مفاوضات بين الجزائر وفرنسا حول مفقودي حرب الاستقلال

انتقادات جزائرية لباريس إزاء مماطلتها في تسليم أرشيف فترة الاستعمار

مفاوضات بين الجزائر وفرنسا حول مفقودي حرب الاستقلال
TT

مفاوضات بين الجزائر وفرنسا حول مفقودي حرب الاستقلال

مفاوضات بين الجزائر وفرنسا حول مفقودي حرب الاستقلال

قال وزير قدامى المحاربين الجزائري إن المفاوضات بين الجزائر وفرنسا بشأن مفقودي حرب التحرير (1954 - 1962) والتجارب النووية في الصحراء الجزائرية، «بلغ نقطة اللارجوع». ويتعلق الملف الأول بعشرات الفرنسيين ممن اختفوا غداة استقلال الجزائر، أما الثاني فمرتبط بضحايا تجارب الذرة الذين تطالب الجزائر بدفع تعويضات لهم.
وذكر الوزير الطيب زيتوني أمس، في مؤتمر صحافي بالعاصمة، أن زيارته إلى فرنسا الشهر الماضي، التي تعد الأولى لوزير مجاهدين جزائري، «أفضت إلى تشكيل لجنة مشتركة تفرعت عنها عدة لجان، لدراسة ملفات المفقودين والتفجيرات النووية بمنطقة رقان (جنوبي الجزائر)، وملف أرشيف الثورة».
وعقدت اللجنة، حسب الوزير، اجتماعين أحدهما في 3 فبراير (شباط) الحالي والثاني في 11 من نفس الشهر. وأحيت الجزائر السبت الماضي، الذكرى الـ56 للتفجيرات النووية الفرنسية بعدة مناطق صحراوية. وبث التلفزيون الحكومي مشاهد أشخاص أصيبوا بعاهات مستديمة جراء تلك التفجيرات، زيادة على آثارها السلبية على البيئة، وخصوصا المياه الجوفية. وقال زيتوني بهذا الخصوص إن حكومة بلاده «طالبت بصرف تعويض للضحايا، سواء كانوا أفرادا أو جماعات، علاوة على تعويضات عن الأضرار التي تعرض لها المحيط والبيئة، ففرنسا الاستعمارية ارتكبت جريمة شنعاء لا تغتفر في أرضنا، وبشهادة الفرنسيين أنفسهم. والجزائر لن تتنازل عن مطالبها الشرعية ودون أية عقدة، وستدعم ملف ضحايا التفجيرات النووية بوثائق أعدها خبراء في القانون وأطباء».
وأضاف وزير المجاهدين: «لن تستطيع فرنسا التنكر لجرائمها، كما تقرر إعادة دراسة ملف المفقودين خلال الحقبة الاستعمارية». ولا يُعرف كثير عن هؤلاء المفقودين، وهم في غالبيتهم فرنسيون وبعضهم جزائريون تعاونوا مع الاستعمار الفرنسي. ويعتقد بأنهم تعرضوا للتصفية في الأيام الأولى التي أعقبت الاستقلال. وفي تلك الفترة، غادر آلاف الفرنسيين الذين ولدوا بالجزائر إلى بلدهم الأصلي، ويطلق عليهم «الأقدام السوداء». ويطالب هؤلاء وأبناؤهم وحتى أحفادهم بأحقيتهم في العقارات والأراضي التي تركوها بالجزائر، غير أن السلطات تواجه ذلك برفض قاطع. ويشكل هذا الملف نقطة خلاف مع الجانب الفرنسي.
وأصدرت الحكومة الفرنسية قانونا في 2010، يتضمن تعويض ضحايا التجارب النووية، التي أجرتها فرنسا بالجزائر وفي بولينيزيا بالمحيط الهادي ما بين 1960 و1966. وصرح وزير الدفاع آنذاك، هيرفيه موران، بأن بلاده «قررت تسهيل تعويض الأشخاص المصابين بأمراض ناجمة عن الإشعاعات، التي خلفتها التجارب النووية التي أجرتها فرنسا بالصحراء وفي بولينيزيا الفرنسية في الفترة ما بين 1960 و1966». وانتقدت الجزائر المشروع بسبب عدم إشراكها في إحصاء المتضررين من إشعاعات الذرة، واحتجت في وقت لاحق على إقصاء الضحايا الجزائريين من التعويضات.
والشائع في فرنسا، أن 30 ألفا من العسكريين والمدنيين شاركوا مباشرة في التجارب، و150 ألفا كانوا على علاقة بها بشكل عام. يشار إلى أن فرنسا أجرت 17 تجربة بالجزائر، منها أربع تجارب في الجو و13 تجربة تحت الأرض.
وانتقد زيتوني بشدة «تماطل السلطات الفرنسية بخصوص تسليم أرشيف فترة الاستعمار، فما حصلت عليه الجزائر حتى اليوم لا يتعدى 2 في المائة من الوثائق المكتوبة والمصورة الخاصة بتلك الحقبة». وأكد: «تحرص بلادنا على استعادته كاملا حتى ذلك الذي يحمل صفة سري للغاية، فاللجان المشتركة في هذا الشأن بدأت عملها حديثا، ونحن في بداية المفاوضات لاسترجاع الأرشيف كاملا دون أي نقصان».
وأضاف الوزير: «إن ملفي التفجيرات النووية والمفقودين، لا يمكن مناقشته بمعزل عن ملف الأرشيف لأن الملفات الثلاثة مرتبطة ببعضها، ولا يمكن فصلها. فالحديث عن المفقودين أو مواقع التفجيرات النووية وحتى خرائط الألغام (المضادة للأشخاص) على خطى شال وموريس، مستحيل دون العودة إلى الأرشيف الوطني الجزائري الموجود لدى فرنسا، لكن هذا لم يمنع الجزائريين والمؤرخين من توثيق جرائم فرنسا الاستعمارية، منذ وطئت أقدام الاحتلال أرض الشهداء».
وأعلن بالجزائر عام 2006 فشل مساع أطلقها الرئيسان عبد العزيز بوتفليقة وجاك شيراك، للتوقيع على معاهدة صداقة. وكان السبب مصادقة البرلمان الفرنسي على قانون في 2005، يتحدث عن «الجوانب الإيجابية للوجود الفرنسي بشمال أفريقيا خلال القرنين الـ19 والـ20»، وعدَ ذلك جزائريا على أنه «تمجيد للاستعمار».



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».