النظام يسارع خطواته إلى الرقة بعد إعلان التحالف الدولي نيته التدخل بريًا لمحاربة «داعش»

ملامح سباق روسي ـ غربي إلى معقل التنظيم المتشدد.. ومعارضون لا يرون دفع دمشق جديًا

جنديان سوريان يتخذان موقعهما في مدينة دوما بريف دمشق أمس (إ.ب.أ)
جنديان سوريان يتخذان موقعهما في مدينة دوما بريف دمشق أمس (إ.ب.أ)
TT

النظام يسارع خطواته إلى الرقة بعد إعلان التحالف الدولي نيته التدخل بريًا لمحاربة «داعش»

جنديان سوريان يتخذان موقعهما في مدينة دوما بريف دمشق أمس (إ.ب.أ)
جنديان سوريان يتخذان موقعهما في مدينة دوما بريف دمشق أمس (إ.ب.أ)

أطلقت قوات النظام السوري مدعومة بغطاء جوي روسي هجوما جديدا في ريف حماه الشرقي، يهدف للاقتراب من معقل تنظيم داعش في محافظة الرقة في شمال سوريا، تمكنت خلاله من الوصول إلى الحدود الإدارية للمحافظة، بحسب ما ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، وذلك بعد يومين من إعلان التحالف العربي والدولي لمحاربة الإرهاب نيته التدخل بريا لمحاربة التنظيم المتشدد.
وبدا النظام السوري، وحليفاه روسيا وإيران، يسابقون التحالف الدولي إلى معقل التنظيم المتشدد، وهي المعركة الأولى منذ صيف عام 2014، في وقت ترى فيه المعارضة السورية أن معركة النظام «غير جدية»، وهي «محاولة لمصادرة ورقة الحرب على الإرهاب لصالحهم».
وقال المعارض السوري والرئيس السابق للمجلس الوطني السوري عبد الباسط سيدا، إن النظام، منذ البداية «يحاول استغلال ورقة محاربة الإرهاب لتعزيز مواقعه وتبييض صفحته وتشويه صورة الثورة السورية»، لافتا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بعد تسرب أنباء عن نية تركيا والمملكة العربية السعودية التدخل البري والإعراب عن استعدادهما لمحاربة التنظيم بقوات برية، وجد النظام أن ورقة محاربة الإرهاب ستخرج من يده ويد حلفائه، لذلك يحاولون الالتفاف على الملف الآن».
ورأى سيدا أن إمكانية النظام لتصفية داعش في الرقة «كانت متاحة منذ البداية، لكنه لم ينخرط في حرب ضده، وأصر على ضرب المعارضين له»، مشيرا إلى أنه اليوم «يحاول مصادرة الورقة لصالحه». وأضاف: «لا أرى معركة النظام وروسيا ضد التنظيم جدية. فالحرب الجدية الروسية محصورة بقتال الفصائل العسكرية المعارضة، لكن موسكو ستحاول السيطرة على الموقف إذا تلمست تدخلا بريا جديا من قبل التحالف الدولي». ورأى سيدا أن «الموضوع مرتبط بالموقف الأميركي، فإذا كان الأميركي جادا في الانخراط ضد (داعش)، فلا يمكن للروس تجاوز الإرادة الأميركية، وأما إذا أحس الروس بانكفاء أميركي، فإنهم سيحاولون مصادرة الورقة لصالحهم».
وأعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، أن الحكومة السورية تستعد للتقدم صوب الرقة معقل تنظيم «داعش» في الوقت الذي واصلت فيه الطائرات الروسية المتحالفة مع النظام السوري قصف بلدات واقعة تحت سيطرة المعارضة شمال حلب.
ويمنح هذا التقدم صوب الرقة النظام السوري من جديد موطئ قدم في المحافظة لأول مرة منذ عام 2014، في وقت ذكرت فيه وكالة «رويترز» أن هذا التقدم «قد يستهدف استباق أي خطوة من جانب المملكة العربية السعودية لإرسال قوات برية لمحاربة مقاتلي التنظيم المتشدد في سوريا».
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات النظام «وسعت رقعة سيطرتها ووصلت إلى الحدود الإدارية للرقة»، مشيرا إلى أنه «إضافة لهدفها بالوصول إلى معقل التنظيم، فإنها تسعى لتعزيز تأمين طريق حلب – دمشق من جهة خناصر» شرق حلب. وقال إن هذا التقدم «يظهر سباقا بين محور روسيا – إيران – دمشق، مع التحالف العربي والدولي لمحاربة الإرهاب للوصول إلى الرقة»، لافتا إلى أن «المعركة الأولى للنظام في الرقة ستكون في مطار الطبقة العسكري» وهو قاعدة جوية أجبر «داعش» قوات النظام على مغادرتها في أغسطس (آب) 2014. وأشار إلى أن «الاشتباكات تواصلت في شمال شرقي أثريا وجنوب غربها قرب منطقة الشيخ هلال، بين قوات النظام وتنظيم داعش إثر محاولة قوات النظام دخول المحافظة من خلال التقدم نحو شمال شرقي أثريا، إضافة إلى الهجوم على محيط منطقة الشيخ هلال باتجاه عقيربات، ومحاولة تأمين المنطقة».
وفي ما بدا الهجوم الأحدث ردا على إعلان التحالف الدولي للتدخل البري، يرى الباحث السياسي وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة «باريس الجنوب» خطار أبو دياب، أن «داعش» هي «فزاعة بدايات القرن الحادي والعشرين، وشركة مساهمة للإرهاب»، مشيرا إلى أنه «تحت غطاء ما يُسمى الحرب ضد الإرهاب، هناك استهدافات لإعادة تركيب خرائط أو الدفاع عن الواقع القائم، ولكل طرف رؤيته».
وإذ يذكّر أبو دياب، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، بالسياق التاريخي «بما يُسمى الحرب على الإرهاب»، منذ حرب أفغانستان نهاية السبعينات، وصولا إلى الشيشان والعراق وسوريا أخيرا، يشير إلى أنه «منذ الدخول الروسي المكثف إلى سوريا، يمكننا الحديث عن وجود تنافس محموم بين أميركا وروسيا حول زعامة الحرب ضد الإرهاب، وأصبح ذلك بوضوح شماعة عند الطرفين لتغليب مصالحهما على ما عداها، ورؤيتهما للمسألة السورية فوق كل الاعتبارات الأخرى». ويضيف أبو دياب: «اليوم بعد تقدم المحور الروسي – الإيراني - الأسدي في شمال حلب، تحاول موسكو إعطاء الانطباع بأنها من خلال الاقتراب من الحدود الإدارية للرقة ستقود معركة تحريرها، ويحصل ذلك بينما كان الناتو في اجتماعه الأخير في بروكسل يضع الخطط لما يسميه معركتي الموصل والرقة».
ويرى أن «الهدف الأساسي حول هذا التمركز للنظام السوري هو التمويه، لأن غايته الاستراتيجية كما صرح الأسد مساء الجمعة، إغلاق الحدود مع تركيا، وليس هناك من أولوية للحرب على (داعش) الذي تعايش معه النظام وتلاعب معه بقدر الشعب السوري ومصيره»، لافتا في الوقت نفسه إلى أن «العرض السعودي حول إمكانية المشاركة البرية كشف خفايا السياسة الأميركية، إذ لا تبدو واشنطن متحمسة لمشاركة قوات برية تركية وسعودية في الحرب ضد (داعش)، ليس خشية من صدام مع روسيا أو إيران، بل لحسابات أخرى حول ربط موضوع الرقة بإعادة تركيب الوضع السوري بشكل عام». ويعرب عن رأيه بأن «المسألة مفتوحة، ولن تبذل قوات المحور الإيراني – السوري من الناحية العسكرية أي الجهد، ولن تتحمس لمنازلة تنظيم داعش، بينما خطط القوات الأخرى من ناحية الولايات المتحدة فهي محكومة بتعقيدات الوضع السوري».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.