واشنطن تدرج على القائمة السوداء تركي البنعلي وآخرين لعملهم مع «داعش»

مدير «سي آي إيه»: التنظيم الإرهابي يملك أسلحة كيماوية

قوات كردية تشاهد تدمير مواقع نفطية لـ«داعش» في سوريا (نيويورك تايمز)
قوات كردية تشاهد تدمير مواقع نفطية لـ«داعش» في سوريا (نيويورك تايمز)
TT

واشنطن تدرج على القائمة السوداء تركي البنعلي وآخرين لعملهم مع «داعش»

قوات كردية تشاهد تدمير مواقع نفطية لـ«داعش» في سوريا (نيويورك تايمز)
قوات كردية تشاهد تدمير مواقع نفطية لـ«داعش» في سوريا (نيويورك تايمز)

أدرجت وزارة الخزانة الأميركية ثلاثة أشخاص، أول من أمس، على القائمة السوداء لعملهم مع تنظيم الدولة، وقالت إن أحدهم مسؤول نفطي كبير، وآخر كان يجند مواطنين من دول الخليج للتنظيم المتشدد حتى مارس (آذار) 2014 على أقرب تقدير». ومن بين من أدرجوا على القائمة فيصل أحمد علي الزهراني، وهو سعودي، قالت الوزارة إنه مسؤول عن أنشطة النفط والغاز التابعة لتنظيم الدولة في مناطق شمال شرقي سوريا.
كما فرضت عقوبات على حسين الجعيثني، المولود في مخيم للاجئين بغزة، وكان يحاول أن ينشئ موطئ قدم لتنظيم الدولة في القطاع. وقالت الوزارة إن الثالث، وهو البحريني تركي البنعلي الذي نزعت جنسيته، وهو يساعد تنظيم داعش في تجنيد مقاتلين أجانب، وحتى مارس 2014 قاد شبكة دعم جندت مواطنين خليجيين للانضمام للتنظيم في سوريا. وكانت الخطوة التي اتخذتها وزارة الخزانة الأميركية مؤخرا تتويجا للجهود المتواصلة من قبل حكومة الولايات المتحدة لتضييق الخناق على التدفقات المالية والأفراد إلى التنظيم الإرهابي. وقالت وزارة الخزانة إن قرارها يستهدف كلاً من فيصل الزهراني، المسؤول النفطي الكبير في سوريا، وحسين الجعيثني، الذي عمل مع أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم في تأسيس موطئ قدم للتنظيم في غزة، وتركي بن علي، مسؤول التجنيد وكبير المستشارين الدينيين للتنظيم المعروف اختصارًا كذلك باسم (ISIS) أو (ISIL). والهدف من العقوبات، التي تجمد كل أصول أو ممتلكات للأشخاص المذكورين وتحظر على المواطنين الأميركيين إجراء كل أنواع التعاملات المالية معهم، هو عزل تنظيم داعش عن النظام المالي العالمي من خلال إيقاع العقوبات بحق أي شخص يجري أي نوع من التعاملات المالية أو التجارية مع المذكورين.
لكن الجهود الرامية إلى قطع التدفقات المالية الهائلة إلى التنظيم والتدفق المستمر للعائدات النفطية تواجه عقبات كبيرة، نظرًا لكميات الأموال التي يجمعها التنظيم والتي تأتي من سيطرته على مساحات واسعة من الأراضي. واكتشفت وزارة الخزانة الأميركية، خلال العام الماضي وحده، أن تنظيم داعش حصل على نصف مليار دولار من أرباح مبيعات النفط والغاز. ولقد بدأ التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة «داعش» خلال الشهور الأخيرة في قصف حقول النفط والغاز وخطوط الإمداد التي يسيطر عليها التنظيم في عملية عسكرية معروفة باسم «الموجة العارمة 2». وحسب العقوبات الأميركية، تجميد ممتلكاتهم في الولايات المتحدة، ومنع الشركات الأميركية من التعامل معهم.
في الأسبوع الماضي، كشف تقرير أميركي أن تجارة النفط والغاز مزدهرة في المناطق التي تسيطر عليها «داعش». وأن مسؤولين في «داعش» ينسقون هذه التجارة مع شركات سورية وروسية وتركية.
وأفادت وزارة الخزانة أن الزهراني كان يعمل مباشرة تحت إمرة أبو سياف قبل مقتله إثر غارة أميركية وقعت العام الماضي، ولقد تمكن من إرسال عشرات ملايين الدولارات من عائدات النفط والغاز للتنظيم الإرهابي والناجمة عن مبيعات النفطية لخمسة حقول تحت سيطرة التنظيم في منطقة البركة السورية.
وكان الجعيثني هو همزة الوصل بين البغدادي والجماعات المتطرفة في قطاع غزة، كما أفادت وزارة الخزانة، وهو الرجل الثاني في مجلس شورى المجاهدين، وهو من الجماعات الأخرى التي تصنفها حكومة الولايات المتحدة منظمة إرهابية. وقالت وزارة الخزانة إن الجعيثني حاول في عام 2013 الحصول على الأموال والإمدادات لمساعدة التنظيم على تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل. وتقول الوزارة إنه «كل له دور أساسي في تعزيز الروابط بين غزة والإرهابيين المنتشرين في ليبيا، وتسهيل سفرهم إلى سوريا». كما عمل تركي البنعلي، الذي تولى منصب المستشار الديني لتنظيم داعش في عام 2014، مسؤول التجنيد لصالح التنظيم، وفي يونيو (حزيران) عام 2015، قالت الوزارة إنه أعلن على مواقع التواصل الاجتماعي أن هجمات التنظيم القادمة سوف تكون في البحرين. وكانت مملكة البحرين قد سحبت الجنسية منه قبل بضعة أشهر.
يقول آدم جيه. زوبين، مسؤول ملف الإرهاب والاستخبارات المالية بوزارة الخزانة الأميركية في بيان له: «تستهدف وزارة الخزانة وشركاؤها في مختلف دول العالم وبقوة قدرات (داعش) على اكتساب والاستفادة من تلك الأموال، وإننا نحرز المزيد من التقدم في هذا الصدد وعلى مختلف الأصعدة».
في الشهر الماضي، قال تقرير أصدره مركز «كارنغي» في واشنطن إنه، منذ بداية المعارضة المسلحة في سوريا، وقع مسؤولون في «داعش» اتفاقات وصفقات كثيرة، في أنحاء مختلفة من سوريا، مع شركات سورية وغير سورية. وقال ارون لوند، رئيس تحرير نشرة عن سوريا يصدرها مركز «كارنغي»: «توجد اتفاقات وصفقات بين (داعش) وحكومة الأسد، وبين (داعش) ومنظمات سنية، وبين (داعش) وأكراد، وبين الأكراد وحكومة الأسد». إلى ذلك كشف جون برينان، مدير الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) أن تنظيم داعش استخدم أسلحة كيميائية في معاركه أكثر من مرة. وأن «داعش» قادرة على صنع كميات صغيرة من الكلورين وغاز الخردل. وأضاف برينان، في مقابلة في تلفزيون «سي بي إس» ليلة أول من أمس، أنه لا يستبعد أن ينقل «داعش» أسلحة كيميائية إلى خارج سوريا والعراق لاستعمالها في دول مجاورة، أو دول بعيدة. وقال: «لهذا السبب، صار هاما جدا قطع طرق المواصلات التي يستخدمها التنظيم. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، كان عدد من المسؤولين الأكراد قالوا إن «داعش» تملك أسلحة كيمائية، وخصوصًا غاز الخردل. وكان مسؤولون في القوات العراقية المسلحة قالوا ذلك أيضًا، وإنهم عثروا على بقايا الأسلحة الكيماوية بعد هزيمة «داعش» في الرمادي.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.