توقيف لبناني في مطار بنما يدير عمليات للمخدرات وغسل الأموال لصالح حزب الله

يحمل الجنسية الغانية وكان متوجهًا إلى كولومبيا.. وضبط معه نصف مليون دولار

توقيف لبناني في مطار بنما يدير عمليات للمخدرات وغسل الأموال لصالح حزب الله
TT

توقيف لبناني في مطار بنما يدير عمليات للمخدرات وغسل الأموال لصالح حزب الله

توقيف لبناني في مطار بنما يدير عمليات للمخدرات وغسل الأموال لصالح حزب الله

تتواصل ملاحقة المشتبه بتورطهم في أنشطة مالية عائدة لصالح جماعة حزب الله اللبناني حول العالم، تفعيلاً لقرارات أميركية، بينها قرار الكونغرس الأخير، الهادف إلى استهداف أفراد وشركات رئيسية تسهّل على «حزب الله» أنشطته حول العالم، كان آخرها القبض على مشتبه بضلوعه في إدارة عمليات الاتجار بالمخدرات وغسل الأموال لصالح الحزب في أميركا اللاتينية.
وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» إن السلطات في بنما «قبضت على شخص يدعى (ع، خلفية) يحمل الجنسية الغانية من (غانا) وأصول لبنانية»، مشيرة إلى أنه «تم القبض عليه في مطار بوقوتي في بنما وكان في طريقه متوجهًا إلى كولومبيا ويحمل معه نصف مليون دولار». وحسب المعلومات، فإن له علاقة مع حزب الله ويدير عمليات للمخدرات وغسل الأموال، وكان له نشاطات في العاصمة الغانية أكرا».
ويعد توقيف خليفة، آخر حلقات الملاحقة الدولية لأفراد ومؤسسات تابعة لحزب الله، فقد سبقها مطلع الشهر الحالي الكشف عن اعتقال أربعة أشخاص على صلة بحزب الله لاتهامهم بالضلوع ضمن نشاطات تهريب المخدرات لتمويل الحزب عبر شبكات تنشط فيها الكارتيلات الإجرامية الكولومبية، ضمن ما يعرف بـ«نظام البيزو الأسود».
ويستمد هذا النظام اسمه من العملة الكولومبية «بيزو»، بحسب ما ذكر موقع «سي إن إن» الأميركي، وطوره تجار المخدرات في كولومبيا خلال السنوات الأخيرة بعد تزايد العقبات المصرفية والأمنية التي تحول دون الحصول على الأموال الناتجة عن بيعهم للمخدرات في أميركا وأوروبا، إذ بات من الصعب إيداع الأموال في حسابات أو نقلها بالطائرات. ويقوم النظام على استخدام العمليات المصرفية القانونية لأجل تبييض الأموال وتحويلها بطرق نظامية لا تجذب انتباه رجال الأمن، وترى الأجهزة المعنية بالرقابة أن المبالغ التي تدور في هذا النظام تتجاوز خمسة مليارات دولار سنويا للمهربين في كولومبيا فقط.
ووفقا لما ذكرته المعلومات الأمنية من مكتب مكافحة المخدرات الأميركي، فقد كان حزب الله يقوم بالعملية نفسها ولكن عبر شركاته الوهمية التي شكلت واجهة لهذه الأعمال، ويقوم بعد تبييض الأموال بتحويلها عبر نظام «الحوالة» إلى كولومبيا حيث يتلقاها رجال العصابات.
وكانت وجهة خليفة، بحسب المعلومات، كولومبيا التي تشهد نشاطات متنامية على صعيد تهريب المخدرات وتبييض أموالها.
وأعلن عن اعتقال فرنسا لشبكة تتألف من 4 موالين لحزب الله في فرنسا، بقيادة كل من محمد نور الدين وحمدي زاهر، تعمل على تأمين وصول الأسلحة والأموال إلى حزب الله وتمويل «عمليات واسعة من الاضطرابات السياسية في عدد كبير من الدول»، بحسب ما أفادت به معلومات صحافية غربية. وأعلنت واشنطن أن هؤلاء يستخدمون ملايين الدولارات من مبيعات للكوكايين في الولايات المتحدة وأوروبا لشراء أسلحة في سوريا، في حين تتهم الإدارة الأميركية محمد نور الدين بأنه يدير عمليات لغسل الأموال لحساب الذراع المالية لـ«حزب الله»، وتصنفه في فئة خاصة للإرهابيين العالميين.
وتأتي تلك المعلومات بعد إقرار الكونغرس الأميركي بالإجماع في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي قانونًا يفرض عقوبات على المصارف التي تتعامل مع حزب الله، واستهدف قناة «المنار» الناطقة باسم الحزب، وربط نشاطات الحزب لتهريب المخدرات بالعقوبات الأميركية الجديدة عليه.
ومطلع الشهر الحالي، كشف إطلاق سراح 5 تشيكيين في بيروت عن شبهة بضلوع حزب الله كطرف في الصفقة، إذ أفادت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» بأن تحرير هؤلاء «مرتبط باللبناني الموقوف لدى السلطات التشيكية علي فياض، المقرّب من حزب الله والمطلوب للولايات المتحدة (مع اثنين آخرين)، بعد تلقي الخاطفين ضمانات قاطعة بعدم تسليم فياض إلى الأميركيين».
وأكدت المصادر أن «الإفراج عن المخطوفين جاء نتيجة ضمانات تشيكية تلقاها الخاطفون، تقضي بعد تسليم اللبناني الموقوف في براغ علي فياض إلى السلطات الأميركية التي تتهمه بالقيام بـ(أنشطة إرهابية) والاتجار بالأسلحة لصالح حزب الله». وأوضحت أن «عملية تحرير المخطوفين تتزامن مع انتهاء مدة العقوبة التي يقضيها فياض مع لبنانيين اثنين موقوفين معه في تشيخيا إنفاذا لحكم المحكمة العليا في براغ بجرم الاتجار بالأسلحة»، مشيرة إلى أن «المهم ليس انقضاء مدة العقوبة التي قضاها فياض ورفيقيه، بقدر ما هو التعهد القاطع بعد تسليمهم إلى الولايات المتحدة، وأن يترك لفياض حرية الاختيار بالمغادرة إلى أوكرانيا، لكونه يحمل جواز سفر أوكرانيا أو العودة إلى لبنان».
وكانت المحكمة العليا في براغ ثبتت مؤخرًا قرار محكمة براغ بالقاضي تسليم المتهمين اللبنانيين الثلاثة إلى الولايات المتحدة، الأمر الذي يجعل مصير اللبنانيين المذكورين بيد وزير العدل التشيكي صاحب الحق في المصادقة على قرار المحكمة أو رفض تسليمهم.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».