بعد فضيحة السفينة المحتجزة.. الأمم المتحدة: المعدات تخص طاقمنا

عسيري لـ {الشرق الأوسط} : الشعب اليمني لا يحتاج إلى أجهزة عسكرية بل غذاء ودواء

بعد فضيحة السفينة المحتجزة.. الأمم المتحدة: المعدات تخص طاقمنا
TT

بعد فضيحة السفينة المحتجزة.. الأمم المتحدة: المعدات تخص طاقمنا

بعد فضيحة السفينة المحتجزة.. الأمم المتحدة: المعدات تخص طاقمنا

تمكنت قوات التحالف العربي، بقيادة السعودية، من ضبط شاحنة إغاثية تابعة لأمم المتحدة، تحمل على متنها أجهزة تشفير اتصالات لاسلكية، بعضها فردية وأخرى جماعية، تمت تخبئتها في جسم السفينة، إلى جانب مواد إغاثية وطبية، وضعت داخل «كونتينر» خاصة.
وقال العميد ركن أحمد عسيري لـ«الشرق الأوسط»، إن تصرفات خاطئة، من قبل مجموعة من الأفراد، عمدوا إلى إخفاء أجهزة اتصالات وتشفير عسكرية لاسلكية، وكميتها كافية بأنها تكون خارج استخدامات الأمم المتحدة.
وأوضح العميد عسيري، المتحدث باسم قوات التحالف، المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي أن عمليات التضليل والتصرفات الخاطئة من قبل الأفراد الذين ينقلون المواد الإغاثية والطبية، سينعكس سلبًا على برنامج الغذاء الإغاثي التابع لمنظمة الأمم المتحدة، مشيرًا إلى تعامل التحالف العربي، وتسهيل الإجراءات، طمعًا في المسارعة في إيصال المواد الإغاثية والطبية إلى الشعب اليمني.
وقال عسيري، في اتصال هاتفي، إن الإجراء الطبيعي المعتاد في كل شحنة إغاثية، سواء عبر البحر أو الجو أو البر، تدوين التفاصيل مبتدئة بالتصريح، واسم المركبة الناقلة، ونوع الشحنة بالتفصيل، إلا أن السفينة الذي ضبطت وهي في طريقها إلى ميناء الحديدة، على متنها أجهزة الاتصالات العسكرية اللاسلكية، منوعة نقلها بناء على القرار الأممي 2216، ويجب أن يعترفوا للجهات الرسمية، بأن هناك أفرادًا أخلوا في إجراءات الشحن المتفق عليها مع الأمم المتحدة، وعليهم أن يراجعوا إجراءاتهم لمصلحة الجميع، لكن المكابرة من الطرف الثاني، لا يخدم أحد.
وأضاف: «خاطبونا واحترموا عقولنا، هذه جميعها أجهزة تشفير اتصالات، شحنت منها أجهزة اتصالات عسكرية متنوعة، منها فردية وجماعية، والشعب اليمني ليس بحاجة إلى اتصالات، الشعب بحاجة إلى المعونة الإغاثية والطبية».
وأكد العميد عسيري أن «السفينة التي ضبطت بأجهزة التشفير، لا تزال حتى الآن في ميناء جازان، حيث هناك إجراءات تحقيق لا تزال جارية، ولم ننته منها بعد، وأن نقل مثل هذه المواد، هو مخالف للقرار 2216، ويجب أن يراجعوا إجراءات العمل، ومحاسبة المتسببين، بحيث نستمر في العمل».
وأضاف: «الشحنات الخاصة في برامج الإغاثة الخاصة للأمم المتحدة، لا تُفتّش تفتيشًا دقيقًا، كونها تحمل شعار الأمم المتحدة، إلا أن مكابرة قائد السفينة، وعناده، أديا إلى كشف ما هو مخبَّأ على متن السفينة، ولم يتم نشر الأجهزة العسكرية بين المواد الإغاثية، وإنما في جسم السفينة، وتقدر كمية الأجهزة أنها ستكون خارج استخدامات الأمم المتحدة، ولو افترضنا أن هذه الأجهزة هي استخدامات الأفراد على متن السفينة التابعة لبرنامج الغذاء، فلماذا لم تُدوَّن في كشف البيان عن السفينة».
وذكر المتحدث باسم قوات التحالف العربي أن أي جهد يشارك في الجهد العسكري وإدامة العمليات العسكرية ضد الشرعية داخل اليمن، سيدخل في دائرة الخطر، وقد يتسبب جهاز واحد من التي كانت مهربة، في قتل أحد جنود قوات التحالف أو الجيش الوطني اليمني، أو مواطنين يمنيين، كما أن السفينة كانت على متنها كونتينر يحوي غذاء من نوع التونة، مقبلا من إيران، وكونتينر مواد طبية.
إلى ذلك اعترفت لـ«الشرق الأوسط» عبير عطيفة المتحدثة الرسمية للأمم المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، أن الأمم المتحدة على علم بوجود أجهزة اتصال، إلا أنها استدركت أن تلك الأجهزة تخص فريق عمل المنطقة الأممية داخل اليمن، وأنها على متن السفينة على حد تعبيرها، مبينة أن هذه الأجهزة موثقة لدى برنامج الأغذية العالمي من قبل الأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي، وأنها مخصصة لتنسيق عملية الاتصال بين هيئات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة في اليمن.
وأوضحت أنه بعد التواصل مع قوات التحالف في جيزان، طلبت قوات التحالف من مكتب الأمم المتحدة تقديم الأوراق المتعلقة بمعدات تكنولوجيا المعلومات التي يستخدمونها في عملية الإغاثة داخل اليمن، مشيرة إلى وجود بوادر لتحرك السفينة من ميناء جازان إلى الحديدة في أقرب وقت.
وذهبت عبير عطيفة إلى أن السفينة تحمل على متنها 13 من طاقمها، وأن برنامج الأغذية العالمي على اتصال بالشركة المالكة للسفينة والطاقم الذي كان على متنها، وأكدت أن المنظمة الدولية، تستخدم الكثير من موانئ اليمن بما فيها ميناء الحديدة الذي يقع تحت سيطرة المتمردين الحوثيين، والذي يعتبر من أكبر الموانئ، كونه يخدم مناطق كثيرة، وأشارت إلى أن برنامج الغذاء والدواء العالمي التابع للأمم المتحدة يعمل على تلبية الاحتياجات الملحّة داخل اليمن، ما يجعلهم يحتاجون إلى أكثر من منفذ لإيصال المساعدات سواء كان من خلال ميناء الحديدة أو موانئ عدن، التي يتم من خلال الطرق البرية إيصال المساعدات إلى جميع مناطق اليمن.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.