النظام في معركتَي العاصمتين.. وتأمين مناطق «سوريا المفيدة»

قيادي في «الحر»: يسعى للسيطرة على الحدود التركية والأردنية

بائع الكعك في حي الشعار بالقسم الشرقي من مدينة حلب شمال سوريا يجتاز المباني التي دمرتها غارات الطيران الروسي مؤخرا (رويترز)
بائع الكعك في حي الشعار بالقسم الشرقي من مدينة حلب شمال سوريا يجتاز المباني التي دمرتها غارات الطيران الروسي مؤخرا (رويترز)
TT

النظام في معركتَي العاصمتين.. وتأمين مناطق «سوريا المفيدة»

بائع الكعك في حي الشعار بالقسم الشرقي من مدينة حلب شمال سوريا يجتاز المباني التي دمرتها غارات الطيران الروسي مؤخرا (رويترز)
بائع الكعك في حي الشعار بالقسم الشرقي من مدينة حلب شمال سوريا يجتاز المباني التي دمرتها غارات الطيران الروسي مؤخرا (رويترز)

تترافق الحملة العسكرية التي تشنها قوات النظام وحلفاؤها بدعم جوي روسي على الشمال السوري، وتحديدا في منطقة حلب تمهيدا للسيطرة على العاصمة الاقتصادية مع حملة ممنهجة في الجبهة الجنوبية في محاولة منه لتأمين العاصمة دمشق وما يعرف بمناطق «سوريا المفيدة» التي لطالما سعى إليها. وقد سجّل لغاية الآن مقتل 506 أشخاص بينهم 89 مدنيا منذ بدء الهجوم على ريف حلب.
وفي هذا الإطار يشير القيادي في «الجيش الحر» العميد أحمد رحال إلى أن النظام يعمل، مع الدول الداعمة له، روسيا وإيران، وحزب الله، على خطتين، الأولى عبر اتباع سياسة تقطيع أوصال المناطق والفصل بين الجبهات، والثانية هي الوصول إلى الحدود التركية والأردنية، وهو الأمر الذي أشار إليه بشكل واضح وزير الخارجية السوري وليد المعلم، قائلا: «لا يمكن الحديث عن وقف إطلاق النار قبل ضبط الحدود مع تركيا والأردن».
وقال رحال لـ«الشرق الأوسط»: «مما لا شك فيه أن النظام ومن خلفه يحاول إعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية، لكنه يدرك تماما عدم إمكانية تحقيق هذا الأمر لأسباب عدة، أهمها أنّ كل تقدم يحرزه على الأرض لا يتحقق إلا بالدعم الجوي الروسي، وبالتالي فإن هذا الدعم لن يبقى إلى ما لا نهاية في سوريا، وهو يعلم أن توقفه يعني استعادة المعارضة السيطرة على الأرض، نظرا لعدم قدرة قواته على المواجهة. ويضيف: «وهو أمام هذا الواقع يحاول اليوم تأمين مناطق سوريا المفيدة أو ما يعرف بالدولة العلوية، من أطراف دمشق إلى حمص وحماه والساحل السوري، ويعمل لهذا الهدف على ممارسة عملية تطهير عرقي في ريف حمص الشمالي وريف حماه وجبل التركمان وجبل الأكراد والقلمون بإدارة من حزب الله وتفريغ محيط دمشق من المكوّن السني». ولتحقيق هذه الخطة، يقوم النظام، وفق تأكيد رحال بمحاصرة منطقة داريا تمهيدا لهجير نحو 12500 مواطن سوري، وهو يعمل الآن على تجهيز المقاتلين لشن هجومه.
مع العلم أن مخطط «سوريا المفيدة» يهدف إلى إقامة منطقة علوية إلى جانب الأقليات تخضع لسيطرة النظام، وتمتد من الساحل السوري شمالا حتى حمص مرورا بالحدود اللبنانية والقلمون إلى العاصمة دمشق.
وعلى الجبهة الشمالية، حيث بدأ النظام مدعوما بسلاح الجو الروسي حملته قبل نحو أسبوعين، يشير رحال إلى أن الوصول إلى حلب يهدف أيضًا إلى الوصول إلى مطار منغ العسكري وبالتالي السيطرة على الحدود التركية بالتعاون بين قواته وحزب الاتحاد الديمقراطي.
ويوم أمس، أفادت مصادر عسكرية في بلدة منغ الواقعة بالقرب من مدينة إعزاز في ريف حلب الشمالي، لـ«موقع الدرر الشامية» بأن الطيران الروسي شن العشرات من الغارات على البلدة ومطارها العسكري، في حين يحاول «جيش الثوار»، ووحدات حماية الشعب الكردية، التابعان لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، السيطرة على البلدة ومطارها.
كما نفى المرصد السوري المعلومات التي ترددت أمس عن سيطرة الوحدات الكردية على مطار منغ العسكري بريف حلب الشمالي، مشيرا إلى أن اشتباكات وصفت بالعنيفة وقعت بين الوحدات وفصائل موالية لها من طرف، وفصائل معارضة من طرف آخر، في محيط المطار وفي محيط قرية المنغ القريبة من المطار، في محاولة من الوحدات والفصائل المساندة لها التقدم والسيطرة على المطار.
في موازاة ذلك، أفاد المرصد بوقوع اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والفصائل المعارضة في بلدة الطامورة الواقعة جنوب بلدتي نيل والزهراء اللتين تمكنت قوات النظام من فك حصارهما الأسبوع الماضي.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن «قوات النظام تحاول السيطرة على البلدة التي تطلق منها الفصائل المقاتلة صواريخ تستهدف نبل والزهراء».
وتعرضت بلدات عدة في ريف حلب الشمالي، أبرزها حريتان وحيان وبيانون، ليل الثلاثاء/ الأربعاء لضربات روسية كثيفة، وفق المرصد. وفي غرب البلاد، أفاد المرصد عن مقتل 15 عنصرا من جبهة النصرة جراء غارات روسية استهدفت ليلا مناطق في ريف اللاذقية الشمالي. وتمكنت قوات النظام بدعم جوي روسي من السيطرة نهاية الشهر الماضي على أبرز معاقل الفصائل في ريف اللاذقية الشمالي.
ويؤكد رحال أن الواقع الحالي لن يستمر على ما هو عليه والنظام لن ينجح في تطبيق مشروعه، مشيرا إلى أن أصدقاء سوريا لن يقفوا مكتوفي الأيدي حيال ما يحصل، في ظل ما يجري من تهجير وتطهير عرقي ممنهج وحالات إنسانية مروعة، مضيفا: «لا بدّ من تقديم الدعم العسكري للثوار لعرقلة المشاريع الإيرانية الروسية في سوريا، مع تأكيدنا على أنه لدينا ما يكفي من الرجال للقيام بالمهمة ولا ينقصنا إلى السلاح، ونحن نعوّل في هذا الإطار على الحراك الدولي الحاصل اليوم، من مؤتمر بروكسل لوزراء الدفاع إلى مؤتمر ميونيخ المزمع عقده اليوم».
وسجّل لغاية الآن مقتل 506 أشخاص بينهم 89 مدنيا منذ بدء الهجوم على ريف حلب، وفق حصيلة أعلنها المرصد السوري لحقوق الإنسان، يوم أمس، مشيرا كذلك إلى سقوط 143 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها ومقاتلين شيعة غير سوريين، بينهم 14 مقاتلا إيرانيا وثلاثة من عناصر حزب الله اللبناني على الأقل، في حين قتل 274 عنصرا من الفصائل المعارضة وبينها جبهة النصرة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».