مصر تؤكد أهمية العمل العربي المشترك لتعزيز أمن واستقرار المنطقة

السيسي التقى وزيري خارجية الكويت والمغرب

الرئيس المصري خلال استقباله أمس النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية الكويت («الشرق الأوسط»)
الرئيس المصري خلال استقباله أمس النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية الكويت («الشرق الأوسط»)
TT

مصر تؤكد أهمية العمل العربي المشترك لتعزيز أمن واستقرار المنطقة

الرئيس المصري خلال استقباله أمس النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية الكويت («الشرق الأوسط»)
الرئيس المصري خلال استقباله أمس النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية الكويت («الشرق الأوسط»)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، على أهمية العمل العربي المشترك من أجل تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، والوصول إلى تسوية للصراعات الدائرة في سوريا واليمن وليبيا. فيما وصف وزير خارجية مصر سامح شكري القرار السعودي بالتدخل العسكري في سوريا بأنه «سيادي ولا يأتي في إطار القوة الإسلامية لمواجهة الإرهاب».
جاء ذلك خلال استقبال السيسي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية الكويت، ووزير خارجية المغرب صلاح الدين مزوار، في قصر «الاتحادية» بالقاهرة، أمس، في لقاءين منفصلين. وقال السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية إن الوزير الكويتي نقل تحيات الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، مشيرًا إلى العلاقات الوثيقة والمتميزة التي تربط البلدين والشعبين، كما أكد على مكانة مصر الرائدة بوصفها الركيزة الأساسية للأمن والاستقرار في العالم العربي.
وأشار إلى حرص بلاده على الدفع قدمًا بالتعاون الثنائي في مختلف المجالات وتحقيق نتائج سريعة وملموسة في هذا الشأن، مشيرًا إلى أطر التعاون المختلفة التي ستتم مناقشتها خلال اجتماعات اللجنة المشتركة بين وزيري خارجية البلدين، مؤكدا حرص الكويت على دعم ومساندة مصر في مسيرتها التنموية على مختلف الأصعدة، في ضوء خصوصية العلاقات التي تجمع بين البلدين.
بدوره، أكد الرئيس السيسي عمق العلاقات وأهمية تطويرها على جميع الأصعدة، مشيدًا بالدور الذي يقوم به أمير الكويت في تعزيز وحدة الصف العربي بالنظر إلى ما يتمتع به من مكانة وتقدير كبيرين من قبل الجميع.
كما تطرق اللقاء لآخر المستجدات على الساحة العربية، حيث تم التأكيد على أن المرحلة الحالية وما تفرضه من تحديات تقتضي دفع وتعزيز العمل العربي المشترك لمواجهة المخاطر الراهنة، والعمل على التوصل إلى تسوية للمشكلات والنزاعات التي تعاني منها بعض دول المنطقة.
وشهدت وزارة الخارجية المصرية أمس اجتماعات الدورة الـ11 للجنة المشتركة المصرية الكويتية المشتركة، برئاسة سامح شكري وزير الخارجية المصري ونظيره الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، بمشاركة عدد كبير من كبار المسؤولين وممثلي الجهات المصرية والكويتية.
بحث الجانبان المصري والكويتي عددًا من المقترحات ومشروعات الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية في مجالات التعاون الثقافي والفني والتعليم العالي والترجمة والشؤون الإسلامية، والتضامن الاجتماعي، والاستثمار والشحن، والتعاون الثلاثي في أفريقيا، والمقاييس ومواصفات الجودة، والسياحة والتخطيط، والشباب والصحة، والقوى العاملة.
وخلال مؤتمر صحافي أعقب المباحثات، قال وزير الخارجية المصري إن قرار السعودية بالتدخل البري في سوريا أمر سيادي منفرد، ولا يأتي في إطار القوة الإسلامية لمواجهة الإرهاب، لافتًا إلى أن قرار الرياض يأتي وفقًا لسياساتها الخاصة، في حين أن مصر تدعم الحلول السياسية في سوريا.
وأوضح شكري أن مصر تدعم جهود المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، الذي كلف باستكمال المفاوضات مع الأطراف السورية لتشكيل حكومة انتقالية تسهم في وضع دستور للبلاد، وتعيد سوريا وشعبها إلى محيطها العربي، مشيرًا إلى أن مصر شاركت في مجموعة دعم سوريا منذ اندلاع الأزمة السورية لرفع المعاناة عن الشعب السوري، ولوقف أعمال العنف. وحول مصير القوة العربية المشتركة، قال شكري إن المشاورات مستمرة لإتمام تلك القوة، لكن حتى الآن لم تتم الدعوة لاجتماعات في إطار الجامعة العربية على مستوى اللجان المتخصصة، موضحًا أن هذا الملف به قدر من التعقيد يتطلب أن يتم العمل بشكل محكم وقادر على تلبية تطلعات الدول العربية للحافظ على أمنها القومي، وفي حال جاهزية البروتوكول الخاص بإنشاء تلك القوة فسوف تتم الدعوة لاجتماع مجلس الدفاع العربي المشترك لإقرارها.
وفي لقاء آخر، استقبل الرئيس المصري وزير الشؤون الخارجية والتعاون بالمملكة المغربية صلاح الدين مزوار، بحضور سامح شكري وزير الخارجية المصري، وسفير المملكة المغربية في القاهرة.
وقال المتحدث الرئاسي المصري إن الوزير المغربي سلم رسالة خطية من ملك المغرب محمد السادس تضمنت دعوة الرئيس للقيام بزيارة رسمية إلى المملكة المغربية من أجل تعزيز العلاقات التاريخية الوثيقة التي تجمع بين البلدين والشعبين الشقيقين، والارتقاء بآفاق التعاون الثنائي على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية، وتعزيز التنسيق بينهما في مواجهة التحديات الراهنة.
وذكر السفير يوسف أن السيسي طلب نقل تحياته إلى ملك المغرب، معربًا عن تقديره لهذه الدعوة وتطلعه لإتمام الزيارة في أقرب فرصة، لا سيما في ضوء اعتزاز مصر بالعلاقات التي تربط الشعبين، وحرصها على تحقيق نقلة نوعية في مختلف مجالات التعاون الثنائي.
وأضاف المتحدث الرسمي أن اللقاء تناول تطورات الأوضاع في المنطقة وسبل مواجهة التحديات المشتركة وعلى رأسها انتشار التطرف والإرهاب، حيث تم التأكيد على أهمية العمل المشترك من أجل تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، والتصدي للتحديات المختلفة التي تواجه الأمة العربية. وركزت على آليات التعامل العربي مع الأزمات الراهنة وكذلك التنسيق حول اجتماعات القمة العربية المقرر انعقادها في بداية شهر أبريل (نيسان) المقبل.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.