{الشرق الأوسط} على الحدود التركية: شبح الموت بردًا أو جوعًا.. يهدد الآلاف

أطباء بلا حدود: أكثر من 15 قتيلاً ومائة جريح في الهجوم على بلدة كفر كلبين

سوريون على الحدود السورية التركية ينتظرون السماح لهم بالمرور للعلاج مقدمين تقارير طبية (رويترز)
سوريون على الحدود السورية التركية ينتظرون السماح لهم بالمرور للعلاج مقدمين تقارير طبية (رويترز)
TT

{الشرق الأوسط} على الحدود التركية: شبح الموت بردًا أو جوعًا.. يهدد الآلاف

سوريون على الحدود السورية التركية ينتظرون السماح لهم بالمرور للعلاج مقدمين تقارير طبية (رويترز)
سوريون على الحدود السورية التركية ينتظرون السماح لهم بالمرور للعلاج مقدمين تقارير طبية (رويترز)

كانت الساعة، تمام الخامسة والنصف مساءً، عندما بدأت الشمس، غروبها، لتترك خيوط الضوء الأخيرة، سماءً صافية، عندها، تمكنا من رؤية، مقاتلة تحوم في الأجواء، على مقربة من الحدود التركية - السورية، لم نتمكن من معرفة هوية الطائرة، لكن وبعد وقت قصير جدًا، كشفت عن هويتها، بصواريخ وجهتها إلى بلدة (كفر كلبين)، على محيط بلدة إعزاز، التي لا تبعد عن الحدود التركية سوى (5) كلم.
فجأة، سمعنا أصوات سيارات الإسعاف، تقترب منا، وبسرعة بالغة، اجتازت البوابة الحدودية، لتنطلق إلى المستشفى الحكومي بولاية كيليس جنوب تركيا. أكثر من خمسة عشر قتيلا، سقطوا على الفور، بينما أصيب نحو مائة شخص بإصابات متفاوتة، نقل بعضهم إلى المستشفى الأهلي، في بلدة إعزاز، وتم إجلاء آخرين إلى تركيا، بواسطة سيارات الإسعاف الحكومية. في المستشفى، لقي أحد الجرحى حتفه، متأثرا بجروحه.
يقول الطبيب الصيدلاني، أحمد المحمد، ويعمل مع منظمة أطباء بلا حدود، ضمن الأراضي السورية، إن «ما نشهده اليوم لم نشهده سابقا، نزوح جماعي مخيف، وعائلات تفترش الشوارع، والمساعدات الإنسانية لا تكفي لسد جزء بسيط من الحاجة الفعلية». المحمد أضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «انخفاض درجات الحرارة، وعدم توفر أغطية وخيم للجميع، أدى إلى إصابة كثير من الأطفال والمسنين بأمراض»، واصفا المشهد على الجانب السوري بأنه «كارثة إنسانية». ويلفت المحمد وهو يسكن ولاية كيليس، ويعمل لخمسة أيام أسبوعيا داخل الأراضي السورية، إلى أن «المخيم الجديد الذي أنشأته تركيا يضم فقط 550 خيمة فقط، ولا يكاد يأوي جزءًا بسيطا من عشرات الآلاف الفارين من العمليات العسكرية»، مضيفا أن «خمسة حمامات متنقلة فقط متوفرة حتى الآن على الجانب الآخر من الحدود».
ويروي الطبيب الصيدلاني السوري، أن «قصفا صاروخيا تعرضت له بلدة كفر كلبين، أوقع أكثر من خمسة عشر قتيلا بحسب التقارير التي وصلتنا، ونحو مائة جريح نقلنا بعضهم إلى مستشفى إعزاز الأهلي، والنقاط الطبية المتعاونة معنا، فيما تم إجلاء الإصابات الخطرة، إلى تركيا». ولا تزال، تركيا، تغلق بأحكام بوابة معبر أونجو بينار (باب السلامة)، أمام عشرات الآلاف من السوريين الفارين من الهجوم الذي يتعرض له ريف حلب الشمالي، من قبل سلاح الجو الروسي وقوات النظام، في وقت بات الريف تحت حصار شبه مطبق، من قبل مقاتلين أكراد من الغرب حيث بلدة عفرين، وقوات النظام من الجنوب، وتنظيم داعش، من الجهة الشرقية.
حمزة الصالح، الذي عمل موظفا، في معبر باب السلامة السوري، المقابل لمعبر أونجو بينار التركي، قال إن «مأساة إنسانية يعيشها السوريون على الجانب الآخر»، مضيفا أن «أعدادهم لا تحصى وأن الآلاف يتوافدون باستمرار على المعبر الذي لا يزال مغلقا»، مضيفا «هناك عوائل تفترش العراء والطرقات، وبعضها لجأ إلى المساجد»، «كثير منهم دون مأوى ودون خيم». وأكد الصالح أن «طفلا بعمر شهرين وشيخا توفيا على الحدود بسبب انخفاض درجات الحرارة، وعدم توفر الخيم والأغطية لكثيرين». حمزة الصالح الذي يعمل في المعبر الذي تديره الجبهة الشامية، إحدى فصائل الجيش السوري الحر، أكد أن «جنودا أتراكا لا يسمحون للمدنيين بالعبور إلى الجانب التركي»، متوقعا «الأسوأ إذا استمر تقدم قوات النظام»، مؤكدا أن «مقاتلين من الجيش الحر والفصائل العسكرية، جلبوا عوائلهم إلى الحدود وعادوا للقتال ضد قوات النظام».
وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، الأربعاء، إن القوات الحكومية السورية تنفذ - مدعومة من روسيا - سياسة تطهير عرقي متعمدة حول مدينة حلب في شمال سوريا.
وخلال مؤتمر صحافي مع نظيره الهولندي في لاهاي قال داود أوغلو إن أكثر من 60 ألف مهاجر فروا من العنف إلى الحدود التركية وإن الأولوية تتمثل في توفير الاحتياجات الإنسانية لهم داخل سوريا مؤكدا أن بلاده لن تغلق حدودها في وجوههم. وعلى مقربة من البوابة الحدودية التركية، تجلس سيدة مسنة، تحتضن حفيدها، تنتظر منذ أسبوع أن يسمح لوالديه بالعبور إلى تركيا، وقالت أم عمار اللاجئة السورية من مدينة منبج، إن «ابني وزوجته على الحدود وابنهم معي»، مضيفة أن «ابنها يحمل الجنسية التركية لكن زوجته لا تمتلكها، لذا لم يسمحوا لها بالدخول فظل إلى جانبها».



إسرائيل تضرب الحوثيين للمرة الخامسة... وبالتنسيق مع غارات أميركية - بريطانية

القادة الإسرائيليون هددوا الحوثيين بمصير مشابه لـ«حماس» و«حزب الله» اللبناني (الجيش الإسرائيلي)
القادة الإسرائيليون هددوا الحوثيين بمصير مشابه لـ«حماس» و«حزب الله» اللبناني (الجيش الإسرائيلي)
TT

إسرائيل تضرب الحوثيين للمرة الخامسة... وبالتنسيق مع غارات أميركية - بريطانية

القادة الإسرائيليون هددوا الحوثيين بمصير مشابه لـ«حماس» و«حزب الله» اللبناني (الجيش الإسرائيلي)
القادة الإسرائيليون هددوا الحوثيين بمصير مشابه لـ«حماس» و«حزب الله» اللبناني (الجيش الإسرائيلي)

شنت إسرائيل خامس موجة من ضرباتها الجوية والأولى في السنة الجديدة، رداً على الهجمات الحوثية المتصاعدة، واستهدفت الضربات منشآت ومواقع عسكرية في صنعاء وعمران، الجمعة، كما استهدفت ميناءي الحديدة ورأس عيسى على البحر الأحمر، وذلك بالتوازي و«التنسيق» مع ضربات أميركية وبريطانية.

وإذ أكد الجيش الإسرائيلي شن الضربات على صنعاء والحديدة، قالت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران إن 12 غارة استهدفت مواقعها في مديرية حرف سفيان التابعة لمحافظة عمران (50 كيلومتراً شمال صنعاء).

كما استهدفت الغارات مواقع خاضعة للحوثيين في محيط القصر الرئاسي بصنعاء، حيث معسكرات «النهدين والحفا»، إلى جانب محطة توليد كهرباء جنوب المدينة (محطة حزيز)، بالتزامن مع سلسلة غارات ضربت ميناءَي الحديدة ورأس عيسى النفطي على البحر الأحمر.

وبحسب بيان الجيش الإسرائيلي، شملت الأهداف التي ضربها مواقع للبنية التحتية العسكرية في محطة كهرباء حزيز في صنعاء والبنية التحتية العسكرية في ميناءَي الحديدة ورأس عيسى على الساحل الغربي، وفق البيان.

وعقب الضربات، نقلت «رويترز» عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قوله إن الحوثيين «يدفعون وسيستمرون في دفع ثمن باهظ لعدوانهم علينا».

من جهته، وصف وزير الدفاع الإسرائيلي الضربات الجديدة بأنها رسالة واضحة للحوثيين بأن إسرائيل ستواصل العمل بقوة ضد كل من يشكل تهديداً لأمنها، وتوعد بالقول: «يد إسرائيل الطويلة ستلاحق قادة الحوثيين في أي مكان».

ولم تتحدث الجماعة الحوثية عن أثر هذه الضربات، من حيث الخسائر المادية أو البشرية على الفور، وسط مخاوف من أن تؤدي الضربات الجديدة إلى شل مواني الحديدة بشكل نهائي، بعد الأضرار التي كانت تسببت بها الضربات السابقة، ما يعني مزيداً من المعاناة الإنسانية في مناطق سيطرة الجماعة.

مقاتلة إسرائيلية قبل انطلاقها لشن هجوم ضد الحوثيين (الجيش الإسرائيلي)

وبالتزامن مع حشد الجماعة أنصارها في التجمع الأسبوعي كل يوم جمعة، زعم المتحدث العسكري باسمها يحيى سريع مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع العسكرية المصاحبة لها، بالصواريخ والمسيَّرات، كما تبنَّى مهاجمة تل أبيب في إسرائيل بثلاث طائرات مسيّرة، وهي المسيّرات التي قال الجيش الإسرائيلي في بيان إن سلاح الجو قام باعتراضها، مساء الخميس.

الضربات السابقة

رداً على تصعيد الحوثيين الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيّرة باتجاه إسرائيل، كانت الأخيرة ردت بأربع موجات من الضربات الانتقامية قبل هذه الضربة الخامسة، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقُّع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

وتضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

إسرائيل ردت على هجمات الحوثيين بموجة خامسة من الضربات الجوية (الجيش الإسرائيلي)

واستدعت الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.

تصعيد مستمر

أرقت الجماعة الحوثية يوم الخميس بتلقي 5 غارات وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، استهدفت مواقع في صنعاء والحديدة وعمران، غداة ضربات تبناها الجيش الأميركي ضد منشأتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض خاضعتين للجماعة في عمران وصنعاء.

ولم يتحدث الجيش الأميركي على الفور بخصوص هذه الغارات، في حين لم تكشف الجماعة المدعومة من إيران عن الآثار الناجمة عنها، وسط تقديرات بأنها ضربت مستودعات للأسلحة.

مقاتلة من طراز «إف 15» تعمل ضمن منطقة القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

ووفق ما أورده إعلام الجماعة، ضربت غارتان منطقة جربان التابعة لمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، فيما ضربت 3 غارات مواقع في مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران (50 كيلومتراً شمال صنعاء)، إلى جانب غارة قالت الجماعة إنها استهدفت موقعاً في مديرية اللحية الساحلية التابعة لمحافظة الحديدة غرباً.

ويوم الأربعاء، كان الجيش الأميركي أعلن استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً، بعد يوم من مزاعم الحوثيين حول مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية، وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر.

واعترفت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، بواقع اثنتين في منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، و4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، ويضم الموقعان معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة، تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، استخدم الحوثيون تلك المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

مقاتلة أميركية من طراز «إف 16» (الجيش الأميركي)

وتشن الجماعة منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، بينما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

ورداً على هذا التصعيد استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي، وأدى ذلك إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة أنشأت، في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان من نصيب الحديدة الساحلية أغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.