قال رئيس الاستخبارات الأميركية جيمس كلابر إنه يتوقع من الحكومة الإيرانية أن تستخدم الرعايا الأميركيين المحتجزين لديها، والذين لم يكونوا جزءا من صفقة تبادل السجناء الأخيرة، كورقة ضغط سياسية في تعاملاتها المستقبلية مع الولايات المتحدة.
وجاءت شهادة كلابر مدير وكالة الاستخبارات الوطنية الأميركية في أعقاب رسالة بعث تحالف من 5 مجموعات إيرانية أميركية إلى وزير الخارجية الأميركية جون كيري، الأسبوع الماضي تحث الولايات المتحدة على بذل مزيد من الجهود لإطلاق سراح رجل الأعمال الأميركي سيامك نمازي والذي لا يزال قيد الاحتجاز لدى السلطات الإيرانية. وأطلقت طهران سراح 5 مواطنين أميركيين الشهر الماضي، من بينهم جيسون رضائيان مراسل صحيفة «واشنطن بوست»، والمبشر المسيحي سعيد عابديني، وأمير حكمتي الجندي السابق بالقوات البحرية الأميركية.
وكتب كلابر يقول في موجز للتهديدات العالمية رفعه إلى الكونغرس الأميركي «قد تحاول إيران، ورغم ذلك، استخدام الرعايا الأميركيين الآخرين المحتجزين لديها كورقة ضغط تفاوضية للحصول على مزيد من التنازلات السياسية الأميركية». وأضاف كلابر أن «الرعايا الأميركيين الذين يُعتقلون فور دخولهم الأراضي الإيرانية، على غرار البحارة الأميركيين العشرة الذين احتجزوا بين عشية وضحاها إثر دخولهم غير المتعمد إلى المياه الإقليمية الإيرانية، قد تستخدمهم طهران كأوراق للمساومة إلى جانب محاولة إيران الحصول على بعض الامتيازات المالية أو السياسية اتساقا مع نياتها الاستراتيجية المعروفة».
وشن المرشد الإيراني الأعلى آية الله خامنئي هجوما حادا على الصحافيين وعلى رجال الأعمال الذين تربطهم علاقات مشبوهة، كما يقول، مع الغرب وذلك بعد مزاعم علنية أطلقها رأس النظام الإيراني يتهم فيها الولايات المتحدة باستخدام الاتفاق النووي في «التسلل إلى واختراق إيران»، وفقا لشهادة كلابر. وكتب كلابر في شهادته يقول: «جاءت تلك الحملة الأخيرة بمثابة رسالة موجهة من الصقور المتشددين داخل إيران إلى الرئيس حسن روحاني وإلى واشنطن تفيد بأن الانفتاح الواسع تجاه الغرب.. من الأمور التي لا يمكن السكوت عنها أو تحملها بحال».
ولم تُفرج السلطات الإيرانية عن رجل الأعمال نمازي، والذي ألقي القبض عليه في إيران في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كجزء من صفقة تبادل السجناء التي أجريت الشهر الماضي.. ولا يزال قيد الاحتجاز في سجن إيفين الإيراني سيئ السمعة. وهو المواطن الأميركي الوحيد المحتجز حاليا لدى السلطات الإيرانية. ولا يزال مكان وجود عميل مكتب التحقيقات الفيدرالية الأميركية روبرت ليفينسون، والذي اختفى على نحو مفاجئ داخل إيران في عام 2007، غير معروف. ونفت إيران تماما احتجازها لليفينسون على أراضيها.
وعندما توجت إيران والولايات المتحدة تطبيق الاتفاق الذي قلص برنامج طهران النووي بتبادل سجناء في الشهر الماضي كان سيامك نمازي بين المحتجزين الذين توقع البعض أن تطلق السلطات الإيرانية سراحهم. فقد ورد اسم نمازي رجل الأعمال الذي يحمل الجنسيتين الأميركية والإيرانية ضمن قائمة من أربعة سجناء ينتظر الإفراج عنهم نشرتها وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية الرسمية وموقع «تابناك» الإخباري في 16 يناير (كانون الثاني) يوم تنفيذ الصفقة. لكن جرى سحب اسمه مع اعتذار دون تقديم أي تفسير لذلك. وقال جون كيري وزير الخارجية الأميركي للصحافيين في اليوم التالي إنه تلقى تعهدات من إيران بحل قضية نمازي. غير أن نمازي الذي يعمل في دبي ويبلغ من العمر 44 عاما وكرمه المنتدى الاقتصادي العالمي باعتباره من القيادات العالمية الشابة ما زال يقبع في سجن إيفين بطهران الذي يقول نزلاء سياسيون سابقون إن التعذيب شائع فيه خلال عمليات الاستجواب. ويقول أصدقاء مقربون له إن حالته تدهورت.
وفي الوقت الذي تعلن فيه إيران عن صفقات بمليارات الدولارات مع شركات أوروبية كبرى ترسل قضية نمازي رسالة تثير الرعدة في أبدان مواطنيها المغتربين في الخارج الذين يأملون أن يكون لهم دور في الانفتاح الاقتصادي في أعقاب رفع العقوبات. ولم توجه اتهامات إلى نمازي بارتكاب أي مخالفات وقد امتنعت السلطات القضائية الإيرانية ردا على استفسارات من «رويترز» عن تقديم أي تفسير رسمي لاستمرار احتجازه. وسئلت وزارة الخارجية الأميركية عما تبذله من جهود لضمان إطلاق سراحه فامتنعت عن التعليق على قضيته بالتحديد استنادا إلى مخاوف تتعلق بخصوصياتها.
وفي رسالة إلى كيري دعت الجماعات الإيرانية الأميركية الخمس تحثه على عمل شيء لإطلاق سراح نمازي الذي قالت إنه أصبح «منسيا». ووصفته بأنه «أميركي عمل دون كلل في بناء الجسور بين الثقافات والبلدان والأديان». وقالت أميركية كرمها المنتدى الاقتصادي العالمي كواحدة من القيادات العالمية الشابة وطلبت عدم نشر اسمها إنها انبهرت بشغف نمازي بفتح بلاده على العالم. وقالت: «هذا يبعث برسالة مخيفة لغيره من القيادات العالمية الشابة. فالناس تخشى التواصل اقتصاديا مع إيران عندما يزج بشخص ينادي بالاستثمار في السجن». وقبل الانتقال إلى دبي عمل نمازي حتى عام 2007 لحساب مجموعة عطية بهار وهي شركة لاستشارات الأعمال مقرها طهران أسسها خاجه بور وساعدت المستثمرين الأجانب على شق طريقهم وسط اللوائح الكثيرة وجوانب الغموض في الاقتصاد الإيراني، بالإضافة إلى تقديم الخبرات لمؤسسات التعليم التجاري الإيرانية، حسب «رويترز». ومن عملاء هذه الشركة شركات نفط غربية كبرى مثل بي بي وشل وشتات أويل وشركات صناعة ضخمة مثل سيمينس وتويوتا.
وفي التسعينات وبعد انتخاب الرئيس محمد خاتمي وضع نمازي وصديقة أميركية من أصل إيراني اسمها تريتا بارسي وترأس الآن المجلس الوطني الإيراني الأميركي المؤيد للحوار تقريرا عن كيفية مساهمة الحاصلين على الجنسيتين في التغلب على الارتياب القائم منذ عشرات السنين بين واشنطن وطهران. وفي عام 2009 ألقت مخابرات الحرس الثوري القبض على خاجه بور لدى عودته إلى إيران من أوروبا وسط احتجاجات على ما تردد عن تزوير الانتخابات التي أعيد فيها انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد. ورغم أن خاجه بور لم يشارك في تلك الاحتجاجات فقد ظل محتجزا لأكثر من ثلاثة أشهر في سجن إيفين بتهمة التجسس قبل أن يطلق سراحه بكفالة ويغادر البلاد في نهاية الأمر. وباع نمازي أسهمه في شركة عطية بهار عام 2007 ولم يتضح ما إذا كان القبض عليه مرتبطا بقضية خاجه بور.
وقال أقارب لنمازي إن السلطات أوقفته في مطار طهران في 18 يوليو (تموز) بعد أيام من توقيع الاتفاق النووي أثناء محاولته السفر عائدا إلى دبي بعد زيارة والديه. وأخذ أفراد من الحرس الثوري جواز سفره وأظهروا أمرا باستدعائه للتحقيق معه. وتم استجوابه عدة مرات بين يوليو و14 أكتوبر ونقل بعدها إلى سجن إيفين. وعند اعتقاله كان نمازي يعمل لشركة نفط الهلال في دبي لكنه قال لأصدقائه إن الاستجواب تركز على اتصالاته بمؤسسات أميركية وبغيره من القيادات العالمية الشابة. وكانت المفاوضات السرية الخاصة بتبادل السجناء بمن فيهم صحافي «واشنطن بوست» جيسون رضائيان وغيره قد وصلت إلى مرحلة متقدمة عندما اعتقل نمازي.
المخابرات الأميركية: إيران تستخدم المحتجزين لديها كورقة مساومة
كلابر حذر في رسالة إلى الكونغرس من سلوك طهران ونياتها «العدوانية» المعلنة تجاه واشنطن
المخابرات الأميركية: إيران تستخدم المحتجزين لديها كورقة مساومة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة