صناعة السلال موروث لا ينقطع.. و«الجنادرية» ينقلها من جيل إلى آخر

لم يدر في خلد مهدي عبد الله العسيف الذي يحترف صناعة السلال أن تكون مهنته في يوم من الأيام مهددة بالانقراض، حيث أكد أن هذه المهنة تعد من المهن ذات المكسب الممتاز، عندما أخذه الزمن إليها قبل ثلاثة عقود، إذ أفنى فيها أجمل لحظات حياته.
وأوضح العم مهدي، الذي وجدناه منهمكا بالعمل في دكانه الصغير في جناح المنطقة الشرقية بالجنادرية، وهو يعمل بدقة كبيرة في صناعة إحدى السلال، أن المهرجان فرصة مناسبة لتعريف الأجيال القادمة بالمهن القديمة التي توشك على الاندثار نتيجة اختصاصها بكبار السن الذين يعتنون بها، ولا تجد محفزًا كبيرًا من الصغار أو الشباب، كما أن المهرجان يعد فرصة مميزة لجني الأرباح والالتقاء مع الزبائن الذين يتوافدون إليه من معظم مناطق السعودية. وقال: «هذا العام هو الثالث لي على التوالي في المشاركة في مهرجان الجنادرية»، مبينًا أنه لا يفوّت على نفسه أي فرصة للمشاركة في المهرجانات الوطنية المشابهة، نظرًا لرغبته في نقل هذه الصناعة إلى الأجيال المقبلة، مستشهدًا بذلك بأنه لا ينظر كثيرًا إلى عائدها المادي، وأنها هوايته قبل أن تكون مهنته في يوم من الأيام.
وحول أصول المهنة التي يمتهنها، أكد أنها متوارثة أبًا عن جد، وأنه يلجأ إلى بعض أبنائه الذين يتقنون المهنة لمساعدته فيها، مما يعني أنها ستنتقل من جيل إلى آخر، وأن ما يؤرقه بشكل كبير هو اختفاؤها أو استغناء الناس عنها في يوم من الأيام، رغم تناقص الطلب بسبب ارتفاع الأسعار، مقارنة بالسلال المصنوعة آليًا، خصوصًا المستوردة التي أخذت حيزًا من العمل، إلا أنها لم تسيطر على المجال بشكل كبير، فهناك شريحة لا بأس بها تفضل العمل اليدوي الذي يقوم به هو ورفقاء المهنة.
وعن أسعار السلال التي يصنعها، أكد أنها تبدأ من مائتي ريال (53 دولارا) وتتزايد حتى تصل إلى ثلاثة آلاف ريال (800 دولار)، وأن اختلاف الأسعار يختلف بحسب المقاس والحجم وليس الجودة، لأن الجودة واحدة، نظرًا لتشابه المواد المستخدمة في الصناعة، مضيفًا أن سبب أسعارها المرتفعة هو صعوبة العمل عليها، إضافة إلى الوقت الذي يستغرقه لبناء إحداها، إذ أكد أن السلة الكبيرة تأخذ من وقته ما يقارب 15 يوما، لافتًا إلى أن المهنة تحتاج إلى صبر شديد ودقة متناهية لإنجاز العمل.
واستعرض العم مهدي الأدوات التي يستخدمها في صناعته، مبينا أن السلال تعتمد في موادها الخام على الشجر ونبات الخيزران الذي يوجد بعد جهد كبير، إضافة إلى الأثل الذي يؤخذ في الاعتبار مدى ليونته عند الرغبة في صنع السلة، متابعًا بأن الأدوات السابقة هي مخصصة فقط لجوانب السلال، أما قاعدتها فهي من سعف النخل القوي الذي يستطيع البقاء لسنوات طويلة دون أن يتغير أو يفسد.
وتمنى الشيخ مهدي بقاء المهنة في الانتقال من جيل إلى آخر، وأن تبقى الرغبة قائمة للاستفادة من هذه السلال لأعوام مقبلة، وألا تندثر بمرور الزمن، مبينًا أن هذه الصناعة قضى فيها سنوات طويلة، ومن الجيد أن يرى الناس في حاجة إليها، لافتًا إلى أن حماس الأطفال والصغار للسؤال عما يفعله وعن طريقة عمل السلال هو إحدى أجمل اللحظات التي يعيشها.