لبنان يلتحق بموضة «طعام الشارع» تحت عنوان «لقمتنا بتجمعنا»

تستقطب «سوق الأكل» 30000 شخص أسبوعيًا في بيروت

تستقطب السوق أعدادًا هائلة من الذواقة  - الشاورما بطريقة عصرية
تستقطب السوق أعدادًا هائلة من الذواقة - الشاورما بطريقة عصرية
TT

لبنان يلتحق بموضة «طعام الشارع» تحت عنوان «لقمتنا بتجمعنا»

تستقطب السوق أعدادًا هائلة من الذواقة  - الشاورما بطريقة عصرية
تستقطب السوق أعدادًا هائلة من الذواقة - الشاورما بطريقة عصرية

موضة «طعام الشارع» (street food) الرائجة حاليا في عدد من الدول الأوروبية، صارت واقعا ملموسا في لبنان الذي التحق مؤخرا بها.
وتحت عنوان «سوق الأكل» الذي ابتكره موقع (نو غارليك نو أونيونز) الإلكتروني المعروف في عالم التغذية في لبنان، بات اللبنانيون من مختلف أطيافهم يعرفونه فيجتمعون تحت خيمة تنصب الخميس من كلّ أسبوع في وسط بيروت وشهريا في مناطق أخرى. فتكتشف فيه أحدث وصفات هذا النوع من الطعام اللبناني والعالمي معا.
«لقمتنا بتجمعنا» هي العبارة التي اختارها مبتكر الموقع أنطوني رحايل، لتشكّل محور هذه السوق، التي تستقطب أسبوعيا نحو 30000 شخص. فيقصدونها من كل حدب وصوب، مهما كانت أحوال الطقس السائدة أو حركة المرور المزدحمة بها الشوارع. فـ«سوق الأكل» تعد بمثابة مهرجان طعام يقام في الهواء الطلق يترافق مع عزف حي للموسيقى، يزوّدك بالفرح والمتعة لما يتضمن من أطباق تقليدية وأخرى حديثة من ناحية، ولأنه يشعرك بالارتواء من إحساسك بالحنين إلى وجه لبنان المضيء دائما من ناحية ثانية.
«في جولاتي على أسواق الطعام في أوروبا، اكتشفت أن ما نقوم به في بيروت ومناطق لبنان عامة هو على المستوى المطلوب لا بل الأفضل أحيانا». يوضح الدكتور أنطوني رحايل المتخصص في طبّ الأسنان، والذي أخذ على عاتقه مهمّة أن يكون سفير اللقمة اللبنانية الشهية في لبنان والعالم. ويتابع: «هذه الأسواق ابتكرت حديثا في تلك الدول، إلا أننا في لبنان نعدّ من الأولين الذين يحتلّ طعام الشارع أهمية لديهم. فنحن معروفون بالمنقوشة على أنواعها وكذلك بساندويتش الفلافل والشاورما منذ مئات السنين، فكان الأولى بنا أن نحمل أطباقنا التراثية هذه إلى (سوق أكل) ونضعها في إطارها السليم ونلقي الأضواء على ميزاتها، لا سيما وأن دما جديدا من هواة الطهي، قدموا تحديثا ملحوظا في تلك الأطباق ومكوناتها الأساسية مع الحفاظ على هويتها الأصلية».
فالمنقوشة المخبوزة على الصاج، مثلا، ارتدت حلّة جديدة في «سوق الأكل» التي تقام أسبوعيا في بيروت ويوم الخميس بالتحديد. فصارت تحتوي على الموز والنوتيلا حينا وعلى الكشك والرمان حينا أخرى. فيما أصبح ساندويتش الشاورما ملكا بين باقي زملائه، يقدّم مع الطرطور المصنوع من عصير ثمرة البوسفير أو الممزوجة مكوّناته مع تتبيلة مغايرة ليحتوي على أنواع لحوم أخرى كالبط والسمك.
وما أدراك بأنواع الطعام الأخرى في سوق الأكل في خيم زرقاء موزّعة هنا وهناك في وسط بيروت، فتأخذك إلى المكسيك كما إلى إيطاليا والبرازيل وسنغافورة أحيانا أخرى. أي طبق يخطر على بال الزائر يمكن أن يجده في «سوق الأكل»، الذي صار بمثابة تقليد أسبوعي اعتاد اللبنانيون ارتياده للخروج من روتين أيامهم العادية. ساندويتش النقانق مع دبس الرمان أو السجق مع الجبن، كما ساندويتش الـ«هوت دوغ» مع الشيبس أو مع الخردل التقليديين، تجدها في «سوق الأكل» طازجة ساخنة تناديك رائحتها الشهية لتتناولها بسرعة.
فهنا سيدة خمسينية ترتدي الروب الأسود (يرتديه جميع المشاركين)، جاءت من البقاع الغربي لتمارس هوايتها المفضّلة في إعداد حلوى النمّورة على طريقة أهالي منطقتها، وهناك تنهمك طالبة جامعية في تلبية طلبات زبائنها للمنقوشة المصنوعة مع زيت الكماءة والصعتر البلدي.
أما هاغوب الآتي من منطقة برج حمّود فقد قرر أن يكون طبق الهامبرغر اختصاصه الأول والأخير في هذا المعرض، فيقدّمه بحجم ضخم لمكوناته الكثيرة واللذيذة، وكذلك رياض الذي يملك مطعما في منطقة الحمراء. فيقدّم البرغر على طريقة (sloppy joe)، المشهور بأسلوبه في إعداد هذا الطبق عالميا فيلتهمه صاحبه، دون الاهتمام بمشكلة آثار البندورة وصلصة المايونيز واللحم المفروم التي يتركها على شفاهه من جرّاء تناوله بنهم.
أما جويس من بيروت فتجد حسب ما ذكرت لنا، متعة في إعداد «الكاتوهات» المزيّنة بالـ(فيرميسيل) الملّون الجاذب للأطفال.
ولا يجب أن يفوتك في «سوق الأكل» تذوّق ساندويتش الطاووق المتبّل مع العسل، وكذلك الفاهيتا المكسيكية بالخبز المرقوق، أو حبوب الكرز والفراولة والموز المغطّس بالشوكولاته.
ولاقى «سوق الأكل» ذروة نجاحاته في أعياد الميلاد الفائتة، بحيث توزّعت 50 خيمة فيه، جاء أصحابها من 50 منطقة لبنانية، لتقديم أشهى الأكلات المشهورة في بلداتهم. زار السوق يومها نحو40000 شخص، وكان البرغر بصلصة «البافالو» ولحم البقر المطهو على طريقة الروستو، وأجنحة الدجاج المقلية والمغمورة بالصلصة اليابانية من بين الأطباق المقدّمة هناك في المناسبة.
«هدفنا في هذا المهرجان الأسبوعي والذي سيستهلّ أعماله في فبراير (شباط)، بعد استراحة قصيرة، تبعت نشاطات كثيرة قمنا بها خلال فترة الأعياد، هو الإضاءة على أهمية اللقمة اللبنانية اللذيذة وهويتها. فالطعام هو لذّة بحد ذاته فكيف إذا كان عنصرا من عناصر الوحدة الوطنية التي تلمّ أبناء الوطن الواحد دون تمييز؟» يقول أنطوني رحايل ويتابع: «قد يسأل البعض عما إذا كان (سوق الأكل) في لبنان لامس العالمية بمستواه وجودة أطباقه وتطبيق أصول الغذاء الصحي فيه، ونحن نردّ مؤكّدين أن هذه السوق هي أفضل من أي سوق أخرى تقام في العالم، يشرف عليها خبراء في مجال الطبخ وسلامة الغذاء، وهذا الكلام ليس من باب الترويج أو الدعاية، بل نتيجة أبحاث قمت بها شخصيا على عدد من أسواق الأكل في برلين ولندن وأميركا وغيرها».
خيم زرقاء مساحة كلّ منها يبلغ 3x3 مترا تصطفّ على مساحة شاسعة، مفروشة طاولاتها بالشراشف الحمراء، ويرتدي الطهاة فيها المئزرة السوداء والقفازات البيضاء، هي من القواعد المتبعة في هذه السوق، الذي كما أقيم في برمانا وجبيل وسيقام أيضا في طرابلس والبقاع وصور في المستقبل القريب.
في كل أسبوع تختلف نوعية المشاركين في هذه السوق الخاصة بطعام الشارع. لدينا أسبوعيا 50 خيمة يشغلها 70 شخصا، يتغيّر أصحابها بين أسبوع وآخر، وذلك من باب التنويع ولنبقى على اطلاع على كل مستجدّ في عالم الطهي. فاليوم تجدون صاحب مطعم سمك يشاركنا المعرض وقد جاء من البترون، أو صاحب محلّ عصير كوكتيل جاء من زحلة، وفي الأسبوع المقبل قد تجدون «أم علي» من الجنوب تعدّ المناقيش بالصعتر والبصل، و«أم إلياس» من زغرتا تعدّ طبق المغربية أو الكبّة الزغرتاوية على طريقتها التي ورثتها من منطقة الشمال. يخبرنا الدكتور أنطوني رحايل الذي يشرف على كلّ شاردة وواردة في «سوق الأكل»، من لحظة مدّ خيمة وفرشها إلى لحظة تفكيكها وتنظيف المكان الذي شغرته.
«القصة ليست قصّة أكل وتنوع أطباق، فمحورها الأساسي يدور حول حكاية مطبخ لبنان من ألفه إلى يائه، فنضعه تحت الضوء وبمتناول الجميع» يشرح أنطوني رحايل.
«ماذا سنأكل اليوم؟» سؤال لن يندرج في لائحة مشاريعك اليومية في حال قرّرت الذهاب إلى «سوق الأكل»، فأنواع الطعام الكثيرة الموجودة فيه ستجعلك تحتار من أين تبدأ وأين تنتهي. فالبطاطا المقرمشة على طريقة «الودجز» مع صلصة «الباربكيو»، والهامبرغر مع سمك السلمون المدخّن والخضراوات الطازجة، والسمك البزري اللذيذ مع عصير الليمون الحامض، والكبّة الزغرتاوية وغيرها من ساندويتشات تحتوي على الدجاج والروستو ولحم البقر والربيان مع صلصات متنوعة والمخلخلات، إضافة إلى أطباق السوشي وعرانس الذرة المشوية والمسلوقة، والفول الأخضر المسلوق والمتبّل بالكمّون، والبيتزا والباستا، وكرات الجبن مع اللوز أو البصل المقلي، وغيرها من أكلات لبنانية شهية كالتبولة والفتوش ومحشي ورق الملفوف والعنب مع الكستلاتة، ستجدها تحت سقف «سوق الأكل»، لتختار منها ما يسكت زقزقة عصافير بطنك، أو لتحملها معك إلى المنزل بعد يوم طويل من العمل المتعب والشاق.
وما تقدّمه هذه السوق في مجال أطباق الطبخ توازيه من ناحية أخرى باقة حلويات غربية وشرقية يسيل لها اللعاب. فكما هناك «التشيز كيك» و«شوكولا مو» هناك أيضا «حلاوة الجبن» والمفروكة بالتمر، وغيرها من أنواع الحلويات السريعة التي تحضّر أمامك مباشرة.
هل يمكن أن ننتقل هذه السوق إلى خارج لبنان؟ يردّ أنطوني رحايل: «نفكّر حاليا في المشاركة بأسواق غربية كما في رومانيا مثلا، وفي أخرى عربية مثل الأردن ودولة الإمارات العربية».
وستشهد السوق في عودتها القريبة إلى أسواق بيروت أسابيع طعام خاصة بمناسبات معيّنة، كاليوم العالمي لمرضى السرطان، بحيث سيتمّ إعداد أطباق يسودها الزهري، ويعود ريعها للمؤسسات المختصة بهذا المرض في لبنان. وكذلك سيقام مهرجانا «الربيع للطعام» و«عيد العشاق» وغيرها.
مع «سوق الأكل» ستتمتع باشتمام عطور من نوع آخر، يتقدّمها عطر المطبخ اللبناني العريق والحديث معا، وليلحق به رائحة أطباق مطابخ أخرى تقودك حشريتك للتعرّف إليها عن كثب. «لقمتنا بتجمعنا» هو عنوان لمشوار سياحي مختلف يمكنك أن تقوم به أثناء زيارتك للبنان. صحيح أنك لن تتجوّل فيه على مواقع أثرية وأخرى تاريخية، إلا أنك بالتأكيد ستجد صعوبة لمغادرته كونه مركزا سياحيا ينبض بالحياة والشباب وباللقمة الطيبة.



المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
TT

المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)

في الماضي، كان الناس يخرجون لتناول الطعام في مطعمهم المفضل وتذوق طبقهم الألذ فيه، أما اليوم، وفي عصر وسائل التواصل الاجتماعي وتوفر كاميرا الهواتف الذكية في كل مكان وزمان، ونشر صور الطعام على منصات رقمية على رأسها «إنستغرام» أصبحت زيارة المطعم لالتقاط الصور ومشاركتها مع العالم، دون أكلها أحياناً. ولكن هل كل ما تأكله الكاميرا قبل المعدة لذيذ كما تراه في الصورة؟

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)

هناك فئة من المطاعم التي تحمل مصطلح «إنستغرامابل» Instagrammable وتعني أنها تبدو جميلة على صفحات «إنستغرام» نظراً للتركيز على شكل الأطباق وطريقة تقديمها واستخدام الألوان فيها، بعيداً عن التركيز عن النكهة والمنتج المستخدم فيها.

وفي دراسة نشرت أخيراً على موقع رقمي متخصص بأخبار المطاعم والطعام، تبين أن تصوير مأكولات (تبدو شهية مثل الكيك وأنواع الحلوى المنمقة) قد تزيد من نكهتها قبل أكلها، والسبب قد يعود إلى أن مقولة «العين تعشق قبل القلب أحياناً» صحيحة، وذلك لأن العين هنا تقع في حب الطبق قبل تذوقه، فقط بسبب الصور التي نلتقطها.

طبق شهير نشرت صوره على وسائل التواصل الاجتماعي (إنستغرام)

في الآونة الأخيرة، وفي تغير واضح في طريقة تصرف الذواقة في المطاعم أصبح التقاط صور الطعام أمراً مبالغاً به، لدرجة أنه أصبح من الضروري الاستئذان من الجالسين على طاولتك قبل مد يدك لتناول الأكل بسبب اهتمام بعضهم بالتقاط الصور ونشرها على الإنترنت، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل كل ما تلتقطه الكاميرا وينشر على الشبكة العنكبوتية يتمتع بنكهة لذيذة توازي الشكل الجميل؟

ديكورات تلفت الانظار والمهتمين بنشر صور المطاعم (إنستغرام)

هذا السؤال يذكرني بحادثة وقعت معي، بعدما تحمست لزيارة أحد المطاعم الإيطالية في لندن، بعد رؤية العديد من المؤثرين ينشرون صوراً لثمار البحر يسيل لها اللعاب، فقررت الذهاب وتذوق تلك التحف الصالحة للأكل، وللأسف انتهى الحماس بمجرد تذوق أول لقمة من طبق الأسماك المشكلة الذي جئت حالمة بصورته وتذوقه، فالمذاق لم يكن على المستوى الذي توقعته، خاصة أن لائحة الانتظار للحصول على حجز في ذلك المطعم طويلة مما اضطرني للتكلم مع المدير المسؤول في هذا الخصوص، والاعتراض على نوعية المنتج.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)

الأكل في أيامنا هذه بالنسبة للأجيال الصاعدة مثل «جين زي» وجيل الألفية يعدّ نوعاً من التعبير عن المكانة الاجتماعية والمادية، فنشر صور الأكل بالنسبة لهم يتعدى مفهوم التهام الطعام والتمتع بمذاقه، وإنما يكون نوعاً من المفاخرة والتباهي في أوساط مجتمعاتهم ومعارفهم.

فالطعام نوعان؛ الأول يركز على المذاق والنكهة، أما الثاني فيعتمد على التصميم الخارجي، تماماً مثل ما حصل مع دوناتس قوز القزح، أقراص الحلوى التي غزت الإنترنت وشبكة التواصل الاجتماعي، وسميت بـRainbow Food Craze فكل من تذوق هذه الحلوى بوصفة الدونات المعدلة والمبتكرة قال إن النوع التقليدي يتمتع بمذاق ألذ بكثير.

تاباس أسماك (إنستغرام)

هناك عدد من المطاعم حول العالم التي تشتهر بتقديم أطباق جميلة وجذابة بصرياً على «إنستغرام»، لكنها ليست بالضرورة لذيذة. غالباً ما يكون الهدف من هذه المطاعم هو جذب الانتباه من خلال الإبداع في العرض وتنسيق الألوان والتفاصيل الجمالية، ولكن عند تذوق الطعام قد يكون الطعم عادياً أو غير مميز.

فيما يلي بعض الأمثلة التي تُذكر عادة في هذا السياق، مثل مطعم «ذا أفو شو» في أمستردام المعروف بتقديم يعتمد بشكل كامل على الأفوكادو بطريقة مبهرة وجميلة، إنما هناك بعض الآراء التي تشير إلى أن الطعم لا يرقى إلى مستوى العرض البصري.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)cut out

أما مطعم «سكيتش» في لندن ويعدّ من المطاعم ذائعة الصيت والمميز بديكوراته الجميلة وألوانه الزاهية، فهناك آراء كثيرة حول مذاق أطباقه الذي لا يكون على قدر التوقعات العالية التي يولدها المظهر الفاخر.

ومطعم «شوغر فاكتوري» في الولايات المتحدة الذي يملك فروعاً كثيرة، وشهير بحلوياته ومشروباته المزينة بألوان مشرقة على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يصفونه بأنه مجرد «سكر على شكل جميل»، ولا يقدم شيئاً مميزاً من حيث المذاق.

«إيل أند أن كافيه» في لندن، وهو غني عن التعريف، خاصة أنه من أكثر المطاعم التي تنشر صورها على «إنستغرام»، ومن بين أول المطاعم التي استخدمت أسلوب الديكور الذي يعتمد على الورود، فهناك من يعتقد أن أكله ليس جيداً على عكس الصور التي تنشر هنا وهناك.

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)cut out

«فيش أند بابلز» Fish & Bubbles الواقع في نوتينغ هيل بلندن، من المطاعم الإيطالية التي انتشرت بسرعة البرق على وسائل التواصل الاجتماعي، والصور والفيديوهات التي نشرها المؤثرون جرّت الكثير للذهاب إلى المطعم وتذوق ثمار البحر كما رأوها في الصور، ولكن الحقيقة هي عكس ذلك؛ لأن المذاق أقل من عادي والأسماك ليست طازجة، ومن زار هذا المكان فلن يزوره مرة ثانية.

ولمحبي البرغر فقد أغرتهم الصور في مطعم «بلاك تاب كرافت برغرز» في نيويورك بعد الشهرة التي حصل عليها على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يجدون أن النكهات عادية، ولا تتناسب مع الشهرة التي حصل عليها على الإنترنت. ولا يتفق الكثير من الذين زاروا «سيريال كيلار كافيه» Celear Killer Café في كامدن تاون بلندن، الذي يقدم حبوب الإفطار بألوان زاهية وتنسيقات مبتكرة تجعلها مثالية للصور، أن الطعم يوازي روعة الصور، مما عرّض المقهى للكثير من الانتقادات، خاصة أنه ليس رخيصاً.

لائحة أسماء المطاعم التي تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي لتسويق أطباقها التي لا ترتقي للجودة المطلوبة لا تنتهي، والسبب وفي عصرنا هذا هو التسويق البصري والجذب السريع للزبائن، حيث يعتمد هذا النوع من التسويق بشكل كبير على الصور والفيديوهات القصيرة، خاصة على منصات مثل «إنستغرام» و«تيك توك». الأشخاص يتأثرون بالصور الجميلة والجذابة أكثر من أي شيء آخر. لذلك، عندما تكون الأطباق مصممة بشكل جميل ومبهج، يسارع الناس إلى تصويرها ونشرها، مما يوفVر للمطعم تسويقاً مجانياً وانتشاراً واسعاً.V

الكثير من الزبائن في يومنا هذا يسعون إلى أماكن مثالية لتصوير أطباقهم ومشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي. بعض المطاعم تلبي هذا الاحتياج عبر تقديم أطباق مبهجة بصرياً، مما يجعل المطعم وجهة مفضلة رغم أن الطعم قد يكون عادياً.

في السنوات الأخيرة، بدأ الطعام يُعامل بوصفه نوعاً من الفنون البصرية. فهناك اتجاه كبير نحو تقديم الطعام بطريقة إبداعية وفنية، مما يجعل من الصعب أحياناً التوفيق بين الطعم والتصميم. فالبعض يرى أن تصميم الطبق الجميل يستهلك جهداً كبيراً قد يطغى على الاهتمام بالتفاصيل المتعلقة بالطعم.

ولكن، وفي النهاية، لا يصح إلا الصحيح، ويبقى هذا النوع من المطاعم التي تهتم بالشكل والديكور وطريقة تقديم الأطباق لتشد الكاميرا وتتحول إلى صور يتهافت عليها الزبائن حالة خاصة؛ لأنها ستكون مؤقتة وستجذب الزبون مرة واحدة على عكس المطاعم التي تعتمد على جودة المنتج ونوعية الطعام وطعمه. كما أنه لا يجوز وضع المسؤولية كاملة على كاهل المطاعم إنما يتحمل أيضاً الزبون وبعض المؤثرين المسؤولية في تضليل الرأي العام، والتسويق لمطعم لا يستحق الشهرة والانتشار.