محاكم أفغانية تقضي بالإفراج عن محتجزين في سجن أميركي سابق

آلاف السجناء المشتبه بهم بالإرهاب احتجزوا في سجن باغرام عقب سقوط «طالبان»

جندي أفغاني خارج سجن باغرام في ضواحي العاصمة كابل (واشنطن بوست)
جندي أفغاني خارج سجن باغرام في ضواحي العاصمة كابل (واشنطن بوست)
TT

محاكم أفغانية تقضي بالإفراج عن محتجزين في سجن أميركي سابق

جندي أفغاني خارج سجن باغرام في ضواحي العاصمة كابل (واشنطن بوست)
جندي أفغاني خارج سجن باغرام في ضواحي العاصمة كابل (واشنطن بوست)

في الوقت الذي يمارس فيه الرئيس أوباما ضغوطًا لإغلاق معسكر احتجاز غوانتانامو في كوبا قبل رحيله عن البيت الأبيض، ما تزال واحدة من موروثات سياسات الاحتجاز الأميركية فيما بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، قائمة هنا في أفغانستان، مع استمرار وجود ثلاثة رجال داخل واحد من أكثر سجون العالم صرامة، رغم صدور أحكام قضائية بالإفراج عنهم.
يذكر أن الآلاف من المشتبه في انتمائهم لميليشيات جرى إلقاء القبض عليهم من جانب قوات أميركية وأفغانية في أعقاب سقوط حكومة «طالبان» أواخر عام 2001. وجرى إرسال الكثيرين منهم إلى سجن تديره واشنطن بقاعدة بغرام الجوية، في ضواحي كابل، بينهم العشرات من غير الأفغان من دون توجيه اتهامات رسمية إليهم أو الكشف علانية عن أماكن وجودهم.
ومنذ ما يزيد قليلاً على العام، وفي خضم ضغوط متصاعدة من قبل النشطاء بمجال حقوق الإنسان، أنجزت المؤسسة العسكرية الأميركية تسليم السجن إلى السلطات الأفغانية. وما يزال ثلاثة من غير الأفغان على الأقل محتجزين داخل السجن حتى الآن، رغم صدور أحكام من أعلى المحاكم بالبلاد تقضي بضرورة إطلاق سراحهم. عن ذلك، قالت تينا إم. فوستر، المحامية لدى «شبكة العدالة الدولية» (إنترناشونال جستس نتورك»، المعنية بقضايا المحتجزين: «تركوا هناك فحسب، فهم يواجهون فعليًا مصير الموت هناك».
وتعد هذه القضية، التي تشمل شقيقين من طاجيكستان وآخر من أوزبكستان، من بقايا قضايا أوسع نطاقًا تواجه إدارة أوباما في خضم محاولاتها تحقيق قدر أكبر من التناغم والنظام في سياسات الاحتجاز التي جرى تنفيذها بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية.
منذ توليه الرئاسة عام 2009، تراجع عدد المحتجزين في غوانتانامو، حيث يجري إيداع السجناء الذين يعتقد أنهم أكثر احتمالاً لارتكاب هجمات إرهابية، من 242 إلى 91.
إلا أن أعضاء بالكونغرس عن الحزب الجمهوري يعارضون نقل المحتجزين الآخرين إلى داخل نظام المحاكم الأميركي. وقد ناضلت الإدارة الأميركية لإيجاد دول أخرى على استعداد لقبول نقلهم إليها.
الملاحظ أن المحتجزين الأجانب داخل باغرام تراجعت أعدادهم أيضًا، ففي عام 2012، كان هناك 67 غير أفغاني على الأقل. ومنذ ذلك الحين، جرت إعادة نصفهم تقريبًا إلى أوطانهم الأصلية، تبعًا لما أفاده مسؤولون أفغان. إلا أن العدد المتبقي على وجه التحديد ما يزال غير واضح.
والملاحظ أن قضايا الشقيقين سعيد جمال الدين وعبد الفتاح والمواطن الأوزباكستاني، موسى أخمديانوف، ازدادت تعقيدًا بسبب رفضهم ترحيلهم لأوطانهم، خوفًا من تعرضهم للتعذيب هناك. وفي ظل القانون الدولي، فإنه لا يجوز إرسال محتجزين إلى دول يمكن أن يتعرضوا فيها لانتهاكات.
من جهته، قال بريغادير جنرال دولة وزيري، المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الأفغانية، إن الرجال الثلاثة خائفون للغاية من العودة لأوطانهم لدرجة أنهم يفضلون البقاء في بغرام. في المقابل، نفى محامو المتحجزين الثلاثة رغبة موكليهم في البقاء بالسجن، الذي ارتبط اسمه سابقًا بأعمال تعذيب وظروف غير صحية مروعة. وأضاف المحامون أن السبيل الأمثل أمامهم ترحيلهم إلى دول ثالثة.
وبالنظر إلى افتقار أفغانستان لنفوذ دولي، فإن الحكومة الأميركية تتحمل المسؤولية الأولى والأخيرة عن إعادة توطين المحتجزين الثلاثة، حسبما أفاد محامون ومعنيون بمجال حقوق الإنسان.
وعن هذا، قالت فوستر: «ينبغي أن تقع المسؤولية على عاتق الأميركيين لأنه كانت أمامهم خمس سنوات للتعامل مع هذا الأمر، وكانوا على علم بضرورة إعادة توطين هؤلاء الأشخاص. ولم يكن هناك سبب يدعو لتسليمهم للأفغان، وإنما كان ينبغي عليهم إما احتجازهم في سجن يتبع الولايات المتحدة أو إطلاق سراحهم، لكنهم لم يفعلوا أي من الأمرين».
من ناحيتها، أعلنت وزار الخارجية أن الحكومة الأميركية درست خيارات عدة بالنسبة للمحتجزين، منها الترحيل وإعادة التوطين، لكن نقلهم إلى سجن أفغاني تم اعتباره «الخيار الأمثل المتاح في ظل جميع الظروف القائمة».
وقالت في بيان لها إنها استمرت في مراقبة رفاهية المحتجزين، لكنها استطردت بأنه: «نظرًا لأن المحتجزين موجودون الآن في سجن أفغاني، فإن الحكومة الأفغانية هي من يتعين عليها تناول أي مخاوف قد تظهر بخصوص أمن أو المعاملة الإنسانية لهؤلاء المحتجزين».
من ناحية أخرى، حول وزيري أي طلبات لمزيد من التعليقات إلى مجلس الأمن الوطني، الذي لم يستجب لطلباتنا. وقال: «تتمثل مهمة وزارتنا في مجرد إمدادهم بمكان إقامة وطعام ومحامين».
جدير بالذكر أن جمال الدين وعبد الفتاح هما نجلي الملا عمروالدين، منشق سياسي منذ أمد بعيد وزعيم إسلامي في طاجيكستان التي تراقب وتنظم ممارسة العبادات الدينية الإسلامية.
وقالت فوستر إن الشقيقين تركا وطنهما في مطلع العقد الأول من القرن الـ21 خوفًا من الاضطهاد، وسعيا للدراسة في مدارس دينية في إيران، ثم أفغانستان. عام 2009 ألقت قوات أميركية القبض عليهما خلال غارة على منزل آمن مشتبه فيه لمسلحين داخل أفغانستان.
* «واشنطن بوست»
خاص بـ {الشرق الأوسط}



القضاء الكوري الجنوبي يُصدر مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الجمعية الوطنية الكورية الجنوبية وو وون - شيك في سيول (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الجمعية الوطنية الكورية الجنوبية وو وون - شيك في سيول (أ.ف.ب)
TT

القضاء الكوري الجنوبي يُصدر مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الجمعية الوطنية الكورية الجنوبية وو وون - شيك في سيول (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الجمعية الوطنية الكورية الجنوبية وو وون - شيك في سيول (أ.ف.ب)

أصدر القضاء في كوريا الجنوبية مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول تتيح للمحققين القيام بمحاولة ثانية لاعتقال يون سوك يول المتحصن في مقر إقامته في سيول تحت حماية حرسه، فيما أعلن زعيم كوريا الشمالية كيم يونغ أون أن بلاده اختبرت بنجاح، الاثنين، صاروخاً فرط صوتي جديداً سيساهم في ردع «جميع الخصوم» في المحيط الهادئ، على ما أوردت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية الثلاثاء.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال لقائه نظيره الكوري الجنوبي شو تاي-يول (أ.ف.ب)

ويجري مكتب مكافحة الفساد والشرطة وإدارة التحقيقات بوزارة الدفاع تحقيقاً مشتركاً في محاولة يون سوك يول فرض الأحكام العرفية في الثالث من ديسمبر (كانون الأول) وإغلاق البرلمان بقوة الجيش.

وبرر الرئيس المحافظ المعزول الذي لطالما واجه عمله السياسي عرقلة من البرلمان ذي الغالبية المعارضة، هذا الإجراء لكونه يريد حماية البلاد من «القوى الشيوعية الكورية الشمالية» و«القضاء على العناصر المعادية للدولة».

تحاول الشرطة إيقاف المتظاهرين خلال مظاهرة ضد الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول بالقرب من مقر إقامته الرسمي في سيول بكوريا الجنوبية (رويترز)

واضطرّ الرئيس للتراجع عن خطوته المفاجئة بعد ساعات من إعلانها وتمكّن النواب من الاجتماع في البرلمان الذي طوّقته القوات العسكرية، والتصويت لصالح رفع الأحكام العرفية، تحت ضغط آلاف المتظاهرين. وعزل البرلمان يون من منصبه في 14 ديسمبر، ورُفعت شكوى ضده بتهمة «التمرد»، وهي جريمة عقوبتها الإعدام و«إساءة استخدام السلطة» وعقوبتها السجن 5 سنوات.

وجاء في بيان أصدره المحققون، الثلاثاء، «إن مذكرة التوقيف الجديدة ضد المشتبه به يون صدرت بعد ظهر اليوم» بتوقيت سيول، بسبب محاولة إعلانه الأحكام العرفية لفترة وجيزة.

انتهت مهلة مذكرة التوقيف الأولى الصادرة في 31 ديسمبر، الاثنين، دون أن يتمكن مكتب التحقيق في الفساد من توقيف يون لاستجوابه.

والجمعة، حاول المحققون بمؤازرة الشرطة دخول مقر إقامة يون لاعتقاله لكنهم واجهوا حوالى 200 جندي وعنصر في جهاز الأمن الرئاسي، وتراجعوا بعد استحالة تنفيذ المذكرة القضائية بعد 6 ساعات من المواجهة التي شابها توتر.

موالون للرئيس المعزول يون سوك يول يتظاهرون في سيول صباح اليوم احتجاجاً على أمر الاعتقال (أ.ب)

وأعلن الحزب الديموقراطي المعارض، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية، أنه قدم شكوى ضد الرئيس المؤقت شوا سانغ موك بتهمة «التقصير في أداء الواجب»، لأنه لم يفلح في منع جهاز الحراسة عن اعتراض «توقيف» يون. وطلب الجهاز المكلف التحقيق مساء الاثنين من محكمة منطقة غرب سيول تمديد المهلة المحددة لمذكرة التوقيف.

وعزا يون بوك نام، رئيس جمعية «محامون من أجل مجتمع ديموقراطي»، فشل المحاولة الأولى لتوقيف الرئيس المخلوع في المقام الأول إلى افتقار مكتب مكافحة الفساد الذي لم يمض على تأسيسه أربع سنوات، ويعمل فيه أقل من مائة موظف، إلى الخبرة، فهو لم يوجه اتهاماً إلى أي شخص حتى الآن.

وأوضح يون: «بطبيعة الحال، ليست لديهم خبرة في الاعتقالات، ناهيك عن اعتقال الرئيس»، مشيراً إلى أن «تعاون الشرطة ضروري».

ونشب خلاف بين مكتب مكافحة الفساد والشرطة حول دور كل منهما في عملية التوقيف، فقد تحدث المكتب عن افتقاره إلى الخبرة في هذا المجال، ورغبته بتولي الشرطة مهمة تنفيذ المذكرة، وردت الشرطة بأن المسؤولية تقع على عاتق المكتب. وأقر المكتب في نهاية الأمر بأن هذا الإجراء ضمن مهامه، في حين أكدت الشرطة أنها ستوقف حرس الرئيس في حال قاموا بعرقلة العملية ضد يون سوك يول.

متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)

وتعهد يون، الأسبوع الماضي، في بيان، بـ«القتال حتى النهاية». وطعن محاموه في قانونية مذكرة التوقيف واختصاص مكتب مكافحة الفساد، وأوضحوا أن القانون يمنح هذه الهيئة سلطة التحقيق في عدد محدد من الجرائم التي يرتكبها مسؤولون رفيعو المستوى، لكن القائمة لا تشمل جريمة «التمرد».

وبعد إصدار مذكرة التوقيف الأولى، خيّم أنصار يون ومعارضوه خارج مقر إقامته الرئاسي متحدين البرد، لكن قبل إصدار المذكرة الجديدة، تضاءل عدد أنصار يون بشكل كبير، الثلاثاء، وفق ما شاهد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية في المكان.

وإذ عزل البرلمان، يون، ما أدى إلى كفّ يده عن مزاولة مهماته، فإنه لا يزال رئيساً بانتظار بتّ المحكمة الدستورية بقرار العزل بحلول منتصف يونيو (حزيران). وتبدأ المحاكمة في 14 يناير وستستمر حتى في حال عدم مثوله. وإذا صادقت على العزل، فسيتم تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة في مدة شهرين.

من جهة أخرى، أجرت بيونغ يانغ التجربة الصاروخية الجديدة أثناء زيارة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى كوريا الجنوبية، وقبل أسبوعين من تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة. وقال كيم الذي أشرف على عملية الإطلاق برفقة ابنته جو إي إن «نظام الصواريخ الفرط صوتي المتوسط المدى» يهدف إلى تعزيز الردع النووي للبلد تدريجياً. وأكد أن هذا السلاح الجديد «سيردع بشكل موثوق أي خصوم في منطقة المحيط الهادئ يمكن أن يؤثروا على أمن دولتنا».

وذكرت الوكالة الرسمية أنه تم استخدام «مركّب جديد من ألياف الكربون» لمحرك الصاروخ، كما «أدخلت وسيلة جديدة... إلى نظام التحكم في الطيران والتوجيه».

A photo released by the official North Korean Central News Agency (KCNA) shows the launch of an intermediate-range ballistic missile (IRBM) with a hypersonic warhead as payload, at an undisclosed location in North Korea, 06 January 2025 (issued 07 January 2025). EPA/KCNA EDITORIAL USE ONLY

ويسمح استخدام ألياف الكربون في صنع صاروخ بتخفيف وزنه، بالتالي زيادة مداه وقدرته على المناورة، لكنه يصعب السيطرة على هذه التكنولوجيا بسبب ضعف قدرة هذه المادة المركبة على مقاومة درجات حرارة مرتفعة. ويصنف صاروخ بأنه فرط صوتي حين تزيد سرعته عن 6 آلاف كلم في الساعة، ما يزيد بـ5 مرات عن سرعة الصوت.

وأوضح يانغ مو جين، رئيس جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «ما هو مقلق في هذا الصاروخ أن هذه التكنولوجيا لا تمتلكها حالياً سوى روسيا والصين والولايات المتحدة». وتابع: «من أجل الوصول إلى مثل هذه السرعة، لا بد من استخدام مواد قادرة على مقاومة ظروف قصوى».

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية أن الصاروخ أطلق من منطقة بيونغ يانغ واجتاز 1500 كلم بسرعة «ماخ 12» التي تزيد 12 مرة عن سرعة الصوت، قبل أن يسقط في بحر اليابان أو بحر الشرق، حسب التسمية الكورية. وأكد كيم جونغ أون «أن هذه الخطة والجهد هما حتماً للدفاع عن النفس وليسا خطة وعملاً هجوميّين». لكنّه شدد على أنه «لا يمكن للعالم تجاهل أداء» هذا الصاروخ القادر، على حد قوله، على «توجيه ضربة عسكرية خطرة لخصم بكسره بفاعلية أيّ حاجز دفاعي صلب». وأكد كيم أن «تطوير القدرات الدفاعية لكوريا الشمالية التي تهدف لأن تكون قوة عسكرية، سيتسارع بشكل أكبر».

وهذه أول عملية إطلاق صاروخ تقوم بها كوريا الشمالية في العام الجديد، بعد آخر عملية أجرتها في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) قبل ساعات من الانتخابات الرئاسية الأميركية. وندد بلينكن بعملية الإطلاق، مؤكداً أن بيونغ يانغ تتلقى «معدات وتدريباً عسكرياً» من روسيا.

من جانبه، ندد رئيس كوريا الجنوبية بالوكالة، تشوي سانغ موك، الثلاثاء، بـ«تهديد خطير» للأمن الإقليمي. ورأى المحللون في إطلاق الصاروخ وتصريحات كيم جونغ أون رسالة موجهة إلى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.