قانون «الخدمة المدنية» يغادر غرفة إنعاش الحكومة ليعرض مجددًا على البرلمان المصري

عضو لجنة القوى العاملة لـ {الشرق الأوسط}: قضينا على «فزاعته» ونراهن على إقراره

قانون «الخدمة المدنية» يغادر غرفة إنعاش الحكومة ليعرض مجددًا على البرلمان المصري
TT

قانون «الخدمة المدنية» يغادر غرفة إنعاش الحكومة ليعرض مجددًا على البرلمان المصري

قانون «الخدمة المدنية» يغادر غرفة إنعاش الحكومة ليعرض مجددًا على البرلمان المصري

غادر قانون الخدمة المدنية غرفة الإنعاش الخاصة التي أعدتها له الحكومة وأجرت بعض التعديلات عليه، بعد رفض مجلس النواب إقراره، ليدخل القانون مجددًا مرحلة الحسم داخل المجلس، وإنهاء الجدل المثار حوله.
ينظم القانون الذي أقره الرئيس عبد الفتاح السيسي في مارس (آذار) الماضي، قبل انتخاب مجلس النواب، العلاقة بين موظفي الدولة والحكومة، التي تراهن على أن التعديلات التي أجرتها عليه ستلقى تأييد مجلس النواب، وهو ما أشار إليه النائب محمد وهب الله عضو لجنة القوى العاملة بالبرلمان، قائلا إن «التعديلات الجديدة على القانون سوف تنال رضا جميع النواب وسيتم الموافقة على القانون بشكله الحالي، لأنه تفادي نقاط الخلاف التي سببها القانون وقت عرضه من الحكومة على البرلمان»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط»: «التعديلات الجديدة قضت على فزاعة القانون». وأكد مراقبون أن «الحكومة تراهن على التعديلات الجديدة لتمرير القانون الذي أثار غضب واسع في صفوف الموظفين ورفضه البرلمان وتظاهر على أثره ألوف الموظفين».
وتأمل الحكومة من خلال القانون علاج الترهل الإداري وخفض بند الأجور في الموازنة العامة للدولة، وكانت الحكومة المصرية قد خسرت معركتها الأولى مع مجلس النواب في يناير (كانون الثاني) الماضي، بإسقاطه قانون «الخدمة المدنية» وعدم موافقته عليه. وأضاف النائب وهب الله: «لم نكن في البداية ضد القانون، لكن كان هناك رأي يُقال إما أن يقبل البرلمان القانون كله أو يرفضه كله.. وهذه كانت الفزاعة من القانون»، لافتًا إلى أنه تم تشكيل لجنة في اتحاد العمال وقضينا على هذه «الفزاعة»، وتم إلغاء الكثير من البنود المثيرة للجدل ومنها على سبيل المثال، المادة الخاصة بمحو الجزاءات على الموظفين، وتعديل المادة الخاصة بتقويم الأداء بما يضمن الموضوعية والمادة الخاصة بالحد من سلطة الرئيس المباشر في توقيع الجزاءات، موضحا أنه «تمت الموافقة على أن تكون هناك علاوة دورية سنويًا لا تقل عن 5 في المائة، وأن الموظف حال خروجه على المعاش أو الوفاة يحصل على كامل رصيد (البدل النقدي)، ويحصل على مكافأة تُقدر بنحو 100 يوم بدلا من توجهه للقضاء للحصول على حكم وإجبار الدولة على تنفيذه».
ويتجاوز عدد العاملين في الدولة المصرية 5 ملايين موظف، وسبق أن انتقد الرئيس السيسي رفض البرلمان لقانون «الخدمة المدنية» وذلك خلال الاحتفال بعيد الشرطة الذي يوافق ذكرى ثورة «25 يناير».
وتابع وهب الله: «اتفاقنا على أنه لا بد أن يواكب قانونَ (الخدمة المدنية) تغيير جذري في نظام التأمينات الاجتماعية خصوصًا فيما يحصل عليه الموظف حال خروجه على المعاش، فبعد أن كان يحصل مثلا على 5 آلاف جنيه (نحو 566 دولارًا) كراتب شهري من الدولة المصرية، فور خروجه على المعاش يحصل على ألف جنيه (نحو 113 دولارًا)، لذلك سيتم إصدار قانون جديد للتأمينات لتكريم العامل المصري»، مضيفا: «وضعنا مادة تتحدث عن تمتع العامل بكل المزايا النقدية والبدلات عند الموافقة على تعديلات القانون الجديد، حتى لا نجد عاملا يقول إنه (أُضير من تطبيق القانون)».
وقال النائب البرلماني لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «التعديلات تم الانتهاء منها، وسوف يتم عرضها على مجلس النواب عقب تشكيل لجنة القوى العاملة في شكلها النهائي، لأنه لا نريد أن يكون هناك فراغ تشريعي عمالي خلال الفترة المقبلة»، لافتًا إلى أنه لو تم عرض التعديلات من لجنة القوى العاملة المؤقتة على مجلس النواب وتمت الموافقة عليها، ثم تم تشكيل اللجنة الجديدة التي تقوم بدورها بالنظر في القانون ومناقشته من جديد، فهذا إهدار للوقت، لكن نريد أن «تكون الخطوات متتالية».
وشكل مجلس النواب لجانًا مؤقتة للنظر في القوانين التي وضعت خلال عهد الرئيس السابق عدلي منصور، والرئيس الحالي السيسي، والتي تُقدر بنحو أكثر من 300 قانون منذ يوليو (تموز) 2013، لكتابة تقارير بشأنها وعرضها على المجلس، حيث يُلزم الدستور بضرورة عرض كل القوانين التي صدرت في غياب البرلمان على المجلس لإقرارها خلال 15 يومًا فقط التي منحها الدستور للمجلس، وإلا اعتُبرت ملغاةً تلقائيًا.
في ذات السياق، قال الدكتور هشام مجدي، مقرر لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، إن «الحكومة المصرية أقرت تعديلات لجنة القوى العاملة على قانون الخدمة المدنية، التي شملت 8 تعديلات جديدة رئيسية»، مشيرا إلى أن مشروع القانون سيعرض على مجلس الدولة قبل البرلمان، مضيفا أن «البرلمان سيصوت على مواد مشروع الخدمة المدنية مادة مادة»، لافتا إلى أنه من حق مجلس النواب رفض مشروع القانون بصيغته الجديدة.
بينما يؤكد مراقبون أن «الحكومة توجهت لعرض التعديلات الجديدة على قسم التشريع بمجلس الدولة لإبداء الرأي حال الطعن عليها». وتسعى الحكومة المصرية لكسب ثقة مجلس النواب خلال الفترة الحالية، حيث تستعد لعرض برنامجها عليه نهاية فبراير (شباط) الحالي، عقب كلمة الرئيس السيسي أمام البرلمان اليوم (السبت)، وعقب تشكيل لجان البرلمان.
وعن عرض القانون على مجلس الدولة، قال النائب محمد وهب الله، قد تكون الحكومة لها رؤية في ذلك وهذا حقها، لافتًا إلى أن «التعديلات الجديدة سوف تنال رضا جميع النواب وسيتم الموافقة على القانون بشكله الحالي، لأنه تفادي كل نقاط الخلاف التي سببها القانون وقت عرضه».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».