التحالف يرسل «قوات خاصة» لتحرير ثلاث مدن يمنية

اجتماعات مكثفة لزعامات قبلية حول صنعاء.. وقيادات المتمردين تحول أموالاً طائلة إلى الخارج

التحالف يرسل «قوات خاصة» لتحرير ثلاث مدن يمنية
TT

التحالف يرسل «قوات خاصة» لتحرير ثلاث مدن يمنية

التحالف يرسل «قوات خاصة» لتحرير ثلاث مدن يمنية

علمت «الشرق الأوسط» من مصدر يمني رفيع المستوى، مقرب من القوات المشتركة (قوات التحالف وقوات الجيش الوطني)، أمس، أن قوات خاصة من دول التحالف في اليمن، الذي تقوده المملكة العربية السعودية، توجهت صوب ثلاث مدن يمنية لتحريرها من قبضة الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح.
وقالت مصادر خاصة إن المدن الثلاث المستهدفة هي المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، والتي تقع على ساحل بحر العرب، ومدينة الحديدة الساحلية، عاصمة محافظة الحديدة وإقليم تهامة، ومدينة وميناء المخا التي تقع على ساحل البحر الأحمر، أيضا، لكنها تتبع إداريا محافظة تعز، وهي المنفذ الوحيد لتعز على البحر.
وتخضع مدينة المكلا لسيطرة تنظيم القاعدة في اليمن منذ 2 أبريل (نيسان) عام 2014. وحتى اللحظة، لكن المصدر قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجماعات في الجنوب، لها عمليات خاصة مجدولة بالإضافة إلى عمليات الجيش الوطني اليمني»، مشيرا إلى أن بعض العمليات ضد «القاعدة»، سوف تكون ضمن نطاق المنطقتين الأولى والثانية في الجيش الوطني ومقرهما، ومقر المنطقة الأولى في مدينة سيئون، ثاني مدن حضرموت، فيما مقر المنطقة الثانية في مدينة المكلا، دون إيراد المزيد من التفاصيل. وحصلت «الشرق الأوسط» على بعض مقاطع مصورة (فيديو)، يعتقد أنها جزء من تحركات تلك القوات وعمليات انطلاقها وعمليات الإنزال الجوية للمعدات ولتحليق عناصر القوات الخاصة من المظليين في السماء.
من جانب آخر, علمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية يمنية رفيعة في صنعاء بأن تنسيقا على نطاق واسع يجري بين قوات الشرعية، ممثلة بشخصيات قبلية بارزة، ومشايخ القبائل المحيطة بصنعاء والموجودين داخل العاصمة، بخصوص العمليات العسكرية المرتقبة، في القريب العاجل، لتحرير العاصمة من قبضة الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع علي عبد الله صالح.
وقالت المصادر إن «لدى معظم الزعامات القبلية قناعة كاملة بأن الحوثيين يريدون الزج بهم في أتون صراع عسكري مسلح طويل الأمد، لا يخدم مصالح اليمن وإنما يخدم مصالح أطراف إقليمية هي بعيدة عن الصراع ولا تتضرر منه، وفي المقدمة إيران». ووفقًا للمصادر ذاتها، فإن مناطق الطوق للعاصمة صنعاء، تشهد اجتماعات قبلية موسعة، وأن هذه الاجتماعات تركز على «تغليب المصلحة العليا، فوق كل اعتبارات»، خاصة وأن معظم أبناء تلك المناطق ينتمون للمؤسسة العسكرية، التي كان جزء كبير منها يوالي المخلوع صالح، إضافة إلى ارتباطاتهم القبلية الواسعة. وتشير المعلومات الخاصة إلى أن هذه الاجتماعات تناقش مصير العاصمة صنعاء، التي تتقدم إليها قوات الشرعية من الجهة الشرقية.
وذكرت المصادر بأن الخلافات المحتدمة بين شريكي الانقلاب (الحوثي - صالح)، تثير مخاوف القوى القبلية التقليدية حول صنعاء، «التي تبحث عن مصالحها ومصالح مناطقها، بعيدًا عن التمترس حول جماعة راديكالية ومتمردة ضيقة الأفق، ذات مشروع طائفي ومناطقي وسلالي بائد»، بحسب تعبير المصادر. وتأتي هذه التطورات، في وقت تشتعل جبهات القتال في الجهة الشرقية الشمالية للعاصمة اليمنية صنعاء، فقد بدأت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بالاقتراب من مديرية أرحب، شمال شرقي العاصمة صنعاء، وتضغط باتجاه التقدم نحو المدينة، ذات المنافذ الأربعة والاستراتيجية. وأكدت مصادر رفيعة المستوى في محافظة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن «قبائل أرحب جاهزة، كل الجاهزية، للمشاركة في تحرير المديرية الهامة وإسقاطها في يد المقاومة الشعبية وقوات الجيش الوطني. وأضافت المصادر أن «القبائل كانت تنتظر هذه اللحظة، منذ وقت طويل، خاصة وأنها تعرضت ورموزها القبلية، للتنكيل على يد الميليشيات الحوثية طوال العامين الماضيين»، حيث فجرت الميليشيات الحوثية أكثر من 50 منزلا في أرحب، وهي أعلى نسبة منازل تفجرها الميليشيات في منطقة واحدة على مستوى الجمهورية اليمنية، وتليها مديرية دمت في محافظة الضالع بـ20 منزلا.
وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الجيش الوطني والمقاومة، صدت، أمس، عددا من محاولات ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، لاستعادة عدد من المواقع في «فرضة نهم» بمديرية نهم، التي وقعت بيد قوات الجيش الوطني والمقاومة، خلال الأيام القليلة الماضية، في وقت واصل طيران التحالف قصفه لمواقع الميليشيات في مديريات محافظة صنعاء، وبينها مديرية نهم. وأكد خبراء عسكريون يمنيون أن العاصمة صنعاء ما زالت تستمد قوتها من منافذها الأربعة وهي المنفذ الغربي، وهو الطريق المؤدي إلى محافظة الحديدة عبر نقطة الصباحة، والمنفذ الجنوبي، عبر «نقيل يسلح»، مرورا إلى محافظة ذمار، والمنفذ الشرقي من صنعاء إلى مديرية نهم ثم إلى محافظة مأرب، ثم المنفذ الشمالي الغربي وهي الطريق المؤدية إلى بعض مديريات محافظة صنعاء ومحافظتي المحويت وحجة.
إلى ذلك، قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات الحوثية بدأت في التخلي، تدريجيا، عن كثير من التزاماتها تجاه المواطنين في المناطق التي تحت سيطرتها، وفي مقدمة ذلك المرتبات التي عجزت الجماعة عن دفعها لكثير من موظفي قطاعات الدولة، مما دفعها إلى الاستحواذ على أرصدة التأمينات والمعاشات، بعد أن أصبحت معظم الأرصدة في البنك المركزي مكشوفة.
وتشير المصادر إلى أن خزينة الدولة اليمنية «لم تفقد سيولتها بسبب الالتزامات المبرمجة، ولكن بسبب عمليات الفساد والنهب المتواصل لكل الأموال من قبل قيادات معروفة في الميليشيات وتحويل تلك الأموال إلى أرصدة في الخارج وإلى أصول في الداخل، هي عبارة عن عقارات وممتلكات، لم يكن بإمكان تلك القيادات، الحصول عليها في الظروف الطبيعية لسنوات طويلة».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».