أرملة قيادي في «داعش» تواجه تهمة تسهيل قتل رهينة أميركية

بعد أقل من عام على هجوم قوات الكوماندوز الأميركية على منزل قائد داعشي في سوريا، وقتله واعتقال زوجته، مثلت الأخيرة، أول من أمس، أمام محكمة أميركية اتحادية في ألكساندريا (ولاية فرجينيا) بتهمة تسهيل جريمة اغتصاب أبو بكر البغدادي، زعيم «داعش»، للرهينة الأميركية كايلا ميولار، التي قتلت من طرف التنظيم الإرهابي في وقت لاحق.
ووفقا للمرافعة التي قدمها ويليام هيرني، المحقق في مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، فإنه في أبريل (نيسان) الماضي، داهمت قوات كوماندوز تابعة لفرقة «دلتا» العسكرية الأميركية الخاصة، بيت فتحي بن جلدي، تونسي الجنسية، المعروف بكنية «أبو سياف» وهو من قياديي «داعش»، شرق سوريا، قرب الحدود مع العراق. وقتل الكوماندوز أبو سياف، واعتقلوا زوجته العراقية المعروفة في الأوساط المتطرفة بـ«أم سياف»، واسمها الحقيقي نسرين أسد إبراهيم بحر. وشاركت نسرين زوجها في نشاطات «داعش» الإرهابية، وأهمها تخزين الأسلحة واعتقال الرهائن.
ومن بين الرهينات اللاتي اتُّهمت نسرين بالمشاركة في اعتقالهن الأميركية كايلا ميولار (26 عاما)، التي كانت تعمل مع منظمة إنسانية لإغاثة المدنيين السوريين في حلب، واعتقلها «داعش» قبل ثلاثة أعوام، ثم نقلها إلى منزل أبو سياف، الذي زاره البغدادي مرات عديدة واغتصب خلالها ميولار، وفقا لما ورد في المرافعة. وبالإضافة إلى تهمة الإرهاب، وجهت للعراقية تهم أخرى، منها المشاركة في خطف الرهينة الأميركية، وتسهيل جرائم اغتصاب.
وبعد اعتقال العراقية في هجوم قوات الكوماندوز الأميركية العام الماضي، نقلت إلى قاعدة عسكرية أميركية بالقرب من أربيل. ولعدة شهور، حققت معها شرطة تابعة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، وعملاء لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه). وقال مسؤولون أميركيون بداية إن أم سياف ستسلم إلى الحكومة العراقية، إلى أن عثر المحققون على أدلة تدين أم سياف في وقت لاحق، مما دفعهم إلى نقلها إلى الولايات المتحدة سرّا.
وحسب مرافعة «إف بي آي» أمام محكمة ألكساندريا، قرب واشنطن، اعترفت أم سياف بأنها وزوجها كانا يرعيان الأميركية ورهينات أخريات. وكانا يقيدانها، ويذلانها، ويشتمانها باعتبارها «كافرة». واعترفت أم سياف بأن بعض أفراد عائلتها انتموا إلى منظمات إرهابية في سوريا، قبل ظهور منظمة «داعش»، وأن أبو سياف التونسي تزوجها عام 2010.
وأكّدت فرقة الاتهام أن فرقة كوماندوز «دلتا» قضت أكثر من عام تبحث عن الأميركية ميولار، بينما كان «داعش» ينقلها من منزل إلى منزل. كما داهمت قوات «دلتا» على أحد المنازل المشتبه بهم في الرقة، حيث أقام قيادة «داعش»، لكنها لم تجد الرهينة. وأعلنت «داعش»، في شهر فبراير (شباط) الماضي أن الأميركية قتلت في غارة جوية قامت بها طائرة أردنية، ونشر التنظيم صورتها على حساباته في الإنترنت، كما أرسل الصورة إلى أهلها في برسكوت (ولاية أريزونا). ولم ترد تأكيدات واضحة من المسؤولين الأميركيين لصحة معلومات «داعش».
من جهة أخرى، وبعد عام من إعلان الرئيس باراك أوباما الحرب على تنظيم «داعش»، وبعد تصريحات مماثلة من جيمس كومي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، وجون برينان، مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، قال الجنرال فنسنت ستيوارت، مدير وكالة الاستخبارات العسكرية (دي آي إيه)، إنهم يتوقعون هجمات متزايدة من التنظيم الإرهابي، ليس فقط في الولايات المتحدة وفي العراق وسوريا، ولكن في «دول عديدة في الشرق والغرب».
وتحدث ستيوارت أول من أمس في مؤتمر أمني في واشنطن عن «هجمات عابرة للحدود» وعن «قدرات فتاكة سعيا لتأجيج صراع دولي». وأشار إلى فروع جديدة أسسها «داعش» في دول مثل مالي، وتونس، والصومال، وبنغلاديش، وإندونيسيا، متوقّعا أن يوسع «داعش المصري» نشاطاته من سيناء إلى العمق المصري. وأضاف أنه «في العام الماضي، كان داعش متحصنا في ساحات المعارك في العراق وسوريا. ثم بدأ يتمدد على المستوى العالمي، إلى ليبيا، وسيناء، وأفغانستان، ونيجيريا، والجزائر، والسعودية، واليمن، والقوقاز.. الآن، نحن نتوقع أن تزيد هجمات التنظيم العابرة للحدود، لأنه يسعى لإطلاق العنان لأعمال عنف، ولردود فعل شديدة من الغرب، وذلك بهدف زيادة دعايته لروايته المشوهة عن حرب الغرب على الإسلام».
وقال الجنرال ستيوارت إن «داعش» لا يصعد فقط الصراع مع الغرب، ولكن، أيضا «مع الأقلية الشيعية في المنطقة. تماما مثلما تثير جماعات شيعية متطرفة، مثل حزب الله اللبناني، توترات مع السنة». وأضاف: «تتفاقم هذه التهديدات بفعل التحديات الأمنية في الشرق الأوسط الذي يواجه الآن واحدة من أكثر الفترات خطورة، والتي لا يمكن التنبؤ بتطوراتها في المستقبل».
في مثل هذا الوقت في العام الماضي، بدأت المواجهة العسكرية الأميركية ضد «داعش»، وذلك عندما قدم أوباما طلبا إلى الكونغرس لمنحه تفويض إعلان الحرب على التنظيم. وقدّم الكونغرس تفويض حرب يمتد لثلاث سنوات، وكان ذلك حلا وسطا بسبب معارضة عدد من قادته، من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، انضمام قوات أرضية إلى الحرب. وفيما لم يوافق الكونغرس على طلب أوباما، فإنه استمر في الاعتماد على تفويض خوض الحرب ضد الإرهاب التي اعتمد عليها سلفه الرئيس جورج دبليو بوش بعد الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة في 11 سبتمبر (أيلول) 2001.
وفي بداية العام الماضي، خلال خطاب ألقاه أوباما في إفطار ديني سنوي في الكونغرس، شن هجوما عنيفا على «داعش»، وقال إن الولايات المتحدة «تعلن حربا لا نهاية لها إلا بنهاية» التنظيم الإرهابي. من جانبه، طلب وزير الخارجية جون كيري من الكونغرس «إطلاق يد» الرئيس أوباما، بالموافقة على «حرب واضحة» ضد تنظيم «داعش» في العراق وسوريا، مطالبا بـ«السماح باستخدام القوة العسكرية الكاملة».