جهود سعودية حثيثة تصطدم بجمود «العدل» العراقية في معالجة ملف السجناء

خلال أكثر من عقد، ومع تتابع حكومات عراقية عدة، لا يزال ملف السجناء السعوديين في العراق في خانة الجمود، لأسباب كثيرة، مجملها يقع داخل أروقة الحكومة العراقية، وأشياء أخرى تقع على عاتق البرلمان العراقي، رغم كل الجهود السعودية التي تتبعها الرياض قبل افتتاح سفارتها في بغداد، وحتى خلال الشهرين الماضيين مع مباشرة البعثة الدبلوماسية في بغداد أعمالها كان الملف من ضمن الأولويات لتحقيق انفراجة فيه.
لكن، وخلاف كل ما ينشر عبر وسائل الإعلام الأخرى، وما تم تداوله، تظهر المؤشرات على أن كل الآمال أو ملامح الإيجابيات السابقة ليست سوى تخدير تحاول معها وزارة العدل العراقية وضعها في خانة صناديق النسيان، في ظل جهود سعودية حثيثة بدأت معها السفارة المعاد افتتاحها بعد ربع قرن من إغلاقها، بتعيين فريق محامين عراقيين للدفاع عن السجناء السعوديين في العراق.
صلاح الهطلاني، القنصل السعودي في السفارة السعودية في بغداد، قال إنه يجري العمل مع وزارة العدل العراقية للحصول على بعض البيانات عن السجناء السعوديين في العراق، كونها غير متوفرة، مضيفا «أن السفارة عملت وما زالت منذ مباشرة أعضاء السفارة للحصول على موعد للقاء المسؤولين بوزارة العدل العراقية لكن لم يتم تحديد موعد الزيارة».
وأوضح الهطلاني خلال اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من بغداد، «عدم دقة الأنباء التي تتحدث عن توقيع عقد مع مكتب محاماة متخصص» لكنه أوضح أن السفارة تعمل مع فريق محامين سيتولى الدفاع عن السجناء السعوديين ومراجعة سير المحاكمات وفق النظام القضائي المتبع في العراق»، وعن عدد السجناء السعوديين في العراق تحدث الهطلاني أن كل الأرقام غير دقيقة، رغم وجود قوائم لأسماء سعوديين من هيئة الهلال الأحمر السعودي، لكن تلك القوائم تكون نتيجة عن إبلاغ ذوي المفقودين عن أبنائهم، وليس هناك تأكيدات على أن الأسماء موجودة في السجون العراقية وهل صدر بحقها أحكام أو تم القبض عليها، مجددا الإشارة في ختام حديثه إلى أن وزارة العدل العراقية هي الجهة المسؤولة عن تحديد ذلك، وهو ما سوف يمكّن السفارة من العمل على الملف بشكل أكبر عبر فريق المحاماة.
وخلال الأعوام الماضية، لم يكن يُعرف كثير عن السجناء السعوديين في العراق، خلافا للتسهيلات التي تقدمها السعودية لذوي السجناء العراقيين في السعودية، حيث تمكّنهم من زيارة أبنائهم المحكوم عليهم أو المتهمين في قضايا مختلفة، ومنهم أيضا المتهمون أو المحكوم عليهم في قضايا الإرهاب وعددهم سبعة أشخاص تم الحكم على أربعة منهم بينما تجري محاكمات الثلاثة الآخرين حتى الآن، وفقا لإجراءات تعمل بها الداخلية السعودية بإبلاغ سفارة بغداد في الرياض.
وأعلن المكتب الإعلامي للسفارة السعودية في العراق، أمس، إنهاء السفارة إجراءات نقل جثمان المواطن عبد الله بن عزام القحطاني، الذي تم تنفيذ حكم الإعدام به في سجن الناصرية في العراق، حيث غادر الجثمان بغداد وسيصل إلى مطار الأمير محمد بن عبد العزيز في المدينة المنورة صباح اليوم الثلاثاء، عبر تركيا، وتم تنفيذ الإعدام بحق القحطاني في الرابع من الشهر الحالي، بعد أكثر من سبعة أعوام على اعتقاله بتهمة «الإرهاب».
ملف السجناء السعوديين في العراق، لم يعد يُعرف سوى بأحكام تنفيذ عقوبات الإعدام التي تنقلها وكالات الأنباء، وهو الأمر الذي دعا الجمعية الوطنية السعودية لحقوق الإنسان في العاشر من الشهر الحالي، إلى التشكيك في عدالة أحكام الإعدام الصادرة ضد سعوديين في العراق، واعتبرت تنفيذها يقع نتيجة ضغوط طائفية، وأن ظروفا أمنية إقليمية لعبت دورا كبيرا في إصدارها، وأنه في الغالب يتم إجبار المتهمين تحت الضغط على إجابات تُدينهم، إضافة إلى اتهامات ينكر المتهمون ارتكابها، ومع ذلك يُحكم فيها ضد المتهم دون توافر الأدلة المُدينة له.
وتبرز الأنباء عن نقل سجناء سعوديين من سجون إلى أخرى داخل العراق، وأنباء أخرى عن اقتحام عناصر مسلحة لسجون العراق وإجبار السجناء على الخروج، في ظل أوضاع أمنية مضطربة تشهدها غالب محافظات العراق، التي تشهد وضعا أمنيا سيئا نتيجة الاشتباكات الحالية أو السابقة، فيما يظل التعامل الإنساني داخل السجون ورقة أخرى على سوء التعامل من قبل مسؤولي تلك السجون وفق ما يتردد، ففي عام 2007 أعلن عن إخراج 60 سجينا عربيا من أحد السجون العراقية من ضمنهم 30 سعوديا ولم يتمكن من العودة سوى اثنين فقط.
ومنذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وحتى اليوم، أعلنت وسائل إعلامية عراقية عن الحكم على 21 سعوديا بعقوبة الإعدام بتهم عدة أبرزها الانضمام إلى جماعات إرهابية، فيما ينتظر آخرون أنهوا مدة محكوميتهم الإفراج، في وقت أعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق أواخر شهر ديسمبر (كانون الأول) إطلاق سراح أكثر من 8 آلاف معتقل «لم تثبت إدانتهم» بينهم 10 سعوديين، فيما طالب رئيس البرلمان سليم الجبوري بالإسراع في حسم ملفات المعتقلين الذين لم يُحاكَموا.
وكانت السعودية والعراق، قد وقعتا في مدينة جدة، خلال يونيو (حزيران) من عام 2013، اتفاقية تبادل السجناء، حيث وقعتا محضرا تنفيذيا مشتركًا لنقل المحكومين بعقوبات سالبة للحرية بين السعودية والعراق، وذلك «في إطار اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي لعام 1983».