السودان: حذف المقترحات الغربية من مشروع قرار لمجلس الأمن انتصار دبلوماسي

المجموعة الدولية مددت العقوبات على حكومة الخرطوم لعام آخر

السودان: حذف المقترحات الغربية من مشروع قرار لمجلس الأمن انتصار دبلوماسي
TT

السودان: حذف المقترحات الغربية من مشروع قرار لمجلس الأمن انتصار دبلوماسي

السودان: حذف المقترحات الغربية من مشروع قرار لمجلس الأمن انتصار دبلوماسي

وصفت الخارجية السودانية تجاهل القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي، القاضي بتمديد ولاية لجنة العقوبات المفروضة على السودان، لتوصية الولايات المتحدة بفرض عقوبات على الأفراد والكيانات التي تجبي رسومًا غير مرخص بها من عمال مناجم الذهب، بأنه «انتصار» للدبلوماسية السودانية، واعتبرت القرار «2265» تكرارا للصيغة التي صدر بها العام الماضي، موضحة أنها تأخذ عليه كثيرا من المآخذ.
وقال السفير علي الصادق، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، في تصريحات، أمس، إن أميركا وبريطانيا فشلتا في تمرير المسودة التي دفعت بها إلى مجلس الأمن بسبب وقوف أصدقاء السودان ضدها، خصوصا روسيا. وأضاف أن «روسيا أكدت أن الإضافة الأميركية لمشروع القرار لا تساعد على مشروع التسوية السلمية للنزاع، ومن حق السودان استثمار موارده الذي تكفله المواثيق الدولية». ووصف الصادق القرار «2265»، الذي صدر بالإجماع بعد حذف الإضافة التي اقترحتها الدول الغربية، بأنه انتصار للدبلوماسية السودانية، رغم أن القرار بشكله النهائي تكرار لقرار العام الماضي، وقال بهذا الشأن: «لدينا الكثير من المآخذ عليه».
واعتمد مجلس الأمن الدولي أول من أمس، مشروع قرار صاغته الولايات المتحدة الأميركية، يقضي بتمديد ولاية لجنة العقوبات المفروضة على السودان لمدة 13 شهرا، تنتهي في مارس (آذار) 2017، وتجنب القرار الإشارة إلى فقرات تتعلق بتعدين الذهب وتجارته، أدرجتها واشنطن في مشروع قرارها المقدم إلى مجلس الأمن.
وجدد القرار، الصادر بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، «عزم مجلس الأمن على استعراض ولاية اللجنة، واتخاذ القرار المناسب بشأن تجديدها مرة أخرى، في أجل أقصاه 13 فبراير (شباط) من العام المقبل».
يذكر أن الخارجية السودانية استدعت القائم بالأعمال الأميركي أول من أمس، وأبلغته احتجاجها على مضمون مشروع القرار، الذي تبنته بلاده، بإضافة فقرات تتعلق بتعدين وتجارة الذهب في البلاد.
وتجاهل القرار توصية الولايات المتحدة الأميركية في مسودة القرار بفرض عقوبات على الأفراد والكيانات التي تجبي رسومًا غير مرخص بها من عمال مناجم الذهب، أو الأفراد والكيانات التي تقوم بأعمال تنقيب غير مسموح بها، والاتجار بالذهب في دارفور.
وتضمنت نسخة القرار الأولية، التي صاغتها الولايات المتحدة الأميركية ودعمتها بريطانيا، إشارة إلى أن التنقيب غير المشروع عن الذهب والموارد الطبيعية الأخرى في دارفور يشكل تهديدًا للاستقرار في دارفور والمنطقة. لكن وجدت هذه الصياغة رفضًا من روسيا والصين، وعدد من الأعضاء غير الدائمين، باعتبار أنه يفتح الباب أمام فرض عقوبات جديدة على السودان.
ويخضع السودان لنوعين من العقوبات، يتمثلان في الحظر المفروض على الأسلحة وحظر السفر، وتجميد الأصول للأشخاص المتورطين في الصراع الدائر منذ أكثر من 11 عامًا في إقليم دارفور المضطرب. وقد تكونت اللجنة في 29 من مارس 2005، وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم «1591» الصادر في العام نفسه بشأن السودان، وجاء في القرار «2265» أن «مجلس الأمن يأسف إزاء مواصلة أفراد تابعين لحكومة السودان والجماعات المسلحة في دارفور ارتكاب أعمال عنف ضد المدنيين، وإعاقة عملية السلام».
وعبر القرار عن استياء أعضاء المجلس من تواصل الهجمات على موظفي البعثة المشتركة للأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي في دارفور (يوناميد)، ودعا حكومة السودان إلى إجراء تحقيقات على وجه السرعة وتقديم الجناة للعدالة.
كما شدد القرار على أنه يتوجب على حكومة السودان إزالة ما سماها جميع العراقيل والعوائق البيروقراطية المفروضة على أعمال لجنة العقوبات، والسماح بدخول فريقها إلى جميع المناطق في دارفور بكل حرية، ووضع حد للتجاوزات والانتهاكات في دارفور، والتصدي للأسباب الجذرية للنزاع الذي لا يمكن حله عسكريًا، ولا يمكن حله إلاّ من خلال عملية سياسية تشمل الجميع.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.