اختراق «داعش» لدمشق يطرح علامات استفهام حول توقيت التفجيرات

فصائل المعارضة في الشمال تسرّع خطواتها باتجاه الاندماج

اختراق «داعش» لدمشق يطرح علامات استفهام حول توقيت التفجيرات
TT

اختراق «داعش» لدمشق يطرح علامات استفهام حول توقيت التفجيرات

اختراق «داعش» لدمشق يطرح علامات استفهام حول توقيت التفجيرات

طرح التفجير الانتحاري الذي تبناه تنظيم داعش واستهدف ناديا لضباط الشرطة في حي سكني في وسط العاصمة السورية يوم أمس، علامات استفهام كبيرة حول «الأمن المتفلت» في دمشق التي شهدت قبل نحو 10 أيام تفجيرين آخرين مما أدّى لمقتل ما يزيد على 70 شخصا. وفيما ردّ مراقبون الخروقات المذكورة لتعدد الجهات التي تتقاسم النفوذ في العاصمة وتساءلوا عن توقيتها، لفت تسريع فصائل المعارضة في الشمال خطواتها باتجاه الاندماج لمواجهة الهجمة الروسية - الإيرانية غير المسبوقة على مناطق سيطرتها، ما جعلها في موقع الدفاع على كل الجبهات السورية.
وأعلن بيان لوزارة الداخلية السورية أن «انتحاريا اقتحم بسيارته ناديا لضباط الشرطة في حي سكني في وسط دمشق مما أدى إلى مقتله وأشخاص آخرين»، لافتا إلى أن «عددا من الجرحى سقط أيضا في التفجير الذي وقع في حي مساكن برزة الذي تقطنه فئات من الطبقة المتوسطة».
وفي وقت أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن التفجير، وقالت وكالة «أعماق» الإخبارية التابعة له، إن أحد مسلحيه استهدفوا بسيارة مفخخة نادي ضباط الشرطة في المنطقة، وأفاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن بمقتل ثمانية أشخاص وإصابة عشرين آخرين على الأقل، غالبيتهم من عناصر الشرطة، في تفجير سيارة مفخخة في مرأب نادي الشرطة في منطقة مساكن برزة.
اختراق «داعش» للعاصمة هو الثاني من نوعه خلال 10 أيام بعدما كان انتحاريان استهدفا في 31 يناير (كانون الثاني) منطقة السيدة زينب جنوب دمشق مما أدّى لمقتل 70 شخصا على الأقل.
وفيما اعتبر رياض قهوجي، المدير التنفيذي لمؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري «إينجما» أن هذه التفجيرات تؤكد أن «لا منطقة آمنة داخل سوريا وأن وجود الطائرات الروسية في الأجواء لا يساهم بالحد من الحرب الأهلية المستعرة أو من حركة العناصر الميليشياوية والقوى المتطرفة»، تحدث أسامة أبو زيد، المستشار القانوني للجيش السوري الحر عن «تعدد الجهات التي تتقاسم النفوذ في العاصمة التي يسيطر عليها بشكل خاص الإيرانيون»، لافتا إلى «علامات استفهام تُطرح حول توقيت التفجيرات التي تستهدف دمشق خاصة في ظل تقاطع الأهداف بشكل مدهش بين النظام و(داعش)».
وقال قهوجي لـ«الشرق الأوسط» إن «لا إمكانية للحديث عن وضع طبيعي في أي منطقة سوريا طالما لا اتفاق سلام بين الفرقاء المتقاتلين يقوم على عملية انتقال للسلطة وفي ظل تفاهم دولي وإقليمي»، مشيرا إلى أن «الميليشيات هي التي تبسط سيطرتها على المناطق والشوارع في دمشق وغيرها من المناطق السورية بعد تراجع دور القوات السورية، فيما يتولى الحرس الثوري الإيراني قيادة الجبهات».
وسرقت دمشق بالأمس الأضواء من جبهة حلب، حيث واصلت الطائرات الحربية الروسية عملياتها العسكرية في الريف الشمالي، مما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات، إضافة إلى موجة نزوح كبيرة لأهالي المناطق المستهدفة باتجاه الحدود التركية.
وقال أسامة أبو زيد لـ«الشرق الأوسط» إن قوات المعارضة «في حالة دفاع في معظم الجبهات داخل سوريا وبالتحديد في حلب، حيث تواجه مقاتلين أجانب بأعداد ضخمة وبتسليح متطور بعضه أميركي، إضافة إلى الضربات الجوية الروسية التي تؤمن غطاء ناريا هائلا يجبر مقاتلينا على الانسحاب»، لافتا إلى أنّه «قبل الهجمة التي تم شنها على ريف حلب كان هناك مساع لدمج الفصائل المقاتلة في المنطقة، وهو ما تجلى باندماج الجبهة الشامية وثوار الشام». وأضاف: «المرحلة تتطلب استكمال مشروع الاندماج الذي يهدف تشكيل قيادة موحدة للفصائل في الشمال، وهو ما نعمل عليه».
وتقاطعت المعلومات التي ذكرها أبو زيد مع اجتماع عقده رئيس الهيئة العليا للمفاوضات للمعارضة السورية رياض حجاب في أنقرة مع ممثلي عدد من فصائل المعارضة المسلحة الموجودة في الشمال السوري، بحيث أكد المجتمعون استعدادهم للاندماج في أي تشكيل عسكري وطني موحد. وشارك في الاجتماع ممثلون عن «جيش الإسلام» و«أحرار الشام» وفصائل من الجيش السوري الحر.
ميدانيا، أفاد «مكتب أخبار سوريا» بـ«شن الطيران الروسي أكثر من 50 غارة على مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في حلب وريفها، ما أدى إلى مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين بجروح، إضافة إلى موجة نزوح كبيرة لأهالي المناطق المستهدفة باتجاه الحدود التركية».
وأشار المكتب إلى أن الطيران الروسي قصف بأكثر من 33 غارة مدن مارع وكفر حمرة وعندان وحيان في ريف حلب الشمالي والخاضعة جميعها لسيطرة المعارضة، مما أدى إلى مقتل شخصين في مارع وإصابة ثلاثة آخرين بجروح ودمار واسع في باقي المناطق، كما استهدف بست غارات بالصواريخ الفراغية حي الفردوس وسط مدينة حلب، متسببا في مقتل شخص وأضرار مادية في المنطقة المستهدفة.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.