الأحزاب تختبر قواعدها الشعبية في الانتخابات البلدية

رغم أن الطابع العائلي يطغى على لوائح البلدات الصغرى في لبنان

الأحزاب تختبر قواعدها الشعبية في الانتخابات البلدية
TT

الأحزاب تختبر قواعدها الشعبية في الانتخابات البلدية

الأحزاب تختبر قواعدها الشعبية في الانتخابات البلدية

قطعت الانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان نصف الشوط على طريق إطلاق السباق الانتخابي المقرر في شهر مايو (أيار) المقبل، وهذا ما ترجمه قرار الحكومة اللبنانية القاضي بصرف الاعتمادات المالية للانتخابات. إلا أن هذا الاستحقاق يتصل ببعد يفوق أهمية انتخاب مجالس بلدية محلّية جديدة، على اعتبار أنه يشكّل «اختبارا» لاستحقاق الانتخابات البرلمانية المقررة في يونيو (حزيران) من عام 2017، بعد التمديد للمجلس الحالي لدورة كاملة على دفعتين، بذريعة أن الأوضاع الأمنية لا تسمح بإجراء الانتخابات في المواعيد التي كانت محددة سابقًا.
وإذا كانت معظم القوى السياسية متفقة فيما مضى على تأجيل الانتخابات النيابية، إلا أنها الآن تبدو متحمسة جدًا للانتخابات البلدية والاختيارية، لأسباب بعضها يتصل بالاعتبارات السياسية، والبعض الآخر بملء الشغور في عشرات البلديات التي حُلّت مجالسها إما بفعل الاستقالات أو الخلافات العائلية أو العجز عن إنجاز المشاريع الإنمائية، غير أن العامل الأساسي الذي يجب أخذه في الحسبان، هو التحالفات السياسية الجديدة التي فعلت فعلها، ومنها على التقارب بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية، الذي حفّز القوى المسيحية على الدخول في أول امتحان فعلي مع القواعد الشعبية لجس نبضها وتوجهاتها التي نعكس مدى قناعة الناس بهذه التحالفات.
وقبل رصد مواقف بعض القوى السياسية الأساسية في لبنان من هذه المسألة، كشف مصدر في وزارة الداخلية اللبنانية لـ«الشرق الأوسط»، أن الوزارة «أنهت كل التحضيرات المتصلة بالانتخابات البلدية والاختيارية، على الصعيدين التقني واللوجستي والكادر البشري». وأكد أن «إطلاق عجلة العملية الانتخابية في شهر أيار (مايو) المقبل، رهن بالقرار السياسي الذي تتخذه الحكومة لإجراء الانتخابات في موعدها».
من جهته، عبّر تيّار «المستقبل» الذي يتزعمه رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، عن استعداده لخوض الانتخابات البلدية متى تبدأ دعوة الهيئات الناخبة إليها، وأكد عضو كتلة «المستقبل» النائب غازي يوسف لـ«الشرق الأوسط»، أن «وزير الداخلية نهاد المشنوق من فريقنا السياسي هو من جال على القيادات السياسية، وأبلغها عزمه على إجراء الانتخابات في موعدها». وحول ما إذا كان ترشيح الحريري لرئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، سينعكس سلبًا على القاعدة الشعبية «المستقبلية» التي أبدت انزعاجها من هذا الترشيح، أوضح أن «العمل البلدي هو شأن إنمائي منفصل تمامًا عن العمل السياسي». وقال: «نحن مستعدون للاستحقاق ودخلنا مرحلة التحضيرات الجدية له ولندع النار تختار من يمثلها».
أما نائب طرابلس ووزير العدل الأسبق سمير الجسر (عضو كتلة المستقبل)، فذكّر بأن «تيار المستقبل» هو من بادر إلى الدعوة للانتخابات البلدية، بشخص وزير الداخلية المعني الأول بهذه العملية. وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن القيادة السياسية في التيار «تترك للقاعدة الشعبية تحديد خياراتها في تسمية المرشحين وتشكيل اللوائح ومن يفوز يمثل إرادة الناس». وقال الجسر: «في الكثير من مدن وبلدات الشمال لا نتدخل في العملية لأن المتنافسين يكونون من ضمن فريقنا السياسي، ولكن عندما تكون المعركة في بعض المناطق مع مرشحين من قوى سياسية أخرى، قد نتدخل ويكون لنا موقف».
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري أعلن أن «حركة أمل» و«حزب الله» أنجزا منذ أشهر كل التحضيرات اللازمة للانتخابات البلدية والاختيارية. في وقت لم تتضح بعد ما إذا كانت مصالحة النائب ميشال عون ورئيس «القوات» سمير جعجع التي تبنى فيها الأخير عون لرئاسة الجمهورية، ستترجم بتحالف انتخابي في البلديات.
هذا الاحتمال لم ينفه عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب آلان عون، لكنه لفت إلى «الانتخابات البلدية غالبًا ما يطغى عليها الطابع العائلي، لأن معظم البلدات تخوضها على أساس عائلي». وقال عون لـ«الشرق الأوسط»: «نحن كأحزاب ننأى بأنفسنا عنها لأن معظم أعضاء الحزب (التيار) هم أعضاء في عائلاتهم، لكن في بعض المدن والبلدات الكبرى، يصبح العنصر العائلي ضعيفا، وعندها يطغى البعد السياسي على المعركة وهنا يدخل دورنا كأحزاب».
وعمّا إذا كانت المصالحة ستقود إلى تحالف انتخابي أقله في البلديات، أوضح عون أن «كل شيء وارد الآن، فلم يعد هناك من باب مقفل، لكن الحديث عن تحالفات سابق لأوانه، لكن نحن الآن نسير بأجواء مريحة من دون تشنج»، لافتًا إلى أن «الأبواب باتت مفتوحة للتعاون أو التنافس في أجواء ودية من دون تصادم».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.