الميدان السوري ساحة اختبار للأسلحة النوعية الروسية

من القاذفات والصواريخ المجنحة إلى دبابات «تي 90 أ» والمدرعة «الروبوت»

جندي روسي يجهز طائرة سوخوي وتزويدها بالقاذفات قبل انطلاقها  من قاعدة حيميم الروسية في اللاذقية (أ.ف.ب)
جندي روسي يجهز طائرة سوخوي وتزويدها بالقاذفات قبل انطلاقها من قاعدة حيميم الروسية في اللاذقية (أ.ف.ب)
TT

الميدان السوري ساحة اختبار للأسلحة النوعية الروسية

جندي روسي يجهز طائرة سوخوي وتزويدها بالقاذفات قبل انطلاقها  من قاعدة حيميم الروسية في اللاذقية (أ.ف.ب)
جندي روسي يجهز طائرة سوخوي وتزويدها بالقاذفات قبل انطلاقها من قاعدة حيميم الروسية في اللاذقية (أ.ف.ب)

يمثّل انضمام الطراد الروسي «زليوني دول» المجهز بصواريخ عابرة من طراز «كاليبر» إلى الأسطول الروسي في البحر المتوسط، أحدث إعلان عن دفع موسكو بأسلحتها النوعية في الحرب السورية، وهو ما يضاعف اعتقاد المعارضين السوريين بأن روسيا «تجرب أسلحتها الحديثة على الأراضي السورية»، وتدفع بأسلحة «لا يوجد ما يقابلها في حوزة قوات المعارضة».
فانضمام الطراد إلى الأسطول الروسي في المتوسط، يأتي بعد سلسلة خطوات نفذتها موسكو على خط «وضع ثقلها العسكري» في سوريا، بدءًا من سلاح الجو الحديث، والصواريخ المجنحة البعيدة المدى، وصولاً إلى المدرعات والآليات العسكرية الحديثة مثل دبابة «تي 90أ» المعروفة باسم دبابة «فلاديمير»، والمدرعات التي تسير وفق نظام تحكم عن بُعد، فضلاً عن قاذفات الصواريخ وكاسحات الألغام الحديثة، والمدفعية البعيدة المدى.
وأعلنت موسكو أمس، إبحار الطراد «زليوني دول» المجهز بصواريخ عابرة من طراز «كاليبر»، الذي انضم إلى الأسطول الروسي في البحر الأسود في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باتجاه البحر المتوسط. ونقلت وكالة الأنباء «ريا - نوفوستي» عن مصدر أمني في القرم حيث يتمركز أسطول البحر الأسود، أن الطراد يتوجه إلى سوريا وقد يشارك في الحملة العسكرية الروسية لدعم الجيش السوري النظامي. وقال المصدر نفسه «إن أهداف السفينة لم تكشف لكن بما أنها مجهزة بصواريخ عابرة طويلة المدى، فإنه يفترض عدم استبعاد مشاركتها في العملية العسكرية».
وكانت القوات البحرية الروسية، أطلقت مرتين على الأقل، دفعات من صواريخ «كاليبر» المجنحة الموازية لصواريخ «توما هوك» الأميركية، باتجاه أهداف في سوريا، وذلك انطلاقًا من غواصة في البحر المتوسط وسفن حربية في بحر قزوين شرقًا.
وحولت القوات الروسية الميدان السوري إلى «معرض لأسلحتها الجديدة وحقل تجارب»، كما يقول معارضون سوريون، مشيرين إلى «حجم القصف بمختلف أنواع الأسلحة». ويقول القيادي العسكري المعارض العميد أحمد رحال، بأن قوات المعارضة «شاهدت استخدام أسلحة متطورة جدًا مثل المقاتلات الجوية من الجيلين الرابع والخامس، والتي رمت صواريخ ذكية وقنابل عنقودية روسية محرمة دوليًا مثل حاضنة حاضنة rbk500 التي تحمل قنابل عنقودية، ومنها ما ينفجر بمؤقتات زمنية، ومنها ما ينفجر بالتزامن مع الحركة حولها».
وكانت وسائل إعلام روسية، أكدت قبل أيام أن طائرات سوخوي «35 إس» تواصل عملها في قاعدة حميميم الجوية في ريف اللاذقية بسوريا حيث يتمتع هذه الطراز من الطائرات بمزايا وأساليب قتالية ودفاعية متقدمة.
ويشير رحال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى قصف بعض المناطق بصواريخ عالية الانفجار، بينها صواريخ «كاليبر» البعيدة المدى، والصواريخ التي تنطلق من راجمات حديثة، ويصل مداها إلى 40 كيلومترًا وتحمل رؤوسًا متفجرة ضخمة، مشيرًا إلى أن تلك الراجمات، إضافة إلى مدفعية حديثة روسية «استخدمت قبل التدخل الروسي بعد أن منحتها موسكو للنظام السوري».
إلى جانب سلاحي الجو والبحر، أدخلت القوات الروسية الدبابة من طراز «تي 90 أ» إلى الميدان السوري، وزودت نسخًا منها للقوات النظامية. وتعد هذه الدبابة، أداة قتال رئيسية روسية الصنع من الجيل الثالث، باشرت خدمتها القتالية في الجيش الروسي في العام 2004. وتعتبر «الدبابة الأكثر حداثة في الجيش الروسي، ومزودة بمدفع عيار 125 مللم». وذكرت صحيفة «غازيتا.رو» الروسية، أن الجيش السوري استخدم لأول مرة دبابات «تي - 90 أ» فلاديمير بالقرب من حلب، حيث «العماد القتالي» لهذه الدبابة.
وفيما تقول وسائل إعلام روسية، بأن هذه الدبابة مزودة بنظام دفاعي إلكتروني يضلل الصواريخ الحرارية والموجهة المضادة للدروع، ينفي رحال تلك المعلومات، مؤكدًا احتراق عدد منها في معارك سهل الغاب وريف حماه قبل ثلاثة أشهر: «بعد تعرضها لإصابات مباشرة بصواريخ تاو» الأميركية، لافتًا إلى أن القوات النظامية «زودتها بشبكات حماية فولاذية لتخفيف الضرر عنها إثر تعرضها لصواريخ موجهة».
ولا يقتصر الدفع العسكري الروسي على أسلحة هجومية، أو دفاعية تستخدمها القوات الروسية في مطار حميميم مثل منظومتي «بانتسر» و«إس 400» المضادة للصواريخ والطائرات، إذ أدخلت القوات الروسية منظومة إلكترونية جديدة، تسعى لتجنب كمائن المعارضة والأسلحة بحوزتها.
فقد أفادت وسائل إعلام روسية باستخدام الجيش السوري روبوتات روسية الصنع في محافظة اللاذقية بمحيط برج «سيرياتيل»، مشيرة إلى «تقدم صفوف الجنود على ارتفاع من 100 - 200 متر وقامت بتطهير المبنى ليتمكن الجنود من الدخول». وأوضحت وسائل الإعلام أن الجنود السوريين حصلوا على دعم من الخبراء الروس الذين قاموا بتحريك الروبوتات العسكرية التي تحقق نجاحًا في المعارك، وذلك عبر أنظمة اتصال تستخدمه عادة القوات الروسية في سوريا مثل نظام «أندروميدا - دي» و6 روبوتات قتالية «بلاتفورما - إم»، و4 منظومات «أرغو» والتي تتمكن من قصف العدو.
ويشكك رحال باستخدام تلك المدرعات، قائلا: «إننا سمعنا عنها، ولم نشاهدها»، مشيرًا إلى أن استخدام تلك الأسلحة التي تتحرك بموجب أنظمة اتصال عن بعد: «يأتي خوفًا من مفاجآت وكمائن الجيش الحر، مهمتها استكشاف المناطق». ويرى أن استخدامها في المناطق الجبلية كما في ريف اللاذقية «صعب ومعقد».
وكانت لقطات فيديو أظهرت قبل أشهر، استخدام القوات النظامية كاسحات ألغام روسية حديثة في منطقة جوبر في دمشق، من طراز U - 77. تطلق قذيفة طويلة على شكل حبل، وتُسمى «أفعى»، وتصل إلى مسافة 3 كيلومترات، قبل أن تنفجر لحظة ارتطامها بالأرض. ويقول رحال بأن هذه المدرعة التي أعدها الروس لتفجير الألغام المزروعة في الأرض، استخدمها النظام لتدمير الأبنية، كونها تحدث انفجارًا على مساحة دائرة يبلغ قطرها كيلومترا واحدا.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».