«النقد» الدولي: ينبغي إقرار حد أدنى من الأمن في سوريا لتقييم احتياجاتها الاقتصادية

عدنان مزراعي لـ {الشرق الأوسط}: تطوير الاقتصاد الإيراني رهين بإقرار إصلاحات كثيرة

نائب رئيس «قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى» في صندوق النقد الدولي عدنان مزراعي (جيمس حنا)
نائب رئيس «قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى» في صندوق النقد الدولي عدنان مزراعي (جيمس حنا)
TT

«النقد» الدولي: ينبغي إقرار حد أدنى من الأمن في سوريا لتقييم احتياجاتها الاقتصادية

نائب رئيس «قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى» في صندوق النقد الدولي عدنان مزراعي (جيمس حنا)
نائب رئيس «قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى» في صندوق النقد الدولي عدنان مزراعي (جيمس حنا)

أكد نائب رئيس قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، عدنان مزراعي، أنه من الضروري إقرار حد أدنى من الأمن في سوريا قبل أن يتمكن الصندوق والمؤسسات الدولية من تقييم احتياجاتها الاقتصادية.
وفي حوار مع «الشرق الأوسط»، قال مزراعي إن «الصندوق يقوم بتقدير الاحتياجات الإنسانية الملحة وتكاليفها، وتكاليف إعادة الإعمار، إلى جانب المساهمة في إعادة إعمار المؤسسات التي تعرضت للتدمير». وعلى مستوى منطقة الشرق الأوسط، قال إن أزمة اللاجئين التي نتجت عن الصراع السوري لها تأثير كبير على اقتصادات الدول المجاورة، وتوقّع أن تخيم ظلال قضيتين أساسيتين على اقتصادات المنطقة، أولاهما «تراجع أسعار النفط، والذي يؤثر بدوره على الدول المنتجة ويدفعها للتكيف مع الوضع الجديد، أما القضية الثانية فهي الصراعات التي تستنزف الموارد وتخلق حالة من زعزعة الاستقرار بالمنطقة».
وأكد مزراعي أن مؤتمر الدول المانحة للاجئي سوريا، الذي عقد الأسبوع الماضي في لندن «نجح في حشد دعم واعتراف واسع النطاق بحقيقة الوضع المأساوي للاجئين السوريين، إلى جانب وجود اعتراف واسع بضرورة إمدادهم بمساعدات إنسانية أساسية». وعن إيران، قال مزراعي إنه يتحتم على طهران إقرار العديد من الإصلاحات للاستفادة بشكل كامل من رفع العقوبات، وأوضح: «ستكون هناك الحاجة لتعديل السياسات الإيرانية» بهدف تيسير عودة الاندماج في الاقتصاد العالمي. وفي ما يلي نص الحوار.
* عقد مؤتمر دعم سوريا الأسبوع الماضي، كيف أسهم صندوق النقد الدولي في التخفيف من حدة الأزمة؟
- تتمثل المهمة الأولى لصندوق النقد الدولي في تقييم التأثير الاقتصادي للوضع القائم بالمنطقة، خاصة في ما يتعلق بتداعيات الصراع السوري على دول أخرى مثل تركيا ولبنان والأردن. وبشكل عام، لدينا عدة مستويات من التعاون مع الدول، يتمثل أحدها في إقامة حوار عام حول السياسات الاقتصادية، بينما يتمثل مستوى آخر في توفير مساعدة فنية، وذلك بهدف مساعدة الدولة المعنية على بناء مؤسساتها. وهناك مستوى آخر يتعلق بتقديم قروض.
وفي ما يتعلّق بالحالة السورية فإنه من الضروري إقرار حد أدنى من الأمن قبل أن يتمكن صندوق النقد الدولي ومؤسسات دولية أخرى من الذهاب إلى هناك. وبمجرد أن يتحقق ذلك ويصبح هناك حد أدنى من الأمن، سنتوجه إلى هناك لتقييم الاحتياجات الاقتصادية. ونعني بلفظ «تقييم» هنا تقدير الاحتياجات الإنسانية الملحة وتكاليفها، وتكاليف إعادة الإعمار، إلى جانب إعادة إعمار المؤسسات التي تعرضت للتدمير.
ويركز القسم الذي أترأسه على لبنان والأردن، بينما توجد تركيا داخل نطاق القسم الأوروبي لدينا. وتدفّقت أعداد هائلة من اللاجئين على لبنان والأردن، وأبدت الدولتان قدرا كبيرا من حسن الضيافة في استيعابهما لهؤلاء اللاجئين. ومع ذلك، فإن أعداد اللاجئين شكلت عبئًا ضخما على اقتصاد البلدين، ولم يقتصر العبء على اللاجئين فحسب، وإنما شمل كذلك تداعيات الصراع السوري على اقتصاد المنطقة ككل.
واضطرت هاتان الدولتان إلى تخصيص موازنات ضخمة لدعم اللاجئين، في الوقت ذاته الذي تكبدتا خلاله تكاليف باهظة أخرى غير مذكورة في ميزانياتها. على سبيل المثال، هناك ضغوط متزايدة على البنية التحتية من مدارس ومستشفيات وطاقة وشبكات توزيع المياه، الأمر الذي ينعكس بصورة كاملة في الموازنة. من ناحية أخرى، تباطأت حركة النشاط التجاري بين لبنان والأردن وكثير من الدول الأخرى.
جدير بالذكر أن لبنان كان بمقدوره قبل اندلاع الحرب نقل السلع «ترانزيت» عبر سوريا، لتصديرها إلى تركيا والعراق ودول أخرى. إلا أن هذه الحدود أغلقت الآن للأسف، بحيث أصبح من المتعذر نقل البضائع عبرها. من ناحية أخرى، خلقت الأزمة السورية شعورًا عامًا بالقلق ومخاوف أمنية على مستوى المنطقة، مما أدى بدوره لتزايد الإنفاق الأمني، ليس على الصعيد الحكومي فحسب، وإنما كذلك من جانب القطاع الخاص.
* ما الدور الذي لعبه صندوق النقد الدولي في الأزمة السورية؟
يقدم الصندوق يد العون في عدة صور مختلفة، حيث قدم نصائح اقتصادية بخصوص كيف يمكن لمثل هذه الدول (لبنان والأردن) التأقلم بصورة أفضل مع الضغوط التي تواجهها. ثانيًا، قدم المساعدة في تعزيز قدرة مؤسسات هذه الدول على الصمود، خاصة للنظام المصرفي ووزارات المالية. ثالثًا، فإننا نعمل في بعض الدول، مثل الأردن، على المعاونة في صياغة أطر عامة للسياسات اللازمة لإدارة هذه الدول لاقتصاداتها، وحجم الموازنات التي يمكن أن تقرها من دون تحمل ديون مفرطة.
أيضا، قدمنا إطار عمل يكفل استغلال الأموال في إطار اقتصادي مناسب لا يسفر عن مستويات هائلة من الديون والتضخم. وفي بعض الدول، تدخلنا مباشرة بإقراض الحكومات. على سبيل المثال، انتهينا للتو من برنامج ناجح في الأردن بقيمة نحو ملياري دولار، ونعمل حاليًا على مناقشة تنفيذ برنامج آخر معهم.
* إلى أي مدى نجح مؤتمر مساعدات سوريا في ضمان التعهدات المطلوبة؟
- في الواقع، نجح المؤتمر من نواح عديدة، أبرزها حشد الدعم واعتراف واسع النطاق بحقيقة الوضع المأساوي للاجئين السوريين أنفسهم، إلى جانب وجود اعتراف واسع بضرورة إمدادهم بمساعدات إنسانية أساسية. كما اعترف المشاركون في المؤتمر بأن دولا، مثل لبنان والأردن، تقدم خدمة عامة للمجتمع الدولي بأسره، ومن المهم ألا ينتهي الحال بمثل هذه الدول إلى تكبد تكاليف ذلك من ميزانياتها الخاصة، إذ إنها تقدم خدمة جليلة للإنسانية وباقي أعضاء المجتمع الدولي. لذا، فإنه من المهم أن نقدم لهم الدعم. ومن المعروف أن هذه الدول تعاني من مستويات مرتفعة من الديون، مما يزيد أهمية تقديم الدعم لهم. في المقابل، تبقى هناك حاجة لبذل مزيد من الجهد ليس فقط لتلبية الاحتياجات الإنسانية، وإنما أيضا لخلق بيئة وبنية تحتية ملائمة لتوظيف السوريين في هذه الدول واستمرارهم في التعليم والمشاركة في النشاطات الاقتصادية.
* كيف تؤثر التوترات الدبلوماسية بين إيران وباقي دول المنطقة على اقتصادات الشرق الأوسط؟
- تخيم ظلال قضيتين أساسيتين على اقتصادات المنطقة، أولاهما تراجع أسعار النفط، التي تؤثر على الدول المنتجة للنفط وتدفعها للتكيف مع الوضع الجديد، كما تؤثر على واردات النفط. ورغم استفادة الدول المستوردة من انخفاض تكاليف الاستيراد فإن هذا الوضع يؤثر بالسلب على قدرة مجلس التعاون الخليجي على تقديم مساعدات مالية لدول مثل لبنان والأردن. إضافة إلى ذلك، فإن دول المجلس توظف لديها أعدادًا ضخمة من الأجانب. وعليه، فإن التراجع الاقتصادي يدفعها لتقليل الأجانب العاملين لديها، مما سيؤثر على قدرة هؤلاء على تحويل المبالغ المالية التي اعتادوا تحويلها لأوطانهم.
أما القضية الثانية الكبرى فهي الصراعات التي تستنزف الموارد وتخلق حالة من زعزعة الاستقرار بالمنطقة. ويؤدي ذلك بطبيعة الحال لتراجع وتيرة النشاط الاقتصادي، وتحويل مزيد من الموارد باتجاه الإنفاق العسكري والدفاعي. وبذلك يتضح أن مثل هذه الصراعات تقوض اقتصادات المنطقة بشدة، إلى جانب قضية اللاجئين الملحة.
* ما هي أبرز التحديات التي تواجهها إيران مع الشروع في رفع العقوبات عنها؟
- لا شك في أن رفع العقوبات سيترك تأثيرًا إيجابيًا على إيران من خلال السماح لها بإنتاج وتصدير مزيد من النفط، إلى جانب تمكنها من استغلال بعض احتياطياتها النقدية الدولية. وهي أمور من شأنها تشجيع النمو الاقتصادي. لكن هناك الكثير من الإصلاحات يتحتم على طهران إقرارها لتحقيق تطورات ونمو في اقتصادها.
* كيف سيكون رد فعل صانعي السياسات على تراجع أسعار النفط؟
- يبدو في حكم المؤكد أن انخفاض أسعار النفط سيستمر لبضع سنوات، بالنظر للقلق السائد. وعليه، فإنه يتعين على الدول المعنية تكييف إنفاقاتها مع هذا الأمر. ومن الأفضل أن تلجأ الحكومات تدريجيًا لتقليل إنفاقها وزيادة عائداتها.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.