السعودية: ارتفاع أسعار التأمين يهدد استثمارات قطاع النقل البالغة 26 مليار دولار

النفيعي: الشركات تتحصل على أكثر من مليار دولار من 2.3 مليون سيارة بالباطل

جانب من اللقاء الذي نظمته لجنة النقل بغرفة الرياض أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من اللقاء الذي نظمته لجنة النقل بغرفة الرياض أمس («الشرق الأوسط»)
TT

السعودية: ارتفاع أسعار التأمين يهدد استثمارات قطاع النقل البالغة 26 مليار دولار

جانب من اللقاء الذي نظمته لجنة النقل بغرفة الرياض أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من اللقاء الذي نظمته لجنة النقل بغرفة الرياض أمس («الشرق الأوسط»)

أظهر قطاع النقل السعودي البالغ قوامه 2.3 مليون سيارة، قلقا بشأن ارتفاع أسعار التأمين، التي تهدد استثمارات القطاع البالغة 26.6 مليار دولار، في ظل تقديرات تشير إلى أن شركات التأمين تتحصل على أكثر من مليار دولار من 2.3 مليون سيارة بالباطل.
من جهته، قال سعود النفيعي رئيس لجنة النقل البري بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض ورئيس اللجنة الوطنية السعودية بمجلس الغرف: «ارتفاع أسعار التأمين على السيارات، لا مبرر له، وبعيد عن المعايير العالمية؛ إذ أصبح التأمين في السعودية هو الأعلى عن نظيره في الدول المجاورة»، داعيا المكتب الاستشاري المتعاقد مع مؤسسة النقد العربي السعودي، لإعادة النظر في سوق التأمين ونظامه.
وشدد النفيعي في تصريحات صحافية على هامش اللقاء الذي نظمته غرفة الرياض بهذا الخصوص، على ضرورة خلق توازن في السوق بين أسعار التأمين وسوق قطاع تأجير السيارات والنقل، مبينا أن اللائحة المقرّة مجحفة في حق المستفيدين من التأمين، منوها بأهمية إعادة النظر ومراجعة هذه اللائحة كل عام، مؤكدا على ضرورة تفعيل التأمين التعاوني.
ونوه النفيعي بعدة مقترحات؛ منها اقتراح بإطلاق هيئة لقطاع تأجير السيارات كمظلة لحماية الحقوق، واقتراح آخر بإطلاق شركة تأمين خاصة بقطاع التأجير ذات كيان مستقل وفق الخبير الاكتواري، تبدأ بمائة مليون ريال (26.6 مليون دولار)، وتقدم وثائق تأمينية متخصصة، مشيرا إلى طرح عرض عبر وسيط لإطلاق 6 آلاف سيارة في مرحلة أولى.
وقال النفيعي: «هناك أكثر من 95 في المائة من شركات التأمين رافضة للتأمين على شركات النقل الموجودة، حيث أمّنت فقط 3 شركات من أصل 350 شركة»، مشيرا إلى أن قوام قطاع النقل 2.3 مليون سيارة، بقيمة تقدر بـ105 مليارات ريال (26.6 مليار دولار) كرأسمال للقطاع، لافتا إلى أن شركات التأمين تتحصل على 92 مليون ريال (24.5 مليون دولار) شهريا دون وجه حق، بما يتجاوز مجمله 4 مليارات ريال (مليار دولار).
وفي موضوع ذي صلة من ناحية تأمينية، قال الدكتور مراد زريقات المتخصص في التأمين لـ«الشرق الأوسط»: «نسبة نمو تأمين السيارات في السعودية بلغت 27 في المائة في عام 2015 في ظل توقعات بارتفاع نموها بنسبة بـ5 في المائة».
وأضاف زريقات: «شركات التأمين بدأت في الآونة الأخيرة تنتبه إلى تصنيف الحوادث ونسبة الخسائر، تبعا لنوع المركبة، حيث تبين لشركات التأمين أن هناك بعض أنواع السيارات تعد خسائرها أكبر من غيرها من الأنواع الأخرى، مما اضطرهم إلى رفع أسعار التأمين على أنواع مركبات دون أخرى».
وأضاف زريقات: «وثيقة تأمين المركبات تنقسم في العادة إلى قسمين رئيسيين، القسم الأول تأمين ضد الفريق الثالث، أي الأخطار التي يسببها مالك المركبة ضد الغير سواء الأشخاص أو الممتلكات، والقسم الثاني التأمين على الأضرار التي تحصل للمركبة نتيجة لعدة أسباب أخرى منها حوادث الاصطدام أو الانقلاب أو التعرض للحريق أو السرقة».
وتابع زريقات: «هناك عدد من التغطيات الفرعية، التي يمكن أن تضاف إلى تأمين المركبات مثل الحوادث الشخصية للسائق، أو الحوادث الشخصية للركاب، أو بسبب الأضرار التي تحصل للمركبة نتيجة للأخطار الطبيعية، حيث إن هناك غطاء فرعيا آخر يتمثل في التوسعة الجغرافية للتأمين خارج بلد صاحب المركبة».
وعليه، وفق زريقات، فإن هناك ملاحظة رئيسية وهي أن التأمين لا يغطي الأضرار الميكانيكية أو الكهربائية التي تنتج عن عيب مصنعي، أما كفاءة المركبة، فهي تعود لمالك المركبة في اختياره لنوع السيارة بأن تكون ذات كفاءة عالية أو كفاءة متوسطة أو دون ذلك.
وقال أحد منسوبي شركات التأمين، رفض ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»: «الأسعار تتداول عبر مؤسسة النقد العربي السعودي من خلال النظام (الاكتواري)، حيث يدرس ملاءة الشركة المالية، ويحدد السقف الأدنى للأسعار بسوق التأمين»، مشيرا إلى توقعات بتخفيض سعر التأمين على السيارة إلى 900 ريال (240 دولارا».
وأظهر المستثمرون في قطاع النقل، في لقاء نظمته غرفة الرياض أمس، قلق المستثمرين بشأن ارتفاع أسعار التأمين، مبينين أنها تهدد نمو استثمارات تتجاوز مليار دولار بالقطاع، في ظل تقارير تتحدث عن أضرار ارتفاع الأسعار بنسبة 400 في المائة، مشيرين إلى أن الارتفاع الكبير أدى إلى خلق سوق سوداء في قطاع التأمين.
وقال جمع من المستثمرين بقطاع النقل في اللقاء الذي بحث قضايا القطاع مع شركات التأمين، إن الارتفاع الكبير لأسعار شركات التأمين أضر بالقطاع وبالمستفيدين عامة، وبإيجاد حلول عاجلة لما يواجهه القطاع من ارتفاع حاد في أسعار التأمين على المركبات، الأمر الذي ينعكس سلبا على القطاع، مما يؤدي إلى خروج عدد من الشركات من السوق.
ولفت اللقاء إلى زيادة عدد غير المؤمّنين والذين كانت نسبتهم في السابقة بنحو 50 في المائة، مع أهمية تصحيح مسار شركات التأمين لتحقيق الغاية من التأمين وهو التأمين على المركبة، وذلك بربط التأمين بمحددات ثلاثة؛ هي: رقم الهيكل للمركبة، والرقم التسلسلي للمركبة الذي يصدر من مركز المعلومات الوطني، ورقم اللوحة.
وطالبت لجنة النقل بغرفة الرياض بإجراء تعديلات على اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني، بما يحقق إيجابية وأهداف التأمين، مع إشراك أصحاب الأعمال المعنيين في طرح هذه التعديلات على ضوء توجيهات خادم الحرمين الشريفين بمشاركة أصحاب الأعمال في بحث ما يخصهم من شؤون.
وأوضحت أن مبررات شركات التأمين لارتفاع الأسعار غير مقنعة، والتي من بينها زعمها التزام شركات التأمين بالدفع للمتضررين من الحوادث، في ظل وجود أكثر من 4 آلاف حادث مزور، بجانب المبالغة في مبالغ تقديرات الحوادث، ورفع قيمة الدية.
وبينت أن صافي أرباح شركات التأمين في عام 2014، وفق مؤسسة النقد السعودي لعام 2014، بلغ 735 مليون ريال (196 مليون دولار)، وأن إنفاق الفرد على التأمين بالسعودية يبلغ 991 ريال (264.2 دولار)، منوهة بأن حجم إصدار وثائق تأمين نقل الملكية يبلغ معدله 6500 وثيقة يوميا، والقيمة المتوسطة لهذه الوثائق تبلغ شهريا 104.7 مليون دولار، وتبلغ على مدار العام نحو 33 مليار ريال (8.8 مليار دولار).



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.