«المركزي» الأوروبي بين مزيد من التيسير وشوكتي «غريكست وبريكست»

خبراء لـ {الشرق الأوسط}: الصورة تبدو أقل وردية رغم إنهاء العام على نمو

«المركزي» الأوروبي بين مزيد من التيسير وشوكتي «غريكست وبريكست»
TT

«المركزي» الأوروبي بين مزيد من التيسير وشوكتي «غريكست وبريكست»

«المركزي» الأوروبي بين مزيد من التيسير وشوكتي «غريكست وبريكست»

تحاول منطقة اليورو الخروج من الركود، متسلحة بالمبادرات الجديدة التي من المفترض أن تقوم بتغيير جذري في البيئة التجارية والاقتصادية على مدى السنوات القليلة القادمة.
ورغم المبادرات المستمرة لمنطقة اليورو لتحسين التحول الاقتصادي، إلا أنها تواجه صعوبات في إدماج أكثر من مليون مهاجر، وانخفاض أسعار الفائدة وتنامي السيولة الفائضة.
وأثبتت الأزمات المتكررة صعوبة استعداد المركزي الأوروبي للتعامل مع المشكلات المصرفية عبر الحدود، وقام البنك بمواجهة التحدي بين عامي 2012 و2014 بالإشراف المباشر على 129 مؤسسة مالية، وهو ما يمثل 82 في المائة من إجمالي الأصول المصرفية في منطقة اليورو.
وغير البنك المركزي الأوروبي من استراتيجيته في إنقاذ البنوك من الاعتماد على دافعي الضرائب، إلى آلية مشاركة القطاع الخاص في إنعاش البنوك، وذلك لتوفير 59 مليار دولار على مدى الثماني سنوات القادمة.
وعلى الرغم من استمرار ماريو دراغي، رئيس المركزي الأوروبي، في سياسة التحفيز لبنوك المنطقة للخروج من الأزمة، فإن استطلاع «الشرق الأوسط» لأوساط المتعاملين بالبنوك الألمانية والفرنسية أمس أكد على أن أزمة منطقة اليورو ما زالت مستمرة، خاصة مع ركود اليونان، ومعدلات النمو البطيئة لإيطاليا، وتخلف البرتغال عن النمو المتوقع.
وهو ما أكدته المصرفية الفرنسية فلورينا آنوك لـ«الشرق الأوسط»، قائلة إن «الصورة تبدو أقل وردية».
وفي الوقت ذاته، أظهرت بيانات معهد إحصاءات الاتحاد الأوروبي الصادرة أول من أمس، أن الناتج المحلي لدول منطقة اليورو نما بنحو 0.3 في المائة في الربع الرابع من العام الماضي، على أساس ربع سنوي، محققا معدل النمو نفسه في الربع الثاني، ونما اقتصاد المنطقة بنحو 1.5 في المائة على أساس سنوي.
بينما انخفض الإنتاج الصناعي 1 في المائة على أساس شهري في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، و1.3 في المائة على أساس سنوي.
من ناحية أخرى، يرى مراقبون أن هذه المعدلات لنمو الناتج المحلي الإجمالي لن تكون كافية لخلق ضغوط تضخمية كافية بالمعدل الذي يستهدفه البنك المركزي الأوروبي، وهي اثنان في المائة سنويا.
من جهة أخرى نما الاقتصاد الألماني، أكبر اقتصاد في أوروبا، بنحو 0.3 في المائة بالربع الأخير من 2015، وهو المعدل نفسه الذي حققه في الربع الثالث المنتهي في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد أن ساعد الطلب الداخلي على تعويض الفارق في ضعف الصادرات.
من جهته، أكد مكتب الإحصاءات على نمو إجمالي الناتج الألماني بنسبة 1.7 في مجمل عام 2015، وقال المكتب إن الوضع الاقتصادي في ألمانيا في 2015 اتسم بالنمو الثابت والقوي، موضحا أن الإنفاق العام ارتفع بشكل عام، خاصة بعد تعزيز المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للدعم المالي الذي تقدمه الحكومة للتعامل مع مشكلة اللاجئين.
وبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي لفرنسا في الفترة نفسها نسبة 0.2 في المائة على أساس ربع سنوي، كما نما الناتج المحلي الإسباني بنحو 0.8 في المائة في الفترة نفسها، بينما جاء نمو الناتج المحلي الإيطالي مخيبا للتوقعات بنحو 0.1 في المائة على أساس ربع سنوي، أما هولندا وبلجيكا فحققتا 0.3 في المائة، بينما حققت البرتغال وقبرص نسب نمو 0.2، 0.4 في المائة على التوالي على أساس ربع سنوي.
وانكمش معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لليونان بنحو 0.6 في المائة، وفنلندا بنحو 0.1 في المائة على أساس ربع سنوي.
وتأتي تلك المعدلات لتبرز تساؤلات حول مدى قدرة المركزي الأوروبي على استمرار سياسات التيسير الكمي، حيث يرى مراقبون أن التأثيرات المفيدة لتلك السياسية بدأت في الزوال، كما أن انخفاض أسعار النفط سيتسبب في ضعف التضخم في منطقة اليورو، على غرار موجات الاضطرابات التي تشهدها أسواق المال الأوروبية.
ويتوقع الخبراء الذين استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم أن منطقة اليورو، على المدى القصير، ستستمر في سياسات التحفيز وبرامج التيسير الكمي وخفض آخر في أسعار الفائدة، وربما بوتيرة أسرع، أما على المدى الطويل فيرجح محللون زيادة احتمالية خروج اليونان الذي أصبح وفقا لرؤيتهم «يلوح في الأفق»، وهو ما لا يرغبه بالتأكيد رئيس الوزراء اليوناني ألكسندر تسيبراس.
وأكد تسيبراس على أهمية مساعدة منطقة اليورو لليونان والحفاظ عليها من تصويت الدول الأعضاء بخروجها، ما يسمي بالـ«غريكست»، «Greek exist».
وقال الخبير الاقتصادي نيك كونيس، ببنك ABN إنه ما زال يعتقد أن هناك حاجة لمزيد من التيسير الكمي، متوقعا أن يتبنى المركزي مزيدا من التخفيضات في أسعار الفائدة اعتبارا من مارس (آذار) المقبل.
على جانب آخر، يحتاج رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، إلى تحسن أكبر في المؤشرات الاقتصادية لمنطقة اليورو، حتى يستطيع إقناع مواطني بلاده بالتصويت لبقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي، بدلا من التصويت لخروج بريطانيا «بريكست»، «British exist».



مسح «بنك إنجلترا»: الشركات البريطانية تتوقع زيادة الأسعار وتقليص العمالة

نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
TT

مسح «بنك إنجلترا»: الشركات البريطانية تتوقع زيادة الأسعار وتقليص العمالة

نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)

أظهر مسحٌ أجراه «بنك إنجلترا»، يوم الخميس، على أكثر من ألفَي شركة، أن الشركات البريطانية تتوقَّع رفعَ الأسعار وتقليص أعداد الموظفين رداً على زيادة مساهمات أصحاب العمل في الضمان الاجتماعي التي ستدخل حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) المقبل.

وأشارت النتائج إلى أن 61 في المائة من الشركات تتوقَّع انخفاضاً في الأرباح، و54 في المائة تخطِّط لزيادة الأسعار، و53 في المائة تتوقَّع تقليص العمالة، في حين تعتزم 39 في المائة منها تقليص زيادات الأجور؛ نتيجة لزيادة التأمين الوطني، التي تم إعلانها في موازنة 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقد أظهرت استطلاعات أخرى انخفاضاً في معنويات الأعمال وتراجعاً في نوايا التوظيف والاستثمار، منذ إعلان وزيرة المالية، راشيل ريفز، زيادة قدرها 25 مليار جنيه إسترليني (31 مليار دولار) في ضرائب الرواتب. وقد أسهم تباطؤ الاقتصاد في إثارة القلق في الأسواق المالية بشأن مستويات الدين العام في المملكة المتحدة، مما دفع تكاليف الاقتراض إلى الارتفاع بشكل حاد هذا الأسبوع. كما أظهرت أرقام منفصلة، يوم الخميس، من «جمعية وكالات التوظيف» انخفاضاً في الطلب على الموظفين الجدد، وهو الانخفاض الأكبر منذ أغسطس (آب) 2020.

ومن جانبه، يراقب «بنك إنجلترا» - الذي يدرس احتمالية خفض أسعار الفائدة مجدداً - تأثير تكاليف التوظيف المرتفعة على التضخم من خلال زيادة الأسعار أو تقليص الوظائف، وانخفاض الاستثمار، ونمو الأجور، مما قد يبطئ من النشاط الاقتصادي.

وعلق روب وود، كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة في «بانثيون ماكرو إيكونوميكس»، قائلاً إن مسح بنك إنجلترا يشير إلى أن الزيادات الضريبية تؤدي إلى دفع الأسعار للأعلى بشكل أكبر، بينما التأثير في التباطؤ أقل مما أظهرته استطلاعات مؤشر مديري المشتريات.

وأضاف: «لا تزال الأسئلة الأساسية للمسح تشير إلى تضخم مستمر وزيادة في الأجور، مع ضعف أقل حدة في سوق العمل مقارنة بالمسوحات النوعية، وهو ما يستدعي أن تتبنى لجنة السياسة النقدية خفض أسعار الفائدة بشكل تدريجي فقط».

وارتفع تضخم أسعار المستهلكين البريطاني إلى أعلى مستوى له في 8 أشهر ليصل إلى 2.6 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، مع توقعات من «بنك إنجلترا» بأن التضخم سيواصل الارتفاع في 2025، ولن يعود إلى هدفه البالغ 2 في المائة حتى عام 2027، مما يحد من احتمالية خفض أسعار الفائدة عن مستواها الحالي، البالغ 4.75 في المائة.

وأظهر مسح «بنك إنجلترا»، الذي أُجري بين 6 و20 ديسمبر (كانون الأول)، أن الشركات تخطط لرفع الأسعار بنسبة 3.8 في المائة على مدار الأشهر الـ12 المقبلة، بزيادة قدرها 0.1 نقطة مئوية عن التوقعات في الأشهر الثلاثة حتى نوفمبر. وظل نمو الأجور المتوقع للعام المقبل ثابتاً عند 4 في المائة على أساس المتوسط المتحرك لثلاثة أشهر في ديسمبر.

على صعيد آخر، هبطت أسهم شركة «ماركس آند سبنسر» البريطانية وبعض شركات التجزئة الأخرى يوم الخميس، حيث فقد القطاع مليارَي جنيه إسترليني (2.45 مليار دولار) من قيمته، مع تأثر التجارة الجيدة خلال موسم عيد الميلاد بتراجع ثقة المستهلك والضعف الاقتصادي.

ويستعد تجار التجزئة، الذين يواجهون أصلاً ضعفاً في معنويات المستهلكين، لتكاليف أعلى اعتباراً من أبريل المقبل، حيث من المتوقع أن ترتفع ضرائب أرباب العمل والحد الأدنى للأجور. كما ألقت قفزة في تكاليف اقتراض الحكومة البريطانية في الأيام الأخيرة بظلال من القلق على التوقعات الاقتصادية، مما ضاعف الضغوط على المالية العامة، ودفع المحللين إلى التحذير من احتمال الحاجة إلى زيادات ضريبية إضافية. ومع التوقعات بارتفاع التضخم، يتوقَّع تجار التجزئة عاماً صعباً.

وقال ستيوارت ماشين، الرئيس التنفيذي لشركة «ماركس آند سبنسر»، للصحافيين بعد إعلان تحقيق الشركة أعلى مبيعات للأغذية خلال موسم عيد الميلاد: «هناك ثقة حذرة من جانب العملاء». وعلى الرغم من النمو الأعلى من المتوقع بنسبة 8.9 في المائة في مبيعات المواد الغذائية و1.9 في المائة في مبيعات الملابس والمستلزمات المنزلية، فإن أسهم الشركة تراجعت بنسبة 6.5 في المائة. في المقابل، سجَّلت «تيسكو»، أكبر مجموعة سوبر ماركت في البلاد، زيادة في مبيعاتها بنسبة 4.1 في المائة، لكن أسهمها انخفضت بنسبة 1.3 في المائة.

وقال مات بريتزمان، محلل الأسهم في «هارغريفز لانسداون»: «لن يكون العام المقبل سلساً تماماً لشركات التجزئة الكبرى، حيث يستعد القطاع لمواجهة الزيادات الضريبية الوشيكة».

وبينما ساعدت مبيعات المواد الغذائية المزدهرة على دعم أداء «ماركس آند سبنسر» و«تيسكو»، إلا أن فئات أخرى شهدت تراجعاً. فقد تباطأ نمو شركة «غريغز» المتخصصة في الأطعمة السريعة في الأشهر الأخيرة من عام 2024، بينما سجَّلت شركة «بي آند إم» للتخفيضات انخفاضاً في المبيعات بنسبة 2.8 في المائة؛ مما أدى إلى انخفاض أسهمها بنسبتَي 10 في المائة و12 في المائة على التوالي.

وفي الوقت الذي شهدت فيه شركات التجزئة تراجعاً، ارتفع مؤشر الأسهم القيادية البريطانية الذي يركز على الأسواق العالمية بنسبة 0.5 في المائة.

وتستمر التحديات، إذ تقول الرئيسة التنفيذية لشركة «غريغز»، رويسين كوري، إن المستهلكين أصبحوا أكثر حذراً بشأن الإنفاق. وأضافت أن «النصف الثاني من عام 2024 كان مليئاً بالتحديات، وأعتقد أننا يجب أن نفترض أن هذا الأمر سيستمر حتى عام 2025».

وعلى الرغم من أن شركة «غريغز» قد حققت أداءً جيداً في السنوات الأخيرة، فإن نمو مبيعاتها الأساسي انخفض إلى 2.5 في المائة في الرُّبع الأخير من عام 2024، مقارنة بـ5 في المائة في الفترة السابقة.

من جانبها، حذَّرت أكبر شركة لتجارة الملابس في المملكة المتحدة من حيث القيمة السوقية، يوم الثلاثاء، من أن نمو المبيعات سيتباطأ في عام 205 - 2026؛ نتيجة لتأثير زيادة الضرائب الحكومية على مستويات التوظيف ورفع الأسعار.

وفيما يخص «تيسكو»، أظهر كين مورفي، رئيس الشركة، تفاؤلاً ملحوظاً. وأوضح أنه على الرغم من أن المستهلكين الذين «احتفلوا فعلاً بعيد الميلاد» سيكونون أكثر حرصاً على القيمة في يناير (كانون الثاني)، فإن هذه الظاهرة تُعدّ سمة تقليدية دائماً في بداية العام.