حضر الوطن بقوة في مناسبات حوارية عقدت بمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني بالرياض، كشفت عن أهمية تشجيع الشباب على التعبير والمشاركة في القضايا الوطنية والاستفادة من معطيات الإعلام الجديد في استشعار المسؤولية الوطنية والاجتماعية وتعزيز اللحمة الوطنية ومحاربة الخطاب المتطرف والتعصب الفكري والعاطفي.
ففي ليلة كانت الشاشة سماءها، والأفلام القصيرة نجومها، وأرضها التسامح والتعايش والوحدة الوطنية، كرم مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني مساء أول من أمس الفائزين الشباب بمسابقة «حواركم» للأفلام القصيرة، إضافة إلى عرض جميع الأفلام المتوجة بالمراكز الأولى والتي ناقشت مع غيرها من الأفلام المشاركة وعبر كاميراتها نبذ التعصب وتعزيز اللحمة الوطنية من مختلف الزوايا الفنية والفكرية، حيث تعد المسابقة القصيرة، مسابقة مفتوحة لكل الشباب المبدعين والمخرجين والمهتمين بصناعة الأفلام شريطة أن تتحدث الأفلام عن تحقيق المصالح الوطنية عبر إشاعة ثقافة الحوار ومواجهة كل ما من شأنه أن يهدد الوطن ووحدته وتلاحم أفراده من شتى أنواع التطرف والتعصب الفكري.
وخلال الحفل الذي حضره عدد من المسؤولين والشخصيات الإعلامية والفنية إضافة إلى الجمهور من الشباب من المهتمين بالأفلام القصيرة وشغف صناعتها وإنتاجها، أكد الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني فيصل بن عبد الرحمن بن معمر على ضرورة استثمار طاقات الشباب في الإعلام الجديد للتعبير عن القضايا الوطنية وعن التحديات التي تواجه الشباب والمجتمع ككل، قائلاً إن الشباب هم الأكثر تأثيرا وتأثرًا في المجتمع وخصوصًا للمبادرات التي تأتي منهم، فهم «أقدر الفئات إسهاما في التوعية العامة للمجتمع بخطورة آفات التطرف والإرهاب والتعصب والطائفية، ويكون التأثير أبلغ في أوساط الشباب عندما تكون المبادرات مقدمة من قبلهم وهي تجسيد لطموحنا الذي يسعى إلى جعل الحوار ضمن نشاط الحياة العامة طبعا لمجتمعنا وأسلوبا لحياتنا تتضافر فيه جهود المسجد والمدرسة والأسرة والإعلام تأكيدا لقيمة الحوار كارتباط بالأصل الذي هو ديننا الإسلامي واتصال بالعصر الذي هو التطوير والتحديث».
وعبر مسابقة الأفلام القصيرة حرص المركز على إشراك الشباب وتكريس ممارسة العمل الثقافي الفكري عبر الشاشة، ساعيا لإعداد جيل جديد واعٍ ومثقف، سلاحه الحوار وخزينته أمانة ومسؤولية الكلمة، ووطنه الأمن، وقضيته الإنسان، جيل تبقى جذوره مرتبطة بدينه وأرضه وثقافته، معتز بحضارته وتراثه الثري، جيل فطن منفتح على العالم، مدرك ومتفاعل مع متغيراته ومستجداته بصورة إيجابية ومشرفة.
ورغم قصر الأفلام، فإن شوق الانتظار لمشاهدتها على الشاشة الكبيرة وخطوات صعود أصحابها إلى المنصة لتسلم جوائزهم كان طويلا، كانت هناك لحظات عاطفية لا تنسى وستبقى راسخة في عقول الفائزين المنتشين بحضور الجمهور وجمال التكريم، فبعد انتظار دام لأكثر من ست سنوات من أجل الفوز بجائزة فنية، أثار صاحب المركز الأول عبد الله المفرج مشاعر الحضور بكلماته التلقائية وكيف قضى هذه السنوات في التعلم والعمل والتصوير منتظرا لحظة تكريم تحقق له ذاته وتثبت صحيح مساره الفني، ولكل فائز ومشارك قصة مثيرة أخرى سيرويها مستقبلا، وقد كان الحفل فرصة لالتقاء الأفكار والمبدعين وتبادل الحوارات القصيرة جمع طيفا من الإعلاميين والأكاديميين والمهتمين والمتخصصين في الإعلام الجديد.
يشار إلى أن فيلم «المعاني المفقودة» من إعداد عبد الله المفرج من الرياض قد فاز بالمركز الأول في المسابقة، فيما فاز فيلم: «مارق» من إعداد علي سالم من مدينة جدة، بالمركز الثاني، وفيلم «ذرة» لعبد الله الخميس من الرياض بالمركز الثالث، وفيلم: «المدرسة» بالمركز الرابع، أما المركز الخامس فكان من نصيب فيلم: «التسامح» من إعداد رائد الدوسري من الظهران، كما حازت عشرة أفلام قصيرة على الجوائز التشجيعية للمسابقة، حيث رأت لجنة التحكيم أنها تستحق جوائز تشجيعية لما فيها من جهد فني، وما قدمته من مضامين تحث على مبادئ الوحدة الوطنية، والتسامح، والاعتدال، وعلى محاربة الغلو والتطرف والإرهاب.
بدوره، اعتبر الفنان عبد الله السناني بأن المسابقة وتكريم الفائزين بجوائز «حواركم» للأفلام القصيرة يعد لفتة مهمة من قبل مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، وخطوة في طريق طويل لنشر ثقافة الصورة في ظل قنوات الإعلام الجديد، لافتا إلى أن ثقافة الصورة ليس لها أب شرعي، فهي لغة عالمية مؤثرة، ويجب أن يكون للسعوديين حضور فيها.
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الصورة التي تعتمد على الحوار تعبر أكثر عن ألف كتاب وألف مقالة، خصوصا إذا روعي في عملها المتطلبات اللازمة لنجاحها من سيناريو يحمل مضامين جيدة وإخراج وتصوير متميزين، معيدا إلى الأذهان مسرحية «قيس ولبنى» التي كتبها الشاعر الكبير أحمد شوقي، وتحولت إلى عمل سينمائي ما زال حاضرا ومشاهدا، ونحتفل به اليوم رغم مضي أكثر من قرن على إنتاجه. وأكد السناني على أهمية قيام صناعة سينما سعودية استفادة من معطيات كثيرة لنجاحها وتحقيق الحضور المأمول، لافتا إلى أن الجهود المطروحة الحالية في هذا الصدد رغم حماسة أصحابها ليست بذات التأثير للوصول إلى هذا الهدف، خصوصا في مجال كتابة تفاصيل المشهد، مذكرا في هذا الصدد بالروائي المصري نجيب محفوظ الذي تولى لمدة ربع قرن رئاسة هيئة السينما المصرية كونه روائيا مميزا.
وشدد على أهمية أن تتوحد الجهود من خلال تمازج كل الجهات التي تتولى هذا التوجه تحت مظلة واحدة بإنشاء هيئة أو مؤسسة ترعى الإعلام الجديد وخصوصا ثقافة الصورة.
وفي ورشة «الإعلام الجديد والمواطنة»، والتي عقدت على هامش حفل مسابقة «حواركم» للأفلام القصيرة، وبحضور عدد من الناشطين والمختصين في وسائط التواصل الاجتماعي، أهمية استشعار المسؤولية الوطنية والاجتماعية بالنسبة لمستخدمي الشبكات الاجتماعية وغيرها من وسائل الإعلام الجديد، وضرورة تفعيل دور ومسؤولية المؤثرين في هذه المنصات الإعلامية في تعزيز اللحمة الوطنية والتوعية ومحاربة الخطاب المتعصب الفكري والعاطفي، ومقترحين سبل مواجهته.
وأوضح المشاركون أن أغلب الحوارات في الشبكات الاجتماعية باتت وبصورة غير مباشرة مرتبطة أكثر بالجوانب السلبية لعملية الحوار، وتحتوي على كمية كبيرة من التذمر وعدم الرضا وإطلاق التصنيفات والأحكام المسبقة وتصيد الأخطاء من شخص وطرف ضد آخر، إضافة إلى شيوع أسلوب السخرية والانتقاص من الآخرين، كما أن لغة الحوار تتأثر بكثرة الإشاعات والمعلومات الخاطئة.
محاربة التطرف ضمن احتفالية سينمائية في الرياض
بهدف تشجيع الشباب على الحوار والمشاركة في وسائل الإعلام الجديد
محاربة التطرف ضمن احتفالية سينمائية في الرياض
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة