تناول الإعلام الروسي لقضية اللاجئين يؤجج مشاعر العداء القومي

زعزعة استقرار المجتمع عبر تقنية المعلومات مصدر تهديد رئيسي في استراتيجية الأمن القومي

حرب اوروبا مع اللاجئين في وسائل الاعلام تؤجج مشاعر العداء القومي
حرب اوروبا مع اللاجئين في وسائل الاعلام تؤجج مشاعر العداء القومي
TT

تناول الإعلام الروسي لقضية اللاجئين يؤجج مشاعر العداء القومي

حرب اوروبا مع اللاجئين في وسائل الاعلام تؤجج مشاعر العداء القومي
حرب اوروبا مع اللاجئين في وسائل الاعلام تؤجج مشاعر العداء القومي

بعد انعدام شبه تام خلال ما يزيد عن عام للأنباء التي تتحدث عن اعتداءات يتعرض لها ذوو السحنة الشرقية والقوقازية في روسيا، أو نشوب عراك بين مجموعات من الشبان الروس وآخرين من القوقاز أو جمهوريات آسيا الوسطى، تم مؤخرًا تسجيل حالة جديدة لاعتداء جماعي من جانب مراهقين وشبان روس على مواطن «جنوبي السحنة» خلال تنقله على متن قطار النقل الداخلي. وكانت وسائل إعلام روسية قد ذكرت يوم أمس، نقلا عن شهود عيان، أن مجموعة من المراهقين يحملون مضارب البيسبول وعبوات رذاذ الغاز، اعتدوا مساء يوم الثلاثاء على مواطن قوقازي السحنة بينما كان على متن قطار النقل الداخلي من موسكو إلى الريف، وأكد شهود عيان أن «مجموعة المراهقين صعدوا إلى عربة القطار، وعندما لم يعثروا في تلك العربة على ضحية مناسبة قرروا الانتقال إلى العربة التالية من القطار. وسرعان ما سمعنا من هناك صوت صراخ، ليتضح أن المراهقين قاموا بضرب شاب قوقازي في الثلاثين من العمر كما يبدو من مظهره. وبعد أن اكتفى المراهقون من ضرب الشاب، سارعوا إلى مغادرة القطار في المحطة التالية، وذلك بعد أن رشوا داخل القاطرة غازا من عبوات رذاذ الغاز كانت بحوزتهم، بينما كان الشاب الذي تعرض للاعتداء يرتمي مضرجًا بالدماء على أرضية القاطرة».
وقد خلفت هذه الحادثة أصداء واسعة في المجتمع الروسي. أما البوليس فقد اعتبرها حادثة عابرة ووصف ما جرى بأنه صدام جرى مع شابين كانا يحاولان الفرار من المفتش لأنهما لا يحملان تذاكر نقل، وأثناء العراك أصيب مواطن من مواليد عام 1991 بجروح في الرأس. سابقًا كان البوليس الروسي يصر دومًا على وصف حالات العراك بين مجموعات شبان يمثلون قوميات مختلفة على أنها أعمال شغب يتسبب بها «حليقو الرأس» من مشجعي كرة القدم، وترفض في أغلب الحالات الإقرار بأنهم عبارة عن مجموعات تتحرك على خلفية عداء قومي.
وكانت هذه الحادثة لتبدو طبيعية حالها حال حوادث عراك تقع من حين لآخر بين شبان روس وآخرين قوقازيين أو من جمهوريات آسيا، إلا أن الاهتمام بهذا الاعتداء يعود إلى قلق لدى البعض إزاء الضخ الإعلامي الواسع عبر قنوات التلفزة الروسية في موضوع اللاجئين من الشرق الأوسط، والإصرار على طمس الجانب الإنساني لمأساتهم مقابل التركيز على تصويرهم بأنهم ليسوا لاجئين، بل على أنهم مهاجرون اتجهوا نحو أوروبا سعيا للحياة الرغيدة وجني الأموال دون عمل. ومؤخرًا يضيف الإعلام الروسي على هؤلاء اللاجئين صفة «المتعطشين جنسيًا» الذين يسعون لتفجير كبتهم الجنسي في أوروبا.
ومنذ الساعات الأولى للأحداث التي وقعت في كيولن في ألمانيا ليلة الاحتفالات بأعياد الميلاد ورأس السنة، وسع الإعلام الروسي حملته على اللاجئين من دول الشرق الأوسط إلى أوروبا، وبصورة رئيسية إلى ألمانيا التي لم تسلم أيضًا سياسة مستشارتها أنجيلا ميركل من الهجمة الإعلامية الروسية. وحتى يومنا الحالي ما زال موضوع التحرش الجنسي من جانب شبان عرب بمواطنات أوروبيات واحدًا من المواضيع الرئيسية على قنوات التلفزة الروسية، التي يبدو واضحًا مغازلتها لعقلية اليمين القومي المتطرف في أوروبا بما في ذلك في موضوع اللاجئين. ومنذ أيام تناقلت بعض صفحات التواصل الاجتماعي، ومن ثم وسائل الإعلام خبرًا يزعم أن فتاة من الجالية الروسية في ألمانيا تبلغ من العمر 13 عامًا وقعت ضحية عدد من الشبان من أصول شرق أوسطية، اختطفوها وتناوبوا على اغتصابها وضربها على مدار يومين.
وبينما كانت وسائل الإعلام الروسية «تصب الزيت على النار» مستغلة تلك الأنباء، نفى البوليس الألماني تلك المعلومات، ولم يوضح ما الذي جرى في الواقع، إلا أنه من الواضح أن أيادي خفية ما تلعب على هذا الموضوع الحساس تعمدت نشر مثل تلك الأنباء. وجاء الضخ الإعلامي حول الحادثة المزعومة مع استمرار الضخ المعادي للاجئين العرب في أوروبا ليخلق حالة من الاستياء في الأوساط العامة الروسية تجاه اللاجئين، مع ما خلفه ذلك من إنعاش لمشاعر العداء القومي لدى بعض الفئات في المجتمع الروسي، حيث أصبح كثيرون ينظرون إلى أي شخص جنوبي السحنة، أي يشبه العرب، على أنه واحد من أولئك اللاجئين «القذرين المهووسين جنسيًا»، ذلك أن الإعلام الروسي يعمل على صياغة الخبر والتقارير حول تلك الأحداث بأسلوب يوجه فيه الاتهام لكل اللاجئين، علمًا أنه لم تتضح رسميا حتى الآن هوية من قام بتلك الاعتداءات، وحتى لو كانوا من اللاجئين، فإن عددهم لا يتجاوز العشرات، من أصل ما يزيد عن مليوني لاجئ وصلوا أوروبا.
المثير للدهشة أن اللاجئ ليس وحده المستهدف في الحملات الإعلامية على القنوات التلفزيونية الرسمية الروسية، حيث أصبحت السخرية من أنجيلا ميركل وانتقاد سياستها نحو اللاجئين محورًا رئيسيا أيضًا على تلك القنوات، التي تحاول إظهار اهتمام وقلق غريبين بمصالح المواطنين الأوروبيين والتهديدات التي تواجههم في ظل تدفق مئات آلاف اللاجئين. نتيجة هذا الضخ الإعلامي حيث ينظر الغالبية في روسيا إلى اللاجئ السوري على وجه الخصوص، واللاجئ من دول الشرق الأوسط بشكل عام، على أنه شخص ذهب إلى أوروبا ليس هربا من الموت والدمار بل لأنه يحلم بتحقيق رغباته الجنسية وتفجير حالة الكبت عبر علاقات مع الأوروبيات.
ويحذر مراقبون من أن استمرار هذا الضخ الإعلامي غير المسؤول قد يساهم في تأجيج مشاعر العداء القومي من جانب، ومشاعر الاستياء والغضب في أوساط أبناء جمهوريات القوقاز من جانب آخر، وسيساهم في نشوء وتعزيز ونشر عقلية التطرف القومي، علمًا أن استراتيجية الأمن القومي الروسية تصنف «الأنشطة الهدامة التي تنطوي على استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لنشر الآيديولوجيا الفاشية والتطرف والإرهاب والانفصالية، والإخلال بالسلم والأمن الأهليين، والاستقرار الاجتماعي والسياسي» باعتبارها أحد مصادر التهديد الرئيسية لأمن روسيا.



تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)
TT

تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)

تحدثت شركة «غوغل» عن خطتها لتطوير عملية البحث خلال عام 2025، وأشارت إلى تغييرات مرتقبة وصفتها بـ«الجذرية»؛ بهدف «تحسين نتائج البحث وتسريع عملية الوصول للمعلومات»، غير أن الشركة لم توضح كيفية دعم الناشرين وكذا صُناع المحتوى، ما أثار مخاوف ناشرين من تأثير ذلك التطوير على حقوق مبتكري المحتوى الأصليين.

الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل»، سوندار بيتشاي، قال خلال لقاء صحافي عقد على هامش قمة «ديل بوك» DealBook التي نظمتها صحيفة الـ«نيويورك تايمز» خلال ديسمبر (كانون الأول) الحالي: «نحن في المراحل الأولى من تحول عميق»، في إشارة إلى تغيير كبير في آليات البحث على «غوغل».

وحول حدود هذا التغيير، تكلّم بيتشاي عن «اعتزام الشركة اعتماد المزيد من الذكاء الاصطناعي»، وتابع أن «(غوغل) طوّعت الذكاء الاصطناعي منذ عام 2012 للتعرّف على الصور. وعام 2015 قدّمت تقنية (رانك براين) RankBrain لتحسين تصنيف نتائج البحث، غير أن القادم هو دعم محرك البحث بتقنيات توفر خدمات البحث متعدد الوسائط لتحسين جودة البحث، وفهم لغة المستخدمين بدقة».

فيما يخص تأثير التكنولوجيا على المبدعين والناشرين، لم يوضح بيتشاي آلية حماية حقوقهم بوصفهم صُناع المحتوى الأصليين، وأشار فقط إلى أهمية تطوير البحث للناشرين بالقول إن «البحث المتقدم يحقق مزيداً من الوصول إلى الناشرين».

كلام بيتشاي أثار مخاوف بشأن دور «غوغل» في دعم المحتوى الأصيل القائم على معايير مهنية. لذا، تواصلت «الشرق الأوسط» مع «غوغل» عبر البريد الإلكتروني بشأن كيفية تعامل الشركة مع هذه المخاوف. وجاء رد الناطق الرسمي لـ«غوغل» بـ«أننا نعمل دائماً على تحسين تجربة البحث لتكون أكثر ذكاءً وتخصيصاً، وفي الأشهر الماضية كنا قد أطلقنا ميزة جديدة في تجربة البحث تحت مسمى (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews، وتعمل هذه الميزة على فهم استفسارات المستخدمين بشكل أفضل، وتقديم نتائج بحث ملائمة وذات صلة، كما أنها توفر لمحة سريعة للمساعدة في الإجابة عن الاستفسارات، إلى جانب تقديم روابط للمواقع الإلكترونية ذات الصلة».

وحول كيفية تحقيق توازن بين استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين البحث وضمان دعم مبتكري المحتوى الأصليين وحمايتهم، قال الناطق إنه «في كل يوم يستمر بحث (غوغل) بإرسال مليارات الأشخاص إلى مختلف المواقع، ومن خلال ميزة (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews المولدة بالذكاء الاصطناعي، لاحظنا زيادة في عدد الزيارات إلى مواقع الناشرين، حيث إن المُستخدمين قد يجدون معلومة معينة من خلال البحث، لكنهم يريدون المزيد من التفاصيل من المصادر والمواقع».

محمود تعلب، المتخصص في وسائل التواصل الاجتماعي بدولة الإمارات العربية المتحدة، رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن التغييرات المقبلة التي ستجريها «غوغل» ستكون «ذات أثر بالغ على الأخبار، وإذا ظلّت (غوغل) ملتزمة مكافحة المعلومات المضللة وإعطاء الأولوية لثقة المُستخدم، فمن المرجح أن تعطي أهمية أكبر لمصادر الأخبار الموثوقة وعالية الجودة، والذي من شأنه أن يفيد مصادر الأخبار الموثوقة».

أما فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي المصري والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، فقال لـ«الشرق الأوسط» خلال حوار معه: «التغيير من قبل (غوغل) خطوة منطقية». وفي حين ثمّن مخاوف الناشرين ذكر أن تبعات التطوير «ربما تقع في صالح الناشرين أيضاً»، موضحاً أن «(غوغل) تعمل على تعزيز عمليات الانتقاء للدفع بالمحتوى الجيد، حتى وإن لم تعلن بوضوح عن آليات هذا النهج، مع الأخذ في الاعتبار أن (غوغل) شركة هادفة للربح في الأساس».