العبادي يسعى لحكومة تكنوقراط بدلاً من الحالية

بعد أسبوع على وقف السيستاني الخطبة السياسية الأسبوعية

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ونظيره الإيطالي ماتيو رينزي يستعرضان حرس الشرف في روما أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ونظيره الإيطالي ماتيو رينزي يستعرضان حرس الشرف في روما أمس (أ.ف.ب)
TT

العبادي يسعى لحكومة تكنوقراط بدلاً من الحالية

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ونظيره الإيطالي ماتيو رينزي يستعرضان حرس الشرف في روما أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ونظيره الإيطالي ماتيو رينزي يستعرضان حرس الشرف في روما أمس (أ.ف.ب)

بعد أقل من أسبوع على القرار الذي اتخذه المرجع الديني الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني بالتزام الصمت حيال ما كان يوصف بالخطبة السياسية ضمن خطبة الجمعة، رمى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الكرة في ملعب الكتل والقوى السياسية العراقية بمطالبتها بمساعدته على تشكيل حكومة تكنوقراط، دون أن يبين ما إذا كانت هذه الدعوة تعني التخلي عن المحاصصة الحزبية والطائفية.
وقبيل ساعات من توجهه إلى إيطاليا للقاء بابا الفاتيكان، دعا العبادي إلى إجراء تغيير وزاري وصفه في كلمة متلفزة بـ«الجوهري»، معلنا في الوقت نفسه الانتهاء من إعداد خطة لترشيق الوزارات. وقال العبادي في كلمة له بثتها قناة «العراقية» الرسمية في ساعة متقدمة من مساء أول من أمس الثلاثاء، إن «اختيار السادة الوزراء في الحكومة الحالية تم على أساس اختيار الكتل السياسية في مجلس النواب كما ينص الدستور على ذلك وضمن التمثيل السياسي وحجم الكتل السياسية في مجلس النواب، وقد أقرها البرلمان على هذا الأساس». وأضاف العبادي: «إنني ومن منطلق المسؤولية والمصلحة العليا، ومن مستلزمات المرحلة لقيادة البلد إلى بر الأمان، أدعو إلى تغيير وزاري جوهري، ليضم شخصيّات مهنية وتكنوقراط وأكاديميين، وأدعو في هذا الإطار مجلس النواب الموقر وجميع الكتل السياسية للتعاون معنا في هذه المرحلة الخطيرة». وخاطب العبادي الشعب العراقي قائلاً: «أيها العراقيون الشرفاء، أقول لكم بثقة تامة، إننا وبمؤازرتكم سنتجاوز هذه المرحلة، وهذه المحنة، ونطمئنكم بأننا نملك رؤية واضحة وسياسة تفصيلية للخروج من الأزمة بأقوى مما كنا عليه سابقًا».
من جهته، أعلن رئيس البرلمان سليم الجبوري دعمه لخطة العبادي في هذا المجال، لكنه نفى تسلمه أية دعوة من قبله لمثل هذا التغيير. وفي مؤتمر صحافي بمدينة كركوك التي زارها الجبوري أمس الأربعاء قال إن «مجلس النواب لم يتسلم لغاية الآن بشكل رسمي الدعوة التي أطلقها رئيس الوزراء حيدر العبادي بشأن التغيير الوزاري والاعتماد على التكنوقرط». وأضاف الجبوري أن «هذه الدعوة ستأخذ المدى القانوني عند وصولها إلى مجلس النواب»، مشيرا إلى أن «الحكومة بحاجة إلى الاعتماد على التكنوقراط»، مؤكدا في الوقت نفسه أن «التكنوقراط يساعد في حل الأزمة التي تمر بها البلاد».
وبينما أثارت دعوة العبادي إلى تغيير وزاري جوهري اهتمام الشارع العراقي فإنها قوبلت بوجهات نظر متباينة من القوى والشخصيات السياسية. وفي هذا السياق يقول الوزير وعضو البرلمان السابق القاضي وائل عبد اللطيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «العبادي كان قد أطلق مثل هذه الدعوة عند بداية ترشيحه لمنصب رئيس الوزراء مع عدم الالتزام بالمحاصصة كما قال في وقتها، فضلا عن تعهده بمحاربة الفساد وتحقيق المصالحة الوطنية، لكنه لم يتمكن من تحقيق هذه المبادئ الثلاثة التي تعهد بتحقيقها، وذلك بسبب أن الكتل السياسية التي جاءت به كبلته تماما بحيث لم يتمكن في الواقع من تحقيق أي شيء مما وعد به». وأضاف عبد اللطيف أن «دعوة العبادي اليوم لتشكيل حكومة تكنوقراط إنما تأتي في محاولة منه لرمي الكرة في ملعب الكتل السياسية على الرغم من إنه لا يشترط في شخص التكنوقراط أن يحمل شهادة الدكتوراه، بل أن يفهم في اختصاصه ولا يكون خاضعا لتأثير الكتل والأحزاب السياسية ومكاتبها الاقتصادية التي باتت أخطر من مكاتبها السياسية لأنها هي من تتعامل بالعمولات لصالح الكتل والأحزاب التي تتولى ترشيح الوزير». وأكد عبد اللطيف أن «دعوة العبادي جاءت بعد أسبوع من إيقاف المرجعية الدينية خطبتها السياسية، وهو ما أدى إلى وضع الحكومة والكتل في أكثر الزوايا إحراجا»، مشيرا إلى أن «المشكلة هي أن الفساد ما زال هو الآفة الكبرى التي يمكن أن تحول دون تحقيق أي تقدم في أي ميدان من الميادين، وهو ما يتطلب من البرلمان الاستجابة السريعة لدعوة العبادي لكن ليس لجهة قيامها بترشيح وزراء منها، بل إطلاق يده في اختيار كابينة وزارية مستقلة على أن تمنحه مهلة لمدة ستة شهور ومن بعدها تسانده في حال نجح وتحاسبه في حال أخفق».
على الصعيد نفسه أكدت كتلة التحالف الكردستاني أن العبادي لم يستفد من الفرص الثمينة التي أتيحت له خلال الفترة الماضية. وقال عضو البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني فرهاد قادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المشكلة لا تكمن في الدعوة إلى ترشيح وزراء تكنوقراط من عدمهم، بل في مدى قدرة رئيس الوزراء على الاستفادة من توظيف هذه القدرات في خدمة الإصلاح والتغيير»، مضيفا أنه «في ما يتعلق بالتحالف الكردستاني فقد كان من أكبر الداعمين للعبادي منذ تشكيله الحكومة، ورغم أنه لم ينفذ بنود وثيقة الاتفاق السياسي لكننا مع ذلك قررنا الاستمرار في دعمه ولم نعترض على ما قام به من إعفاء وزراء كرد بمن فيهم نائب رئيس الوزراء، لكن ما حصل أن كل ما حصل كان مجرد أقوال ولم يقترن بأفعال». وأشار قادر إلى أن «المشكلات التي عاناها العبادي ليست من قبلنا ككرد، بل من قبل شركائه داخل التحالف الوطني، وكذلك من قبل تحالف القوى العراقية، ولذلك فإننا لا نضمن أن يكون العبادي يمكن أن يستفيد من الفرصة الجديدة التي يريد منحها له».
أما التيار المدني الديمقراطي وعلى لسان المنسق العام له ونائب سكرتير الحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي فإنه يرى أن «المحصلة التي انتهى إليها الجميع سواء على مستوى الشارع العراقي أو المرجعيات الدينية أنه لا يوجد إصلاح حقيقي».
وقال فهمي الذي شغل في حكومة المالكي الأولى منصب وزير العلوم والتكنولوجيا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «العبادي الذي يحاول رمي الكرة في ملعب الكتل السياسية، فإن الكرة من وجهة نظر الشارع والمرجعية هي في ملعب الحكومة وهو رئيسها لأنه تم منحه فرصا كبيرة لكنه لم يحسن استغلالها إلى الحد الذي بدأت فيه محاولات لتغييره من قبل حلفائه داخل التحالف الوطني، وهو ما جعله يطرح تشكيل حكومة تكنوقراط لكي يسحب البساط من المحاولات الجارية لعرقلة خططه في الإصلاح التي تقوم بها الكتل السياسية التي لم تقدم له التسهيلات المطلوبة مما أوقعه في إحراج أمام الناس والمرجعية الدينية».
وأوضح فهمي أن «دعوة العبادي هذه تحمل رسالتين، الأولى للناس من حيث إنه يريد أن يقول إنني ما زلت ملتزما بالإصلاح وأريد التغيير، والرسالة الثانية للقوى السياسية، وذلك بوضعها أمام الجماهير والرأي العام بوصفها هي من تعرقل الإصلاحات». وعد فهمي أن «القضية لا تتعلق بالتكنوقراط فقط، بل هو عامل واحد من مجموعة عوامل للنجاح، لا سيما أن العبادي لم يعلن بشكل صريح أنه تخلى عن المحاصصة الحزبية والطائفية».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.