انطلاق حملة إعادة إعمار الرمادي تمهيداً لعودة سكانها.. بعد تحريرها من «داعش»

بغداد ستحصل على 1.2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي

بعض البيوت المهدمة في مدينة الرمادي جراء العمليات العسكرية أمس («الشرق الأوسط»)
بعض البيوت المهدمة في مدينة الرمادي جراء العمليات العسكرية أمس («الشرق الأوسط»)
TT

انطلاق حملة إعادة إعمار الرمادي تمهيداً لعودة سكانها.. بعد تحريرها من «داعش»

بعض البيوت المهدمة في مدينة الرمادي جراء العمليات العسكرية أمس («الشرق الأوسط»)
بعض البيوت المهدمة في مدينة الرمادي جراء العمليات العسكرية أمس («الشرق الأوسط»)

انطلقت أمس حملة إعادة إعمار مدينة الرمادي، بعد اكتمال عمليات تحريرها وإعادتها لحضن الدولة بعد عشرة أشهر من سيطرة تنظيم «داعش» عليها.
وأكد عضو مجلس الأنبار عذال عبيد الفهداوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «مناطق شرق الرمادي ستشهد قريبًا عودة سكانها من النازحين» موضحًا أن تنظيف تلك المناطق يتم من قبل أبنائها وبالتعاون مع القوات الأمنية.
وقال الفهداوي إن «المناطق الشرقية والغربية لمدينة الرمادي تشهد في الوقت الحالي أوسع عملية تنظيف بمشاركة عشرات الآليات التي تم استقدامها لهذا الغرض، وستكون مناطق شرق الرمادي جاهزة خلال وقت قريب لاستقبال النازحين والمهجرين وإعادتهم إليها، بعد تنظيفها من حقول الألغام والعبوات الناسفة والنفايات».
وأشار الفهداوي إلى أن «لجنة إعادة النازحين ستنطلق قريبًا من خلال حملة تطوع فيها أكثر من 4 آلاف مواطن من محافظتي ديالى والأنبار لتنفيذ الحملة الخاصة بتنظيف مدينة الرمادي وإعادة النازحين إليها»، وأضاف: «حيث قررت اللجنة انطلاق الحملة التطوعية لتنظيف مدينة الرمادي بالكامل من الأنقاض ورفع الألغام منها الأربعاء المقبل، حيث تمت تهيئة ما يقارب 3 آلاف متطوع من أهالي الأنبار، وألف متطوع من أهالي ديالى، ومائة مهندس بمختلف الاختصاصات، فضلا عن توفير عدد كبير من الآليات والصهاريج من قبل المتبرعين للمشاركة بالحملة، فيما ستتم تهيئة أماكن لسكن وإطعام المتطوعين، ومقر للجنة داخل مدينة الرمادي، وتهيئة الزي الموحد للمتطوعين، وستقوم اللجنة بمفاتحة وزارات الدفاع والداخلية والنفط والتجارة والنقل والهجرة والمهجرين التي سيكون لها الدور الساند للجنة في تهيئة مستلزمات تنظيف مدينة الرمادي وعودة النازحين، كما تم تشكيل لجان عدة للمباشرة بالعمل».
يذكر أن القوات الأمنية تمكنت الأسبوع الماضي من تحرير مناطق شرق الرمادي وفتح الطريق بين مدينتي الخالدية والرمادي، فيما تواصل تلك القوات عمليات تفكيك العبوات ورفع الألغام وتطهيرها لإعادة النازحين إليها.
من جانب آخر، أعلن المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي بريت ماكغورك أن «العراق سيحصل على قرض مقداره 1.2 مليار دولار مقدم من صندوق النقد الدولي من أجل إعمار المناطق المحررة، ومن ضمنها الأنبار»، وقال ماكغورك خلال مؤتمر صحافي عقد في مبنى السفارة الأميركية في بغداد إن «التحالف الدولي يمتلك عدة أوجه من أجل مساعدة العراق، لا تقتصر فقط على المساعدات العسكرية في حربه ضد تنظيم داعش، بل هناك مساعدات منها ما يتعلق بقضايا التعليم والاقتصاد».
وأضاف ماكغورك أن «العراق سيحصل على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 1.2 مليار دولار من أجل إعادة إعمار المناطق التي يتم تحريرها من سيطرة تنظيم داعش، وسيخصص مبلغ من تلك المنحة لإعمار مدن محافظة الأنبار، ومنها مدينة الرمادي».
ميدانيًا، لا تزال الاشتباكات مستمرة بين القوات الأمنية العراقية ومسلحي تنظيم داعش في مناطق مختلفة من مدن الأنبار، وشهدت منطقة البوذياب شمالي مدينة الرمادي هجوما من قبل مسلحي تنظيم داعش من أجل استعادة السيطرة عليها بعد أن تمكنت القوات العراقية من طرد مسلحي التنظيم المتطرف منها في الأسابيع الماضية.
وأكد قائد عمليات الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي، صد هجوم لتنظيم داعش شمال الرمادي. وقال المحلاوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «تنظيم داعش الإرهابي حاول، ومن خلال هجوم على منطقة البوذياب شمال الرمادي، التعرض إلى قطعاتنا المسلحة الموجودة في المنطقة التي تمت استعادة السيطرة عليها بالكامل قبل أسابيع، حيث تمكنت قوات (لواء مغاوير الفرقة العاشرة) من صد الهجوم الذي استهدف أحد مقرات الفرقة، ما أسفر عن مقتل أكثر من 27 من عناصر التنظيم وإجبار الآخرين على الانسحاب». وأضاف المحلاوي: «كما تمكنت طائرات التحالف الدولي من قصف أحد الأهداف المتحركة لتنظيم داعش في المنطقة نفسها وقتل ستة إرهابيين وإلحاق خسائر مادية بالتنظيم».
وأشار المحلاوي إلى أن «فرق الجهد الهندسي التابعة للجيش العراقي، لا تزال مستمرة في عمليات إزالة العبوات الناسفة من المناطق المحررة، حيث تمكنت من تفكيك ومعالجة 300 عبوة ناسفة في مناطق السجارية وجويبة وحصيبة والطريق العام بين الخالدية والرمادي، فيما تتواصل عمليات تفكيك تلك العبوات والألغام التي زرعتها عصابات داعش في المنازل والطرقات في تلك المناطق المحررة».
وفي جزيرة الرمادي، وتحديدًا عند المناطق الواقعة بين مدينتي الرمادي وهيت، تمكنت القوات الأمنية العراقية من إخلاء 88 مدنيا، بينهم نساء وأطفال، من مناطق تابعة لمدينة هيت التي يسيطر عليها التنظيم المتطرف غرب الأنبار.
وقال العميد شاكر الخفاجي آمر «اللواء 18» في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «القوات المسلحة تمكنت من إخلاء 8 عائلات مكونة من 44 شخصا؛ 10 رجال، و13 امرأة، و21 طفلا، كانوا في قبضة تنظيم داعش الإرهابي في منطقتي القرية العصرية وأبو طيبان التابعتين إلى مدينة هيت»، وأضاف الخفاجي أن «العائلات المحررة تم نقلها إلى ناحية الوفاء لتدقيق قاعدة بياناتهم، فيما تم تقديم المساعدات الفورية لهم من قبل القوات الأمنية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.