل على خط السياسة في مصر

دخلت أزمة ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه على خط السياسة في مصر، وبينما دعا نواب في البرلمان الجاليات المصرية في الخارج لاستثمار أموالهم في البنوك المصرية، طالبت أحزاب مصرية بخطط عاجلة لحل الأزمة الاقتصادية وعودة الجنيه لقيمته، وقالت قيادات حزبية لـ«الشرق الأوسط»: «ندرس لاجتماع عام خلال الفترة المقبلة بين الأحزاب لتقديم رؤيتها للعلاج».
وتصاعدت أزمة نقص الدولار وارتفع السعر في السوق غير الرسمية «السوداء» ليتخطى السعر الرسمي بفارق 120 قرشا، حيث بلغ بالسوق الموازية (غير الرسمية) لـ903 قرشا للدولار مقابل 783 قرشا في التعاملات الرسمية، وذلك وسط محاولات يجريها البنك المركزي للسيطرة على الأزمة، في حين رجح محللون أن «يؤدي هذا الأمر لارتفاع الأسعار على الكثير من السلع المستوردة».
وتعاني مصر من وجود سعرين لصرف العملات، فبجانب السعر الرسمي بالبنوك، يوجد سعر آخر بالسوق غير الرسمية، كما تظهر الأزمة دائما في أوقات نقص العملة.
وسبق أن اتهمت السلطات المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عندما تكررت نفس الأزمة، رجل الأعمال الإخواني حسن مالك بـ«السعي لتنفيذ مخطط يستهدف الإضرار بالاقتصاد القومي للبلاد، من خلال تجميع العملات الأجنبية وتهريبها للخارج.. وتم القبض عليه حينها وتقديمه لجهات التحقيق».
وقام البنك المركزي في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، برفع الحد الأقصى للإيداع النقدي الدولاري من 50 ألف دولار إلى 250 ألف دولار شهريا، ودون حد أقصى للإيداع اليومي، وزيادة الحد الأقصى للإيداع النقدي للشركات العاملة في مجال التصدير إلى مليون دولار.
فيما قرر عدد من البنوك المحلية وضع حد جديد للسحب النقدي عن التعامل بكروت الدفع خارج مصر، وذلك بعدما رصدت استخدام بعض الأفراد لتلك الكروت في عمليات الاتجار في السلع عند التعامل بها خارج البلاد، كما خفضت منح «الكاش» لعملائها عند السفر للخارج من 3 آلاف دولار إلى ألفين فقط.
ووجه نائب البرلمان عن حزب «المصريين الأحرار» أحمد سعد، الدعوة للجاليات المصرية في الخارج بادخار أموالهم في البنوك المصرية داخل البلاد بدلا من الخارج، لافتا إلى أنه على الدولة أن تحد من الاستيراد وتحسن من جودة التصنيع، بهدف تصدير المنتج المصري إلى الخارج، لتخفيض العبء على العملة المصرية، وخفض قيمة الدولار.
ويطالب نواب البرلمان الحكومة المصرية بضرورة تحريك سعر الجنيه في مقابل الدولار، حتى لا يتجه المواطنون إلى السوق السوداء، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار وتعديل منظومة الاستيراد والتصدير بالإضافة إلى تغيير السياسة النقدية التي تتبعها مصر.
وأضاف سعد لـ«الشرق الأوسط» أنه «على الحكومة الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتناهية، التي تهدف إلى تحسين جودة الإنتاج ليكون قابلا للتصدير، والعمل على خلق فرص عمل جديدة للشباب لمواجهة البطالة وتوفير عمله صعبة للدولة»، مطالبا بالبحث عن منتجات مصرية بديلة للمستوردة.
ويقول محللون إن «ارتفاع الدولار في السوق الموازية بمثابة أزمة على كل المستويات، حيث تعتمد مصر على الاستيراد أكثر من الإنتاج المحلي، لا سيما ما يخص المواد البترولية»، مرجحين أن «تتأثر بعض السلع بذاتها وأخرى من ارتفاع الجمارك، إضافة لزيادة أسعار بعض السلع بالتبعية منها الطاقة والمواد الخام»، مشددين على أن تذبذب سعر الدولار قد يؤثر على توافرها بالأسواق، وذلك من ارتفاع السعر، وبالتالي سحبه من السوق من جانب بعض المستثمرين للمضاربة والاستثمار بالعملة إضافة إلى مشكلات أخرى للمستوردين.
من جهته، طالب الدكتور محمود عطية، رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب الوفد، باستبدال القوانين الاقتصادية القديمة بقوانين عصرية والقضاء على شراء السلع الاستفزازية، مشيرا إلى أن مصر تحتاج إلى اقتصاد تنموي، والتحدي الأكبر للحكومة في الوقت الحالي هو الاقتصاد وكيفية التغلب على الأزمة الاقتصادية، معربا عن تخوفه من أن يزيد سعر الدولار على هو عليه الآن.
وتولى طارق عامر، مهام عمله كمحافظ للبنك المركزي المصري في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، خلفا لهشام رامز الذي شهدت فترة ولايته أزمة حادة في توفير الدولار فشل في تجاوزها.
وفور تولي عامر عمل على توفير الدولار للشركات والمستوردين، وضخ بالسوق نحو مليار دولار، غير أنه أعطى الأولوية في توفير الدولار للمصانع لاستيراد احتياجاتها، كما قام عدد من البنوك المحلية بطرح شهادات ادخار محلية بأعلى سعر عائد في السوق وصل إلى نسبة 12.5 في المائة، ونجحت في جمع نحو 100 مليار جنيه.
في السياق نفسه، أوضحت القيادات الحزبية أن «اجتماع الأحزاب للاتفاق على رؤية واحدة لتقدمها للحكومة متضمنة حلولا غير تقليدية أو مسكنات». وأضافت القيادات نفسها أن «هذه الحلول ستكون مدروسة بشكل كبير وسيتم تبنيها داخل مجلس النواب، حتى لا نجد أنفسنا أمام مشكلة (تعويم الجنيه) وحتى لا تتجدد الأزمة كل فترة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.