تركيا تقصف ريف حلب لليوم الرابع.. و«وحدات الحماية»: لا نخطط للسيطرة على «أعزاز»

الأكراد يتجهون إلى مارع بريف حلب.. والمعارضة تأسر 6 من حلفائهم

تركيا تقصف ريف حلب لليوم الرابع.. و«وحدات الحماية»: لا نخطط للسيطرة على «أعزاز»
TT

تركيا تقصف ريف حلب لليوم الرابع.. و«وحدات الحماية»: لا نخطط للسيطرة على «أعزاز»

تركيا تقصف ريف حلب لليوم الرابع.. و«وحدات الحماية»: لا نخطط للسيطرة على «أعزاز»

واصلت «قوات سوريا الديمقراطية» أمس تقدمها في الريف الشمالي لمدينة حلب فسيطرت على قرية الشيخ عيسى بعد سيطرتها على مدينة تل رفعت، متجهة شرقا نحو مناطق سيطرة تنظيم داعش في ريف حلب الشمالي. ولليوم الرابع على التوالي، استهدفت المدفعية التركية مواقع «وحدات حماية الشعب الكردية» رغم تأكيد قياديين أكراد أنّهم لا يخططون بالمدى المنظور للسيطرة على مدينة أعزاز الحدودية أو غيرها من المناطق التي قد يشكل الوجود فيها استفزازا مباشرا للطرف التركي.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن «قوات سوريا الديمقراطية» تمكنت من السيطرة على قرية الشيخ عيسى الواقعة غرب مدينة مارع أحد معاقل فصائل المعارضة بريف حلب الشمالي: «وبهذا التقدم فإنه لم تعد هناك غير مدينة مارع تفصل وصول قوات سوريا الديمقراطية عن التماس المباشر مع تنظيم داعش الذي يسيطر على قرى ومناطق بريف حلب الشمالي». وأوضح أن «مفاوضات غير معلنة تجري مع الفصائل المقاتلة والإسلامية بمدينة مارع المحاصرة من 3 جهات، لحث المقاتلين فيها على الانسحاب باتجاه أعزاز، مقابل دخول قوات سوريا الديمقراطية إليها دون قتال، إلا أن هناك رفضا من قبل فصائل على هذه الإجراءات».
وأوضح أحمد العمر، الناطق باسم «جيش الثوار» أحد فصائل «قوات سوريا الديمقراطية»، وهو فصيل عربي متحالف مع القوات الكردية، أن فصائل المعارضة المتمركزة في مارع «تشترط لتسليم المدينة دخول جيش الثوار إليها من دون وحدات الحماية، باعتبار أننا فصيل عربي»، لافتا إلى أن هدفهم من دخول مارع هو «تنظيف المنطقة من أذرع «داعش»، أي جبهة النصرة وأحرار الشام، متوعدا بـ«مفاجآت وانتصارات شاسعة وبوصل المنطقة الشمالية بالشرقية خلال فترة شهرين». وقال العمر لـ«الشرق الأوسط»: «سنترك الوضع في المنطقة الحدودية على ما هو عليه حاليا باعتبار أن هدفنا ليس إثارة حساسية تركيا بقدر ما هو مواجهة تنظيم داعش والفصائل التي تغطيه والتي تدعمها أنقرة».
من جهتها، قالت مصادر عسكرية في أنقرة إن المدفعية التركية «ردت بالمثل» على إطلاق نار من سوريا وذلك لليوم الرابع على التوالي من عمليات القصف التي يقوم بها الجيش التركي عبر الحدود. واستهدف القصف، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، مدينة تل رفعت بعد ساعات من سيطرة قوات سوريا الديمقراطية عليها.
في المقابل أشارت وزارة الخارجية الروسية إلى أن تركيا «تعهدت بأنها لن تسمح بسقوط بلدة أعزاز السورية في يد مقاتلين أكراد لأنها تقع على خط إمداد تستخدمه أنقرة لدعم (داعش)».
وتسيطر قوات النظام على محيط مدينة حلب من الجهات الجنوبية والشمالية والشرقية، فيما تتركز الفصائل المقاتلة في الريف الغربي كما في مناطق في الريف الشمالي. أما تنظيم داعش فيسيطر على مناطق في الريف الشرقي، أهمها مدينة الباب، أحد معاقله الاستراتيجية، كما في الريف الشمالي الشرقي للمحافظة. ويتقدم المقاتلون الأكراد من مناطق وجودهم في الريف الشمالي الغربي باتجاه الشرق.
وفي جبهة أخرى أيضا في المحافظة ذاتها، استعاد الجيش السوري النظامي محطة حلب الحرارية شرق مدينة حلب، بعد مواجهات عنيفة مع تنظيم داعش الذي كان استولى عليها في عام 2014، وأفاد المرصد بأن قوات النظام والمسلحين الموالين مدعومين بقصف مكثف للطائرات الحربية والمروحية السورية والروسية، تمكنوا من استعادة السيطرة على المحطة الحرارية الواقعة بريف حلب الشرقي، بعد توقفها منذ نحو عامين عن العمل، عقب سيطرة التنظيم عليها وتحويلها بمثابة معتقل له.
وتستمر الاشتباكات العنيفة بين «جيش الثوار» والفرقة 16 في حي الهلك بمدينة حلب، وفيما تحدث المرصد عن أسر الفرقة لعنصرين من جيش الثوار وتراجعه باتجاه حي الشيخ مقصود، قالت مصادر معنية لـ«الشرق الأوسط»، إن «6 عناصر من (جيش الثوار) سلموا أنفسهم للفرقة بعد عملية التفاف ناجحة أقدمت عليها».
ولم تقتصر المعارك داخل مدينة حلب بين فصائل المعارضة، بل شهدت جبهة حي الراشدين «اشتباكات طاحنة» بين «جبهة النصرة» وقوات النظام، بالتزامن مع قصف عناصر الجبهة بقذائف محلية الصنع أحياء الحمدانية، الإذاعة والميدان في مدينة حلب، ما أوقع قتيلاً وثمانية جرحى في صفوف المدنيين. وقد تزامن ذلك، بحسب وكالة «آرا نيوز» مع قصف جوي روسي على الحيدرية والصاخور وأطراف حي الراشدين.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «عددا من القذائف أطلقتها الفصائل الإسلامية والمقاتلة سقطت على مناطق سيطرة قوات النظام في حيي الأشرفية والميدان بمدينة حلب، بينما استهدفت بصاروخ تاو ناقلة جنود نظاميين عند أطراف مدينة عندان بريف حلب الشمالي».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.