«عقار له تاريخ»: شركة أميركية في «سلة تسوق».. المبنى بفلسفة المنتج

المبنى الإداري الرئيسي لشركة لونغابرغر في ولاية أوهايو الأميركية
المبنى الإداري الرئيسي لشركة لونغابرغر في ولاية أوهايو الأميركية
TT

«عقار له تاريخ»: شركة أميركية في «سلة تسوق».. المبنى بفلسفة المنتج

المبنى الإداري الرئيسي لشركة لونغابرغر في ولاية أوهايو الأميركية
المبنى الإداري الرئيسي لشركة لونغابرغر في ولاية أوهايو الأميركية

مبنى على شكل سلة تسوق عملاقة، تم بناؤه كنسخة طبق الأصل من المنتج الأساسي لشركة لونغابرغر Longaberger الشهيرة في الولايات المتحدة الأميركية.
وبحجم أكبر من سلة التسوق الحقيقية بنحو 160 ضعفا تقريبًا، يتكون المبنى الإداري الرئيسي للشركة من سبعة أدوار، ويضم مكاتب بها نحو 500 موظف. وتشتهر الشركة بصناعة المنتجات الخشبية المضفرة والمصنوعة يدويًا، وكل منتج يحمل توقيع الشخص الذي صنعها بيديه، وأبرز منتجات الشركة هي سلة التسوق الخشبية المضفرة، وأوانٍ زجاجية مغلفة بضفائر خشبية ومنتجات منزلية.
أراد مالك الشركة دايف لونغابرغر أن يجعل كل فروع الشركة على نفس الشكل، لكنه توفي مع اكتمال المقر الأول والرئيسي للشركة في أوهايو. وأصبح المبنى الوحيد في كل فروع الشركة الذي يحمل شكل المنتج الأبرز لشركة لونغابرغر، وكذلك المبنى الوحيد في العالم المصمم على شكل سلة تسوق خشبية.
الشكل الخارجي للسلة أو مبنى السلة، مصنوع من خشب شجر الكرز من غابات خاصة بالشركة في مدينة هانوفر الأميركية، وتم تجهيزه وصنعه في مصانع الشركة الخاصة، ومثبت على هيكل حديدي. بالإضافة لوجود 150 طنا من الحديد مثبت فوق السلة، على هيئة مقابض للسلة العملاقة مجهزة بنواقل حرارة لمنع تكون الجليد على سطح المبنى أثناء الشتاء.
ولتأكيد مبدأ الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية يتكون سطح السلة العملاقة التي بنيت في مدينة أوهايو الأميركية واكتمل بناؤها في عام 1997. من الزجاج الشفاف لإدخال الضوء الطبيعي للمكاتب أثناء النهار مع وجود 84 نافذة زجاجية موزعة على الاتجاهات الأربعة للمبنى لتقليل إهدار الطاقة الكهربائية والاعتماد على ضوء النهار.
بدأت قصة الشركة مع المؤسس جي دبليو لونغابرغر J.W. Longaberger كعامل في مصنع دريسدن «Dresden» للسلال في عام 1919. واستمر في العمل به إلى أن تم إغلاقه عقب الكساد الكبير في فترة الثلاثينات. ولكنه استمر في صنع السلال في أيام نهاية الأسبوع بمساعدة زوجته بوني جين Bonnie Jean إلى أن تمكنا من جمع مال كافٍ لشراء المصنع المغلق وبدء عمل خاص بهما. وأكمل ابنهما دايف المسيرة من بعدهما بافتتاح مصنع سلال التسوق المضفرة باسم سلاسل لونغابرغر في عام 1978.
وعندما أراد الابن دايف لونغابرغر أن يجعل المبنى على شكل سلة عملاقة واجه انتقادات كثيرة وتحديات فنية لإنشاء المبنى على هذا النحو. لكنه كان يقول: «إذا استطاع الإنسان الوصول إلى القمر، فبالطبع يستطيع بناء مثل هذا المبنى»، وأصر على إنشائه لسبب آخر فهو كان يريد أن يخلق بيئة عمل فريدة ومميزة للعاملين بالمبنى، وكان يرى أنه مهما كانت ضغوط العمل شديدة، فكون أن الموظف يعمل في «أكبر سلة في العالم» سيمنحه الحماس الكافي للعمل والإبداع. ولم يستمع إلى الانتقادات وأكمل بناء المبنى الذي يخلد المنتج الأساسي لشركته، وبالإضافة لذلك أصبح أحد المعالم السياحية الهامة في المدينة.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».