خطب لقادة بغداد للتعايش السلمي وسط انعدام حلول للأزمات

العبادي قال إن الحكام الظلمة استغلوا العراق.. وقادة المظاهرات يردون: ننتظر محاسبتكم للفاسدين

تجمع لنساء كرديات يتظاهرن خارج مقر للقولت العاملة للأمم المتحدة في أربيل عاصمة إقليم كردستان أمس (رويترز)
تجمع لنساء كرديات يتظاهرن خارج مقر للقولت العاملة للأمم المتحدة في أربيل عاصمة إقليم كردستان أمس (رويترز)
TT

خطب لقادة بغداد للتعايش السلمي وسط انعدام حلول للأزمات

تجمع لنساء كرديات يتظاهرن خارج مقر للقولت العاملة للأمم المتحدة في أربيل عاصمة إقليم كردستان أمس (رويترز)
تجمع لنساء كرديات يتظاهرن خارج مقر للقولت العاملة للأمم المتحدة في أربيل عاصمة إقليم كردستان أمس (رويترز)

كرس أمس قادة العراق خطبهم وكلماتهم التي تصب في مسار ضرورة التعايش السلمي المجتمعي وحظر الكراهية والتطرف، والتي بدأها الرئيس العراقي فؤاد معصوم عن ما لاحظه من تصاعد حدة الهجمة الإرهابية ضد الشعب العراقي، وقال: «حين نقف على حجم معاناة شعبنا، سواء في المحافظات التي تعرضت للاعتداءات واحتلال (داعش) لها أو في المحافظات الأخرى التي وقفت بعزة وإباء مع المحافظات التي ابتليت بالدواعش، فإننا نخلص إلى نتيجة مهمة تؤكد أن شدة الهجمة الإرهابية زادت شعبنا تماسكا وتوحدا وأسهمت في عزل قوى التطرف والإرهاب».
وتابع معصوم في كلمته التي أفتتح بها المؤتمر الذي عقد في العاصمة بغداد أمس الأحد والخاص بالتعايش السلمي وحظر الكراهية والتطرف قائلا: «هذه النتائج تدعونا كقيادات سياسية وبرلمانية وحكومية لنعمل بجد مخلص وحثيث من أجل مواصلة جهود المصالحة المجتمعية وتعزيز قيم التآخي وغلق أي نافذة كراهية وخوف في عراق يحميه الجميع».
وفي هذا السياق دعا رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى تجنب الخطاب السياسي الانفعالي الذي يزرع الشك والطائفية في المجتمع، علاوة على إضعافه التأييد الدولي للعراق.
وقال العبادي: «مهمتنا العاجلة هي تحشيد الطاقات والإمكانات لمواصلة الانتصارات الكبيرة التي يحققها مجاهدونا الأبطال وطرد داعش من المدن وتوحيد الموقف السياسي والخطاب الإعلامي والجهد الاجتماعي لكسب مزيد من الدعم الدولي والإقليمي للعراق في حربه ضد الإرهاب وتجنب الخطاب السياسي الانفعالي والطائفي الذي يؤجج الخلافات ويزرع الشك واليأس والإحباط في المجتمع ويضعف حجم التأييد الدولي الذي يحظى به العراق».
وأكد العبادي أن «مكافحة الإرهاب ضرورة وطنية كبرى تقتضيها وحدة العراق أرضا وشعبا، لمواجهة مؤامرة زرع الفتنة الطائفية والنعرات القومية التي تهدف إلى النيل من وحدة العراق وتمزيق لحمته الوطنية ونسيجه الاجتماعي وهدر ثرواته والإخلال بمقوماته وإسقاط كرامته وسيادته».
وشدد العبادي على ضرورة «حماية النسيج المجتمعي وصيانته من أن تنخر فيه آفة التطرف والكراهية ومن ثم التنازع والصراع والتجاذبات الطائفية والعرقية، لقد حظي العراق بتنوع ديني ومذهبي وقومي ضمن منظمة البلد الواحد، وساهم الجميع عبر التاريخ في تشييد حضارات المتعاقبة وحمايته والدفاع عن سيادته، وكان الاندماج الاجتماعي هو السمة المتميزة لهذا الشعب رغم وجود حكام ظلمة لاستغلال مكونه للهيمنة على باقي المكونات، إلا أن اندحار البعث أعطى الشعب العراقي فرصة تاريخية جدية لإعادة بناء ذاته ومقومات ومؤسساته واستثمار ثرواته على أساس دستوري وقانوني يحقق للعراقيين جميعا فرصة العيش الكريم في عراق موحد».
أما رئيس البرلمان سليم الجبوري فقد عد حماية النسيج المجتمعي تتطلب «تشريع نصوص قانونية، لأن القانون وحده هو الذي سيزيل عن شعبنا غاشيات الطائفية والغلو والتطرف والإرهاب والسلاح الخارج عن سلطة الدولة والقانون».
وقال الجبوري إن «السلم الأهلي الذي تنشدون وضع بعض أسسه في هذا المؤتمر لن يتحقق إلا بسلة قانونية حازمة حاسمة تعتمد على مبدأ التعايش السلمي جوهرا لها والحاجات الاجتماعية التي أفرزتها التجربة إطارا لتوصيفها ومعالجتها».
لكن قوى سياسية ومجتمعية عراقية رأت أن الطبقة السياسية فقدت مشروعيتها من خلال عدم قدرتها على إيجاد الحلول السليمة للعراقيين من أجل إخراجهم من الأزمات التي يعانونها والتي تسببت بها الطبقة السياسية الحالية.
وقال الوزير والنائب السابق وائل عبد اللطيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك غيابا حقيقيا لأي أفق للحل لدى الطبقة السياسية الحالية التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه من أزمات ومخاطر، سواء كان ذلك على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي».
وأضاف أن «الإصلاحات التي يجري الحديث عنها لم تكن في واقع الأمر سوى إجراءات تقشف لتقليل الفوارق الفاحشة بين رواتب وامتيازات المسؤولين الكبار وصغار الموظفين، بينما ما دعت إليه المرجعية الدينية والمظاهرات الجماهيرية عملية إصلاح شامل في المنظومة السياسية والاقتصادية مع إحالة رموز الفساد والبحث عن الأموال المهدرة خلال السنوات الثلاثة عشر الماضية، والتي تقدر بنحو ألف مليار دولار أميركي، وهو ما لم يتحقق منه شيء حتى اللحظة».
وأوضح عبد اللطيف أن «العراقيين متعايشون، لكن المشكلة هي لدى السياسيين الذين فشلوا في حل خلافاتهم البينية، بينما هم في الوقت نفسه يتسترون على بعضهم على صعيد ملفات الفساد».
في السياق نفسه أكد أحد قادة المظاهرات والحراك المدني في العراق جاسم الحلفي أن «كل ما قمنا به طوال الشهور الماضية والذي كان له صداه لدى عموم العراقيين وكذلك المرجعية الدينية التي وقفت إلى جانبنا بينما كانت الطبقة السياسية تتوقع أنها تقف إلى جانبها لا سيما الأحزاب الإسلامية، إنما يؤكد صواب المنهج الذي مشينا عليه وما زلنا وسوف نبقى لأنه ما لم تتم محاسبة قوى الفساد ورموزه فليس من المتوقع تحقيق نتائج ملموسة على أي صعيد من الصعد»، مبينا أن «المظاهرات الجماهيرية أثبتت أن العراقيين موحدون على كل المستويات وأن الخلل في الأداء السياسي».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.