اتفاق ميونيخ حول سوريا تحت النار.. وشكوك حول استجابة موسكو

ماكين: الاتفاق يطلب من المعارضة وقف المعارك ويتيح لروسيا قصف الجميع

رياض حجاب منسق الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة للمعارضة السورية يتحدث في مؤتمر الأمن في ميونيخ أمس (رويترز)
رياض حجاب منسق الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة للمعارضة السورية يتحدث في مؤتمر الأمن في ميونيخ أمس (رويترز)
TT

اتفاق ميونيخ حول سوريا تحت النار.. وشكوك حول استجابة موسكو

رياض حجاب منسق الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة للمعارضة السورية يتحدث في مؤتمر الأمن في ميونيخ أمس (رويترز)
رياض حجاب منسق الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة للمعارضة السورية يتحدث في مؤتمر الأمن في ميونيخ أمس (رويترز)

قوبل مؤتمر ميونيخ الذي أنهى أعماله أمس بسيل من الانتقادات العالمية ومن داخل المؤتمر والتي كان من بينها المعارضة السورية، ليطلق رياض حجاب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات تصريحات بأن المؤتمر خرج باستمرار عمليات القصف الروسية، فيما كان الصوت الأميركي حاضرا والذي عبر عنه السيناتور جون ماكين بأن ما يحدث هو تهديد للشعب السوري.
واتصف انتقاد رياض حجاب أثناء المؤتمر، بالوضوح حينما قال: «قبل يومين أو ثلاثة أيام رأينا وزيري خارجية روسيا ووزير الخارجية الأميركي، يخرجان لإعلان أن روسيا لن توقف الأعمال العسكرية في سوريا.. فهل هو حقا موقف مقبول بالنسبة للمجتمع الدولي؟».
وتابع حجاب: «تعودنا على المؤتمرات والعبارات التي تبعث على الأمل. لكننا بحاجة للفعل، والفعل الوحيد الذي أراه هو أن روسيا تقتل مدنيين»، رافضا الإفصاح عما إذا كان يؤيد التزام مقاتلي المعارضة بالاتفاق.
وينص الاتفاق الذي أعلنه لافروف وكيري الخميس على وقف الأعمال العدائية بين مقاتلي المعارضة والقوات النظامية، واستئناف المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين.
وتتهم روسيا التي تدعم جوا الجيش السوري، وخصوصا في تقدمه نحو حلب، باعتبار كل الفصائل المعارضة لنظام الرئيس بشار الأسد «إرهابية»، وبأنها تستهدف خصوصا المقاتلين الذين يعتبرهم الغرب معتدلين.
واعتبر حجاب أن «من يحمي (داعش) اليوم هو روسيا».
من جهته، انتقد السيناتور الجمهوري الأميركي جون ماكين، اتفاق وقف الأعمال العدائية في سوريا الذي توصلت إليه الدول الكبرى، معتبرا أنه لن يؤدي إلا إلى تعزيز «العدوان العسكري الروسي». وقال إن اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي عقدته القوى الكبرى ليل الخميس/ الجمعة «يتيح مواصلة الهجوم على حلب طوال أسبوع».
وأضاف رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، أنه «يطلب من مجموعات المعارضة وقف المعارك، لكنه يتيح لروسيا الاستمرار في قصف (الإرهابيين)، أي الجميع بحسب (مفهومها للمعارضة) بمن فيهم المدنيون».
وأوضح ماكين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أشرك طيرانه في سوريا لدعم نظام الرئيس بشار الأسد، لم يوافق بالصدفة الآن على الهدنة.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عنه قوله: «سبق أن رأينا هذا المشهد في أوكرانيا. فروسيا تدفع بآلتها العسكرية المتفوقة، وتغير المعطيات الميدانية.. وتفاوض على اتفاق للحفاظ على ما كسبته في الحرب ثم تختار لحظة استئناف المعارك».
وأشار ماكين إلى أن اتفاق ميونيخ «لا يلزم العسكريين الأميركيين والروس فقط بأن يتجنبوا الاصطدام (بين طائراتهم في الأجواء السورية)، بل يلزمهم أيضًا بتنسيق تحركاتهم، الأمر الذي كانت واشنطن ترفضه حتى الآن».
وخلص ماكين إلى القول، إن «بوتين ليس مهتما بشراكة معنا. إنه يريد تعزيز نظام الأسد، وأن يجعل من روسيا مجددا قوة عظمى في الشرق الأوسط (..) إنه يريد تعميق أزمة المهاجرين لتقسيم الحلف الأطلسي ونسف المشروع الأوروبي».
وفي ألمانيا حيث عقد مؤتمر الأمن، قال حليف بارز للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس، متحدثا في المؤتمر، إن روسيا أصبحت لها اليد العليا في سوريا وما حولها عن طريق استخدام القوة المسلحة. وأبدى شكوكه في أن تحترم موسكو خطة لتنفيذ هدنة في البلد الذي تمزقه الحرب.
وقال روبرت رويتجين عضو الحزب المحافظ الذي تنتمي له ميركل: «أعتقد أن روسيا أصبحت لها اليد العليا في المنطقة وهذا أمر جديد وفقا للقياسات التاريخية. وقد تمكنت من ذلك باستخدام القوة المسلحة».
وأضاف أنه يتشكك في تصرفات روسيا في الأيام والأسابيع المقبلة رغم موافقتها على «وقف للعمليات القتالية» الذي من المقرر أن يبدأ خلال أسبوع.
ولم يصل الاتفاق الذي توصلت له القوى الكبرى إلى حد إعلان وقف لإطلاق النار، لأن الأطراف المتحاربة - الحكومة السورية والمعارضين الذين يسعون للإطاحة بالرئيس بشار الأسد - لم توقع عليه. وبعد يوم واحد من توقيع الاتفاق، حققت القوات السورية بدعم من غارات جوية روسية مكاسب على حساب المعارضة قرب مدينة حلب في شمال سوريا.
وقال رويتجين: «روسيا عازمة على خلق الحقائق على الأرض وعندما ينجحون في ذلك سيدعون الغرب لقتال العدو المشترك وهو تنظيم داعش». وقال إنه يعتقد أن هذا الأسلوب ينحي روسيا جانبا باعتبارها شريكا غير مؤهل لقتال التنظيم.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».